المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌611 - باب الاستحاضة لا تمنع من الصلاة، وتطوع المستحاضة بالغسل عند كل صلاة - ديوان السنة - قسم الطهارة - جـ ٢٧

[عدنان العرعور]

فهرس الكتاب

- ‌601 - بَابٌ فِي الْمَرْأَةِ تَرَى الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ

- ‌602 - بَابُ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً تَيَمَّمَتْ لِلصَّلَاةِ

- ‌603 - بَابُ إِذَا طَهُرَتِ الْحَائِضُ قَبْلَ الغُرُوبِ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ صَلَّتِ الْعَصْرَ. وَإِذَا طَهُرَتْ قَبْلَ الفَجْرِ بِمِقْدَارِ رَكْعَةٍ صَلَّتِ الْعِشَاءَ

- ‌604 - بَابٌ: هَلْ تُصَلِّي الْمَرْأَةُ فِي ثَوْبٍ حَاضَتْ فِيهِ

- ‌605 - بَابُ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَعَلَيْهِ بَعْضُ ثَوْبِ امْرَأَتِهِ الحَائِضِ

- ‌606 - بَابُ إِصَابَةِ ثَوْبِ المُصَلِّي امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ نَائِمَةٌ بِجِوَارِهِ

- ‌607 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي المُصَلِّي يَمَسُّ امْرَأَتَهُ بِيَدَيْهِ وَهِيَ حَائِضٌ

- ‌608 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الْمَلَائِكَةَ لَا تَقْرَبُ الْحَائِضَ

- ‌609 - بَابٌ: هَلْ تَحِيضُ الْحَامِلِ

- ‌أَبْوَابُ الاسْتِحَاضَةِ

- ‌610 - بَابُ المُسْتَحَاضَةِ إِذَا كَانَتْ مُمَيِّزَةً، أوْ كَانَ لَهَا أَيَّامٌ مَعْلُومَةٌ

- ‌611 - بَابُ الاسْتِحَاضَةِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَتَطَوُّعِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌612 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌613 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي الْوُضُوءِ للمُسْتَحَاضَةِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌614 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ

- ‌615 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ لِوَقْتِ كُلِّ صَلَاةٍ

- ‌616 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي جَمْعِ المُسْتَحَاضَةِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ

- ‌617 - بَابُ تَخْيِيرِ المُسْتَحَاضَةِ فِي الجَمْعِ بَيْنَ كُلِّ صَلَاتَيْنِ وَالغُسْلِ لَهُمَا، أَوِ الاغْتِسَالِ مَرَّةً وَاحِدَةً عِنْدَ الطُّهْرِ

- ‌618 - بَابُ مَا جَاءَ فِي البِكْرِ إِذَا ابْتُدِئَتْ مُسْتَحَاضَةً، أَوْ كَانَ لَهَا أَيَّامُ حَيْضٍ فَنَسِيَتْهَا

- ‌619 - بَابُ الْفَرْقِ بَيْنَ دَمِ الحَيْضِ وَدَمِ الاسْتِحَاضَةِ

- ‌620 - بَابُ ذِكْرِ الأَقْرَاءِ، وَمَنْ قَالَ: الأَقْرَاءُ: الحَيْضُ

- ‌621 - بَابُ وَطْءِ المُسْتَحَاضَةِ

- ‌622 - بَابُ مَا رُوِيَ فِي أَنَّ الاسْتِحَاضَةَ مِنَ الشَّيْطَانِ

- ‌623 - بَابُ مَا رُوِيَ فِيمَا تَفْعَلُ المَرْأَةُ إِذَا عَاوَدَهَا الدَّمُ بَعْدَ الطُّهْرِ مِنَ الحَيْضِ

- ‌624 - بَابُ الاعْتِكَافِ لِلمُسْتَحَاضَةِ

- ‌625 - بَابُ الْمُسْتَحَاضَةِ تَطُوفُ بِالْبَيْتِ

- ‌أَبْوَابُ النِّفَاسِ

- ‌626 - بَابُ مَنْ سَمَّى النِّفَاسَ حَيْضًا، وَالحَيْضَ نِفَاسًا

- ‌627 - بَابُ مُدَّةِ النِّفَاسِ

- ‌628 - بَابٌ: هَلْ تَقْرَأُ النُّفَسَاءُ القُرْآنَ

- ‌629 - بَابٌ: إِذَا طَهُرَتِ النُّفَسَاءُ وَلَمْ تَجِدْ مَاءً، تَيَمَّمَتْ لِلصَّلَاةِ

- ‌630 - بَابٌ: هَلْ يَجُوزُ لِلنُّفَسَاءِ أَنْ تَدْخُلَ الحَمَّامَ

الفصل: ‌611 - باب الاستحاضة لا تمنع من الصلاة، وتطوع المستحاضة بالغسل عند كل صلاة

‌611 - بَابُ الاسْتِحَاضَةِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَتَطَوُّعِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ

3384 -

حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي شَأْنِ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ:

◼ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ - خَتَنَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَتَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنَّ هَذَا عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي)).

قَالَتْ عَائِشَةُ: ((فَكَانَتْ [أُمُّ حَبِيبَةَ] 1 تَغْتَسِلُ [لِكُلِّ صَلَاةٍ] 2 [وَتُصَلِّي، وَكَانَتْ تَجْلِسُ] 3 فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ حَتَّى تَعْلُوَ حُمْرَةُ الدَّمِ الْمَاءَ)).

[الحكم]:

متفق عليه (خ، م)، إلا أنه عند البخاري مختصر.

[الفوائد]:

أولًا: اغتسال أم حبيبة لكل صلاة كان تطوعًا منها، ولم تؤمر به.

ففي رواية الليث عند مسلم (334/ 63) والترمذي (130): قال الليث بن سعد: ((لم يَذكر ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَر أم حبيبة بنت جحش أن تغتسل عند كل صلاة، ولكنه شيء فعلته هي)).

وفي روايته أيضًا عند أحمد، قال: قال ابن شهاب: ((لم يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تغتسل عند كل صلاة، إنما فعلته هي)) (المسند 24523).

ص: 151

وسيأتي في رواية لابن عيينة عند إسحاق (567، 2062): ((فكانت تغتسل عند كل صلاة، ولم تقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَمَرها بذلك)).

وما جاء في بعض الروايات من أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بذلك- لا يَثبت.

وسيأتي تخريجها وبيان عللها في (بَاب مَا رُوِيَ فِي اغْتِسَالِ المُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ).

ثانيًا: جاء عند مسلم عقب رواية عمرو بن الحارث عن الزهري- وهي المثبتة آنفًا-: ((قال ابن شهاب: فحدثتُ بذلك أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: ((يرحم الله هندًا، لو سمعت بهذه الفتيا، والله إن كانت لتبكي؛ لأنها كانت لا تصلي)).

[التخريج]:

[خ 327 "مختصرًا، والزيادة الثانية له ولغيره

(1)

" / م (334/ 63)، (334/ 64) "واللفظ له" / د 285، 288، 290، 291/ ت 130/ ن 208، 210، 211، 355/ كن 257، 261، 263/ حم 24523، 25095، 25544 والزيادة الثانية والثالثة له ولغيره/ مي 800 مختصرًا جدًّا، 801 "والزيادة الأولى له" / حب 1346، 1347، 1348/ ك 626، 7101/ عه 980، 983، 935/ طي 1542، 1688/ عل 4410/ حمد 160/ طش 1560/ شف 112/ أم 126، 127/ ثو 135، 137/ حق 568/ طوسي 109 - 111/ فه (2/ 736) / سرج 185، 186/ طح (1/ 99/ 622، 623، 624، 623) / مشكل 2738،

(1)

- وهي زيادة: ((لِكُلِّ صَلَاةٍ))، وهي عند مسلم أيضًا (334/ 63) بلفظ:((عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).

