الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
620 - بَابُ ذِكْرِ الأَقْرَاءِ، وَمَنْ قَالَ: الأَقْرَاءُ: الحَيْضُ
3429 -
حَدِيثُ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ:
◼ عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ حَدَّثَتْهُ: أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَشَكَتْ إِلَيْهِ الدَّمَ، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، فَانْظُرِي إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ فَلَا تُصَلِّي، فَإِذَا مَرَّ قُرْؤُكِ فَتَطَهَّرِي ثُمَّ صَلِّي مَا بَيْنَ القُرْءِ إِلَى القُرْءِ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف بهذا السياق. وأشار إلى نكارته: النسائي. وضَعَّفه: البيهقي، وابن عبد البر، وابن القطان، والمنذري، وابن عبد الهادي، وابن كثير.
بينما صححه ابن حزم، وابن القيم. وهو ظاهر صنيع عبد الحق، وابن دقيق، وابن التركماني.
وصححه الألباني بطرقه وشواهده.
ومعنى الحديث صحيح، إلا أن المحفوظ أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة: ((فَإِذَا أَقْبَلَتْ حَيْضَتُكِ
…
))، ولم يقل:((قُرْؤُكِ))، وإن كان القرء يطلق على الحيض والطهر جميعًا، إلا أن الثقات رووه بلفظ الحيضة لا القرء.
[التخريج]:
[د 280 "واللفظ له" / ن 216، 362، 3579/ كن 268، 5926/
جه 620/ حم 27360، 27630/ هق 1594/ هقع 472/ طحق 1929، 1930/ مشكل 2737، 2736/ مث 3482/ تمهيد (15/ 90)، (16/ 66) / محلى (2/ 163) / كما (28/ 512) / سخ (1/ 67) / حبيب 68].
[السند]:
قال أبو داود: حدثنا عيسى بن حماد، أخبرنا الليث، عن يَزيد بن أبي حبيب، عن بُكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة بن الزبير، أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته، به.
وقد توبع عليه عيسى، تابعه يونس بن محمد ومحمد بن رُمْح وعبد الله بن يوسف
…
وغيرهم.
وخالفهم الوليد بن مسلم، فرواه عن الليث، عن يَزيد، عن عراك بن مالك، عن عروة، عن فاطمة.
ذكره الدَّارَقُطْنِيّ، ثم قال:((وخالفه (الأثبات)
(1)
الحفاظ، فرووه عن الليث، عن يَزيد بن أبي حبيب، عن بُكير بن عبد الله، عن المنذر بن المغيرة، عن عروة، عن فاطمة
…
وهذا هو الصحيح عن الليث)) (العلل 8/ 143).
يعني أن هذا الوجه هو الثابت عن الليث، ولا يعني هذا ثبوت الحديث.
ولم نقف على رواية الوليد المذكورة، فالحديث مداره عندهم على الليث -وهو ابن سعد- عن يَزيد، عن بُكير بن عبد الله، عن المنذر بن
(1)
في المطبوع تبعًا للأصل: "الثبت"، والسياق يقتضي الجمع.
المغيرة، عن عروة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: المنذر بن المغيرة، مجهول، لم يَرْوِ عنه سوى بُكير بن عبد الله بن الأشج.
قال أبو حاتم: ((مجهول، ليس بمشهور)) (جرح 8/ 242).
وقال الذهبي: ((لا يُعْرَف)) (الميزان 4/ 182)، (المغني 6421).
بينما ذكره ابن حبان في (الثقات! 7/ 480) على عادته في توثيق المجاهيل.
واغتر بصنيعه ابن التركماني فقال: ((رجاله ثقات))! ! (الجوهر النقي 7/ 417).
وقال ابن حجر: ((مقبول)) (تقريب 6891) يعني عند المتابعة، وإلا فلَيِّن.
ولم يُتابَع المنذر على هذه السياقة من وجه معتبر، بل الثقات يخالفونه في إسناده ومتنه.
ولذا أشار النسائي إلى نكارة حديثه بقوله: ((قد روى هذا الحديث هشام بن عروة عن عروة، ولم يذكر فيه ما ذكر المنذر)) (الصغرى عقب رقم 216، 362).
وأقره ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 402).
وذكر الألباني أن مراد النسائي بما ذكره المنذر ولم يذكره هشام- هو: ((سماع عروة للحديث من فاطمة)) (صحيح أبي داود 2/ 39).
وهذا وإن لم يذكره هشام فعلًا، إلا أن الظاهر أن النسائي عنى بذلك متن
الحديث لا سنده، أو عناهما معًا، فحَصْره في الإسناد فقط لا دليل عليه.
وقال ابن عبد البر: ((وأما حديث فاطمة بنة أبي حبيش، فلم يَذكر فيه هشام بن عروة من رواية مالك وغيره القرء، إنما قال فيه: ((إِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَدَعِي الصَّلَاةَ))، لم يقل:((إِذَا أَتَاكِ قُرْؤُكِ))، وهشام أحفظ من الذي خالفه في ذلك)) (التمهيد 15/ 98، 99).
وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير صحابية الحديث، فقد روى لها أبو داود والنسائي.
فالحَمْل فيه على المنذر، وقد أعله به كل من ابن عبد الهادي في (التنقيح 1/ 401، 402)، وابن كثير في (التفسير 1/ 609)، والمنذري في (مختصره 1/ 180) -وأقره صاحب (عون المعبود 1/ 317) -، وابن القطان في (بيان الوهم 4/ 132).
ووَهِم ابن القيم فقال -متعقبًا ابن القطان-: ((وقوله: إن المغيرة (! ) جهله أبو حاتم لا يضره ذلك، فإن أبا حاتم الرازي يجهل رجالًا وهم ثقات معروفون، وهو متشدد في الرجال، وقد وَثَّق المغيرة جماعة، وأثنوا عليه وعَرَفوه)) (الحاشية 1/ 323).
وقد تعقبه الألباني بأن صاحب الحديث الذي جَهِله أبو حاتم إنما هو المنذر بن المغيرة، وأن قوله:((وثقه جماعة))! غير صحيح؛ فلم يوثقه غير ابن حبان كما سبق؛ قال: ((وهو معروف بتساهله في التوثيق
…
والحق: أن علة الحديث جهالة المنذر هذا، ولكن لما كان له طرق أخرى وشواهد يأتي ذكرها في الكتاب؛ حكمنا عليه بالصحة، منها: ما عند الحاكم (7102) من طريق أبي قلابة: ثنا أبو عاصم عن عثمان بن الأسود عن ابن أبي مُليكة
…
إلخ))
(صحيح أبي داود 2/ 41).
