الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
627 - بَابُ مُدَّةِ النِّفَاسِ
3454 -
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ:
◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ:((كَانَتِ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم [بَعْدَ نِفَاسِهَا] أَرْبَعِينَ يَوْمًا [أَوْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً]، فَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالوَرْسِ مِنَ الكَلَفِ)).
[الحكم]:
مختلف فيه:
فضَعَّفه: ابن حبان - وتبعه ابن طاهر -، والدَّارَقُطْنِيّ - وأقره الغساني، وابن عبد الهادي -، وأبو بكر بن إسحاق الفقيه، وابن حزم، والإشبيلي، وابن القطان، وابن رجب، وابن كثير. وهو ظاهر صنيع البيهقي -في مواضع-، وابن العربي.
بينما صححه: ابن السكن، وابن القيم، وأحمد شاكر. وهو ظاهر صنيع الحاكم. وجَوَّده الذهبي، وابن الملقن.
وحَسَّنه: النووي، وهو ظاهر صنيع البيهقي -في موضع-، والخطابي.
وحَسَّنه بشواهده: الألباني، وابن عثيمين.
والراجح: ضعفه، كما سيأتي بيانه في التحقيق.
[اللغة]:
الوَرْسُ: نبات كالسمسم ليس إلا باليمن، يُزرَع فيَبقَى عشرين سنة، نافعًا
للكَلَف طلاءً، وللبَهَق شُربًا، ولُبس الثوب المُوَرس مُقَوٍّ على الباه. (القاموس 1/ 747).
الكَلَف: لونٌ بين السواد والحمرة، وهي حمرة كدرة تعلو الوجه. (تاج العروس 1/ 6103).
[الفوائد]:
قال الترمذي: ((أجمع أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم- على أن النفساء تَدَع الصلاة أربعين يومًا، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك فإنها تغتسل وتصلي.
فإذا رأت الدم بعد الأربعين، فإن أكثر أهل العلم قالوا: لا تدع الصلاة بعد الأربعين. وهو قول أكثر الفقهاء. وبه يقول سفيان الثورى وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق.
ويُروى عن الحسن البصري أنه قال: إنها تدع الصلاة خمسين يومًا إذا لم تَرَ الطهر.
ويُروى عن عطاء بن أبى رباح والشعبي: ستين يومًا)) (السنن عقب رقم 140).
وقال ابن عبد البر: ((ليس في مسألة أكثر النفاس موضع للاتباع والتقليد، إلا مَن قال بالأربعين؛ فإنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مخالف لهم منهم. وسائر الأقوال جاءت عن غيرهم، ولا يجوز عندنا الخلاف عليهم بغيرهم؛ لأن إجماع الصحابة حجة على مَن بعدهم، والنفس تسكن إليهم، فأين المَهْرَب عنهم دون سُنة ولا أصل؟ ! وبالله التوفيق)) (الاستذكار 3722).
وقال الشوكاني: ((والأدلة الدالة على أن أكثر النفاس أربعون يومًا -
متعاضدة بالغة إلى حد الصلاحية والاعتبار، فالمصير إليها متعين.
فالواجب على النفساء وقوف أربعين يومًا إلا أن ترى الطهر قبل ذلك)) (نيل الأوطار 1/ 352).
بينما قال الشنقيطي: ((الحديث إنما يدل على أنها تجلس أربعين، ولا دلالة فيه على أن الدم إن تمادى بها لم تجلس أكثر من الأربعين، فمِن الممكن أن تكون النساء المذكورة في الحديث لم يتمادَ الحيض بها إلا أربعين، فنص الحديث على أنها تجلس الأربعين، ولا ينافي أن الدم لو تمادى عليها أكثر من الأربعين لجلست أكثر من الأربعين.
ويؤيده أن الأوزاعي رحمه الله قال: ((عندنا امرأة ترى النفاس شهرين))، وذلك مشاهد كثيرًا في النساء)) (أضواء البيان 2/ 235، 236).
[التخريج]:
[د 311 "والزيادتان له ولغيره" / ت 140 "واللفظ له" / جه 598 / حم 26561، 26584، 26592، 26638 / مي 978 / ك 633 / ش 17744 / عل 7023 / طب (23/ 370/ 878) / حق 1875، 1876/ قط 862، 863 / منذ 828/ طوسي 120، 121 / نعيم (طب 313) / مجر (2/ 229) / لا 816 مختصرًا/ غحم 41/ شج 149/ مستغفط 147/ هق 1627، 1628/ هقع 2281/ هقخ 1050، 1051/ صلاة 125/ أسلم 8 / أصبهان (2/ 54) / بغ 322 / كر (55/ 62) / تحقيق 308 / إمام (3/ 340) / كما (35/ 306، 307)].
[السند]:
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن يونس، أخبرنا زهير، حدثنا علي بن
عبد الأعلى، عن أبي سهل، عن مُسَّة عن أم سلمة، به، مع الزيادتين.
ورواه الدارمي وأحمد وابن أبي شيبة وابن راهويه
…
وغيرهم من طرق عن زهير، به.
وزهير هو ابن معاوية. وأبو خيثمة الجعفي ثقة ثبت، وقد توبع:
فرواه الترمذي وابن ماجه عن نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا شجاع بن الوليد، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة، به.
ورواه أحمد وابن راهويه وغيرهما عن شجاع به.
ومداره عند الجميع على على بن عبد الأعلى عن أبي سهل- وهو كثير بن زياد- به.
قال الترمذي: ((هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي سهل، عن مسة الأزدية، عن أم سلمة. واسم أبي سهل: كثير بن زياد. قال محمد بن إسماعيل: ((علي بن عبد الأعلى ثقة، وأبو سهل ثقة، ولم يَعْرِف محمد هذا الحديث إلا من حديث أبي سهل)) (السنن عقب رقم 140).
[التحقيق]:
هذا إسناد رجاله ثقات، سوى مُسة الأَزدية -وتكنى أم بُسة -؛ فلم يوثقها أحد، ولم يصح أن روى عنها سوى أبي سهل، ولا تُعرف في غير هذا الحديث، قال البخاري:((لا أعرف لمُسةَ غير هذا الحديث)) (علل الترمذي 77).
ولذا ذكرها الذهبي في فصل النساء المجهولات من (الميزان 4/ 610)، وقال:((لا يُعرف لها إلا هذا الحديث)).
فهي مجهولة، وكذا قال غير واحد، ومنهم ابن حجر كما سيأتي، بينما قال في (التقريب 8682):((مقبولة))، أي: حيث تتابع، ولم تتابع هنا.
وقد أَعَل الحديث بها غير واحد من النقاد:
فقال الدَّارَقُطْنِيّ عقبه: ((مسة لا تقوم بها حجة))، نقله ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 416)، والغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدَّارَقُطْنِيّ 159)، والذهبي في فصل النساء المجهولات من (الميزان 4/ 610)، والحافظ في (التلخيص 1/ 303)، وسقط من مطبوع السنن! !
وروى البيهقي عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه -وأقره-، أن مسة ((فيها نظر))، وسيأتي نص عبارته من (الخلافيات 3/ 435).
وقال ابن حزم: ((هي مجهولة)) (المحلى 2/ 204).
وذكره عبد الحق من عند أبي داود بلفظ الرواية الآتية من طريق يونس بن نافع عن كثير عن مسة، ثم قال:((وقد رُوي في هذا عن أنس، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في النفساء: أنها تقعد أربعين ليلة. وهي أحاديث معتلة بأسانيد متروكة، وأحسنها حديث أبي داود)) (الأحكام الوسطى 1/ 218).
فيحتمل أنه يصحح حديث مسة بسكوته عنه كما ذكره في المقدمة، ويكون قصده بالمعتل ما أشار إليه من حديث أنس وابن عمرو وعثمان.
ويحتمل أنه قصد إعلال الجميع.
وهذا ما فهمه ابن القطان، حيث ذكره ضمن الأحاديث التي عللها عبد الحق، ولم يبين موضع العلل من أسانيدها، ثم قال: ((علة الخبر المذكور مسة المذكورة، وهي تكنى أم بُسة، ولا تُعرف حالها ولا عينها، ولا تُعرف في غير هذا
الحديث)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 329 - 330).
قال ابن دقيق: ((وفي قول ابن القطان: (لا يُعرف لها عين) نظر؛ فإن ذلك يتوجه إذا لم يَرْوِ عنها إلا كثير بن زياد، وقد رُوي عنها مِن حديث الحكم بن عتيبة، ورأيت في كتاب (السنن) للبيهقي حاكيًا عن البخاري:(رَوى لمسة شعبة).
إلا أن يكون ابن القطان لم يَعتدَّ بالرواية عن الحكم بن عتيبة لضعف روايتها، ويجعل وجود هذه الرواية كعدمها، فلقوله وجه)) (الإمام 3/ 343).
قلنا: هذا الأخير هو الصواب كما سيأتي، وقد وَهِم في نقله من السنن، حيث زعم أن البخاري قال فيه:((رَوى لمسة شعبة))! والذي في السنن: ((بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال: سألت محمدًا -يعني البخاري- عن هذا الحديث، فقال: علي بن عبد الأعلى ثقة، روى له شعبة. وأبو سهل كثير بن زياد ثقة. ولا أعرف لمسة غير هذا الحديث)) (السنن الكبير عقب رقم 1628).
وكذا هو في (علل الترمذي 77).
وإذا كان لا يَعرف لها سوى هذا الحديث، ولم يعرفه إلا من حديث أبي سهل كما ذكره الترمذي في (السنن عقب رقم 140)، فكيف يقول:((رَوى لمسة شعبة))؟ ! فهذا وهم لا شك فيه، ولعله تحرف في النسخة التي نقل منها ابن دقيق.
وقال ابن رجب: ((وفي الباب أحاديث مرفوعة فيها ضعف، ومن أجودها
…
حديث مسة)) (الفتح 2/ 190).
وقوله: ((أجودها)) لا يعني أنه في ذاته جيد، وإنما بالنسبة لغيره لأنه حَكَم
على جميعها بالضعف.
وقال ابن كثير: ((رجاله كلهم ثقات، إلا أن مسة الأزدية عجوز لا تُعرف إلا بهذا الحديث عن أم سلمة، ولم يَرْوِ عنها سوى أبي سهل)) (إرشاد الفقيه 1/ 80، 81).
وقال ابن سيد الناس: ((لا يُعرف حالها ولا عينها، ولا تُعرف في غير هذا الحديث))، نقله في (نيل الأوطار 1/ 351).
وقال الشوكاني: ((ومسة الأزدية مجهولة الحال)) (نيل الأوطار 1/ 351).
وقال ابن حجر: ((مسة مجهولة الحال)) (التلخيص 1/ 303).
هذا، وقد قال ابن العربي:((وهذا الباب بجملته لا يصح فيه خبر عن النبي صلى الله عليه وسلم بحال)) (العارضة 1/ 228).
وخالف في ذلك جماعة، منهم الحاكم، حيث رواه بلفظ السياقة الآتية، من طريق يونس بن نافع عن كثير عن مسة، ثم قال: ((هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ولا أعرف في معناه غير هذا، وشاهده ما حدثناه
…
)). وساقه من طريق زهير عن علي كما سبق.