ص: 152

2740، 2741، 2742/ مسن 749 - 752 / حل (9/ 14) / نعيم (طب 429) / هق 1578، 1592، 1658 - 1660، 1663، 818 / هقع 2198، 2199، 2200، 2203 / تمهيد (16/ 66) / سعد (10/ 230) / مبهم (1/ 61) / خطك (1/ 225) / كر (45/ 456) / أسد (7/ 302) / محلى (2/ 164) / سبكي (ص 142، 143) / عروس 1 / إبراهيم 1492/ غسان (3/ 795) / حداد 352/ حمام 97/ إمام (3/ 300)].

[السند]:

قال البخاري: حدثنا إبراهيم بن المنذر، قال: حدثنا معن، قال: حدثني ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن عروة وعن عمرة، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ اسْتُحِيضَتْ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ، فَقَالَ:«هَذَا عِرْقٌ» ، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ.

هكذا مختصرًا، ونحوه عند أبي داود (291).

وكذا رواه الطيالسي (1542، 1688) عن ابن أبي ذئب مختصرًا، ولكن وقع عنده:((أن زينب بنت جحش استحيضت)).

وهو وهم منه، قاله الدَّارَقُطْنِيّ في (العلل 8/ 102)، وأقره ابن رجب في (الفتح 2/ 160).

وهو عند أحمد (25095) وأبي عوانة (983) والطحاوي (622) وغيرهم، من طرق عن ابن أبي ذئب به، أن أم حبيبة

فذكروه مطولًا بنحو المتن المختار، دون ذكر جلوسها في المِركن.

وكذا رواه مسلم (334/ 63) قال: حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، (ح) وحدثنا محمد بن رمح، أخبرنا الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عَنْ

ص: 153

عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: اسْتَفْتَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ! ! فَقَالَ: «إِنَّمَا ذَلِكِ عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي ثُمَّ صَلِّي» فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.

قَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: ((لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ شِهَابٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ أَنْ تَغْتَسِلَ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ فَعَلَتْهُ هِيَ)).

ثم رواه مسلم (334/ 64) قال: حدثنا محمد بن سلمة المرادي، حدثنا عبد الله بن وهب، عن عمرو بن الحارث، عن ابن شهاب، عن عروة بن الزبير وعَمْرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، به كما أثبتناه دون الزيادات.

ورواه مسلم (334)، وأحمد (25544)، والدارمي (801) وغيرهم، من طريق إبراهيم بن سعد.

ورواه مسلم (334)، والحميدي (160)، والشافعي في (الأم 127) من طريق ابن عيينة.

ورواه النسائي (208)، وابن حبان (1348) وغيرهما من طريق الأوزاعي.

ورواه إسحاق (568) من طريق صالح بن أبي الأخضر.

ورواه الحاكم (7101) من طريق عثمان بن عمر التيمي.

ورواه البيهقي (1663) من طريق سليمان بن كثير.

ستتهم: عن ابن شهاب به نحوه، إلا أن سليمان وصالحًا وعثمان جعلوه من رواية الزهري عن عروة فقط كالليث. وجَعَله ابن عيينة وإبراهيم من روايته عن عمرة فقط. وجَمَع بينهما الأوزاعي

(1)

كما جَمَع بينهما

(1)

- وقعت روايته عند ابن حبان مقرونة برواية الليث.

فظاهره أن الليث جمع بينهما أيضًا، وليس كذلك، وإنما حَمَل ابن حبان رواية الليث على رواية الأوزاعي. والمحفوظ عن الليث أنه لم يجمع. وما وقع من الجمع في طبعة المسند القديمة خَطَّأه محققو طبعة الرسالة (24523).

ص: 154

ابن أبي ذئب

(1)

وعمرو بن الحارث.

وهو صحيح من رواية ابن شهاب الزهري عنهما جميعًا. قاله الدَّارَقُطْنِيّ في (العلل 8/ 104)، والبيهقي في (الكبرى عقب رقم 1659) وأقره ابن رجب في (الفتح 2/ 159).

ولكل من ابن عيينة والأوزاعي فيه سياقة أخرى، سيأتي ذكرها قريبًا.

كما أسنده معمر وغيره عن أم حبيبة، وسنذكره فيما بعد.

وللحديث طريق آخر بسياقة أخرى، سنذكرها بعد التنبيهات التالية.

[تنبيهات]:

الأول: اختُلف في اسم المستحاضة المذكورة في هذا الحديث:

فقال الأكثرون في روايتهم: ((أم حبيبة))، وزاد بعضهم:((بنت جحش))، ومنهم من قال:((أم حبيب))، ومنهم من قال:((حبيبة بنت جحش))، قال سفيان:((الذي حفظت أنا: حبيبة بنت جحش. والناس يقولون: أم حبيبة)).

ونَقَل الدَّارَقُطْنِيّ عن الحربي أنه قال: ((إن الصحيح منه قول مَن قال: أم حبيب، بلا هاء، وإن اسمها حبيبة بنت جحش، وهي أخت زينب بنت جحش. وإن مَن قال فيه: أم حبيبة بنت جحش أو زينب، فقد وهم)).

ثم قال الدَّارَقُطْنِيّ: ((وقول إبراهيم صحيح، وكان من أعلم الناس بهذا

(1)

- وقع في روايته عند ابن سعد: ((عروة عن عمرة))، وهو خطأ من النساخ. والله أعلم.

ص: 155

الشأن)) (العلل 8/ 103، 104).

وجَزَم ابن سعد وغيره بمثل ما جزم به الحربي.

ونص كلام الحربي في (مستخرج أبي عوانة 3/ 203)، وفيه نظر يطول ذكره بلا حاجة. وانظر (الفتح لابن رجب 2/ 159 - 163).

الثاني: زعم ابن رجب أنه وقع تسمية المستحاضة عند مسلم مِن رواية ابن عيينة: ((زينب بنت جحش))! (الفتح 2/ 160).

والذي عند مسلم من رواية ابن المثنى عن ابن عيينة: ((أن ابنة جحش)).

وكذا رواه النسائي في (الصغرى 361) عن ابن المثنى. وسياقته ستأتي قريبًا.

نعم، قال الغساني:((وفي بعض النسخ عن أبي العباس الرازي: (أن زينب بنت جحش كانت تستحاض)، وهو وهم، والمستحاضة ليست زينب، وإنما هي أم حبيبة بنت جحش)) (التقييد 3/ 795).

ولا يصح نسبة مثل هذا الوهم لمسلم؛ فهو دائر بين راوي النسخة المذكورة وناسخها، لاسيما وقد رواه النسائي في (الصغرى 215) و (الكبرى 269) عن ابن المثنى، وصرح بأنها ((أم حبيبة بنت جحش))، وكذا رواه الحميدي في (المسند 160) والشافعي في (الأم 126) عن سفيان به:((أن أم حبيبة بنت جحش)).

وجاء عن الحميدي وابن المثنى كليهما عن سفيان بخلاف ذلك. انظر: (المعرفة للفسوي 2/ 736) و (الكفاية للخطيب، ص: 225)، و (تقييد المهمل 3/ 795)، و (الفتح لابن رجب 2/ 161).

ص: 156

الثالث: لم يَذكر مسلم من رواية ابن عيينة سوى عبارة: ((أن ابنة جحش كانت تستحاض سبع سنين))، ثم قال:((بنحو حديثهم))، يعني: حديث الليث وعمرو وإبراهيم. ولفظ ابن عيينة من رواية ابن المثنى عنه فيه لفظة ليست في حديث هؤلاء، بل ولا في حديث الشافعي والحميدي عن ابن عيينة، وقد أعلها غير واحد، وسيأتي تخريجها قريبًا.