وتصحيحه له بالطرق والشواهد فيه نظر، ومِن ذلك أن عثمان المذكور من عند الحاكم تَحَرَّف اسمه في المطبوع من المستدرك، وإنما هو عثمان بن سعد الكاتب، وهو ضعيف، وقد اختُلف عليه في متنه أيضًا كما سنبينه عند الكلام على رواية ابن أبي مُليكة.
الثانية: الانقطاع؛ فإن عروة لم يسمع هذه القصة من فاطمة مباشرة، إنما سمعها من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. كذا رواه هشام بن عروة عن أبيه، وهو المحفوظ.
ولذا قال البيهقي مُعلًّا رواية المنذر: ((وفي هذا ما دل على أنه لم يحفظه، وهو سماع عروة من فاطمة بنت أبي حبيش، فقد بَيَّن هشام بن عروة أن أباه إنما سمع قصة فاطمة بنت أبي حبيش من عائشة، وروايته في الإسناد والمتن جميعًا أصح من رواية المنذر بن المغيرة)) (السنن الكبرى عقب رقم 1594).
وكذا قال ابن عبد البر: ((وهو الصواب)) (الاستيعاب 4/ 1892).
وقال ابن القطان: ((وقد يُظَن به السماع منها لحديث
…
المنذر بن المغيرة عن عروة، أن فاطمة بنت أبي حبيش حدثته
…
وهذا لا يصح منه سماعه منها؛ للجهل بحالة المنذر بن المغيرة)) (بيان الوهم والإيهام 2/ 458).
قال ابن حجر: ((والأول هو المشهور))، يعني: رواية هشام. انظر (الإصابة 14/ 100).
بينما تعقب ابن التركماني كلام البيهقي قائلًا: ((رواه هشام عن أبيه عنها، وليس في روايته هذا الحصر الذى ذكره البيهقي، وهو أنه بَيَّن أن أباه إنما
سمع القصة منها، وقد زعم ابن حزم أن عروة أدرك فاطمة، ولم يستبعد أن يسمعه من فاطمة ومن عائشة)) (الجوهر 1/ 332).
مع أن ابن التركماني في موضع سابق من (الجوهر 1/ 326) قد أقر حكم ابن القطان بانقطاعه ما بين عروة وفاطمة! !
وزَعْم ابن حزم المشار إليه هو في (المحلى 2/ 168)، وقد ذكرناه مع كلام ابن القيم في (الحاشية 1/ 323)، والذهبي في (الرد على ابن القطان، ص 28)، وابن دقيق في (الإمام 3/ 190)، ضمن تحقيقنا لرواية ابن علقمة عن الزهري في وصف دم الحيضة بالأسود، فإنهم جميعًا رجحوا أن عروة سمع الحديث من عائشة وفاطمة جميعًا. وانظر ما حررناه هناك.
وقد أعل البيهقي الحديث بعلة أخرى، فقال:((ورواية عِراك بن مالك عن عروة عن عائشة في شأن أم حبيبة- أصح من هذه الرواية)) (السنن الكبرى عقب رقم 1594).
وحديث عراك رواه مسلم وأبو داود وغيرهما من طرق عن الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن جعفر، عن عراك، به، الحديث في شأن أم حبيبة.
فهذا اختلاف آخر على الليث، وكأن البيهقي يعل الحديث بهذا الوجه.
وهذا الوجه خرجه ابن عبد البر في (التمهيد)، وأتبعه برواية المنذر، ثم قال:((لهذا الاختلاف ومثله عن عروة- والله أعلم- ضَعَّف أهل العلم بالحديث ما عدا حديث هشام بن عروة وسليمان بن يسار من أحاديث الحيض والاستحاضة)) (التمهيد 16/ 66، 67).
وكأنه عده اضطرابًا، والذي نراه أن الحديثين محفوظان عن الليث، أحدهما -وهو حديث أم حبيبة- ثابت لصحة إسناده. والآخر -وهو
حديث فاطمة- ضعيف، وعلته المنذر، ومخالفته لهشام بن عروة كما بيَّنَّاه.
وقد صححه ابن حزم في (المحلى 10/ 274) -وأقره ابن التركماني في (الجوهر النقي 7/ 417) -، وصححه عبد الحق الإشبيلي بسكوته عنه في (الأحكام الوسطى 1/ 216)، كما ذكره في (المقدمة، ص 66).
وصححه الألباني بطرقه وشواهده. وفيه نظر كما سبق.
نعم، ذكر الشيخ أنه بمعنى حديث عروة عن عائشة الذي رواه هشام عن أبيه، وهو كذلك، إلا أن حديث هشام بلفظ الحيضة لا بلفظ القرء.
[تنبيه]:
وقع الحديث في أحكام الطحاوي (1929) بلفظ: ((عِرْقٌ يَطْرَأُ))، ولم تَرِد كلمة ((يطرأ)) عند غيره. والأقرب أنها محرفة من كلمة ((فانظري)) كما في بقية المراجع. والله أعلم.
3430 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي شَأْنِ فَاطِمَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبي حُبَيشٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ وَأَرَى الدَّمَ [فَكَيْفَ أُصَلِّي؟ ] 1 فَأَمَرَهَا أَنْ تَقْعُدَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، فَإِذَا كَانَ عِنْدَ طُهْرِهَا اغْتَسَلَتْ، ثُمَّ تَوَضَّأَتْ لِكُلِّ صَلَاةٍ، (فَقَالَ:((اجْلِسِي أَيَّامَ أَقْرَائِكِ، فَإِذَا مَضَيْنَ فَاغْتَسِلِي، [ثُمَّ اطَّهَّرِي لِكُلِّ صَلَاةٍ] 2، ثُمَّ لِيَكُنْ ذَلِكَ الغُسْلُ إِلَى قُرْئِكِ مِنَ الشَّهْرِ الآخَرِ))) وَقَالَ: ((إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ مِنْكِ [وَلَيْسَ دَمًا] 3)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُسْتَحَاضَةِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، فَلْتَنْظُرْ قَدْرَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ لْتَكُفَّ عَنِ الصَّلَاةِ (تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)، فَإِذَا ذَهَبَ أَقْرَاؤُهَا فَلْتَغْتَسِلْ [غُسْلًا وَاحِدًا] وَلْتَتَوَضَّأْ لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
منكر بهذه السياقة. وأنكره: أحمد، والبيهقي، وابن عبد البر. وهو ظاهر صنيع الشافعي أيضًا.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [طب (24/ 361/ 897) "واللفظ له" / طش 2477 "والرواية والزيادة الأولى والثالثة له" / هقخ 1080 "والزيادة الثانية له" / قند 327 مختصرًا].