وقال البيهقي -بعد أن ذكر الحديث، وبعض الموقوفات في الباب-:((وقد رُوي فيها أحاديث مرفوعة، كلها سوى ما ذكرناه ضعيفة)) (السنن الكبرى عقب رقم 1632).
قال الألباني: ((وفي هذا إشارة منه إلى أن حديث الباب عنده قوي ثابت)) (صحيح أبي داود 2/ 119).
ولذا قال مغلطاي: ((ولما ذكره البيهقي أتبعه تحسينًا بحاله)) (شرح ابنماجه
3/ 186).
وقال بدر الدين العيني: ((وحَسَّنه البيهقي والخطابي)) (عمدة القاري 5/ 382).
وقد سبق عن البيهقي خلاف ذلك، وسيأتي أيضًا.
وقال الخطابي: ((حديث مسة أثنى عليه محمد بن إسماعيل)) (معالم السنن 1/ 95).
وحَسَّنه النووي في (المجموع 2/ 541)، وقال في موضع آخر:((واعتمد أكثر أصحابنا جوابًا آخر، وهو تضعيف الحديث، وهذا الجواب مردود، بل الحديث جيد كما سبق، وإنما ذكرتُ هذا لئلا يُغتر به))! (المجموع 2/ 542).
وقال النووي أيضًا: ((حديث حسن، وقال الخطابي: (أثنى البخاري على هذا الحديث) وأما قول جماعة من مصنفي الفقهاء: إنه حديث ضعيف، فمردود عليهم)) (خلاصة الأحكام 1/ 240).
وقال ابن القيم: ((وصح عن أم سلمة
…
))، وذكره (زاد المعاد 4/ 402).
وقال الذهبي: ((سنده جيد)) (تنقيح التحقيق 1/ 92).
وقال ابن الملقن: ((هذا الحديث جيد)) (البدر المنير 3/ 137).
وقال في خلاصته: ((وقال - أي: الحاكم -: صحيح الإسناد. وكذا صححه ابن السكن. وخالف ابن حزم وابن القطان وضعفاه. والحق صحته، قال الخطابي: أثنى البخاري على هذا الحديث)) (خلاصة البدر 1/ 83).
وقال في الأصل: ((لا نُسَلِّم لابن حزم وابن القطان دعوى جهالة عين مسة؛
فإنه قد روى عنها جماعات: كثير بن زياد، والحكم بن عتيبة
…
وزيد بن علي بن الحسين. رواه البيهقي عن الحاكم، وروى - أيضًا - محمد بن كُنَاسة، عن محمد بن عبيد الله العرزمي، عن [أبي]
(1)
الحسن، عن مسة أيضًا. فهؤلاء أربعة رووا عنها، فارتفعت جهالة عينها.
وأما جهالة حالها، فهي مرتفعة بثناء
(2)
البخاري على حديثها، وتصحيح الحاكم لإسناده، فأقل أحواله أن يكون حسنًا)) (البدر المنير 3/ 141).
وكذا رد مغلطاي القول بجهالة عينها برواية مَن ذكرهم ابن الملقن (شرح ابن ماجه 3/ 186).
وقال المباركفوري: ((الظاهر أن هذا الحديث حسن صالح للاحتجاج، وفي الباب أحاديث أخرى ضعيفة تؤيده)) (تحفة الأحوذي 1/ 364).
وحَسَّن الألباني سنده في (صحيح أبي داود 2/ 117)، و (الإرواء 1/ 222، 226)، و (الضعيفة 12/ 344).
وصححه أحمد شاكر في تحقيقه لـ (جامع الترمذي 1/ 257، 258).
قلنا: في بعض صنيع هؤلاء نظر، فما ذُكر من انتفاء جهالة عينها برواية غير واحد عنها- مردود، فهم كما ذكرهم ابن الملقن:(كثير بن زياد، والحَكَم بن عتيبة، وزيد بن علي بن الحسين، وأبو الحسن، وهو علي بن عبد الأعلى كما سنبينه في موضعه).
ولا تَثبت الرواية عن أحد من هؤلاء إلا عن كثير- وهو أبو سهل- ومَن
(1)
- سقط من المطبوع من البدر، والصواب إثباته كما في (الخلافيات 1053).
(2)
- في المطبوع من البدر: ((ببناء))! وهو تحريف.
سواه إنما رُوي عنهم من طريق محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو متروك؛ ولذا تَرَاجع ابن دقيق عن تعقب ابن القطان كما سبق.
وما ذُكر من انتفاء جهالة حالها مردود أيضًا؛ فإنه لم يَثبت عن أحد من أهل العلم توثيقها أو تعديلها.
فأما زَعْم الخطابي ومَن تبعه بأن البخاري أثنى على حديثها، فلا يصح؛ فإنه -كما يظهر من سياقه - استنبطه مما رواه الترمذي عن البخاري كما مر آنفًا، وليس فيه إلا توثيق أبي سهل وعلي، وأنه لم يعرفه من غير هذا الوجه، وسكت عن مسة، فأين ثناؤه على حديثها؟ !
بل ما ذكره عنه في (العلل)، وهو أنه لا يَعرف لمسة غير هذا الحديث- فيه إشارة إلى جهالتها.
ويؤيده أن الترمذي لم يُحَسِّن الحديث، بل ذكر أنه لا يعرفه من غير هذا الوجه
(1)
، ثم ذكر كلام البخاري.
وأما تصحيح الحاكم فلا يُعتمَد عليه؛ فكم من حديث صححه في مستدركه وهو منكر أو باطل!
وعليه، فتصحيح إسناد حديثها غير مقبول، وكذا تحسينه، إلا إِنْ حُمِل على قول الذهبي:((وأما المجهولون من الرواة، فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتُمل حديثه وتُلُقِّي بحُسْن الظن، إذا سَلِم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ)) (ديوان الضعفاء والمتروكين، ص 478).
(1)
- وقع في (الجامع، ط/ شاكر): ((هذا حديث غريب لا نعرفه
…
إلخ))، وكلمة ((غريب)) لا تثبت، ويؤيده أنها ليست في (التحفة 13/ 61) و (التهذيب 35/ 307)، و (مستخرج الطوسي 1/ 372).
وقال أيضًا: ((وما علمتُ في النساء مَن اتُّهِمت ولا مَن تركوها)) (الميزان 4/ 604).
لاسيما وحديثها هذا موافق للإجماع المذكور في الفوائد آنفًا.
وقد قَوَّى غير واحد هذا الحديث بشواهده المخرجة في الباب:
فقال الألباني: ((الحديث له شواهد كثيرة، لا ينزل بها عن مرتبة الحسن لغيره)) (الثمر المستطاب، ص 46).
وقال أيضًا: ((وهي - يعني: الشواهد - وإن كان أفرادها ضعيفة؛ فمجموعها يعطي الحديث قوة)) (صحيح أبي داود 2/ 119).
وقال ابن عثيمين: ((وهذا الحديث مِن العلماء مَن ضَعَّفه، ومنهم مَن حَسَّنه وجَوَّده، وله شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن)) (الشرح الممتع 1/ 510).
ولكن شواهد الباب -بِغَضِّ النظر عن ضعفها- تفيد التوقيت صراحة، وهو ما لا يفيده حديث أم سلمة؛ ولذا لا نرى تقويته بشواهد الباب. والله أعلم.
هذا، وقد أُعِل هذا الحديث بعلل أخرى واهية، فمن ذلك:
1 -
أن ابن حبان ذَكَر أبا سهل كثير بن زياد في (المجروحين 2/ 229)، وقال: ((يَروي عن الحسن وأهل العراق الأشياء المقلوبة، أستحب مجانبة ما انفرد من الروايات
…
وهو الذي روى عن مسة عن أم سلمة
…
)) وذكر الحديث.
ولذا قال ابن طاهر المقدسي: ((رواه كثير بن زياد
…
وكثير هذا يَروي الأشياء المقلوبات، يُتجنب ما انفرد به)) (التذكرة 613)، و (معرفة التذكرة
596).
وبكلام ابن حبان تَعَقَّب مغلطاي على ابن القطان، حيث زعم أنه عصب الجناية برأس مسة، وسكت عن أبي سهل! (شرح ابن ماجه 3/ 186).
وقال البيهقي: ((أبو سهل
…
ليس له ذكر في الكتابين (الصحيحين)، أورده أبو حاتم في كتاب (المجروحين)، واستحب مجانبة ما انفرد به، وقد وثقه البخاري من رواية أبي عيسى عنه))، (الخلافيات 3/ 407).
ثم روى البيهقي عن أبي بكر ابن إسحاق الفقيه -وأقره- أن أبا سهل فيه نظر. وسيأتي نص عبارته من (الخلافيات 3/ 435).
قلنا: لا يُسَلَّم لهم ذلك، فأبو سهل كثير بن زياد ثقة، وثقه البخاري -كما سبق-، ويحيى بن معين، وأبو حاتم، والنسائي، (تهذيب التهذيب 8/ 370).
فقول هؤلاء مُقَدَّم على قول ابن حبان ومَن تبعه كما في (البدر المنير 3/ 140).
بل إن ابن حبان نفسه ذكره في (الثقات 7/ 353) وقال: ((كان ممن يخطئ)).
وقد اتفق الحافظان الذهبي وابن حجر على توثيقه كما في (الكاشف 4630)، و (التقريب 5610).
وتَعَقَّب ابن حجر ابن حبان، فقال:((وأَغْرَبَ ابن حبان فضَعَّفه بكثير بن زياد، فلم يُصِبْ)) (التلخيص 1/ 440).
وقول البيهقي: ((ليس له ذِكر في الصحيحين)) ليس بعلة؛ ولذا تعقبه ابن التركماني
قائلًا: ((ذَكر في الخلافيات أنه لا ذِكر له في الصحيح، وهذا لا يُعارِض توثيق البخاري)) (الجوهر 1/ 341)، ومثله في (الإمام 3/ 343) لابن دقيق.
2 -
أن البيهقي روى عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه، أنه قال: ((إن صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك؛ فليس لأحد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة
(1)
، إلا أن علي بن عبد الأعلى وأبا سهل ومسة فيهم نظر
…
وإن لم يصح واحد من هذه الأخبار؛ فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة وأم سلمة رضي الله عنهما: ((أَنُفِسْتُمَا؟ )) قالتا: ((نعم))، (الخلافيات 3/ 435، 436 بتصرف يسير).
وسَبَق الكلام على مسة وأبي سهل. وأما علي بن عبد الأعلى- وهو أبو الحسن الأحول- فقد وثقه البخاري -كما سبق-، وقال أحمد وغيره:((ليس به بأس))، وقال أبو حاتم والدَّارَقُطْنِيّ:((ليس بالقوي)) (التهذيب 7/ 313/ 579)، وقال الحافظ:((صدوق، ربما وهم)) (التقريب 4763).
فحديثه لا ينزل عن مرتبة الحسن، ثم إنه توبع على أصل الحديث كما سيأتي عقب الرواية الثانية.