الرابع: وقع في بعض نسخ الدرامي: (عن عائشة عن أم حبيبة)، أي أن الحديث من مسند أم حبيبة، والصواب أنه (عن عائشة أن أم حبيبة)، كما هو المحفوظ، وقد جاء على الصواب في طبعة دار التأصيل المعتمدة برقم (800)، والحمد لله.

ص: 157

رِوَايَةُ ((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ - الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - شَكَتْ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الدَّمَ، [-قَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلْآنَ دَمًا -]، فَقَالَ لَهَا [رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم]:((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي [وَصَلِّي])). فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.

[الحكم]:

صحيح (م).

[التخريج]:

[م (334/ 65) "والزيادات له ولغيره"، (334/ 66) "واللفظ له" / د 279/ ن 212، 356/ كن 258/ حم 25859/ عه 986 - 988/ جا 114/ سراج 436/ تمام 763/ هق 1587، 1590، 1591، 1664/ هقع 2181/ هقغ 164/ هقخ 1011/ مسن 753 - 755/ تمهيد (16/ 66) / محلى (2/ 197، 209، 210) / عروس 2/ حبيب 59/ حنائي 81/ حداد 353/ إمام (3/ 302)].

[السند]:

رواه مسلم (334/ 65) قال: حدثنا محمد بن رُمْح، أخبرنا الليث (ح) وحدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا ليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر، عن عِرَاك، عن عروة، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ: إِنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ سَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الدَّمِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ: رَأَيْتُ مِرْكَنَهَا مَلْآنَ دَمًا

الحديث بالزيادات.

ثم رواه مسلم (334/ 66) قال: حدثني موسى بن قريش التميمي، حدثنا إسحاق بن بكر بن مُضَر، حدثني أبي، حدثني جعفر بن ربيعة، عن

ص: 158

عِرَاك بن مالك، عن عروة بن الزبير، عن عائشة، به، دون الزيادات.

[تنبيهان]:

الأول: وقع الحديث عند أبي عوانة (987) من روايته عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن إسحاق بن بكر بن مُضَر، عن أبيه، بسنده، وفيه:((ثُمَّ اغْتَسِلِي عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ))! !

وهذا إن لم يكن وهمًا من النساخ، فقد أخطأ فيه أبو عوانة نفسه!

فالحديث قد رواه أبو نعيم في (المستخرج 755) والبيهقي في (الكبرى 1590) و (الصغرى 164) و (الخلافيات 1011) من طريق أبي يعقوب الأصم، عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، عن إسحاق، به، بلفظ:((فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)).

وكذا رواه موسى بن قريش عن إسحاق -كما سبق عند مسلم-، وتابعه يحيى بن عثمان بن صالح عند البيهقي (1664).

وكذا رواه أبو الأسود بن عبد الجبار، وعبد الله بن يوسف، وعبد الله بن عبد الحكم

(1)

، وعثمان بن صالح، ومروان بن محمد. خمستهم عن بكر بن مُضَر به، وفيه عندهم:((فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ))، كما في مصادر التخريج.

فالأمر بالغسل عند كل صلاة لم يَرِد من هذا الوجه، وإنما ورد من وجوه أخرى معلولة كما سنبينه في بابه.

(1)

- روايته عند أبي نعيم في (المستخرج 754)، وتحرف اسمه في مطبوعته إلى: ((عبد الله بن عبد الحكيم"!

ص: 159

الثاني: الحديث عند تمام في (الفوائد 763) - وعنه الحِنَّائي في (الحنائيات 81) ومن طريقه ابن عساكر (70/ 55) -: ((أن زينب بنت جحش- التي كانت تحت عبد الرحمن بن عوف- استحيضت، فشَكَت ذلك

)) الحديث.

كذا وقع فيه: ((زينب)) وهو خطأ، وقد جاء على هامش مخطوطة الحنائيات -كما ذكره محققه-:((إنما هي أم حبيبة، وليست بزينب)).

قلنا: هو الصواب كما سبق، ولعل الوهم من قِبل لُبابة شيخة تمام أو جدها، فما فوقهما ثقات.

ص: 160

رِوَايَةُ ((فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ، فَدَعِي الصَّلَاةَ

)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَتْ: اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ - وَهِيَ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - سَبْعَ سِنِينَ، فَشَكَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَإِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي)).

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ ثُمَّ تُصَلِّي، وَكَانَتْ تَقْعُدُ فِي مِرْكَنٍ لِأُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حَتَّى إِنَّ حُمْرَةَ الدَّمِ لَتَعْلُو الْمَاءَ.

[الحكم]:

صحيح دون قوله: ((فَإِذَا أَقْبَلَتِ

، وَإِذَا أَدْبَرَتْ))، فشاذ بهذه السياقة.

وأعله: أبو داود والبيهقي وابن عبد البر وابن رجب بأنه غير محفوظ في قصة أم حبيبة، وإنما يصح في قصة فاطمة بنت أبي حبيش.

[التخريج]:

[د عقب رقم 285 "معلقًا مختصرًا" / جه 596 "واللفظ له" / حم 24538/ مي 787، 797/ ك 627/ عه 981/ عل 4405/ ثو 136/ مشكل 2740/ هق 819، 1577/ هقع 2176/ نعيم (طب 429) / محلى (2/ 163) / بشرويه 28].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية التالية.

ص: 161

رِوَايَةُ ((وَلَكِنْ هَذَا عِرْقٌ فَتَقَهُ إِبْلِيسُ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: اسْتُحِيضَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ- امْرَأَةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَهِيَ أُخْتُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ- فَاسْتَفْتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنْ هَذَا عِرْقٌ [فَتَقَهُ إِبْلِيسُ]، فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي، وَإِذَا أَقْبَلَتْ فَاتْرُكِي لَهَا الصَّلَاةَ)).

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ [أُمُّ حَبِيبَةَ] تَغْتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَتُصَلِّي، وَكَانَتْ تَغْتَسِلُ أَحْيَانًا فِي مِرْكَنٍ فِي حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ، وَهِيَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، حَتَّى إِنْ حُمْرَةَ الدَّمِ لَتَعْلُو الْمَاءَ، وَتَخْرُجُ فَتُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَمَا يَمْنَعُهَا ذَلِكَ مِنَ الصَّلَاةِ)).

[الحكم]:

شاذ بهذه السياقة. وقوله: ((فَتَقَهُ إِبْلِيسُ)) منكر.

[التخريج]:

[ن 209 "واللفظ له" / كن 262 / عه 982 / طش 1560 "والزيادتان له ولغيره" / طح (1/ 99/ 621) / مشكل 2739].

[التحقيق]:

رواه أحمد (24538) - ومن طريقه الحاكم (627) -، والدارمي (787)، قالا: أخبرنا أبو المغيرة، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة بن الزبير، وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة، أن عائشة، به، مثل السياقة الأولى.

ووقع عند أحمد ((عن عروة عن عمرة))! وهو خطأ، وقد جاء عند الحاكم على الصواب:((عروة وعمرة)).

ص: 162

وكذا رواه ابن ماجه (596) عن محمد بن يحيى. ورواه أبو نعيم في (الطب 429) من طريق أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة. كلاهما عن أبي المغيرة، به.

وتوبع عليه أبو المغيرة الخولاني:

تابعه الوليد بن مَزْيَد وبِشْر بن بكر وهيثم بن حميد وعمرو بن أبي سلمة

وغيرهم، عن الأوزاعي به، وجعلوه من رواية عروة وعمرة عن عائشة، كما في مصادر التخريج.

ورواه محمد بن كثير ومحمد بن يوسف الفريابي، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة -وحده- عن عائشة، به.