تخريج السياق الثاني: [سرج 432 "واللفظ له" / طحق 171، 1927، 1928].
[التحقيق]:
رُوِي هذا الحديث بلفظ القرء من عدة طرق، عامتها عن هشام بن عروة. وها
هي:
الطريق الأول:
رواه الطبراني في (الكبير 24/ 361) عن الحسن بن العباس الرازي، ثنا زُنَيْج
(1)
أبو غسان الرازي، ثنا عبد الله، عن ابن مْغَرَاء، ثنا الحجاج بن أرطاة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به، بلفظ السياقة الأولى.
والسند إلى حَجاج فيه لِين، ولكن رُوِي عنه من وجه آخر:
فرواه الطبراني في (مسند الشاميين 2477) من طريق آخر -ضعيف أيضًا-، عن ابن أرطاة، به، إلا أنه لم يذكر فيه الوضوء.
وحَجاج كثير الخطأ، مدلس، وقد عنعن، واختُلف عليه في إسناده:
فرواه البيهقي في (الخلافيات 1080) من طريق خالد بن يزيد السُّلَمي، عن الحَجاج، عن ابن أبي مُليكة، عن عائشة، بنحوه.
وخالد مقبول، وقد توبع، تابعه أبو خالد الأحمر عند البزار (ج 18/ ح 220)، إلا أنه اختصره جدًّا، ولفظه: قال لامرأة مستحاضة: ((اغْتَسِلِي وَتَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
وهذا الطريق ضَعَّفه البيهقي بحَجاج في (السنن الكبرى عقب رقم 1653، 1682).
الطريق الثاني:
رواه السراج في (حديثه 432) قال: ثنا القاسم بن بشر بن معروف، ثنا
(1)
- تحرف في المطبوع إلى: ((رُبَيْح))، والصواب المثبت كما في (المؤتلف والمختلف للدارقطني 2/ 1103).
يحيى بن سُليم الطائفي، ثنا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به، بلفظ السياقة الثانية.
والقاسم ثقة، ويحيى من رجال الصحيح، إلا أنه متكلم في حفظه، والمحفوظ عن هشام بغير هذا اللفظ كما سيأتي.
الطريق الثالث:
رواه الطحاوي في (الأحكام 171، 1927، 1928) من طريق الخَصِيب بن ناصح، وسهل بن بكار، كلاهما عن أبي عَوانة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، به، نحو السياقة الثانية إلا أنه اختصره.
وقد خولف الخصيب وسهل في متنه:
فرواه ابن حبان (1350) عن محمد الخُلْقاني قال: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال: سمعت أبي قال: حدثنا أبو عوانة به بلفظ: ((تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ غُسْلًا وَاحِدًا، ثُمَّ تَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ)). فلم يذكره بلفظ القرء! ورجاله ثقات سوى الخُلْقاني، فلم نجد من وثقه.
الطريق الرابع:
رواه النسفي في (القند 327) من طريق أبي سعيد سعد السمرقندي قال: حدثنا أبو مقاتل وأبو عبد الله نصر بن عبد الملك الإمام العتكي السمرقندي قالا: حدثنا أبو حنيفة رضي الله عنه، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: أَتَتِ امْرَأَةٌ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنِّي أَحِيضُ الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ! ! فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ، ثُمَّ تَوَضَّئِي لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
وأبو سعيد هذا لا تُعْرَف حاله، وهو بهذا اللفظ غير محفوظ عن أبي حنيفة. والمحفوظ عن أبي حنيفة ما:
رواه الطبراني في (الكبير 24/ 360/ 895) من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكَيْن وزُفَر بن الهُذَيْل.
ورواه الطحاوي في (المشكل 2732) و (المعاني 1/ 102/ 637)، والرَّامَهُرْمُزي في (المُحَدِّث الفاصل 230) من طريق أبي عبد الرحمن المقرئ.
ورواه الحسن بن زياد في مسنده كما في (جامع مسانيد أبي حنيفة، للخوارزمي 1/ 267، 268).
أربعتهم عن أبي حنيفة، عن هشام به، بلفظ:((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ حَيْضَتِكِ))، ولفظ المقرئ:((فَإِذَا أَقْبَلَ الحَيْضُ فَدَعِي الصَّلَاةَ)).
فذكروه بلفظ الحيض لا بلفظ القرء. وهذا هو المحفوظ في قصة فاطمة بنت أبي حبيش من حديث عائشة رضي الله عنها، كما رواه الأئمة الثقات من أصحاب هشام بن عروة؛ كمالك والسفيانين والحمادين وزهير وأبي معاوية ومعمر وابن جريج
…
وغيرهم.
وقد رُوِي بلفظ (القرء) من طريق حبيب عن عروة. ومن طريق قَمِير وأم كلثوم عن عائشة. ومن طريق عروة وابن أبي مُلَيْكة عن عائشة. وكلها طرق واهية لا تَثبت كما بيَّنَّاه في موضعه.
وقد روت أم سلمة قصة فاطمة، فوافقت في هذا اللفظ ما هو محفوظ عن عائشة كما رواه الثقات عن هشام.
وإن كان لفظ (القرء) من الألفاظ المشتركة، يطلق على الطهر وعلى الحيض معًا، فلعل مَن ذَكَره في الحديث إنما رواه بالمعنى، ومع ذلك فقد خَطَّأ عدد من الأئمة هذا اللفظ، لاسيما في حديث عائشة؛ لأنها ترى أن القرء هو الطهر، فلا يمكن أن تَروي ما يفيد أنه الحيض وتخالفه.
ولذا لما سئل الإمام أحمد عن حديث عائشة: ((تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا))، قال:((عائشة ترى الأقراء الأطهار، هذا كلام مختلط)) (المسائل برواية أبي داود، ص 253).