[تنبيهات]:
التنبيه الأول: زَعَم مغلطاي أن الحديث جاء من غير طريق مسة، فذكر في (شرح ابن ماجه 3/ 187) أن ((في كتاب الضعفاء لابن حبان: روى كثير بن زياد عن الحسن عن أم سلمة: ((كَانَ النِّسَاءُ يَقْعُدْنَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ نِفَاسِهِنَّ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ (أَوْ) أَرْبَعِينَ يَوْمًا، وَكُنَّا نَطْلِي عَلَى وُجُوهِنَا الوَرْسَ مِنَ الكَلَفِ)). ثم قال: ((وهو إسناد جيد إنْ سَلِم من انقطاع ما بين الحسن
(1)
- ظاهر صنيع المحقق أن هنا نهاية كلام ابن إسحاق، وما بعده للبيهقي، وظاهر السياق يخالفه، وقد ذكره بتمامه دون فصل في (المختصر 1/ 432).
وأم سلمة؛ فإن أبا حاتم شك فيه)).
وهذا وهم منه رحمه الله، أو لعله اطلع على نسخة فيها تصحيف؛ فإن الذي في ((الضعفاء)) وهو ((المجروحين)) لابن حبان (2/ 229): كثير بن زياد عن مسة عن أم سلمة، كرواية الجماعة سواء بسواء.
التنبيه الثاني: أخطأ بعض الرواة في تسمية علي بن عبد الأعلى راوي الحديث عن أبي سهل. فرواه البيهقي في خلافياته من طريق الحسن بن سهل بن عبد العزيز عن أبي الوليد الطيالسي عن زهير بن معاوية عن عبد الأعلى. بدل علي بن عبد الأعلى. وهذا خطأ واضح، فالحديث مشهور محفوظ من طرق عن زهير عن علي بن عبد الأعلى.
ولذا قال البيهقي عقبه: ((كذا يقول أبو الوليد، والصواب علي بن عبد الأعلى)) (الخلافيات 1051).
وقال أيضًا: ((وقال أبو الوليد عن زهير عن عبد الأعلى، وليس بمحفوظ)) (السنن عقب رقم 1627).
قلنا: لكن الوهم ليس من أبي الوليد الطيالسي، إنما من الراوي عنه الحسن بن سهل بن عبد العزيز، فقد ذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 181) وقال:((ربما أخطأ)).
ومما يؤيد ذلك أن الدارمي والفضل بن الحُبَاب وإبراهيم بن هانئ- رووه عن الطيالسي على الصواب.
التنبيه الثالث: وقع تصحيف في متن الحديث في المطبوع من ((المعجم الكبير)) للطبراني، فجاء هكذا:((وكنا نصلي وعلى وجوهنا الورس من الكلف)).
وهذا من طريف التصحيف؛ فإن المعنى مختلف تمامًا مع أن التصحيف
في حرف واحد، تصحفت الطاء إلى الصاد، ثم زيد حرف العطف، وصوابه:((كنا نَطلي على وُجُوهنَا الوَرسَ من الكَلَف))، وإلا فكيف كن يصلين في النفاس؟!
رِوَايَةُ: ((كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقعُدُ فِي النِّفَاسِ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ مُسَّةَ الأَزْدِيَّةِ قَالَتْ: حَجَجْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقُلْتُ: يَا أُمَّ المُؤْمِنِينَ، إِنَّ سَمُرَةَ بْنَ جُنْدُبٍ يَأْمُرُ النِّسَاءَ يَقْضِينَ صَلَاةَ المَحِيضِ (صَلَاةَ الحَيضِ)! فَقَالَتْ:((لَا يَقْضِينَ، كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، لَا يَأْمُرُهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَضَاءِ صَلَاةِ النِّفَاسِ)).
[الحكم]:
مختلف فيه كما سبق، وبهذه السياقة صححه الحاكم، وأقره ابن حجر وأحمد شاكر. وحَسَّنه الألباني. بينما أنكره ابن القطان، وابن رجب. وهو الأظهر.
[الفوائد]:
أولًا: سألت مُسة عن قضاء الحائض الصلاة، وأجابت أم سلمة عن قضاء النفساء!
وفي تأويله وجهان:
الأول: أن المراد بالمحيض هاهنا هو النفاس، بقرينة الجواب.
والثاني: أن أم سلمة أجابت عن الصلاة حال النفاس الذي هو أقل مدة
الحيض، فإن الحيض قد يتكرر في السنة اثنتي عَشْرة مرة، والنفاس لا يكون مثل ذلك بل هو أقل منه جدًّا. فقالت: إن الشارع قد عفا عن الصلاة في حال النفاس الذي لا يتكرر، فكيف لا يعفو عنها في حال الحيض الذي يتكرر؟ ! )) (عون المعبود 1/ 346).
ثانيًا: المراد بنساء النبي صلى الله عليه وسلم إن صح الحديث - نساؤه غير أزواجه، من بنات وقريبات وسُرِّيته مارية؛ فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم يلد منهن أحد بعد فرض الصلاة؛ فإن خديجة رضي الله عنها ماتت قبل أن تفرض الصلاة، وهذا سبب استنكار ابن القطان وابن رجب هذا الحديث، (بيان الوهم 3/ 330)، (فتح الباري 2/ 190).
[التخريج]:
[د 312 "واللفظ له" / ك 632 والرواية له / هق 1629/ هقخ 1054].
[السند]:
قال أبو داود: حدثنا الحسن بن يحيى، أخبرنا محمد بن حاتم - يعني حبي - حدثنا عبد الله بن المبارك، عن يونس بن نافع، عن كثير بن زياد قال: حدثتني الأزدية - يعني مُسة - قالت: حججتُ فدخلتُ على أم سلمة
…
به.
ورواه (الحاكم) - وعنه البيهقي في الكبرى وفي الخلافيات- من طريق عبدان عن ابن المبارك عن يونس بن نافع
…
به.
فمداره عندهم على ابن المبارك، الإمام المشهور.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة مُسة، وقد سبق الكلام عنها.
ومع ذلك قال الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه))، وأقره الحافظ في (بلوغ المرام 150)، مع أنه قد سبق تجهيله لمسة! كما أقره أحمد شاكر في (تحقيقه جامع الترمذي).
ويونس بن نافع هو الخراساني، وثقه النسائي في (السنن الكبرى عقب رقم 2236)، وذكره ابن حبان في (الثقات 7/ 650)، وقال:((يخطئ))، وفي (المشاهير 1582)، وقال:((كان يهم في الأحايين))، وقال السليماني:((منكر الحديث))! ذكره الذهبي في (الميزان 4/ 484)، مع أنه قال في (التاريخ 4/ 769):((ما أعلم به بأسًا))، وقال الخليلي:((مشهور، عزيز الحديث، يُجمع حديثه)) (الإرشاد 3/ 900)، وقال الحافظ:((صدوق يخطئ)) (التقريب 7917).
وقد استُنكرت روايته هذه؛ لقوله فيها: ((
…
كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ
…
)).
قال ابن القطان: ((ضعيف الإسناد ومنكر المتن؛ فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما منهن مَن كانت نفساء أيام كونها معه، إلا خديجة، وزوجيتها كانت قبل الهجرة. فإذن لا معنى لقولها: (قَدْ كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا). إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه، من بنات وقريبات وسُرِّيته مارية)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 329 - 330).
وقال الحافظ ابن رجب: ((صححه الحاكم، وفي متنه نكارة؛ فإن نساء النبي صلى الله عليه وسلم لم يلد منهن أحد بعد فرض الصلاة؛ فإن خديجة عليها السلام ماتت قبل أن تُفْرَض الصلاة)) (فتح الباري 2/ 190).
وقد أجيب عن ذلك بالاحتمال الذي أبداه ابن القطان، من أن المراد بنسائه صلى الله عليه وسلم نساؤه من غير أزواجه؛ كبناته وسُرِّيته مارية وقريباته. وبهذا أجاب العيني في (البناية 1/ 693).
وأجاب مغلطاي بشيء آخر، فقال متعقبًا ابن القطان:((ما ادعاه في متنها من النكارة مردود بمجيئه من غير طريقها كما سنذكره بعد إن شاء الله تعالى)) ثم قال: ((في كتاب الضعفاء لابن حبان: روى كثير بن زياد عن الحسن عن أم سلمة: كان النساء يقعدن
…
)). ثم قال: ((وهو إسناد جيد إنْ سَلِم من انقطاع ما بين الحسن وأم سلمة؛ فإن أبا حاتم شك فيه)) (شرح ابن ماجه 3/ 187).
وقد سبق أن هذا وهم منه أو تصحف عليه؛ فإن الذي في (المجروحين 2/ 229): ((كثير بن زياد عن مسة عن أم سلمة)).
ثم إن هذا اللفظ الذي خرجه ابن حبان بمثل السياقة الأولى، وهي غير السياقة التي استنكرها ابن القطان، فكيف يزعم أنها جاءت من طريق آخر؟ !
والحديث قال عنه الألباني: ((هذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات غير مُسة)) (صحيح أبي داود 2/ 120). وبنحوه في (الإرواء 1/ 222).
[تنبيه]:
قال الشوكاني: ((قال الترمذي في العلل: منكر المتن؛ فإن أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما منهن مَن كانت نفساء أيام كونها معه، إلا خديجة، وزوجيتها كانت قبل الهجرة؛ فإذن لا معنى لقول أم سلمة: (قَدْ كَانَتِ المَرْأَةُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَقْعُدُ فِي النِّفَاسِ))).
قال الشوكاني: ((هكذا قال، وفيه أن التصريح بكونهن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم
ظاهر في كونهن من غير زوجاته، فلا يشكل ما ذكره. وأيضًا: نساؤه أعم من الزوجات لدخول البنات وسائر القرابات تحت ذلك)) (نيل الأوطار 1/ 352).
قلنا: في كلامه نظر من وجهين:
الأول: أن ما نسبه للترمذي غير صحيح، وليس هو في العلل ولا في الجامع، وإنما هذا كلام ابن القطان؛ فلعله وهم أو سبقه القلم.
الثاني: ما زعمه بأن فيه التصريح بكونهن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه فهو ظاهر في كونهن من غير زوجاته، فلا إشكال- غير صحيح، فالحديث مروي بلفظ نسائه لا أصحابه، إلا إن استنبطه من السياقة الأولى، وهي لا إشكال فيها، ولا يلزم من ثبوتها - لو صح - ثبوت هذه السياقة.
رِوَايَةُ ((أَنَّهَا سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّهَا سَأَلَتْهُ: كَمْ تَجْلِسُ المَرْأَةُ إِذَا وَلَدَتْ؟ قَالَ: ((تَجْلِسُ [فِي نِفَاسِهَا] (تَنْتَظِرُ) أَرْبَعِينَ يَوْمًا (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا بهذه السياقة. وضَعَّفه: البيهقي، والنووي.
[الفوائد]:
قال ابن الملقن: ((وهذه الرواية مُبيِّنة للروايات السالفة؛ إذ لا يمكن أن تتفق عادة نساء عصر في نفاس أو حيض)) (البدر المنير 3/ 139).
[التخريج]:
[قط 866 "واللفظ له" / هقخ 1052 "والزيادة والرواية الثانية له"، 1053 "والرواية الأولى له" / موهب (مغلطاي 3/ 187)].
[التحقيق]:
مداره عندهم على محمد بن عبيد الله العرزمي، واختُلف عليه:
فرواه الدَّارَقُطْنِيّ في (السنن)، قال: حدثنا عمر بن الحسن بن علي، ثنا يحيى بن إسماعيل الجريري، حدثنا الحسين بن إسماعيل، حدثنا عبد الرحمن بن محمد العرزمي، عن أبيه، عن الحَكَم بن عتيبة، عن مسة، عن أم سلمة، به.