وهذا يدل على خطأ ما رواه أبو يعلى (4405) من طريق هِقْل، عن الأوزاعي، عن الزهري، حدثني عروة بن الزبير، عن عمرة! عن عائشة، به.

وذكر الداراقطني أن هقل بن زياد قد اختُلف عليه في ذلك، وأنه رُوي عنه كما رواه الجماعة عن الأوزاعي، فقال:((عن عروة وعمرة)) (العلل 8/ 102).

فالصواب أنه من رواية الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة، به.

وهذا إسناد قال فيه الحاكم: ((صحيح على شرط الشيخين))، وكذا قال الألباني في (صحيح أبي داود 2/ 56).

وهو كما قالا، غير أن قوله: ((فإذا أقبلت

، وإذا أدبرت)) شاذ.

وقد أعله أبو داود، فقال: ((لم يَذكر هذا الكلام أحد من أصحاب الزهري

ص: 163

غير الأوزاعي. ورواه عن الزهري عمرو بن الحارث، والليث، ويونس، وابن أبي ذئب، ومعمر، وإبراهيم بن سعد، وسليمان بن كثير، وابن إسحاق، وسفيان بن عيينة. ولم يذكروا هذا الكلام، وإنما هذا لفظ حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة)) (السنن عقب رقم 285).

أي: في شأن فاطمة كما سبق، وقد أقره ابن عبد البر في (التمهيد 22/ 105).

وقال البيهقي: ((ذِكر الغسل فى هذا الحديث صحيح. وقوله: ((فَإِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ

وَإِذَا أَدْبَرَتْ)) تَفَرَّد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري. والصحيح أن أم حبيبة كانت معتادة، وأن هذه اللفظة إنما ذكرها هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش)) (السنن الكبرى عقب رقم 1577)، و (المعرفة 2/ 154).

وكذا جزم ابن رجب بتفرد الأوزاعي بذلك اللفظ (الفتح 2/ 169).

وأبى ذلك جماعة آخرون:

واستدلوا بما رواه النسائي في (الصغرى 209) و (الكبرى 262)، والطحاوي في (معاني الآثار 1/ 99) و (المشكل 2739)، عن الربيع بن سليمان بن داود الِجيزي قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: أخبرني النعمان والأوزاعي وأبو معيد

(1)

- وهو حفص بن غيلان-،

(1)

- تحرف في المطبوع من كتابي الطحاوي إلى: (معبد)! ، كما حدث تحريف وتَكرار في متن (المشكل)، فتكرر فيه عبارة:((فَإِذَا أَدْبَرَتِ الْحَيْضَةُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي)) ، ثم قال:((وَإِذَا أَدْبَرَتْ! ! فَاتْرُكِي لَهَا الصَّلَاةَ))، وجاء على الصواب في (شرح معاني الآثار).

ص: 164

عن الزهري قال: أخبرني عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة، به، بلفظ السياقة الثانية، إلا أن النسائي لم يذكر الزيادة، وذكرها الطحاوي.

وتوبع عليه الربيع:

فرواه الطبراني في (مسند الشاميين 1560) عن بكر بن سهل، حدثنا عبد الله بن يوسف، حدثنا الهيثم بن حميد، به، مثله مع الزيادة.

ورواه أبو عوانة (982) عن إسحاق الطحان، عن عبد الله بن يوسف به، إلا أنه لم يَسُقْ متنه، وإنما أحاله على سياقة عمرو بن أبي سلمة، وهي بنحوها دون الزيادة.

ففي هذا الطريق متابعتان للأوزاعي!

وبهما تَعَقب ابن دقيق العيد في (الإمام 3/ 306، 307)، ومغلطاي في (شرح ابن ماجه 3/ 113)، والألباني في (صحيح أبي داود 2/ 56، 58)، على أبي داود في قوله بتفرد الأوزاعي.

كما تعقب ابن التركماني على البيهقي، فقال: ((فظهر من هذا أن النعمان وأبا معيد

(1)

وافقا الأوزاعي على روايته في الإقبال والإدبار. وقد وَثَّق أبو زرعة النعمانَ. وأما أبو معيد حفص بن غيلان، فقد وثقه ابن معين ودُحيم. وقال أبو حاتم:((يُكتب حديثه، ولا يُحتج به))، وقال ابن حبان:((من ثقات أهل الشام وفقهائهم))، وهذا مخالف لقول البيهقي:((قوله: ((إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ وَإِذَا أَدْبَرَتْ))، تَفَرَّد به الأوزاعي من بين ثقات أصحاب الزهري))

(1)

- تحرف في المطبوع هنا وفي الموضع التالي له إلى: (معبد)، ومثله عند الطحاوي في الرواية المذكورة فيما بعد. والمثبت هو الصواب كما سبق.

ص: 165

(الجوهر النقي 1/ 328).

وكذا قال الألباني: ((وهذه متابعات قوية، النعمان بن المنذر وحفص بن غيلان ثقتان، وكذا الراوي عنهما الهيثم بن حميد)) (صحيح أبي داود 2/ 59).

وقال أيضًا: ((وتَرْك الآخرين له من أصحاب الزهري ممن ذكرهم المؤلف -يعني: أبا داود- لا يعله؛ لأنهم نفاة، وهم مُثبِتون)) (صحيح أبي داود 2/ 57، 58).

قلنا: في الاعتداد بهاتين المتابعتين نظر؛ فإنهما لم يَرِدا إلا من طريق الهيثم بن حميد. وهو وإن مشاه أحمد ووثقه ابن معين وغيره، فقد ضَعَّفه أبو مسهر، وقال:((لم يكن من الأثبات، ولا من أهل الحفظ)).

قلنا: يؤيد ذلك أنه زاد في متن الحديث لفظة لم يأتِ بها غيره، حيث قال فيه:((وَلَكِنَّهُ عِرْقٌ فَتَقَهُ إِبْلِيسُ)).

فقوله: ((فَتَقَهُ إِبْلِيسُ)) لم يذكره أحد ممن رواه عن الزهري، ولا ممن رواه عن الأوزاعي سوى الهيثم هذا. ولم تَرِد هذه اللفظة في رواية النسائي، وكأنه حذفها عمدًا، فهي عند الطحاوي بنفس إسناد النسائي، وعند الطبراني من وجه آخر.

ولذا قال عبد الحق الإشبيلي: ((تَفَرَّد هيثم بهذه الزيادة)) (الأحكام الكبرى 1/ 527).

وكذلك زاد في قول عائشة: ((وَتَخْرُجُ فَتُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم).

إِذَنْ، فقد أغرب الهيثم بن حميد بالإسناد والمتن جميعًا. ومثله لا يُقْبَل منه ذلك، لاسيما مع جزم أبي داود بأن الأوزاعي لم يُتابَع على هذا اللفظ.

ص: 166

فالذي نراه عدم ثبوت المتابعة للأوزاعي، وبهذا يَسْلَم كلام أبي داود ومَن تابعه من التعقب. والله أعلم.

ثم إنه قد اختُلف على الأوزاعي في ذكر الإقبال والإدبار.

وإلى هذا أشار البيهقي بقوله: ((وقد رواه بشر بن بكر

(1)

عن الأوزاعي، كما رواه الثقات من أصحاب الزهري في الأمر بالغسل والصلاة فقط)) (المعرفة 2/ 154)، وأسنده في (السنن عقب رقم 1577).

وقد اعتَرض على ذلك ابن التركماني فقال: ((ذَكَر أبو عوانة في صحيحه حديث بشر هذا على موافقة ما رواه الأوزاعي أولًا، بخلاف ما ذكره البيهقي)) (الجوهر النقي 1/ 327).