وفي سؤالات أبي طالب: قال أحمد: ((هذا خطأ، كل مَن روى ((أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)) فقد أخطأ، عائشة [لا] تَروي عن النبي عليه السلام ((أقرائك))، (وتفتي) بأن الأقراء الأطهار!
…
وأهل الكوفة لا يعرفون إلا قول عبد الله، فجعلوه الأقراء
…
وأما أهل المدينة فلا يقولون: ((الأقراء)) إنما يقولون: ((أيام حيضك))، و:((ما كانت تحبسك حيضتك)). (شرح ابن ماجه لمغلطاي 3/ 103، 104).
وبنى ابن رجب على هذا قاعدة في تضعيف حديث الراوي إذا روى ما يخالف رأيه، ثم قال:((قد ضَعَّف الإمام أحمد وأكثر الحفاظ أحاديث كثيرة بمثل هذا، ومنها: حديث عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للمستحاضة: ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)). قال أحمد: ((كل مَن روى هذا عن عائشة فقد أخطأ؛ لأن عائشة تقول: الأقراء: الأطهار لا الحيض)) (شرح العلل 2/ 888، 889).
وبنفس هذه القاعدة رد الشافعي رواية من روى هذه اللفظة في قصة أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها، من حديث عائشة أيضًا، قال رحمه الله تعالى:((وقد رَوى غير الزهري هذا الحديث ((أن النبي صلى الله عليه وسلم أَمَرها أن تغتسل لكل صلاة))
…
وقد رَوى فيه شيئًا يدل على أن الحديث غلط، قال:((تَتْرُكُ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا))، وعائشة تقول:((الأقراء: الأطهار)) (الأم 2/ 139).
وممن ردها في حديثنا هذا أيضًا: البيهقي وابن عبد البر:
قال ابن عبد البر: ((وأما احتجاجهم بقوله صلى الله عليه وسلم للمستحاضة: ((اقْعُدِي أَيَّامَ
أَقْرَائِكِ))
…
ونحو هذا، فليس فيه حجة؛ لأن الحيض قد يسمى قرءًا، ولسنا ننازعهم في ذلك، ولكنا ننازعهم أن يكون الله عز وجل أراده بقوله:{يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء} .
على أن هذا الحديث قد ضَعَّفه أهل العلم؛ لأنه يُروى عن عائشة، وعائشة لم يُختلَف عنها في أن الأقراء الأطهار، فيَبعد عن عائشة أن تَروي عن النبي عليه السلام أنه قال للمستحاضة:((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ))، وتقول: الأقراء: الأطهار.
فإن صح عن عائشة فهو حجة عليهم؛ لأن عائشة تكون حينئذٍ أخبرت بأن القرء الذي يمنع من الصلاة ليس هو القرء الذي تعتد به من الطلاق. وكفى بتفرقة عائشة بين هذين حجة)) (التمهيد 15/ 98).
وقال البيهقي: ((والذي رُوِي مرفوعًا: ((دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِكِ)) لم يَثبت إسناده. ورُوِي أنه أَمَرها أن تدع الصلاة أيام أقرائها- أو: أيام حيضها، بالشك)) (السنن الصغرى 2782).
وقال أيضًا: ((وقد رُوِي هذا اللفظ الذي احتجوا به في أحاديث ذكرناها في كتاب الحيض، وتلك الأحاديث في نفسها مختلف فيها: فبعض الرواة قال فيها: ((أَيَّامَ أَقْرَائِهَا)) وبعضهم قال فيها: ((أَيَّامَ حَيْضِهَا)) أو ما في معناه. وكل ذلك من جهة الرواة، كل واحد منهم يعبر عنه بما يقع له. والأحاديث الصحاح متفقة على العبارة عنه بأيام الحيض دون لفظ الأقراء)) (السنن الكبرى عقب رقم 15482). وقد تعقبه ابن التركماني بما ورد في الطرق الواهية المشار إليها آنفًا، وبالروايات التي اختلف رواتها فيها كما ذكره البيهقي نفسه، وبالرواية التي ردها الشافعي وغيره في قصة أم حبيبة، ثم قال:((فظهر بهذا أن الأحاديث الصحيحة وقعت بلفظ الأقراء أيضًا))! ! (الجوهر
1/ 349 و 7/ 417).
ولم يصنع ابن التركماني شيئًا! بل إنه خالف في بعض كلامه ما تعقب به على البيهقي في موضع آخر! كما فعل مع حديث أم سلمة.
هذا وقد قال الشنقيطي عن الحديث: ((مِن العلماء مَن ضَعَّفه، ومِنهم مَن صححه، والظاهر أن بعض طرقه لا يقل عن درجة القَبول)) (الأضواء 1/ 102).
ولعله يقصد الطريق الوارد في قصة أم حبيبة، وقد بينا ما فيه عقب تخريجه.
3431 -
حَدِيثُ جَابِرٍ:
◼ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ قَالَتْ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُستَحَاضَةِ، فَقَالَ: ((تَقْعُدُ
(1)
أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ [عِنْدَ] كُلِّ طُهْرٍ، ثُمَّ تَحْتَشِي وَتُصَلِّي (تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي عِنْدَ طُهْرِهَا))).
• وَفِي رِوَايَةٍ 2: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه: أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ المَرْأَةِ المُسْتَحَاضَةِ، كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: ((تَعُدُّ
(2)
(تَقْعُدُ) أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ فِي كُلِّ يَوْمٍ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ
(3)
وَتُصَلِّي)).
• وَفِي رِوَايَةٍ 3: عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: سَأَلَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ رضي الله عنها رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ المُسْتَحَاضَةِ، فَقَالَ:((عُدِّي أَيَّامَ أَقْرَائِكِ))، وَأَمَرَهَا أَنْ تَحْتَشِيَ وَتُصَلِّيَ، وَتَغْتَسِلَ لِكُلِّ طُهْرٍ.
[الحكم]:
إسناده ضعيف. وأنكره: أحمد وأبو حاتم فقالا: ((ليس هذا
(1)
- تحرفت في موضعي المطبوع من الأوسط إلى: ((تَعْتَدُّ))، والمثبت من الصغير وبقية المراجع. وهو في الصغير بنفس إسناد الأوسط الأول!