ورواه البيهقي في (الخلافيات 1052) من طريق يونس بن أرقم، عن محمد العرزمي، عن زيد بن علي بن (الحسين)، عن مُسة، به.
ورواه عبد الله بن وهب في (مسنده) عن الحارث بن نبهان، والبيهقي في
(الخلافيات 1053) من طريق محمد بن كُنَاسة. كلاهما عن محمد العرزمي، عن أبي الحسن، عن مسة، به.
وهذا الخلاف مِن قِبل محمد بن عبيد الله العرزمي، وهو متروك الحديث.
قال الحاكم: ((متروك الحديث بلا خلاف أعرفه بين أئمة النقل فيه)).
وقال الساجي: ((أجمع أهل النقل على ترك حديثه))، انظر ترجمته في (تهذيب التهذيب 9/ 287).
ولذا قال البيهقي: ((رواه محمد بن عبيد الله العرزمي عن الحكم عن مسة، وعن زيد بن علي بن الحسين، عن مسة، وعن أبي الحسن غير منسوب - وهو علي بن عبد الأعلى - عن مسة، والعرزمي متروك الحديث، لا يُحتج بحديثه)) (الخلافيات 3/ 407 - 408).
قلنا: فإذا كان أبو الحسن المذكور عن مسة هو علي بن عبد الأعلى، ففي هذا السند سقط بين علي ومُسة؛ فقد سبق من طريق الثقات عن علي عن كثير بن زياد عن مسة. ولعل هذا من العرزمي.
وفي السند مسة أيضًا، وقد سبق بيان حالها.
والحديث ضَعَّفه النووي في (خلاصة الأحكام 1/ 242/ 647).
3455 -
حَدِيثُ أَنَسٍ:
◼ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: ((كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَقَّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)).
• وفي روايةٍ 2، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((وَقْتُ النُّفَسَاءِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)).
[الحكم]:
ضعيف. وضَعَّفه: ابن حبان، والدَّارَقُطْنِيّ، وابن عدي، والبيهقي، وابن حزم، وابن الجوزي، وعبد الحق، والذهبي، وابن كثير، ومغلطاي، وابن حجر، والألباني.
[التخريج]:
[جه 599 "واللفظ له" / عل 3791 "والسياق الثاني له ولغيره" / شج 146/ قط 852/ هق 1640/ هقخ 1066 - 1068، 1071، 1072/ مجر (2/ 290 - 291، 334) / عد (5/ 314) / علج 646/ تحقيق 309/ كما (12/ 281) مختصرًا].
[التحقيق]:
للحديث أربعة طرق:
الطريق الأول:
رواه أبو سعيد الأشج في (جزء من حديثه) - وعنه ابن ماجه وأبو يعلى-، قال: حدثنا المحاربي، عن سَلَّام بن سَلْم، عن حميد، عن أنس، به.
ووقع عند ابن ماجه وأبي يعلى: ((سلام بن سليم))، وزِيد عند الأول:((أو سلم، شك أبو الحسن، وأظنه هو أبو الأحوص)) اهـ.
وأبو الحسن هو القطان راوي السنن عن ابن ماجه، والظن المذكور خطأ، فهذا إنما هو سلام الطويل، جزم به ابن حبان والدَّارَقُطْنِيّ وغيرهما كما سيأتي، واعتمده المزي في (التحفة 1/ 93).
وقد رواه الدَّارَقُطْنِيّ - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات 1068)، وابن الجوزي -، ورواه ابن عدي - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات 1067) -، كلاهما من طريق الأشج به، وقالوا فيه:((سلام بن سلم)) بلا شك.
وقد توبع الأشج:
فرواه البيهقي في (الخلافيات 1066) من طريق عَبَّاد بن يعقوب.
ورواه المزي من طريق سلمة بن حفص السعدي.
كلاهما عن عبد الرحمن المحاربي، به.
وهذا إسناد ساقط؛ فيه ثلاث علل:
الأولى والثانية: عنعنة حميد الطويل والمحاربي؛ فهما يدلسان.
الثالثة: سلام بن سليم، وقيل: ابن سلم، وقيل: ابن سليمان، هو الطويل:((متروك)) كما في (التقريب 2702)، وقيل:((كذاب)).
وبه أَعَل سنده جماعة من العلماء:
فقد ترجم له ابن حبان في (المجروحين 1/ 339)، وقال:((يَروي عن الثقات الموضوعات؛ كأنه كان المتعمد لها، وهو الذي روى عن حميد عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم وَقَّت للنفساء أربعين يومًا)).
وأقره ابن الجوزي في (العلل 1/ 426).
وترجم له ابن عدي في (الكامل 766)، وذكر جرح النقاد له، ثم روى له هذا الحديث وغيره، ثم قال:((وهذه الأحاديث التي ذكرتها لسلام الطويل عمن روى عنهم- ما يُتابَع على شيء منها)) (الكامل 5/ 315).
ولذا قال مغلطاي: ((رواه أبو أحمد ابن عدي عن سلام وقال: هو متروك الحديث)) (شرح ابن ماجه 3/ 187).
وقال الدَّارَقُطْنِيّ - عقبه-: ((لم يروه عن حميد غير سلام هذا، وهو سلام الطويل، وهو ضعيف الحديث)) (السنن عقب رقم 852).
وذكره الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدَّارَقُطْنِيّ 152) وزاد في آخره: ((وقيل: متروك)).
ونَقَل قول الدَّارَقُطْنِيّ وأقره كل من البيهقي في (الخلافيات 3/ 432)، وابن الجوزي في (العلل 1/ 386)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 345)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 205)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 187)، وابن حجر في (التلخيص 1/ 303)، والمباركفوري في (التحفة 1/ 364)، والشوكاني في (النيل 1/ 351)، والألباني في (الثمر، ص 48).
وزاد البيهقي، فنَقَل عن البخاري قوله فيه:((تركوه)) (الخلافيات 1069).
وصرح بتضعيفه في (السنن عقب رقم 1640).
وزاد ابن الجوزي فقال: ((قال يحيى: ((سَلَّام لا يُكتب حديثه))، وقال النسائي والدَّارَقُطْنِيّ:((متروك الحديث))، وقال ابن خراش:((كذاب))، وقال ابن حبان:((يَروي عن الثقات الموضوعات؛ كأنه كان المتعمد لها)) (العلل المتناهية 1/ 386).
وقال أيضًا: ((هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح، أما الأول: فلم يروه عن
حميد غير سلام الطويل))، ثم ذكر فيه قول من سبق ذكرهم آنفًا (التحقيق 1/ 270).
وقال عبد الحق الإشبيلي: ((وقد رُوِي في هذا عن أنس وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم، في النفساء: أنها تقعد أربعين ليلة. وهي أحاديث معتلة بأسانيد متروكة)) (الأحكام الوسطى 1/ 218).
وأقره ابن الملقن في (البدر 3/ 142).
وقال ابن طاهر المقدسي: ((رواه سلام بن سليم الطويل
…
وسلام ليس بشيء)) (التذكرة 1/ 372).
وقال الذهبي: ((سلام
(1)
الطويل متروك)) (التلخيص ص 132)، وقال أيضًا:((سلام ضعف)) (تنقيح التحقيق 1/ 92).
وقال ابن كثير: ((من رواية سَلَّام بن سَلْم الطويل، وهو متروك بمرة، وكَذَّبه بعض الأئمة)) (إرشاد الفقيه 1/ 81).
وأفاض في ذكر جرحه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 188).
وضَعَّفه النووي في (خلاصة الأحكام 648).
وقال الحافظ: ((وفي إسناده ضعف)) (الدراية 1/ 90)، وكذا ضَعَّفه في (التلخيص 1/ 303).
وقال الألباني عن إسناده: ((ضعيف جدًّا)) (الضعيفة 5653).
وأغرب البوصيري فقال: ((هذا إسناد صحيح رجاله ثقات)) (مصباح الزجاجة
(1)
- تحرف في المطبوع إلى: ((سالم))!
1/ 83)، وأقره السندي في (الحاشية 1/ 224).
قال الألباني: ((قد أخطأ البوصيري خطأ فاحشًا
…
توهم البوصيري أن سلام بن سليم هو أبو الأحوص - وهو ثقة من رجال الشيخين - بِناء على ظن أبي الحسن هذا، وهو علي بن إبراهيم بن سلمة القطان، الحافظ الراوي عن ابن ماجه (السنن)، وقد عَرَفْتَ أنه مخالف لتصريح الإمام الدَّارَقُطْنِيّ والبيهقي أنه سلام الطويل، وسبقهما إلى ذلك ابن عدي، فإنه ساق الحديث في (الكامل) بسنده إلى سلام الطويل في ترجمته)) (الضعيفة 5653).
قلنا: قد رُويت متابعة لسلام الطويل لا يُفرح بها.
رواها ابن حبان في (المجروحين 2/ 334) عن محمد بن سليمان بن دبير، عن عبد الواحد بن غياث، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن أنس بن مالك، به.
وهذه متابعة مفتعلة بلا شك من محمد بن سليمان بن دبير، فقد قال عنه ابن حبان:((يسرق الحديث ويضع على الثقات ما لم يحدثوا، ممن تركنا حديثه بعد الإكثار، لا تحل الرواية عنه))، وذَكَر مِن موضوعاته هذا الحديث.
وبهذا أعله ابن طاهر في (التذكرة 1/ 373).
الطريق الثاني:
أخرجه ابن حبان في (المجروحين 2/ 290 - 291) عن محمد بن عبدوس النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن حفص قال: حدثني أبي قال: حدثني إبراهيم بن طهمان قال: حدثنا محمد بن الفضل بن عطية، عن زيد بن أسلم، عن معاوية بن قُرة، عن أنس بن مالك، به.
وهذا إسناد ساقط أيضًا؛ فيه محمد بن الفضل بن عطية، ((كذبوه)) كما في
(التقريب 6225).
وفي ترجمته من (المجروحين)، روى له ابن حبان هذا الحديث وقال فيه:((ممن يَروي الموضوعات عن الأثبات، لا يحل كتابة حديثه إلا على سبيل الاعتبار)).
ولذا قال ابن طاهر القيسراني: ((رواه محمد بن الفضل
…
ومحمد كذاب)) (التذكرة 1/ 372).
وقد رُوي عن معاوية بن قُرة من وجه آخر، كما يلي:
الطريق الثالث:
أخرجه البيهقي في (السنن) وفي (الخلافيات 1071) قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه، ثنا محمد بن أيوب، ثنا محمد بن كثير، ثنا سفيان، عن زيد العَمِّي، عن أبي إياس، عن أنس، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ زيد بن الحواري العَمِّي ((ضعيف)) كما في (التقريب 2131).
وبه ضَعَّفه البيهقي فقال عقبه: ((زيد العمي ضعيف)) (الخلافيات 3/ 433)، وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 346).
ونقل البيهقي عن أبي بكر بن إسحاق الفقيه أن العمي فيه نظر؛ ولذا لم يثبته (الخلافيات 3/ 435).