قلنا: حديث بشر عند أبي عوانة (981) مقرون بحديث عمرو بن أبي سلمة، فلا شك أن أبا عوانة حَمَل لفظ أحدهما على لفظ الآخر، فنظرنا إلى رواية كل منهما منفردة، فوجدنا أنه قد:

رواه المزني في (السنن المأثورة 136)، والبيهقي في (المعرفة 2176) من طريق الشافعي عن عمرو بن أبي سلمة عن الأوزاعي، به، مثل اللفظ المذكور عند أبي عوانة بزيادة الإقبال والإدبار.

بينما رواه الطوسي في (المستخرج 109) من طريق الحسن الجَرَوي وهو ثقة ثبت. ورواه البيهقي في (الكبرى 1578) من طريق سعيد بن عثمان التَّنُوخي وهو صدوق. كلاهما عن بشر بن بكر عن الأوزاعي، به، بلفظ:((إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنْ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ صَلِّي))، ولم يذكر الإقبال

(1)

- تحرف في طبعة قلعجي إلى: ((مَكِّيٍّ))، وجاء على الصواب في السنن.

ص: 167

والإدبار.

فتبين بهذا أن أبا عوانة حَمَل لفظ (بِشْر) على لفظ (عمرو).

وبنحو هذا يجاب عن رواية بشر عند الطحاوي في (المشكل 2740)، على أنه لم يَسُقْ متنه، وإنما أحال على ما قبله.

ومِن تتبع الإحالات وجدنا تفاوتًا كثيرًا، وغالبًا ما يعنون بها أصل الحديث.

وعلى كلٍّ، فلم ينفرد بشر بعدم ذكر الإقبال والإدبار في حديث الأوزاعي، فقد تابعه على ذلك ثقتان آخران:

فرواه النسائي في (الصغرى 208) و (الكبرى 261) من طريق إسماعيل ابن سماعة.

ورواه ابن حبان (1348) من طريق الوليد بن مسلم.

كلاهما من طريق الأوزاعي قال: حدثنا الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة به بلفظ:((إِنَّ هَذِهِ لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنْ هَذَا عِرْقٌ فَاغْتَسِلِي، ثُمَّ صَلِّي))، ولم يذكرا إقبالًا ولا إدبارًا.

فثبت بهذا وجود اختلاف على الأوزاعي في ذكر هذه العبارة.

ويبدو أن الأوزاعي لم يكن يضبط هذا الحديث.

وقد تكلم طائفة في حديثه عن الزهري: فرُوي عن ابن معين أنه قال: ((الأوزاعي فى الزهري ليس بذاك))، وقال يعقوب بن شيبة:((الأوزاعي ثقة ثبت، وفي روايته عن الزهري خاصة شيء))، وقال الجوزجاني:((فأما الأوزاعي فربما يهم عن الزهري)(شرح العلل 2/ 674، 675، 799)، و (تهذيب التهذيب 6/ 241).

ص: 168

[تنبيهات]:

أولًا: بعد أن خَرَّج الحاكم حديث الأوزاعي هذا، قال:((وقد تابع محمد بن عمرو بن علقمة- الأوزاعي على روايته هذه عن الزهري على هذه الألفاظ)).

ثم ساق الحاكم حديث ابن عمرو عن الزهري عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش في شأن استحاضتها، وإحالتها على تمييز الدم بلونه! ! (المستدرك عقب رقم 627).

فأوهم كلامه أن كلًّا من الأوزاعي وابن عمرو قد تابع الآخر، مع أن أحدهما جعله في شأن أم حبيبة، والآخر جعله في شأن فاطمة. فهما حديثان لامرأتين مختلفتين، وبسياقتين مختلفتين أيضًا! !

وإن كان يعني بكلامه أن كلا الحديثين شاهد للآخر! ففيه نظر أيضًا؛ إذ لا يصح الاستشهاد لحديث الأوزاعي بحديث ابن عمرو، ولا العكس؛ لأمرين:

الأول: أن لفظ حديث ابن عمرو صريح في رد فاطمة إلى تمييز الدم باعتبار لونه. بخلاف لفظ حديث الأوزاعي، فليس فيه ذكر للون الدم أصلًا، وإن كان معناه يحتمل الرد إلى التمييز، فهو أيضًا يحتمل الرد إلى العادة، كما بيَّنَّاه تحت حديث فاطمة المخرج فيما سبق.

الثاني: أن حديث ابن عمرو فيه زيادة الوضوء، وليست في حديث الأوزاعي.

هذا فضلًا عن كون أحدهما منكرًا، والآخر شاذًّا، فلا يصح الاستشهاد بحال.

فإن قيل: ألم يقل أبو داود في (السنن عقب رقم 285) عقب إعلاله لحديث الأوزاعي: ((وحديث محمد بن عمرو عن الزهري فيه شيء يقرب من الذي زاد الأوزاعي في حديثه؟ ! )).

ص: 169

قلنا: نعم، ولعل هذا هو الذي أوقع الحاكم فيما وقع فيه.

ومراد أبي داود بهذا أن حديثه فيه شيء قريب من حديث الأوزاعي في المعنى.

وهذا الشيء الذي عناه أبو داود هو -والله أعلم- ما ظهر له من اتفاق السياقتين في رد المستحاضة إلى تمييز الدم.

وهذا وإن كان فيه نظر كما سبق، إلا أنه لم يُرِد بذلك الاستشهاد لحديث الأوزاعي! إذ كيف يكون ذلك وهو يعله؟ ! !

أعله بتفرد الأوزاعي دون بقية أصحاب الزهري. وأعله أيضًا بأن هذا الذي رواه الأوزاعي إنما هو لفظ حديث هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة في قصة فاطمة. أي أن الأوزاعي دخل عليه حديث في حديث!

ثم استأنس أبو داود لذلك بحديث ابن عمرو عن الزهري، وهو في قصة فاطمة، فأبو داود أراد من ذلك تأكيد الوهم في حديث الأوزاعي، لا أن يستشهد له! !

ثم إنه لم يقل: ((إن ابن عمرو تابع الأوزاعي على ألفاظه)) كما قال الحاكم! وإنما قال: ((فيه شيء يقرب منه)) وبين العبارتين فرق واضح.

ثانيًا: روى النسائي في (الصغرى 207، 354) و (الكبرى 260) من طريق سهل بن هاشم، عن الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا أَقْبَلَتِ الْحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ فَاغْتَسِلِي)).

وهذا مختصر، ولم يُسَمِّ فيه المستحاضة. فالظاهر أنه مختصر من حديثنا هذا في قصة أم حبيبة. وهو ما اعتمده المزي في (التحفة 12/ 55) لأن المشهور من رواية الأوزاعي عن الزهري هو حديث عائشة في قصة أم حبيبة.

ص: 170

ولكن يحتمل أيضًا أنه مختصر من حديث عائشة في قصة فاطمة، كما اختصر البخاري رواية زهير عن هشام بنحو هذا (331)، والله أعلم.

ثالثًا: زَعَم الألباني في (صحيح أبي داود 2/ 59) أن ابن عيينة تابع الأوزاعي على هذه الرواية، وأن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم تابع شيخه الزهري أيضًا.

وليس كذلك، فسياقة الأوزاعي غير سياقتيهما. ثم إن سياقتي ابن عيينة وابن حزم صريحتان في الرد إلى العادة، بينما سياقة الأوزاعي عند مَن أعلها صريحة في الرد إلى التمييز. ونرى أنها تحتمل الأمرين كما بيَّنَّاه في غير هذا الموضع.

وعلى كلٍّ، فجميع هذه الروايات غير ثابتة، انظر تحقيق رواية ابن حزم في "بَابِ مَا رُوِيَ فِي أَمْرِ المُسْتَحَاضَةِ لِكُلِّ صَلَاةٍ"، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ )، وتحقيق رواية ابن عيينة، فيما يلي.