(2)
- تحرفت في الموضع الثاني من المخلصيات، وفي فوائد الدقاق إلى:((تَعْتَدُّ))، وفي الموضع الأول من المخلصيات -وهو بنفس إسناد الموضع الثاني-:((تَعُدُّ)) كما عند الدارقطني.
(3)
- كذا في جميع المراجع، بالطاء المهملة. ولا يستقيم هذا مع قوله قبلها:((كل يوم))، فهذا يدل على أن صوابها بالإعجام:((ظُهْر)).
وقد ذكر البيهقي في (المعرفة) ما معناه: أن رواة هذا الحديث اختلفوا في إعجام هذه اللفظة، والروايات الأخرى مهملة، فينبغي أن تكون هذه معجمة. وهو ما يدل عليه صنيع ابن دقيق في (الإمام 1/ 330)، بل والبيهقي في (الكبرى 1683).
بشيء))، وخَطَّأ ابن عدي راويه. وقال الدَّارَقُطْنِيّ:((لا يصح))، وقال أبو بكر النيسابوري:((بمثله لا تقوم حجة))، وأقره البيهقي. وقال ابن عبد الهادي:((لا أصل له)).
ولكن مرفوعه صحيح المعنى.
[التخريج]:
تخريج السياق الأول: [ك 7076 والرواية له/ طس 2960 واللفظ له، 7818 والزيادة له ولغيره/ طص 235/ سرج 431/ هق 1605، 1684].
تخريج السياق الثاني: [قط 848 "واللفظ له" / ميمي (209) / مخلص 1046، 2862 / هق 1683 "والرواية له"].
تخريج السياق الثالث: [عل (مط 203)، (خيرة 739) / عد (3/ 103)].
[التحقيق]:
رواه السراج في (حديثه 431) قال: حدثنا وهب بن بقية، حدثنا جعفر بن سليمان الضُّبَعي، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عن جابر، عن فاطمة بنت قيس، به.
ورواه الطبراني في (الأوسط 2960، 7818) و (الصغير 235)، والحاكم (7076)، والبيهقي (1605، 1684) من طرق عن وهب بن بقية، حدثنا جعفر به، بلفظ السياقة الأولى.
والحديث مداره عندهم على جعفر بن سليمان الضبعي به.
قال الطبراني: ((لم يَرْوِ هذا الحديث عن ابن جريج إلا جعفر بن سليمان)).
وقال البيهقي: ((ولا يُعْرَف إلا من جهة جعفر بن سليمان)).
وهو موثق، وقد أخرج له مسلم، وكذلك بقية رجاله.
ولذا قال الهيثمي: ((رجاله رجال الصحيح)) (المجمع 1541).
وقال البوصيري: ((هذا إسناد رجاله ثقات)) (الإتحاف 1/ 405).
قلنا: ومع ذلك فهذا إسناده ضعيف؛ فيه علتان:
الأولى: عنعنة ابن جريج، فهو مدلس مشهور كما ذكرناه في غير موضع، ولم يصرح بسماعه لهذا الخبر.
وكذلك عنعنه أبو الزبير، وبعضهم لا يَقبل عنعنته.
الثانية: تَفَرُّد جعفر بن سليمان الضبعي به عن ابن جريج، وجعفر وإن كان من رجال مسلم ووثقه ابن معين وغيره، إلا أنه قد لَيَّنه جماعة وتكلموا فيه. وقد ذكر غير واحد من النقاد أن في أحاديثه مناكير، كما في (الجرح والتعديل 2/ 481)، و (الميزان 1/ 409 - 411)، و (تهذيب التهذيب 2/ 97).
فمثله لا يَحتمل هذا التفرد، لاسيما وقد اختُلف عليه فيه، بل وخولف فيه ممن هو أوثق منه كما سيأتي.
أولًا- بيان الاختلاف على جعفر:
اختُلف فيه على جعفر على ثلاثة أوجه:
الوجه الأول: رواه وهب بن بقية عنه كما سبق، فجعله من مسند فاطمة
(1)
،
(1)
- وسواء في ذلك من قال: ((عن فاطمة))، ومن قال:((عن جابر أن فاطمة قالت))، وهو الطبراني في (الأوسط 2960)، إلا أن كلمة ((قالت)) سقطت من (الصغير)، فصار:((أن فاطمة سألت))، فيكون بهذا من مسند جابر، ولكنه في (الأوسط) بنفس سند (الصغير)! فيُحمل على سقوطها من الناسخ. والله أعلم.
وقال فيه: ((تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ))، ووهب ثقة من رجال مسلم.
الوجه الثاني: رواه الدَّارَقُطْنِيّ (848) -ومن طريقه البيهقي (1683) - والمخلص (1046، 2862)، وابن أخي ميمي (209) عن عبد الله البغوي، عن قَطَن بن نُسَيْر، نا جعفر بن سليمان، به، بلفظ السياقة الثانية.
فجَعَله من مسند جابر! وجَعَل الاغتسال فيه كل يوم! وهذا منكر لا شك، وقطن متكلم فيه كما في (الجرح 7/ 138)، و (الكامل 1601)، لكنه مُتابَع، فقد قال البيهقي عقب روايته:((وكذلك رواه عبد السلام بن مُطَهَّر، عن جعفر)) (السنن الكبرى عقب رقم 1683).
ولم نقف على رواية ابن مطهر، لكن وجدنا غيره قد تابعه على إسناده دون متنه.
الوجه الثالث: رواه أبو يعلى كما في (المطالب 203)، و (الإتحاف 739) -وعنه ابن عدي (3/ 103) - قال: حدثنا حسن بن عمر بن شقيق، ثنا جعفر بن سليمان، به، بلفظ السياقة الثالثة.
فجعله حسن من مسند جابر أيضًا، إلا أنه جعل الاغتسال فيه لكل طهر كرواية وهب. وحسن صدوق.
فهذا الاختلاف مما يدل على أنه لم يضبط الحديث.
ولذا قال أبو بكر بن إسحاق النيسابوري الفقيه: ((جعفر بن سليمان فيه نظر، ولا يُعْرَف هذا الحديث لابن جريج، ولا لأبي الزبير من وجه غير هذا، وبمثله لا تقوم حجة، واختُلف عليه فيه)).
ذكره البيهقي في (السنن الكبرى عقب رقم 1684) وأقره، بل وصرح بضعفه في (المعرفة 2220).