وقال عقبه في السنن: ((وزيد العمي وسلام بن سلم المدائني والعزرمي والعلاء بن كثير الدمشقي- كلهم ضعفاء)) (1/ 343)، وأقره الألباني في (الضعيفة 12/ 344).
وأبو إياس هو معاوية بن قُرة: ((ثقة)). وسفيان هو الثوري. ومحمد بن كثير هو العبدي، ثقة من رجال الستة. ومحمد بن أيوب هو ابن يحيى بن الضريس، حافظ له تصانيف.
فليس في السند علة ظاهرة سوى زيد العمي، وهو ممن يُكتب حديثه، كما قال أبو حاتم وابن عدي، (تهذيب التهذيب 3/ 352).
ولكن لا يُعرف هذا عن الثوري إلا من هذا الوجه، فنخشى ألا يكون محفوظًا عنه، وأن أحدهم وهم فيه.
واستثنى الألباني الشطر الأول من الحديث، فقال -بعد أن ضَعَّفه جدًّا، وذَكَر لأوله شاهدًا واهي السند-:((لكن هذا القدر من الحديث يشهد له حديث أم سلمة)) (الضعيفة 5653).
هذا، وقد روى البيهقي للحديث طريقًا آخر ذكر أنه موقوف، ولكنه في حكم المرفوع، وهو:
الطريق الرابع:
أخرجه البيهقي في (الخلافيات 1072) من طريق أبي محمد بن حيان، ثنا محمد بن نصر، ثنا إسماعيل بن عمرو، ثنا الحسن بن صالح، عن عاصم الأحول، عن أنس بن مالك، قال:((وُقِّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
فهذا له حكم الرفع، ولكن إسناده ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: إسماعيل بن عمرو هو البَجَلي، قال أبو حاتم والدَّارَقُطْنِيّ:((ضعيف))، وذكره ابن حبان في ((الثقات)) وقال:((يغرب كثيرًا))، وقال أبو الشيخ:((غرائب حديثه تكثر))، وقال الخطيب:((صاحب غرائب ومناكير عن الثوري وغيره)) (اللسان 1213).
الثانية: محمد بن نصر شيخ ابن حيان- لا يُعْرَف من هو؟
[تنبيه]:
قال الحافظ: ((ورواه عبد الرزاق من وجه آخر عن أنس مرفوعًا)) (التلخيص 1/ 441).
قلنا: ولم نجده مرفوعًا عند عبد الرزاق، وإنما رواه من طريق جابر الجُعْفي عن خيثمة عن أنس موقوفًا. (المصنف 1208)، وكذا في (الخلافيات 3/ 437).
رِوَايَةُ ((أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ
…
)):
• وَفِي رِوَايَةٍ بِلَفْظِ: ((أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا)).
[الحكم]:
منكر بهذا اللفظ، وسنده ساقط.
[التخريج]:
[محلى (2/ 206)].
[السند]:
قال ابن حزم: حدثنا حمام، ثنا يحيى بن مالك بن عائذ، ثنا أبو الحسن عبيد الله بن أبي غسان، ثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي، ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي، عن سلام بن سليمان المدائني، عن حميد، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط كما سبق آنفًا، سلام متروك، وكذبه بعضهم.
وبه أعله ابن حزم فقال: ((سلام بن سليمان ضعيف منكر الحديث)) (المحلى 2/ 206).
وانظر كلام النقاد عليه في الرواية السابقة.
3456 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه قَالَ: ((وُقِّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف. وضَعَّفه: ابن حجر، والألباني.
[التخريج]:
[طس 462].
[السند]:
قال الطبراني: حدثنا أحمد بن خُلَيْد، قال: حدثنا عبيد بن جناد، قال: حدثنا سليمان بن حيان أبو خالد الأحمر، عن أشعث بن سَوَّار، عن أبي الزبير، عن جابر، به.
ثم قال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن أشعث إلا أبو خالد)).
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه أشعث بن سَوَّار: ((ضعيف)) كما في (التقريب 524).
وبقية رجاله لا بأس بهم، إلا أن أبا الزبير عنعن، وقد رُمي بالتدليس، وفي الاحتجاج بعنعنته مقال. وأبو خالد ((صدوق، يخطئ)) (التقريب 2547)، وقد انفرد به.
وقال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الأوسط، وفيه أشعث بن سوار، وثقه ابن معين، واختُلف في الاحتجاج به)) (المجمع 1545).
وذكر كلامه الألباني في (الثمر، ص 47)، ثم أتبعه بتضعيف ابن حجر له في (التقريب).
وضَعَّفه الحافظ بعلة أخرى، فقال:((فيه عبيد بن جناد، هو ضعيف))! (الدراية 1/ 90).
قلنا: عبيد بن جناد هو الحلبي؛ قال فيه أبو حاتم: ((صدوق)) (الجرح والتعديل 5/ 404)، وذكره ابن حبان في (الثقات 8/ 432)، ولم نجد أحدًا من أهل العلم ضَعَّفه غير الحافظ. والله أعلم.
والحديث وإن كان ظاهره الوقف إلا أن له حكم الرفع، فمثله لا يقال بالرأي.
[تنبيه]:
جاء لفظ الحديث في المجمع للهيثمي: ((وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
والذي في الأوسط هو ما أثبتناه، وليس فيه التصريح بالرفع، وكذا عزاه للطبراني بلفظ ((وُقِّتَ لِلنُّفَسَاءِ
…
)): الزيلعي في (نصب الراية 1/ 206)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 191)، وابن حجر في (الدراية 1/ 90).
3457 -
حَدِيث أَبِي الدَرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ:
◼ عَنْ أَبِي الدِّرْدَاءِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهما، قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ. فَإِنْ بَلَغَتْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا وَلَمْ تَرَ الطُّهْرَ فَلْتَغْتَسِلْ، وَهِيَ بِمَنْزِلَةِ المُسْتَحَاضَةِ)).
[الحكم]:
منكر. وأنكره: ابن عدي. وضَعَّفه: البيهقي، وابن طاهر المقدسي، والنووي، والزيلعي، وابن حجر، والشوكاني، وقال ابن الجوزي:((ما أعرفه))، وأقره ابن عبد الهادي.
[التخريج]:
[عد (8/ 166) "واللفظ له" / كر (47/ 224) / هقخ 1060 مختصرًا].
[السند]:
أخرجه ابن عدي - ومن طريقه ابن عساكر - قال: حدثنا محمد بن منير، قال: حدثنا إبراهيم الجشاش، قال: حدثنا غسان بن مالك، قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن القرشي، حدثنا العلاء بن كثير الدمشقي، عن مكحول، عن أبي الدرداء وأبي هريرة، به.
وعنبسة: ((متروك، رماه أبو حاتم بالوضع)) كما في (التقريب 5206).
وتابعه متروك آخر:
فرواه البيهقي في (الخلافيات) من طريق سليمان بن الحكم، عن العلاء بن كثير
…
به.
وسليمان بن الحكم أيضًا: ((متروك الحديث)) كما قال النسائي في (الضعفاء
والمتروكين 248).
وعلى كلٍّ، فالحديث مداره على العلاء، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان - عدا ما سبق -:
الأولى: العلاء بن كثير الليثي الشامي: ((متروك، ورماه ابن حبان بالوضع)) كما في (التقريب 5254).
وبه أعل الحديث ابن عدي، فذكره في ترجمته من (الكامل 1376)، ثم قال:((وللعلاء بن كثير عن مكحول عن الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم نُسَخ كلها غير محفوظة، وهو منكر الحديث)) (الكامل 8/ 167).
وبهذا أعله الزيلعي في (نصب الراية 1/ 206).
وقال البيهقي: ((تَفَرَّد به العلاء بن كثير، وهو ضعيف، جرحه يحيى بن معين وابن المديني والبخاري والنسائي)) (الخلافيات 3/ 418).
وكذا ضَعَّفه به في (السنن الكبرى عقب رقم 1640).
وقال ابن طاهر المقدسي: ((والعلاء بن كثير ليس بشيء)) (ذخيرة الحفاظ 2482).
وقال الشوكاني: ((فيه العلاء بن كثير، وهو ضعيف جدًّا)) (نيل الأوطار 2/ 487).
ولم يروه عنه سوى عنبسة وسليمان، وهما متروكان كما سبق.
الثانية: الانقطاع، فمكحول لم يسمع من أبي هريرة ولا من أبي الدرداء.
قال البيهقي: ((وخبر مكحول عن أبي هريرة وأبي الدرداء مرسل)) (الخلافيات
3/ 435).
وقال محمد بن طاهر المقدسي: ((ومكحول عن أبي الدرداء وأبي هريرة مرسل)) (ذخيرة الحفاظ 2482).
وقال مغلطاي: ((ذكره ابن عدي، ورده بالإرسال)) (شرح ابن ماجه 3/ 193).
قلنا: إنما رده ابن عدي بالعلاء بن كثير، ولم نجد ذكرًا لإرسال مكحول عن أبي الدرداء وأبي هريرة، وإِنْ ذَكَر في موضع آخر أن مكحولًا لم يدرك أبا الدرداء.
وضَعَّفه النووي في (خلاصته 642، 646).
وقال الحافظ ابن حجر: ((أخرجه ابن عدي في ترجمة العلاء بن كثير، وضَعَّفه، ثم هو عن مكحول، عنهما، ولم يسمع منهما)) (الدراية 1/ 90).
وقال ابن الجوزي: ((وما أعرف هذا الحديث)) (التحقيق 1/ 270).
وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 419).
3458 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: ((وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ المَكِيِّ، قَالَ: سُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنِ النُّفَسَاءِ، فَقَالَتْ:((سُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تُمْسِكَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ تَغْتَسِلَ، ثُمَّ تَتَطَهَّرَ، فَتُصَلِّيَ)).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا. وضَعَّفه: الطبراني، وابن عدي، والدَّارَقُطْنِيّ، والبيهقي، وابن طاهر المقدسي، وابن الجوزي، وابن دقيق، والذهبي، وابن حجر، والشوكاني، والألباني.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [مجر (2/ 112) "واللفظ له" / قط 857/ عد (8/ 516) / عبحم 178/ حيض (مغلطاي 3/ 190) / طعطا 19/ هقخ 1063، 1065/ علج 648/ تحقيق 311].
تخريج السياقة الثانية: [قط 865 "واللفظ له" / هقخ 1064].
[التحقيق]:
مداره عندهم على عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة.
ورُوِي عنه من ثلاثة طرق:
الطريق الأولى: عطاء بن عجلان، عنه.
رواه الطبراني في (جزء مَن اسمه عطاء) عن الحسين بن إسحاق.
ورواه ابن حبان في (المجروحين) عن الحسن بن سفيان.
كلاهما عن أبي الربيع الزهراني، قال: حدثنا حبان بن علي، قال: حدثنا عطاء بن عجلان، عن ابن أبي مُليكة، عن عائشة، به.
وتوبع عليه أبو الربيع:
فرواه الدَّارَقُطْنِيّ - ومن طريقه ابن الجوزي - من طريق أبي بلال الأشعري، عن حبان، به.