ص: 171

رِوَايَةُ ((فَأَمَرَهَا أَنَّ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا وَحَيْضَتِهَا)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ

(1)

بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((لَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ، إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ)) فَأَمَرَهَا أَنَّ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا وَحَيْضَتِهَا، وَتَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.

[الحكم]:

صحيح دون ذكر الأقراء، فبهذا اللفظ أنكره: أحمد، وأبو داود، وأقره ابن عبد البر والبيهقي وابن رجب. وأصل هذه الرواية إنما هو بالشك:((أَقْرَائِهَا أو حَيْضَتِهَا))، والمحفوظ في الحديث منهما لفظ الحيضة.

[التخريج]:

[ن 215، 361 / كن 267 / غسان (3/ 795) مختصرًا / إمام (3/ 302، 303)].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية الأخيرة.

(1)

- وقع عند الغساني في (التقييد 3/ 795): ((أن حبيبة))، وقد سبق التنبيه على ذلك الخلاف. والغريب أنه عنده من طريق النسائي!

ص: 172

رِوَايَةُ ((وَأَمَرَهَا أَنْ تُمْسِكَ مُدَدَ أَقْرَائِهَا أَوْ حَيْضِهَا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم [عَنْ ذَلِكَ] فَقَالَ:((إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَتْ بِالْحَيْضَةِ))، وَأَمَرَهَا أَنْ تُمْسِكَ (تَقْعُدَ) مُدَدَ أَقْرَائِهَا، أَوْ حَيْضِهَا، أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ [مِنْ ذَلِكَ] ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي.

فَكَانَتْ [تَجْلِسُ فِي الْمِرْكَنِ فِيهِ الْمَاءُ حَتَّى يَعْلُوَ الدَّمُ، وَ] تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. وَلَمْ تَقُلْ

(1)

: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا هَكَذَا (بِذَلِكَ).

[الحكم]:

صحيح دون ذكر الأقراء، فقد أنكره أحمد وغيره. وقد سبق عند مسلم من وجه آخر بلفظ:((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ))، فهذا يبين أن الصحيح هنا من اللفظين المذكورين بالشك هو لفظ الحيضة.

[التخريج]:

[حق 567 "والزيادات والروايتان له"، 2062 "واللفظ له"].

[التحقيق]:

انظره عقب الرواية التالية.

(1)

- القائل: ((ولم)) هو ابن عيينة كما صرح به في الرواية التالية لها، إلا أنه نَسب النفي فيها لنفسه، وهنا نَسب النفي لعائشة، وقد علقه أبو داود في (السنن) عن ابن عيينة أنه قال:((ولم يقل: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل))، فالظاهر أنه نَسب النفي هنا للزهري.

ص: 173

رِوَايَةُ ((قَدْرَ أَقْرَائِهَا- أَوْ: حَيْضَتِهَا-)):

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ [أُمَّ حَبِيبَةَ] ابْنَةَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، فَكَانَتْ تَمْكُثُ سَبْعَ سِنِينَ، وَتَجْلِسُ فِي الْمِرْكَنِ [الَّذِي فِيهِ الْمَاءُ] فَيَعْلُوهُ الدَّمُ، فَأَتَتْ (فَسَأَلَتِ) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا [أَوْ حَيْضَتِهَا]، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي.

يَقُول [سُفْيَانُ]: ((لَمْ

(1)

يَأْمُرْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ)).

[الحكم]:

صحيح دون ذكر الأقراء، كسابقه.

[التخريج]:

[عه 985 واللفظ له/ عروس 20 والزيادات والرواية له].

[التحقيق]:

رواه النسائي في (الصغرى 215) و (الكبرى 267) -ومن طريقه الغساني في (التقييد 3/ 795) وابن دقيق في (الإمام 3/ 302) - قال: أخبرنا محمد بن المثنى قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، به بلفظ السياقة الأولى.

ثم أعاده النسائي في (الصغرى 361) قال: أخبرنا أبو موسى قال: حدثنا سفيان به مثله. وأبو موسى هو محمد بن المثنى. وسفيان هو ابن عيينة.

وقد رواه مسلم (334) عن محمد بن المثنى، عن ابن عيينة به، لكنه لم يذكر من الرواية سوى عبارة:((أن ابنة جحش كانت تستحاض سبع سنين))، ثم

(1)

- تحرفت في المطبوع من (المستخرج) إلى: ((تَقُولُ: ثُمَّ يَأْمُرُهَا))!! والمثبت من المرجع الآخر، وهو الصواب. يدل عليه رواية إسحاق السابقة لها.

ص: 174

قال: ((بنحو حديثهم))، يعني: بنحو حديث الليث وعمرو بن الحارث وإبراهيم بن سعد. ولفظ هؤلاء ليس فيه عبارة: ((تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا))، فلا ندري هل مسلم لم يذكره لأجل هذه الزيادة؟ أم سمعه من ابن المثنى كما رواه هؤلاء؟ فإن هذا اللفظ الذي أحال عليه مسلم محفوظ عن ابن عيينة من رواية الحميدي (160)، والشافعي في (الأم 127) و (المسند 112) كما سبق.

ولذا أَعَل أبو داود هذه السياقة التي خرجها النسائي، فقال:((وزاد ابن عيينة في حديث الزهري، عن عمرة، عَنْ عَائِشَةَ: ((أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)). وهذا وهمٌ من ابن عيينة، ليس هذا في حديث الحفاظ عن الزهري، إلا ما ذَكَر سهيل بن أبي صالح. وقد روى الحميدي هذا الحديث عن ابن عيينة، لم يَذكر فيه:(تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا))) (السنن عقب رقم 281).

وكرره أبو داود في موضع آخر، فقال:((وزاد ابن عيينة فيه أيضًا: (أَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)، وهو وهمٌ من ابن عيينة)) (السنن عقب رقم 285).

وأقره ابن عبد البر في (التمهيد 22/ 105)، والبيهقي كما في (مختصر الخلافيات 4/ 278).

وقال الحافظ ابن رجب: ((وكذلك روى ابن عيينة عن الزهري، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا أَنْ تَدَعَ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)). وهو وهمٌ منه أيضًا، قاله الإمام أحمد وأبو داود وغيرهما)) (فتح الباري 2/ 169).

كذا نَسب إعلال هذه الرواية لأحمد أيضًا. ولعله يقصد ما نقلناه عن أحمد في غير هذا الموضع من تخطئته لكل من أطلق على الحيضة قرءًا في

ص: 175

حديث عائشة خاصة؛ لأنها ترى أن الأقراء هي الأطهار. انظر: (المسائل برواية أبي داود ص 253)، و (شرح علل الترمذي 2/ 888، 889)، و (شرح ابن ماجه لمغلطاي 3/ 103، 104).

فإن كان هذا مراده، فغايته أن أحمد يعل لفظة (القرء) في الحديث، وهو ما سنقرره فيما بعد.

وأما إعلال أبي داود فله وجهة غير تلك!

فأبو داود إنما ينكر أن تكون هذه الجملة: ((تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)) محفوظة في حديث الزهري، وإن كان معناها ثابتًا في الحديث من وجه آخر كما سيأتي.

وإنما أنكرها أبو داود من حديث الزهري خاصة؛ لأن الحفاظ من أصحابه لم يذكروها في حديثه، كما أن الحميدي لم يذكرها في روايته عن ابن عيينة.

وخالف الألباني، فصححه في (الإرواء 7/ 199)، وقال:((أعله أبو داود بعلة غير قادحة، أجبت عنها في (صحيح أبي داود))). ثم ذَكَر له شواهد معلولة.