وعَلَّق ابن التركماني على قوله: ((فيه نظر))، فقال:((أخرج له مسلم في صحيحه، وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، والحاكم في مستدركه، ووثقه ابن معين، وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سألت علي بن المديني عن جعفر بن سليمان الضبعي، فقال: ((ثقة عندنا)) (الجوهر 1/ 356).
قلنا: هو مختلف فيه كما سبق بيانه، ثم إن الثقة قد يخطئ، وقد أخطأ جعفر في هذا الحديث كما ستراه فيما يلي.
ثانيًا- بيان مخالفة جعفر لمن هو أوثق منه:
وقد أشار إلى ذلك الإمام أحمد، وذلك حين سأله ابنه صالح، فقال:((حديث فاطمة بنت أبي حبيش في المستحاضة، رواه أبو الزبير، عن جابر، عن فاطمة بنت قيس في المستحاضة؟ فقال أحمد: ((ليس هذا بشيء)).
ثم روى أحمد عن عبد الرزاق قال: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّ عَائِشَةَ حَدَّثَتْهُ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ أَبِي حُبَيْشٍ جَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَتْ تُسْتَحَاضُ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَطْهُرُ، أَفَأَتْرُكُ الصَّلَاةَ أَبَدًا؟ ! قَالَ:((إِنَّمَا ذَاكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَ بِالحَيْضَةِ، فَإِذَا أَقْبَلَتِ الحَيْضَةُ فَاتْرُكِي الصَّلَاةَ، فَإِذَا ذَهَبَ قَدْرُهَا فَاغْسِلِي عَنْكِ الدَّمَ وَصَلِّي)) (مسائل أحمد برواية صالح 641، 642).
فهذا هو المحفوظ عن ابن جريج سندًا ومتنًا، وكأن أحمد ساقه ليدلل به على نكارة حديث جعفر، وأنه أخطأ فيه على ابن جريج.
ولذا قال أحمد في موضع آخر لما سئل عن حديث جعفر هذا: ((ليس بصحيح
- أو: ليس له أصل-)) (العلل 4122).
وأفصح عن ذلك ابن عدي فقال: ((هذا الحديث لم يُحَدِّث به عن ابن جريج بهذا الإسناد غير جعفر بن سليمان، ويقال: إنه أخطأ فيه، أراد به إسنادًا آخر عن ابن جريج، لعله يرويه عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، فلعل جعفرًا أراد هذا الحديث، فأخطأ عليه فقال: عن أبي الزبير عن جابر)) (الكامل 3/ 103).
قلنا: قوله: ((لعله يرويه عن الزهري)) خطأ؛ فإن ابن جريج يرويه عن هشام عن عروة كما سبق.
وقال الدَّارَقُطْنِيّ أيضًا: ((تَفَرَّد به جعفر بن سليمان، ولا يصح عن ابن جريج عن أبي الزبير، وَهِم فيه، وإنما هي فاطمة بنت أبي حبيش)) (السنن).
قلنا: وهكذا ورد اسمها في (علل ابن أبي حاتم 120) من رواية جعفر! فإنه قال: ((سألت أبي عن حديث رواه جعفر بن سليمان، عن ابن جريج، عن أبي الزبير، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: سَأَلَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ أَبِي حُبَيْشٍ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، المَرْأَةُ المُسْتَحَاضَةُ كَيْفَ تَصْنَعُ؟ قَالَ: ((تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ طُهْرٍ، ثُمَّ تُصَلِّي)).
وهذا غريب جدًّا، ففي جميع المراجع التي أسندت رواية جعفر:((فاطمة بنت قيس))!
فإن لم يكن ما في العلل خطأ من النُّساخ، فلعله سَبْق قلم، لاسيما وقد أنكره أبو حاتم أيضًا فقال:((هذا ليس بشيء)) (العلل 120).
إلا إن كانا يريان أنهما واحد، وأن قيسًا هو نفسه أبو حبيش -كما قاله غير واحد-، ويكون إنكار أبي حاتم للإسناد المذكور عن ابن جريج كما
بَيَّنه ابن عدي.
ولكن عَلَّق ابن عبد الهادي على ما في (العلل) قائلًا: ((وفيه أن التي سألت: فاطمة بنت أبي حبيش -لا بنت قيس، كما تقدم- وهو أشبه، فإن ابنة قيس لا مدخل لها في حديث الاستحاضة، والحديث في الجملة لا أصل له)) (شرح العلل، ص 107).
قلنا: لا شك أنها سُميت في حديث جابر: ((فاطمة بنت قيس)) كذا رواه جعفر، وأنكره عليه جماعة من النقاد كما سبق. فإما أن يقال: هي غير ابنة أبي حبيش، ويكون الإنكار متجهًا. وإما أن يقال: هي هي، ولا يتجه إنكار الاسم وإن اتجه إنكار الإسناد.
ويلاحظ أن بعضهم أنكر إسناده فقط؛ وذلك لأن معناه من رواية وهب وحسن صحيح، فهو يفيد أن المستحاضة تترك الصلاة أيام الحيض المعتادة، ثم تغتسل عند الطهر، وتصلي. وهكذا يفيد حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش كما بيَّنَّاه هناك، إلا أن متن حديث عائشة ورد بلفظ ((الحيضة))، وحديث جابر ورد بلفظ ((القرء))! والأول هو المحفوظ، وإن كان القرء من الألفاظ المشتركة، يطلق على الحيض والطهر جميعًا، ولكنه لم يَثبت في هذا الحديث؛ ولذا لم نصحح المتن. والله أعلم.
3432 -
حَدِيثُ أُمِّ سَلَمَةَ:
◼ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ فَاطِمَةُ [بِنْتُ قَيْسٍ] رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنِّي أُسْتَحَاضُ، فَقَالَ:((لَيْسَ ذَلِكَ بِالحَيْضِ، إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ، لِتَقْعُدْ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ لْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ، وَلْتُصَلِّ)).
[الحكم]:
إسناده ضعيف. والمحفوظ عن أم سلمة في قصة ابنة أبي حبيش، وبغير هذه السياقة.
[التخريج]:
[حم 26593 واللفظ له/ ك 7077 والزيادة له/ طب (23/ 265/ 559)].
[السند]:
رواه أحمد قال: حدثنا سُرَيْج، حدثنا عبد الله- يعني ابن عمر-، عن سالم أبي النضر، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أم سلمة، به.