وحبان بن علي العنزي ((ضعيف)) كما في (التقريب 1076)، ولكنه متابع:
فرواه الدَّارَقُطْنِيّ - ومن طريقه البيهقي في (الخلافيات 1064) - من طريق سعد بن الصلت. ورواه ابن عدي من طريق بقية، عن ابن عياش. ورواه البيهقي في (الخلافيات 1065) من طريق نوح بن أبي مريم - وهو كذاب -. ثلاثتهم عن عطاء به، إلا أن ابن الصلت ذكره بلفظ السياقة الثانية.
وهذا إسناد ساقط؛ لأجل عطاء بن عجلان، قال ابن حجر:((متروك، بل أطلق عليه ابن معين والفلاس وغيرهما الكذب)) (التقريب 4594).
وبه أعله ابن حبان في (المجروحين 2/ 112).
وكذا الطبراني، فقال: ((عطاء بن عجلان كوفي ضعيف في روايته، تَفَرَّد بأشياء، ومِن ذلك
(1)
…
)) فذكر الحديث بإسناده، ثم قال:((ولا يُعلم هذا الحديث يُروى عن عائشة إلا من حديث عطاء ولم يروه عن ابن أبي ملكية أحد غيره)) (مَن اسمه عطاء، ص 32، 33)، وأقره الزيلعي في (نصب الراية
(1)
- في المطبوع: ((بإسناد، وذلك
…
))، فذكره بإسناده. والمثبت من (نصب الراية 1/ 206).
1/ 206).
وذكره ابن عدي في ترجمة عطاء من (الكامل 1528) بعد أن ذكر تكذيب ابن معين وغيره له، ثم قال:((عامة رواياته غير محفوظة)) (الكامل 8/ 516).
وأقره الألباني في (الضعيفة 12/ 344).
وقال الدَّارَقُطْنِيّ -عقبه-: ((أبو بلال الأشعري هذا ضعيف، وعطاء هو ابن عجلان متروك الحديث)) (السنن عقب رقم 857).
وأقره ابن الجوزي في (العلل 1/ 386) و (التحقيق 1/ 270)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 347)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 419)، والألباني في (الثمر المستطاب، ص 47).
قلنا: العلة في عطاء وحده؛ فأبو بلال متابع، كما سبق.
وقد أسنده الدَّارَقُطْنِيّ نفسه من طريق آخر عن عطاء، ثم قال:((عطاء متروك الحديث))، (السنن عقب رقم 865).
وأقره البيهقي في (الخلافيات 3/ 427)، والغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف، ص 71)، وزاد في عبارته:((لا يَثبت))، وابن دقيق في (الإمام 3/ 350)، ثم ذكر طريق نوح عن عطاء، وقال:((ونوح متروك عندهم)) (3/ 351) قلنا: بل كذاب.
وقال ابن طاهر المقدسي: ((رواه عطاء بن عجلان، وعطاء كذاب)) (الذخيرة 1396).
وقال أيضًا: ((وعطاء يَروي الموضوعات عن الثقات)) (التذكرة 953)،
و (المعرفة 936). وكذا أعله به الشوكاني في (نيل الأوطار 2/ 488).
الطريق الثانية: عبد الحميد بن عبد الرحمن عنه:
أخرجه البيهقي في (الخلافيات) قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحارث الفقيه، أنبأ أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن عمران ابن أخي أبي زرعة، ثنا سليمان بن النعمان، ثنا يحيى بن العلاء، حدثني عبد الحميد بن عبد الرحمن، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة.
وهذا إسناد ساقط؛ لأجل يحيى بن العلاء البَجَلي، قال الحافظ ابن حجر:((رُمِي بالوضع)) (التقريب 7618)، وقال الذهبي:((تركوه)) (الكاشف 6224).
وبه أعله البيهقي فقال: ((يحيى بن العلاء الرازي ضعيف، جرحه يحيى وغيره)) (الخلافيات 3/ 424).
وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 351).
الطريق الثالثة: شيخ، عن ابن أبي مُلَيْكة:
رواه أحمد في (المسائل برواية ابنه عبد الله) قال: حدثنا علي بن حكم، أخبره حبان بن علي، عن شيخ قد سماه، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، به.
وعزاه مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 190) إلى كتاب الحيض لأحمد بنفس الإسناد.
وهذا إسناد ساقط أيضًا، فشيخ حبان الذي لم يُسَمَّ هو عطاء بن عجلان كما بَيَّنه أبو الربيع الزهراني عند (ابن حبان)، وأبو بلال الأشعري عند (الدَّارَقُطْنِيّ)، وقد سبق.
قال الألباني: ((شيخ حبان الذي لم يُسَمَّ- الظاهر أنه عطاء بن عجلان العطار البصري، فقد أخرجه ابن عدي من طريق إسماعيل بن عياش، عنه، عن ابن أبي مليكة، به)) (السلسلة الضعيفة 12/ 343).
قلنا: فرجع الحديث إلى عطاء بن عجلان، وهو كذاب متروك كما سبق.
ولذا قال ابن الجوزى: ((هذه الأحاديث ليس فيها ما يصح)) (التحقيق 1/ 270). وكذا في (العلل المتناهية 1/ 386).
وقال ابن حجر: ((أخرجه الدَّارَقُطْنِيّ وضَعَّفه، وأخرجه ابن حبان من وجه آخر أضعف منه)) (الدراية 1/ 90).
وقال الألباني عن شطره الأول في التوقيت: ((لكن هذا القدر من الحديث يشهد له حديث أم سلمة)) (السلسلة الضعيفة 5653).
قلنا: لكن حديث أم سلمة على ضعفه لا يفيد التوقيت صراحة، وقد سبق.
رِوَايَةٌ ((فِي النُّفَسَاءِ إِذَا تَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النُّفَسَاءِ إِذَا تَطَاوَلَ بِهَا الدَّمُ، قَالَ:((تُمْسِكُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، وَتَتَطَهَّرُ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
منكر. وإسناده ضعيف جدًّا. وضَعَّفه البيهقي. وأقره ابن دقيق.
[التخريج]:
[هقخ 1062].
[السند]:
قال البيهقي: أخبرنا أبو بكر بن الحارث الفقيه، أنبأ أبو محمد بن حيان، ثنا محمد بن عمران بن الجُنَيْد، ثنا الحسين بن بِشْر، ثنا عبد العزيز بن أبان، حدثنا الحسن بن صالح، عن عطاء بن السائب، عن محمد بن عبد الرحمن، عن عمرة، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالف؛ فيه عبد العزيز بن أبان، كذاب خبيث يضع الحديث، قال الحافظ ابن حجر:((متروك، وكذبه ابن معين وغيره)) (التقريب 4083).
وقال البيهقي عقبه: ((إسناده ضعيف، وعبد العزيز بن أبان جرحه ابن معين وغيره)) (الخلافيات 3/ 422). وأقره ابن دقيق في (الإمام 3/ 350).
رِوَايَةُ (((وَلَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا فِي الأَرْبَعِينَ)):
•وفي رواية بلفظ: ((وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ، فَتَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، وَلَا يَقْرَبُهَا زَوْجُهَا فِي الأَرْبَعِينَ)).
[الحكم]:
باطل بهذا السياق. وظاهر صنيع ابن حبان وابن القيسراني وابن الجوزي أنه موضوع.
[التخريج]:
[مجر (1/ 297 - 298)].
[السند]:
رواه ابن حبان في (المجروحين): عن أحمد بن عيسى بن المنتصر بكفر سات البريد، أنبأ إسماعيل بن عباد الأُرْسُوفي
(1)
، عن الحسين بن علوان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد تالِفٌ؛ فيه الحُسين بن عَلْوان الكَلْبي؛ وهو كذاب وضَّاعٌ، كذَّبه أحمدُ وابنُ مَعين والنَّسائيُّ والدارَقُطْني، ورماه صالح جَزَرة وابنُ عَدِي وغيرُهما بوضع الحديث، انظر (الكامل 488)(الضعفاء والمتروكون للدارقطني 190)(اللسان 2574).
وقال عنه ابن حبان: ((كان يضع الحديث على هشام بن عروة وغيره من
(1)
قال السمعاني: "هذه النسبة إلى أُرْسُوف بضم الألف وسكون الراء المهملة وضم السين المهملة في آخرها فاء، وهي مدينة على ساحل بحر الشام وبها كان جماعة من العلماء والمرابطين"(الأنساب 1/ 166).
الثقات وضعًا، لا يحل كتابة حديثه إلا على جهة التعجب))، ثم ذكر مما وضعه هذا الحديث وغيره (المجروحين 1/ 297 - 298).
وقال ابن القيسراني: ((فيه حسين بن علوان، كذاب)) (معرفة التذكرة 936).
ولذا لما علقه ابن الجوزي في (العلل 645)، قال:((هذا حديث لا يصح))، ثم ذكر كلام ابن حبان (العلل المتاهية 1/ 385)، وبنحوه في (التحقيق 1/ 270).
وفي السند أيضًا: إسماعيل بن عباد الأُرْسُوفي، ضَعَّفه الدَّارَقُطْنِيّ (اللسان 1184).
3459 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْحَائِضُ تَنْظُرُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ عَشْرٍ، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ فَهِيَ طَاهِرٌ، وَإِنْ جَاوَزَتِ الْعَشَرَةَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ احْتَشَتْ وَاسْتَثْفَرَتْ، وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ.
وَتَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، فَإِنْ رَأَتِ الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ فَهِيَ طَاهِرٌ، وَإِنْ جَاوَزَتِ الْأَرْبَعِينَ فَهِيَ بِمَنْزِلَةِ الْمُسْتَحَاضَةِ، تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي، فَإِنْ غَلَبَهَا الدَّمُ احْتَشَتْ وَاسْتَثْفَرَتْ، وَتَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
إسناده ساقط، وأنكره الحاكم، ووهاه: الدَّارَقُطْنِيّ، والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، والغساني، وابن الجوزي، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي، ومغلطاي، والهيثمي، وابن حجر، والألباني.
[التخريج]:
[طس 8311 "واللفظ له" / ك 636 مختصرًا / قط 858 مختصرًا / ..... ].
سبق تخريجه وتحقيقه في "باب مدة الحيض"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).
3460 -
حديث معاذ بن جبل:
◼ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا مَضَى لِلنُّفَسَاءِ سَبْعٌ، ثُمَّ رَأَتِ الطُّهْرَ، فَلْتَغْتَسِلْ وَلْتُصَلِّ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((إِذَا مَضَى لِلمَرْأَةِ سَبْعَانِ ثُمَّ رَأَتِ الطُّهْرَ، فَلْتَغتَسِلْ وَلْتُصَلِّ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا. وضَعَّفه: البيهقي. وأقره مغلطاي، والألباني. وقال الحاكم: غريب.
[التخريج]:
تخريج السياقة الأولى: [ك 637 "واللفظ له" / قط 861/ هق 1638، 1639/ فر (ملتقطة 1/ ق 152)].
تخريج السياقة الثانية: [تمام 908].
[السند]:
رواه الحاكم - وعنه البيهقي (1638)، والديلمي في (مسند الفردوس) - قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد النَّحْوي، ببغداد، ثنا أبو إسماعيل محمد بن إسماعيل السُّلَمي، ثنا عبد السلام بن محمد الحِمْصي- ولقبه سليم-، ثنا بقية بن الوليد، أخبرني الأسود بن ثعلبة، عن عُبَادة بن نُسَيّ
(1)
، عن عبد الرحمن
(2)
بن غَنْم، عن معاذ بن جبل، به.