وفي (صحيح أبي داود 2/ 43 - 45) تعقبه بكلام فيه نظر كثير، فمِن ذلك:

أولًا: أنه اعترض على إعلال أبي داود بأن ابن عيينة ثقة حافظ متقن، وأنه تابعه الأوزاعي وأبو بكر بن حزم. (صحيح أبي داود 2/ 43 - 45).

قلنا: فأما حفظ ابن عيينة وإتقانه فأمر معلوم لدى أبي داود، ولكنه كان يخطئ في حديث الزهري، كما قاله أحمد في (العلل 2543)، وانظر (تاريخ ابن معين للدارمي 4، 372)، و (شرح العلل لابن رجب 2/ 674).

ص: 176

وأما رواية الأوزاعي فغير سياقة ابن عيينة، وقد أنكرها أبو داود وغيره كما بيَّنَّاه هناك. وكذلك متابعة أبي بكر بن حزم منكرة، بل فيها مخالفة لرواية ابن عيينة! فراجع تحقيقنا لهاتين الروايتين.

ثانيًا: أنه جعل الشافعي مخالفًا للحُميدي ومتابعًا لابن المثنى، مستندًا إلى روايته عند الطحاوي في (المعاني 1/ 99)، مع أن الطحاوي لم يَسُقْ لفظها كما ذكر الشيخ نفسه!

ثم إن اللفظ الذي أحال عليه الطحاوي موافق للفظ الحميدي!

زد على ذلك أن الطحاوي رواه في (المشكل 2738) بنفس إسناده في (المعاني)، وساق لفظه بموافقة الحميدي. وكذا هو عند الشافعي في (الأم) و (المسند) كما سبق، وكذا في (السنن المأثورة 135).

ثالثًا: أنه لم ينتبه للسقط الواقع في الموضع الثاني من سنن النسائي، فاجتهد في تعيين شيخه، وعَيَّنه بأنه موسى المسروقي! وليس له علاقة بهذا الحديث! وإنما هو أبو موسى محمد بن المثنى نفسه.

رابعًا: أنه جعل محمد بن الصباح متابعًا لابن المثنى.

وهو كذلك إلا في الجمع بين القرء والحيض بالعطف، فإنه مخالف له؛ إذ الصواب في روايته أنها بالشك كما سيأتي.

* ثم ذَكَر الشيخ قول صاحب (عون المعبود 1/ 318): ((ولقائل أن يقول: إن الوهم ليس من ابن عيينة، بل من راويه أبي موسى محمد بن المثنى؛ فهو ذكر هذه الجملة في روايته عن ابن عيينة، وأما الحميدي فلم يذكرها؛ فالقول قول الحميدي)).

قال الألباني: ((فهذا ليس بشيء أيضًا؛ لأنه ظن أنه تفرد به محمد بن

ص: 177

المثنى، وإنما جاءه ذلك من عدم تتبع الروايات والمتابعات)) (صحيح أبي داود 2/ 45).

قلنا: بقية كلام صاحب العون: ((فالقول ما قال الحميدي؛ لأنه أثبت أصحاب ابن عيينة، لازمه تسع عَشْرة سنة. وحاصل الكلام أن جملة ((تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)) ليست بمحفوظة في رواية الزهري، ولم يذكرها أحد من حفاظ أصحاب الزهري غير ابن عيينة، وهو وَهِم فيه)).

كما سبق أن المتابعات التي أشار لها الشيخ، ليس فيها هذه الجملة التي أنكرها، اللهم إلا في رواية ابن الصباح. ومع ذلك ففي روايته مخالفة لرواية ابن المثنى أيضًا.

وإليك البيان:

فقد رواه أبو عوانة (985) عن إبراهيم الحربي.

ورواه مسعود الثقفي في (عروس الأجزاء 20) من طريق أبي العباس السراج.

كلاهما عن محمد بن الصباح، عن سفيان، عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة، بلفظ السياقة الثالثة، وفيها:((تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا))، زاد السراج:((أَوْ حَيْضَتِهَا)).

والسراج هو محمد بن إسحاق الحافظ، محدث خراسان ومُسنِدها، قال الخليلي:((ثقة، متفق عليه، من شرط الصحيح)) (الإرشاد 3/ 828).

وبنحو سياقته عن ابن الصباح رواه إمام آخر عن سفيان:

فرواه ابن راهويه (567، 2062) عن ابن عيينة، عن الزهري، عن عمرة

(1)

(1)

- في الموضع الأول من المسند: ((عن عروة، عن عائشة))، والظاهر أن ((عروة)) محرف من ((عمرة))، بدليل قوله في الموضع الثاني:((أو غيرها))، وكذا في بقية المراجع التي خرجت رواية سفيان:((عن عمرة)).

وذِكر عروة في الإسناد صحيح، لكن من غير رواية سفيان.

وقد جاء في (المعرفة للفسوي 2/ 736): ((قال سفيان: حدثنا الزهري عن عمرة عن عائشة قالت: الأقراء: الأطهار))، وكان سفيان ربما قال فيه: أُراه عن عمرة أو عروة. وربما قال: أُراه عن عمرة. ولا يذكر عروة، ثم أثبت عمرة غير مرة وتَرَك الشك".

ص: 178

أو غيرها، عن عائشة، بلفظ السياقة الثانية، وفيها:((تُمْسِكُ -أَوْ: ((تَقْعُدُ)) - مُدَدَ أَقْرَائِهَا- أَوْ: حَيْضِهَا، أَوْ: مَا شَاءَ اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ-))، وفي آخره: قال سفيان: ((أو نحوه)).

إذن، فرواية ابن المثنى بلفظ:((أَقْرَائِهَا وَحَيْضَتِهَا)) خطأ، وصوابها:((أَقْرَائِهَا- أَوْ حَيْضَتِهَا-))، بالشك بين لفظ القرء والحيض، كما رواه ابن راهويه وابن الصباح.

وفي قول سفيان: ((أو نحوه)) وقبله في السند: ((أو غيرها)) إشارة إلى أنه لم يكن يضبط هذا الحديث؛ ولذا اختُلف عليه في ذكر هذه الجملة وعدم ذكرها!

فذَكَرها ابن راهويه وابن الصباح، وكذلك ابن المثنى -مع ما في روايته من وهم-.

ولم يذكرها الحميدي والشافعي، وهؤلاء جميعًا ثقات. فالحَمْل فيه على ابن عيينة؛ ولذا جزم أبو داود بوهمه في زيادتها، رغم أنه ذكر أن الحميدي لم يروها عنه.

ولكن معنى هذه الجملة ثابت في الحديث من وجه آخر، بلفظ: ((امْكُثِي

ص: 179

قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ))، كذا رواه مسلم (334/ 65) وأبو داود (279) من طريق عِرَاك بن مالك، عن عروة، وقد سبق. فذِكر الأقراء غير محفوظ فيه.

قال البيهقي: ((والصحيح حديث عِرَاك بن مالك عن عروة

وقد تابعه على ذلك جماعة، وليس فيه ذكر الأقراء

وهكذا في سائر الروايات الصحيحة، ليس في شيء منها أنه عَبَّر بالأقراء عن الحيض. والذي رُوِي في ذلك خارج الصحيح فإنما هو من جهة الرواة)) (مختصر الخلافيات 4/ 278).

[تنبيه]:

قال صاحب (عون المعبود 1/ 318) بعد أن ذكر وهم ابن عيينة: ((والمحفوظ في رواية الزهري إنما قوله: ((فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ الْأَيَّامَ كَانَتْ تَقْعُدُ))، ومعنى الجملتين واحد. لكن المُحدِّثين معظم قصدهم إلى ضبط الألفاظ المروية بعينها، فرووها كما سمعوا. وإن اختلطت رواية بعض الحفاظ في بعض ميزوها وبينوها)).