ورواه الطبراني عن محمد بن العباس المؤدب. ورواه الحاكم من طريق محمد بن إسحاق الصغاني. كلاهما عن سريج به.
[التحقيق]:
هذا إسناده ضعيف؛ فيه: عبد الله بن عمر، أبو عبد الرحمن العُمَري، قال ابن حجر:((ضعيف عابد)) (التقريب).
وبقية رجاله ثقات رجال الشيخين، غير سُرَيج - وهو ابن النعمان - فمن رجال البخاري.
وقد خالفه إسحاق الفَرْوي في متنه:
فرواه البيهقي في (الكبرى 1604) من طريق الفروي عن العُمَري بهذا الإسناد مرفوعًا، بلفظ:((قال في المستحاضة: ((تَنْظُرُ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامِ التِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ، ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي)). خرجناه تحت حديث ابن يسار عن أم سلمة.
والفروي صدوق، كُفَّ فساء حفظه. ويَحتمل أن يكون هذا الاختلاف مِن قِبل العُمَري نفسه؛ فإنه ضعيف كما سبق.
ومع ذلك، قال الألباني:((هذا إسناد صحيح على شرط مسلم! لكن عبد الله بن عمر -وهو العمري- سيئ الحفظ، غير أنه صحيح الحديث في المتابعات)) (صحيح أبي داود 2/ 37).
قلنا: كلا، فليس هو على شرط مسلم؛ لأن العمري إنما روى له مسلم مقرونًا بغيره، وليس له عنده رواية عن أبي النضر.
كما أنه لم يتابع، بل تَفَرَّد بهذا الإسناد والمتن، فلا يُعْرَف عن أبي النضر إلا من روايته، ولا يُحتمل التفرد من مثله.
كما أن حديث أم سلمة إنما هو في فاطمة بنت أبي حبيش كما قاله أيوب عن سليمان بن يسار عن أم سلمة، وشك أيوب في متنه هل هو بلفظ القرء أم الحيض؟ والثاني هو الصحيح كما تَبَيَّن من رواية نافع عن سليمان، وكذا رواه إسحاق الفروي عن العمري بهذا الإسناد كما سبق.
وقد قال الألباني في موضع آخر: ((هذا سند حسن بما قبله)) (الثمر، ص 38).
ويعني بما قبله: طريق ابن يسار عن أم سلمة. وقد أعله الشيخ هنا بالانقطاع خلافًا لصنيعه في أبي داود، حيث رجح وصله، وهو الصحيح كما بيَّنَّاه هناك.
3433 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي شَأْنِ ابْنَةِ غَيْلَانَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ ابْنَةَ غَيْلَانَ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَتْ: إِنِّي لَا أَقْدِرُ عَلَى الطُّهْرِ، أَفَأَترُكُ الصَّلَاةَ؟ فَقَالَ:((لَيْسَتْ تِلْكَ بِالحَيْضَةِ، إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، فَإِذَا ذَهَبَ قُرْءُ الحَيْضِ فَارْتَفِعِي عَنِ الدَّمِ، ثُمَّ اغْتَسِلِي وَصَلِّي)).
[التحقيق]:
إسناده ضعيف جدًّا، وهو حديث معلول.
[التخريج]:
[طس 788 واللفظ له/ صحا 7540].
[السند]:
رواه الطبراني في (الأوسط) -وعنه أبو نعيم في (المعرفة) - قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحُلْواني قال: نا عبد الرحمن بن صالح الأزدي، قال: نا عمرو بن هاشم أبو مالك الجَنْبي، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن مسلم الزهري، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، به.
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ثلاث علل:
الأولى: عمرو بن هاشم، لينوه، واعتمده ابن حجر في (التقريب 5126).
وقد خولف عمرو في سنده ومتنه كما تراه فيما يلي.
الثانية: الإعلال بالإرسال، فقد رواه الدارمي (803) عن أحمد بن خالد الوهبي عن ابن إسحاق عن الزهري عن القاسم مرسلًا: أنها كانت بادية بنت غيلان الثقفية. قاله عقب حديث رواه الدارمي (802) عن الوهبي عن
ابن إسحاق أيضًا، عن الزهري، عن عروة، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتِ اسْتُحِيضَتْ، فَأَمَرَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، بِالغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ))، وانظر (الإصابة 13/ 194/ 11041).
الثالثة: عنعنة ابن إسحاق، وقد كان يدلس.
ولابن إسحاق في هذا الحديث ألوان!
فمرة يرويه عن الزهري عن عروة عن عائشة، أن أم حبيبة بنت جحش كانت استحيضت
…
الحديث كما سبق.
ومرة يرويه عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة! (المسند 27445).
وثالثة يرويه عن الزهري عن القاسم مرسلًا: أنها بادية بنت غيلان!
وفي كل ذلك يقول: أَمَرَهَا بِالغُسْلِ لِكُلِّ صَلَاةٍ! !
وهذا خطأ من ابن إسحاق، خَطَّأه فيه البيهقي وغيره، وأصحاب الزهري لا يرفعونه.
ولذا قال ابن رجب: ((وابن إسحاق في روايته عن الزهري اضطراب كثير، فلا يُحكم بروايته عنه مع مخالفة حفاظ أصحابه)) (فتح الباري 2/ 166 بتصرف).
ورواه ابن إسحاق من وجه رابع، عن ابن القاسم عن أبيه عن عائشة، وسماها سهلة بنت سهيل! ! وهو معلول أيضًا كما سنذكره في موضعه.
3434 -
حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي شَأْنِ أُمِّ حَبِيبَةَ:
◼ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ أُمَّ حَبِيبَةَ
(1)
بِنْتَ جَحْشٍ كَانَتْ تُسْتَحَاضُ سَبْعَ سِنِينَ، فَسَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((لَيْسَتْ بِالحَيْضَةِ، إِنَّمَا هُوَ عِرْقٌ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا وَحَيْضَتِهَا، وَتَغْتَسِلَ وَتُصَلِّيَ)) فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ.
[الحكم]:
صحيح دون ذكر الأقراء. فبهذا اللفظ أنكره: أحمد، وأبو داود - وأقره ابن عبد البر، والبيهقي، وابن رجب -، وأصل هذه الرواية إنما هو بالشك:((أَقْرَائِهَا- أَوْ: حَيْضَتِهَا-))، والمحفوظ في الحديث منهما لفظ (الحيضة).