(1)
- تحرفت في (الغرائب الملتقطة) إلى: ((بشر"! وفي المستدرك والسنن على الصواب.
(2)
- تحرفت في (الغرائب الملتقطة) إلى: ((الرحيم"! وفي المستدرك والسنن على الصواب.
هكذا رواه الحاكم، وفي سنده سقط بين بقية والأسود.
فقد رواه الدَّارَقُطْنِيّ - ومن طريقه البيهقي (1639) -، قال: حدثنا أبو سهل بن زياد، ثنا أبو إسماعيل الترمذي، حدثنا عبد السلام بن محمد الحمصي- ولقبه سليم-، ثنا بقية بن الوليد، أنا علي بن علي، عن الأسود، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، به.
قال سليم: فلقيت علي بن علي، فحدثني عن الأسود، عن عبادة بن نسي، عن عبد الرحمن بن غنم، عن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
مثله.
قال البيهقي: ((هذا أصح)) (السنن عقب رقم 1639).
يعني: بزيادة (علي) بين بقية والأسود، ولا شك أنه هو الصواب؛ لأن الدَّارَقُطْنِيّ أحفظ وأتقن من الحاكم، وقول سليم يؤيده.
وأيضًا: فقد رواه (تمام) عن أحمد بن محمد بن فَضَالة، ثنا عمران بن بكار الحِمْصي، حدثني عبد السلام بن محمد الحضرمي
…
فذكره كما عند الدَّارَقُطْنِيّ، إلا أنه ساقه بلفظ السياقة الثانية:((سبعان))!
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:
الأولى: الأسود بن ثعلبة؛ قال ابن المديني: ((لا يُعْرَف))، وأقره الذهبي في (الميزان 980) والألباني في (الضعيفة 4/ 137). وقال ابن القطان:((مجهول الحال)) (بيان الوهم والإيهام 3/ 530). وقال الحافظ: ((مجهول)) (التقريب 499).
وأما ابن حبان، فذكره في (الثقات 4/ 33) على عادته! !
الثانية: علي بن علي، شامي من شيوخ بقية المجهولين، ولم نجد مَن ترجم له سوى الخطيب في (المتفق 978/ 3)، ولم يَذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. ورواية عبد السلام عنه لا تفيده؛ لأن عبد السلام نفسه ليس مشهورًا كما سيأتي.
والظاهر أن عليًّا هذا خلط في الإسناد، حيث جعله من رواية الأسود عن عبادة. والمعروف أن عبادة هو الذي يَروي عن الأسود - وليس العكس - كما في (تهذيب التهذيب 1/ 338)، بل لم يَذكر البخاري والمزي في تلاميذ الأسود غير عبادة.
وبقية رجاله ثقات عدا عبد السلام بن محمد.
قال فيه أبو حاتم: ((صدوق)) (الجرح والتعديل 6/ 49)، وذَكَره ابن حبان في (الثقات 8/ 427).
بينما ذكر ابن حجر أن صاحبنا رجل آخر غير الذي صدقه أبو حاتم، وأنه ضعيف! (اللسان 4769، 4770).
والصواب أنه هو هو، وقد اضطرب في متن الحديث: فرواه عنه أبو إسماعيل الترمذي بلفظ: ((سبع))، بينما رواه عنه عمران بن بكار الكَلَاعي بلفظ:((سبعان))!
ومع كل ذلك قال الحاكم عقبه: ((قد استشهد مسلم ببقية بن الوليد، وأما الأسود بن ثعلبة فإنه شامي معروف، والحديث غريب في الباب)) (المستدرك عقب رقم 637).
وتعقبه الألباني، فقال:((كذا قال، ووافقه الذهبي، مع أنه يقول في ترجمته من (الميزان): ((لا يُعْرَف))، قاله ابن المديني، وفي (التقريب):((مجهول))
(الثمر، ص 49).
وقال البيهقي: ((إسناده ليس بالقوي)) (السنن الكبرى عقب رقم 1639).
وأقره مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 192).
بينما تعقبه ابن التركماني، فقال:((إن كان ذلك لأجل بقية، فهو مدلس وقد صرح بالتحديث، والمدلس إذا صرح بذلك فهو مقبول)) (الجوهر النقي 1/ 343).
قلنا: بل لأجل جهالة السند كما سبق، ثم إن بقية متابع، فقد سمعه عبد السلام من علي بن علي.
ولذا قال الألباني متعقبًا ابن التركماني: ((ليس ذلك لأجل بقية، فإن في الإسناد الذي رجحه البيهقي أن سليمًا لقي علي بن علي شيخ بقية، فحدثه بالحديث، فبرئت عهدة بقية منه، ولزمت سليمًا هذا.
وهو السبب عندي في تضعيف البيهقي إسناده؛ لأنه ليس بالمشهور كثيرًا، حتى إن الحافظ ابن حجر خفي عليه حاله .. ثم استدركت فقلت: إنما ضَعَّفه البيهقي من أجل الأسود بن ثعلبة الشامي، فقد قال فيه ابن المديني:((لا يُعْرَف))
…
وهذا الحديث وإن تبين أنه لم يَثبت إسناده إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فالعمل عليه عند أهل العلم، بل نَقَل الترمذي الإجماع على ذلك، فراجِعْه (عقب رقم 140).
ولكن ينبغي أن لا يؤخذ بمفهومه، فإنها إذا رأت الطهر قبل السبع اغتسلت وصلت أيضًا؛ لأنه لا حد لأقل النفاس، على ما هو المعتمد عند أهل التحقيق)) (الضعيفة 1633).
رِوَايَةُ ((وَلَا نِفَاسَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((لَا حَيْضَ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَـ[ـةِ أَيَّامٍ]، وَلَا [حَيْضَ] فَوْقَ عَشْرَ [ةِ أَيَّامٍ]، [فَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهِيَ مُسْتَحَاضَةٌ، فَمَا زَادَ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ إِلَى أَيَّامِ أَقْرَائِهَا، وَلَا نِفَاسَ دُونَ أُسْبُوعَيْنِ، وَلَا نِفَاسَ فَوْقَ أَرْبَعِينَ، فَإِنْ رَأَتِ النُّفَسَاءُ الطُّهْرَ دُونَ الأَرْبَعِينَ صَامَتْ وَصَلَّتْ، وَلَا يَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِلَّا بَعْدَ الأَرْبَعِينَ])).
[الحكم]:
باطل. وإسناده ساقط.
وأنكره: العُقيلي، وابن عَدي، والبيهقي، وعبد الحق الإشبيلي، وابن الجوزي، وابن طاهر، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والذهبي، والزيلعي.
وقال ابن حزم: ((موضوع))، وأقره الألباني.
وقال ابن حجر: ((إسناده واهٍ)).
[التخريج]:
[عق (3/ 453) "واللفظ له" / عد (9/ 107 - 108) "والزيادات له ولغيره" / هقخ 1061 / ..... ].
سبق تخريجه وتحقيقه في "باب مدة الحيض"، حديث رقم (؟؟؟؟).
3461 -
حَدِيثُ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ:
◼ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ رضي الله عنه قَالَ: ((وَقَّتَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ
(1)
فِي نِفَاسِهِنَّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف جدًّا.
وضَعَّفه: الدَّارَقُطْنِيّ - وأقره ابن الجوزي، وابن دقيق، وابن عبد الهادي، والزيلعي، ومغلطاي، والألباني -.
وضَعَّفه أيضًا: الحاكم، والبيهقي، والإشبيلي، والغساني، والنووي، والذهبي، وابن حجر - وأقره المباركفوري والشوكاني -.
[التخريج]:
[ك 635/ قط 856 "واللفظ له" / هقخ 1055/ علج 647/ تحقيق 310].
[السند]:
أخرجه (الدَّارَقُطْنِيّ) - ومن طريقه ابن الجوزي - قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد، حدثنا أبو شيبة، حدثنا أبو بلال، حدثنا أبو شهاب، عن هشام بن حسان، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، به.
وأخرجه (الحاكم) - وعنه البيهقي - عن أحمد بن موسى التميمي، ثنا أبو بلال الأشعري
…
به.
فمداره عندهم على أبي بلال الأشعري، به.
(1)
في مطبوع سنن الدارقطني (للنفساء) وهو تصحيف، والصواب ما أثبتناه كما في طبعتي دار الرسالة والمكنز، لسنن الدارقطني.
ويؤكد ذلك أن ابن الجوزي رواه من طريق الدارقطني في (العلل) وفي (التحقيق) بلفظ (للنساء)، وهكذا رواه الحاكم، وعنه البيهقي. والسياق يدل عليه.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: أبو بلال الأشعري؛ ضعيف.
وبهذا أعله الدَّارَقُطْنِيّ فقال عقبه: ((أبو بلال ضعيف)) (السنن عقب رقم 856).
وأقره ابن الجوزي في (العلل 1/ 386)، و (التحقيق 1/ 270)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 347)، وابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 419)، والذهبي في (التنقيح 1/ 92)، و (التلخيص، ص 132)، والزيلعي في (نصب الراية 1/ 205)، وابن حجر في (الدراية 1/ 90) و (التلخيص 1/ 303)، والألباني في (الثمر المستطاب، ص 47).
وكذا أقره الغساني إلا أنه قال: ((أبو بلال متروك)) (الأحاديث الضعاف 155).
وقال البيهقي: ((أبو بلال الأشعري لا يُحتج به)) (الخلافيات 3/ 412).
ولذا قال ابن الجوزي عقبه: ((ليس في هذه الأحاديث ما يصح)) (العلل المتناهية 1/ 386).
وضَعَّفه النووي في (الخلاصة 645) و (المجموع 2/ 525).
وقال عبد الحق: ((قد رُوِي في هذا عن أنس وعبد الله بن عمرو بن العاص وعثمان بن أبي العاص
…
وهي أحاديث معتلة بأسانيد متروكة)) (الأحكام الوسطى 1/ 218).
الثانية: الانقطاع بين الحسن البصري وعثمان بن أبي العاص.
قال الحاكم عقبه: ((هذه سُنة عزيزة، فإنْ سَلِم هذا الإسناد من أبي بلال،
فإنه مرسل صحيح، فإن الحسن لم يسمع من عثمان بن أبي العاص)).
وأقره الذهبي في (التلخيص 1/ 176)، والعيني في (عمدة القاري 5/ 382).
وقال ابن حجر -مبينًا أنه لم يَسْلَم من أبي بلال-: ((قد ضَعَّفه الدَّارَقُطْنِيّ. والحسن عن عثمان بن أبي العاص منقطع)) (التلخيص 1/ 441).
وأقره المباركفوري في (التحفة 1/ 364)، والشوكاني في (نيل الأوطار 2/ 487).
الثالثة: المخالفة، فأبو شهاب - وهو عبد ربه بن نافع الحناط - ((صدوق يهم))، وقد خولف في رفعه عن هشام:
فقد رواه (ابن المنذر 825) عن يحيى الذُّهْلي، عن أحمد بن يونس، عن زائدة بن قدامة، عن هشام، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص -موقوفًا - قال:((تَمْكُثُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)).