قلنا: هذه العبارة التي ذكر أنها محفوظة عن الزهري- إنما رُويت في قصة فاطمة بنت أبي حبيش، رواها سهيل عن الزهري، وهي رواية معلولة أيضًا! وإن كان معناها ثابتًا من غير رواية الزهري كما بيَّنَّاه في تحقيقنا لها.

ص: 180

3385 -

حَدِيثُ أُمِّ حَبِيبَةَ:

◼ عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ بِنْتِ جَحْشٍ رضي الله عنها، قَالَتْ: اسْتُحِضْتُ سَبْعَ سِنِينَ، فَاشْتَكَيْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((لَيْسَتْ تِلْكَ بِالْحَيْضَةِ، وَلَكِنْ عِرْقٌ، فَاغْتَسِلِي)). فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَكَانَتْ

(1)

تَغْتَسِلُ فِي الْمِرْكَنِ، فَتَرَى صُفْرَةَ الدَّمِ فِي الْمِرْكَنِ)).

[الحكم]:

صحيح المتن. وأما سنده فالمحفوظ أنه من حديث عائشة لا من حديث أم حبيية.

[التخريج]:

[د 289 / حم 27446 "واللفظ له" / عب 1173 / طب (24/ 216/ 550) / حق 569، 2061].

[السند]:

رواه عبد الرزاق - وعنه أحمد وابن راهويه -: عن معمر، عن الزهري، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن أم حبيبة بنت جحش، به.

ورواه الطبراني عن الدبري، عن عبد الرزاق، به.

وتوبع معمر:

فرواه أبو داود من طريق يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات، إلا أن عمرة إنما ترويه (عن عائشة: أن أم حبيبة).

(1)

- في المسند: ((فَكَانَتْ))، والمثبت من المصنف وغيره، وهو أليق بالسياق.

ص: 181

كذا رواه الليث وعمرو بن الحارث وإبراهيم بن سعد وابن أبي ذئب وغيرهم، عن الزهري كما سبق. وكذا ذكره الدَّارَقُطْنِيّ عن معمر كما في (العلل 8/ 101).

وذَكَر البيهقي ما يفيد أن معمرًا ويونس كانا يرويانه هكذا وهكذا، فقال: ((ورواه إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عمرة عن عائشة

وكذلك رواه معمر ويونس وابن عيينة عن الزهري عن عمرة عن عائشة. وربما قال معمر ويونس: عن الزهري عن عمرة عن أم حبيبة)) (السنن الكبرى 1659).

ص: 182

3386 -

حَدِيثُ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ:

◼ عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أَبِي سَلَمَةَ رضي الله عنها: ((أَنَّهَا رَأَتْ زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ - الَّتِي كَانَتْ تَحْتَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - وَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي)).

• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: رَأَيْتُ ابْنَةَ جَحْشٍ وَكَانَتْ مُسْتَحَاضَةً [فَتَغْتَسِلُ فِي الْمِرْكَنِ مَمْلُوءًا مَاءً، ثُمَّ] تَخْرُجُ مِنَ الْمِرْكَنِ وَالدَّمُ عَالِيهِ

(1)

، ثُمَّ تُصَلِّي [وَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ))].

[الحكم]:

صحيح دون تسمية المستحاضة بزينب، فالصحيح أنها أم حبيبة.

[التخريج]:

تخريج السياقة الأولى: [طا 159].

تخريج السياقة الثانية: [مي 927 / ش 1378 "واللفظ له" / حق 1978 "والزيادتان له"، 2064].

[التحقيق]:

رواه مالك عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن زينب بنت أبي سلمة، به، وسمى المستحاضة زينب.

قال ابن عبد البر: ((هكذا رواه يحيى وغيره عن مالك في (الموطأ).

وهو وهمٌ من مالك؛ لأنه لم تكن قط زينب بنت جحش تحت عبد الرحمن

(1)

في مطبوع ابن راهويه: ((قَالِي))، ولعل الصواب:((عالي)) أو ((عاليه)). كما في بقية المراجع. والله أعلم.

ص: 183

ابن عوف، وإنما كانت تحت زيد بن حارثة، ثم كانت تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وإنما التي كانت تحت عبد الرحمن: أم حبيبة بنت جحش.

وكُنَّ ثلاث أخوات: زينب كما ذكرنا، وأم حبيبة تحت عبد الرحمن بن عوف، وحمنة بنت جحش تحت طلحة بن عبيد الله.

وقد قيل: إنهن ثلاثتهن استحضن. وقد قيل: إنهن لم يستحض منهن إلا أم حبيبة وحمنة. والله أعلم)) (الاستذكار 3/ 227، 228).

قلنا: قد رواه أبو مصعب في (موطئه 173) عن مالك به وقال فيه: ((ابنة جحش)).

وكذا رواه ابن أبي شيبة وابن راهويه (2064) عن عبدة بن سليمان.

ورواه الدارمي من طريق حماد بن سلمة، وابن راهويه (1978) من طريق زائدة.

ثلاثتهم: عن هشام، عن أبيه، عن زينب ابنة أم سلمة، به، قالوا فيه:((ابنة جحش)).

وهذا موقوف، إسناده صحيح على شرط الشيخين. والمستحاضة هي أم حبيبة بنت جحش، أخت زينب بنت جحش. وانظر الفتح لابن حجر (1/ 411 - 412).

ص: 184

3387 -

حَدِيثُ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: ((كَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِنْتُ جَحْشٍ تُسْتَحَاضُ، وَهِيَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَتَصُومُ وَتُصَلِّي)).

[الحكم]:

صحيح المتن دون قوله: ((فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ))، وهذا ضعيف لإرساله.

[التخريج]:

[مكة 689].

[السند]:

رواه الفاكهي في (أخبار مكة) قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: ثنا يحيى بن أبي بُكَير قال: ثنا زائدة قال: ثنا أبو إسحاق الشيباني، عن عكرمة، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد رجاله ثقات رجال الصحيح، سوى محمد بن إسماعيل، وهو الصائغ، روى له أبو داود، وهو صدوق.

ولكنه مرسل، فعكرمة لم يَذكر عمن تحمله.

وقد روى أبو داود (309) من طريق علي بن مسهر، عن الشيباني، عن عكرمة قال:((كَانَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ تُسْتَحَاضُ، فَكَانَ زَوْجُهَا يَغْشَاهَا)). وسيأتي في بابه.

وقد سبق في الصحيح (أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي)، دون ذِكر (الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ).

ص: 185

3388 -

حَدِيثُ أَبِي جَعْفَرٍ البَاقِرِ مُرْسَلًا:

◼ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي اسْتُحِضْتُ فِي غَيْرِ قُرْئِي! قَالَ: ((فَاحْتَشِي كُرْسُفًا، فَإِنْ يَعُدْ فَاحْتَشِي كُرْسُفًا، وَصُومِي وَصَلِّي وَاقْضِي مَا عَلَيْكِ)).

[الحكم]:

مرسل ضعيف جدًّا. وأعله بالإرسال ابن رجب.

[التخريج]:

[عب 1199].

[السند]:

أخرجه عبد الرزاق: عن الثوري، عن جابر، عن أبي جعفر، به.

[التحقيق]:

هذا إسناد ضعيف جدًّا؛ فيه علتان:

الأولى: جابر، هو الجُعْفي، وهو متروك متهم، كما تقدم مرارًا.

الثانية: أبو جعفر، هو الباقر، وهو تابعي، فالحديث مرسل.

وبهذا أعله ابن رجب فقال بإثره: "وهذا مرسل"(فتح الباري 2/ 79 - 80).

ص: 186