[التخريج]:
[ن 215، 361/ كن 267/ غسان (3/ 795) مختصرًا/ إمام (3/ 302، 303)].
(1)
- وقع عند الغساني في (التقييد 3/ 795): ((أن حبيبة))، وقد سبق التنبيه على ذلك الخلاف. والغريب أنه عنده من طريق النسائي! ، فلعل سقطت كلمة (أم) من النساخ.
رِوَايَةُ ((وَأَمَرَهَا أَنْ تُمْسِكَ مُدَدَ أَقْرَائِهَا أَوْ حَيْضِهَا أَوْ مَا شَاءَ اللَّهُ)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ بِنْتَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، فَسَأَلَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم [عَنْ ذَلِكَ] فَقَالَ:((إِنَّمَا ذَلِكَ عِرْقٌ، وَلَيْسَتِ بِالحَيْضَةِ)). وَأَمَرَهَا أَنْ تُمْسِكَ (تَقْعُدَ) مُدَدَ أَقْرَائِهَا أَوْ حَيْضِهَا أَوْ مَا شَاءَ اللهُ [مِنْ ذَلِكَ] ثُمَّ تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي.
فَكَانَتْ [تَجْلِسُ فِي الِمرْكَنِ فِيهِ المَاءُ حَتَّى يَعْلُوَ الدَّمُ، وَ] تَغْتَسِلُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ. وَلَمْ تَقُلْ
(1)
: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهَا هَكَذَا (بِذَلِكَ).
[الحكم]:
صحيح دون ذكر (الأقراء) فقد أنكره أحمد وغيره.
وقد سبق عند مسلم من وجه آخر بلفظ: ((امْكُثِي قَدْرَ مَا كَانَتْ تَحْبِسُكِ حَيْضَتُكِ)).
فهذا يبين أن الصحيح هنا من اللفظين المذكورين بالشك هو لفظ الحيضة.
[التخريج]:
[حق 567 والزيادات والروايتان له، 2062 "واللفظ له"].
(1)
- القائل: ((ولم)) هو ابن عيينة كما صرح به في الرواية التالية لها، إلا أنه نسب النفي فيها لنفسه، وهنا نسب النفي لعائشة، وقد علقه أبو داود في (السنن عقب رقم 290) عن ابن عيينة أنه قال:((ولم يقل إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تغتسل))، فالظاهر أنه نسب النفي هنا للزهري.
رِوَايَةُ ((قَدْرَ أَقْرَائِهَا أَوْ حَيْضَتِهَا)):
• وَفِي رِوَايَةٍ: عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ [أُمَّ حَبِيبَةَ] ابْنَةَ جَحْشٍ اسْتُحِيضَتْ، فَكَانَتْ تَمْكُثُ سَبْعَ سِنِينَ وَتَجْلِسُ فِي المِرْكَنِ [الذِي فِيهِ المَاءُ] فَيَعلُوهُ الدَّمُ، فَأَتَتِ (فَسَأَلَتِ) النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَهَا أَنْ تَتْرُكَ الصَّلَاةَ قَدْرَ أَقْرَائِهَا [أَوْ حَيْضَتِهَا]، ثُمَّ تَغْتَسِلُ
(1)
وَتُصَلِّي.
يَقُولُ [سُفْيَانُ]: ((لَمْ
(2)
يَأْمُرْهَا أَنْ تَغْتَسِلَ لِكُلِّ صَلَاةٍ)).
[الحكم]:
صحيح دون ذكر (الأقراء) كسابقه.
[التخريج]:
[عه 985 "واللفظ له" / عروس 20 والزيادات والرواية له].
[التحقيق]:
انظره فيما تقدم تحت (باب الاسْتِحَاضَةِ لَا تَمْنَعُ مِنَ الصَّلَاةِ، وَتَطَوُّعِ المُسْتَحَاضَةِ بِالغُسْلِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ) ضمن روايات حديث عائشة في شأن أم حبيبة، حديث رقم (؟؟؟؟).
(1)
- تحرفت في المطبوع من (المستخرج) إلى: ((تَغْتَسِلِي))!، والمثبت من المرجع الآخر.
(2)
- تحرفت في المطبوع من (المستخرج) إلى: ((تَقُولُ: ثُمَّ يَأْمُرُهَا))!! والمثبت من المرجع الآخر، وهو الصواب، يدل عليه رواية إسحاق السابقة لها.
3435 -
حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو:
◼ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: ((الْمُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ قُرْءٍ إِلَى قُرْءٍ)).
• وَفِي رِوَايَةٍ: ((مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ)).
[الحكم]:
إسناده تالف.
[التخريج]:
[طس 426 "واللفظ له"، 6643/ طص 971/ تمام 579/ عد (10/ 53) "والرواية له وحده"].
[التحقيق]:
مداره عندهم على بقية بن الوليد، وقد اختُلف عليه في سنده ومتنه:
فرواه الطبراني في (الأوسط 426) عن أحمد بن خُلَيْد، وفي (الأوسط 6643) و (الصغير) عن محمد بن جعفر بن سفيان الرقي. كلاهما عن عبيد بن جناد، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن سلمة بن كلثوم، عن الأوزاعي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، به.
وكذا رواه تمام في (الفوائد) من طريق يزيد بن عبد الصمد، ثنا عبيد بن جناد، به.
وهذا إسناد ضعيف؛ لعنعنة بقية. وعبيد بن جناد صدوق، وقد خولف فيه:
فرواه ابن عدي في (الكامل) من طريق كثير بن عبيد المَذْحِجي - وهو ثقة -، قال: حدثنا بقية، عن مقاتل، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده يرفعه قال:((المُسْتَحَاضَةُ تَغْتَسِلُ مِنْ طُهْرٍ إِلَى طُهْرٍ)).
وكثير أثبت من ابن جناد وأعرف ببقية منه، فروايته أَوْلى.
وفيها مقاتل، وهو ابن سليمان، وقد كذبوه وهجروه، كما في (التقريب).
فالإسناد تالف. ويحتمل أن بقية دلس الأول بإسقاط مقاتل؛ فهو مشهور بالتدليس عن الضعفاء، وأنه دلس الثاني بإسقاط سلمة والأوزاعي، فقد كان يُسْقِط مِن الإسناد مَن فوق شيخه، وهو تدليس التسوية. والله أعلم.