هذا هو المحفوظ عن هشام؛ فزائدة ثقة ثبت، والوقف هو المحفوظ عن الحسن أيضًا؛ فقد رواه عبد الرزاق في (مصنفه 1211)، و (الدارمي 990) و (ابن الجارود 118) من طريق محمد بن يوسف. كلاهما عن سفيان الثوري، عن يونس بن عُبَيْد، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، بلفظ:((أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْرَبُ النُّفَسَاءَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)). هكذا موقوفًا.
وهذا من أصح الأسانيد إلى الحسن.
ورواه (الدَّارَقُطْنِيّ 855) من طريق وكيع، حدثنا أبو بكر الهُذَلي، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص:((أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ لِنِسَائِهِ: إِذَا نُفِسَتِ امْرَأَةٌ مِنْكُنَّ فَلا تَقْرَبَنِّي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)).
قال الدَّارَقُطْنِيّ: ((وكذلك رواه أشعث بن سَوَّار، ويونس بن عبيد، وهشام -واختُلف عن هشام- ومبارك بن فَضَالة. رووه عن الحسن، عن عثمان بن أبى العاص، موقوفًا)) (السنن عقب رقم 855).
وأقره البيهقي في (الخلافيات 1058)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 348)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 189).
ولذا قال ابن حجر: ((المشهور عن عثمان موقوف عليه)) (التلخيص 1/ 441). وهو كما قال، وانظر الرواية التالية.
[تنبيه]:
ذَكَر هذا الحديث مغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 188) وقال: ((ذكره أبو أحمد ابن عدي، وقال: لا يصح، فيه أبو بلال وعطاء بن عجلان، وهما متروكان)).
وتبعه بدر الدين العيني فقال: ((ضَعَّفه ابن عدي)) (عمدة القاري 5/ 382).
قلنا: لم نجده في (الكامل) لابن عَدي، والظاهر أن مغلطاي وَهِم، وأنه أراد كلام الدَّارَقُطْنِيّ عقب حديث عثمان من طريق أبي بلال، وحديث عائشة من طريق ابن عجلان، حيث قال:((أبو بلال الأشعري ضعيف، وعطاء هو ابن عجلان متروك)).
وقد سبق، وليس لعطاء بن عجلان ذِكر في حديث عثمان أصلًا.
رِوَايَةُ ((وُقِّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ رضي الله عنه قَالَ: ((وُقِّتَ لِلنُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
[الحكم]:
ضعيف. وضَعَّفه الهيثمي، وصوابه موقوف.
[التخريج]:
[طب (9/ 57/ 8383 واللفظ له، 8384)].
[التحقيق]:
رواه (الطبراني) من طريقين عن الحسن البصري عن عثمان بن أبي العاص، به.
الطريق الأول:
قال الطبراني (8383): حدثنا محمد بن يحيى بن منده الأصبهاني، حدثنا أبو كُرَيْب، حدثنا إسحاق بن سليمان، عن عنبسة، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن
…
به.
وهذا إسناد ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين الحسن وعثمان، كما سبق بيانه.
الثانية: إسماعيل بن مسلم، هو المكي:((ضعيف الحديث)) (التقريب 484).
قال الهيثمي: ((رواه الطبراني في الكبير، وفيه إسماعيل بن مسلم المكي، وهو ضعيف)) (المجمع 1546).
قلنا: وباقي رجال السند ثقات:
فعنبسة هو ابن سعيد بن الضريس الرازي: ((ثقة)) (التقريب 5200).
وإسحاق بن سليمان هو الرازي: ((ثقة)) (التقريب 5200).
وأبو كريب هو محمد بن العلاء: ((ثقة حافظ)) (التقريب 6204).
وقد رواه الدارمي (974) عن جعفر بن عون، عن إسماعيل بن مسلم، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، قال:((وَقتُ النُّفَسَاءِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَإِنْ طَهُرَتْ، وَإِلَّا فَلَا تُجَاوِزُهُ حَتَّى تُصَلِّيَ)). هكذا موقوفًا، وهو الصواب كما سبق.
الطريق الثاني:
قال (الطبراني 8384): حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، حدثنا أبو الربيع الزهراني، حدثنا حبان بن علي، عن أشعث، عن الحسن
…
بنحوه.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: الانقطاع بين الحسن وعثمان. وقد سبق بيان ذلك.
الثانية: ضعف الأشعث، وهو ابن سَوَّار الكِنْدي، قال ابن حجر:((ضعيف)) (التقريب 524).
الثالثة: حبان بن علي العَنَزي، قال ابن حجر:((ضعيف)) (التقريب 1076).
وقد خولف فيه:
فرواه ابن أبي شيبة (17739) عن حفص، عن أشعث، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، أنه قال لنسائه: لا تشرفن لي دون أربعين ليلة في النفاس.
موقوف، وهو الصحيح عن الحسن كما سبق، وهو مع وقفه منقطع أيضًا.
رِوَايَةُ ((نَهَى أَنْ نَقْرَبَ النُّفَسَاءَ
…
)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنِ الحَسَنِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي العَاصِ: أَنَّ امْرَأَتَهُ [لَمَّا تَعَلَّتْ مِنْ نِفَاسِهَا] تَطَيَّبَتْ (تَزَيَّنَتْ) فَأَتَتْ فِرَاشَ عُثْمَانَ، فَقَالَ: إِلَيْكِ عَنِّي؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ((نَهَى أَنْ نَقْرَبَ النُّفَسَاءَ (أَمَرَنَا أَنْ نَعْتَزِلَ النُّفَسَاءَ) حَتَّى يَأْتِيَ لَهَا أَرْبَعُونَ [لَيْلَةً])).
[الحكم]:
ضعيف جدًّا. وأعله: الدَّارَقُطْنِيّ - وأقره البيهقي وابن دقيق ومغلطاي -. وضَعَّفه جدًّا ابن طاهر المقدسي، والغساني. وأشار إلى ضعفه ابن حزم.
[التخريج]:
[عد (5/ 363) "واللفظ له" / قط 854 "والروايتان والزيادتان له" / هقخ 1057].
[السند]:
أخرجه ابن عدي: ثنا أحمد بن صالح أبو العلاء الفارسي بِصُور، ثنا عمار بن رجاء، ثنا القاسم بن الحكم الهمذاني، عن أبي بكر الهُذَلي، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، به.
وأخرجه الدَّارَقُطْنِيّ - ومن طريقه البيهقي - قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل، ثنا يوسف بن موسى، ثنا عمر بن هارون البلخي، عن أبي بكر الهذلي، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ساقط؛ فيه أربع علل:
الأولى: الانقطاع بين الحسن وعثمان، كما سبق.
الثانية: أبو بكر الهُذَلي، وهو ((متروك)) كما في (التقريب 8002).
وبه أعله ابن طاهر المقدسي فقال: ((والهذلي متروك الحديث)) (الذخيرة 1791).
وكذا قال الغساني في (تخريج الأحاديث الضعاف من سنن الدَّارَقُطْنِيّ 154).
الثالثة: في سند ابن عدي: القاسم بن الحكم الهمذاني؛ قال ابن حجر: ((صدوق فيه لِين)) (التقريب 5455).
وقد توبع عند (الدَّارَقُطْنِيّ)، تابعه عمر بن هارون البلخي. ولكنها متابعة لا تساوي شيئًا؛ فعمر ((متروك)) أيضًا. كما في (التقريب 4979).
وقد خولفا فيه، وهذه هي
العلة الرابعة: الإعلال بالوقف؛ فقد رواه (الدَّارَقُطْنِيّ أيضًا) بإسناد صحيح عن وكيع بن الجراح، حدثنا أبو بكر الهذلي، عن الحسن، عن عثمان بن أبي العاص، أنه كان يقول لنسائه:((إِذَا نُفِسَتِ امْرَأَةٌ مِنْكُنَّ فَلَا تَقْرَبَنِّي أَرْبَعِينَ يَوْمًا، إِلَّا أَنْ تَرَى الطُّهْرَ قَبْلَ ذَلِكَ)). هكذا موقوفًا.
وبهذه المخالفة أعله الدَّارَقُطْنِيّ فقال عقبه: ((رَفَعه عمر بن هارون عنه - أي: عن أبي بكر الهذلي- وخالفه وكيع)) (السنن عقب رقم 854).
وأقره البيهقي في (الخلافيات 3/ 413)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 384)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 189).
وبَيَّن الدَّارَقُطْنِيّ ترجيح الموقوف بقوله: ((وكذلك رواه أشعث بن سَوَّار ويونس بن عبيد وهشام. واختُلف عن هشام ومبارك بن فضالة. رووه عن
الحسن عن عثمان بن أبى العاص موقوفًا. وكذلك روى عن عمر وابن عباس وأنس بن مالك
…
وغيرهم من قولهم)) (السنن عقب رقم 855).
ويؤكد هذا أيضًا أن المحفوظ عن الحسن عن عثمان في هذا الحديث الوقف كما سبق بيانه.
والحديث أشار إلى ضعفه ابن حزم في (المحلى 2/ 204).
3462 -
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ مَوْقُوفًا:
◼ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه، قَالَ:((تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، أَوْ نَحْوَهَا)).
[الحكم]:
موقوف صحيح. وصححه مغلطاي، والعيني، والألباني.
[التخريج]:
[مي 977 (واللفظ له)، 980، 981/ ش 17743/ جا 119/ منذ 824/ هق 1630/ هقخ 1075/ صلاة 128، 129/ عبحم 177].
[السند]:
قال الدارمي: أخبرنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهَك، عن ابن عباس، به.
ورواه الباقون -عدا ابن الجارود- من طريق أبي عوانة، به.
وأخرجه ابن الجارود: من طريق هُشيم بن بَشير، عن أبي بشر، به بلفظ:((تُمْسِكُ النُّفَسَاءُ عَنِ الصَّلَاةِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا)).
[التحقيق]:
هذا إسناد صحيح؛ رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأبو بشر هو جعفر بن إياس أبي وحشية. وأبو عوانة هو الوضاح بن عبد الله اليشكري. وهشيم ثقة ثبت، وإن كان يدلس فقد توبع من أبي عوانة. والله أعلم.
ولذا قال مغلطاي: ((ذَكَره الدارمي في مسنده بسند صحيح)) (شرح ابن ماجه 1/ 915).
وقال العيني: ((سنده صحيح)) (عمدة القاري 5/ 382).
وقال الألباني: ((هذا سند صحيح على شرط الستة)) (الثمر المستطاب 1/ 47).
ورواه البيهقي (1631) من طريق ابن مهدي، عن بِشر بن منصور، عن ابن جريج، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:((تَنْتَظِرُ- يَعْنِي النُّفَسَاءَ- سَبْعًا، فَإِنْ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَأَرْبَعَةَ عَشَرَ، فَإِنْ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَوَاحِدَةً وَعِشْرِينَ، فَإِنْ طَهُرَتْ وَإِلَّا فَأَرْبَعِينَ، ثُمَّ تُصَلِّي)).
وإسناده ضعيف بهذا اللفظ؛ رجاله ثقات، غير أن فيه عنعنة ابن جريج، وهو مدلس، بل قال ابن المديني:((لم يَلْقَ عكرمة)) (جامع التحصيل 1/ 229).
ولذا قال الذهبي: ((روى عن عكرمة مولى ابن عباس، ولم يسمع منه)) (تهذيب الكمال 18/ 342).
فهو منقطع جزمًا.