المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خبر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد: - رحلة ابن بطوطة ط دار الشرق العربي - جـ ١

[ابن بطوطة]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الاول

- ‌مقدمة

- ‌نقطة البداية

- ‌خبر حاكم تونس

- ‌مدينة الإسكندرية- أبوابها- مرساها:

- ‌قرافة مصر ومزاراتها:

- ‌يوم المحمل:

- ‌قصة خصيب:

- ‌خبر المسجد المقدس

- ‌حكاية أبي يعقوب يوسف المذكور

- ‌خبر جامع بني أمية الكبير:

- ‌حلقات الدرس والمشرفون عليها

- ‌طيبة مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكَرَّم وشَرَّف وعَظَّم:

- ‌مدينة مكة المكرّمة:

- ‌خبر الروضة والقبور التي فيها:

- ‌خبر نقيب الأشراف:

- ‌حكاية اعتبار:

- ‌خبر المشاهد المباركة بالبصرة:

- ‌خبر ملك إيذج وتستر:

- ‌كرامات الشيخ قطب الدين:

- ‌خبر سلطان شيراز:

- ‌بعض المشاهد بشيراز:

- ‌مدينة الكوفة:

- ‌مدينة بغداد:

- ‌خبر قبور الخلفاء ببغداد وقبور بعض العلماء والصالحين فيها:

- ‌خبر سلطان العراقين وخراسان:

- ‌خبر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد:

- ‌مدينة الموصل

- ‌خبر سلطان ماردين في عهد دخولي إليها:

- ‌خبر سلطان اليمن:

- ‌خبر شجر التنبول:

- ‌خبر شجر النارجيل:

- ‌خبر سلطان ظفار:

- ‌خبر الولي لقيناه في الجبل

- ‌خبر سلطان عمان:

- ‌خبر سلطان هرمز:

- ‌خبر سلطان لار:

- ‌خبر سبت العلايا

- ‌خبر الأخية الفتيان:

- ‌خبر سلطان انطالية:

- ‌خبر سلكان أكريدور

- ‌خبر سلطان قُلْ حِصار:

- ‌خبر سلطان لاذق:

- ‌سلطان ميلاس:

- ‌خبر سلطان اللَاّرَنْدَة:

- ‌خبر سلطان بِرْكِي:

- ‌خبر سلطان مغنيسية:

- ‌خبر سطان برغمة

- ‌خبر سلطان بلي كسرى:

- ‌خبر سلكان برصا

- ‌خبر سلكان قصطمونية

- ‌خبر السلطان المعظم محمد أوزْبك خان:

- ‌أخبار الخواتين وترتيبهنّ:

- ‌ذكر سفري إلى مدينة بلغار:

- ‌ذكر أرض الظلمة:

- ‌التوجه إلى القسطنطينية:

- ‌نبذة عن المانستارت بقسطنطينية

- ‌أمير خوارزم:

- ‌غزو التتر لبخارى وتخريبهم لها ولِسواها:

الفصل: ‌خبر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد:

‌خبر المتغلبين على الملك بعد موت السلطان أبي سعيد:

منهم الشيخ حسن ابن عمته الذي ذكرناه آنفاً، تغلب على عراق العرب جميعا ومنهم ابراهيم شاه ابن الأمير سنيته تغلب على الموصل وديار بكر ومنهم الأمير أرتنا تغلب على بلاد التركمان المعروفة أيضا ببلاد الروم ومنهم حسن خواجة بن الدمرطاش بن الجوبان تغلب على تبريز والسلطانية وهمدان وقم وقاشان والري ورامين وفرغان والكرج ومنهم الأمير طغيتمور تغلب على بعض بلاد خراسان ومنهم الأمير حسن بن الأمير غياث الدين تغلب على هراة ومعظم بلاد خراسان ومنهم ملك دينار تغلب على بلاد مكران وبلاد كبج ومنهم محمد شاه بن مظفر تغلب على يزد وكرمان وورقو ومنهم الملك قطب الدين تمهتن تغلب على هرمز وكيش والقطيف والبحرين وقلهات ومنهم السلطان أبو إسحاق الذي تقدم ذكره تغلب على شيراز وأصفهان وملك فارس وذلك مسيرة خمس وأربعين ومنهم السلطان أفراسياب أتابك تغلب على ايذج وغيرها من البلاد وقد تقدم ذكره. ولنعد إلى ما كنا بسبيله، ثم خرجت من بغداد في محلة السطان أبي سعيد وغرضي أن أشاهد ترتيب ملك العراق في رحيله ونزوله وكيفية تنقله وسفره وعادتهم أنهم يرحلون عند طلوع الفجر وينزلون عند الضحى وترتيبهم أنه يأتي كل أمير من الأمراء بعسكره وطبوله وأعلامه فيقف على موضع لا يتعداه قد عين له إما في الميمنة أو الميسرة فإذا توافوا جميعاً وتكاملت صفوفهم ركب الملك وضربت طبول الرحيل وبوقاته وأنفاره وأتى كل أمير منهم فسلم على الملك وعاد إلى موقفه ثم يتقدم أمام الملك الحجاب والنقباء ثم يليهم أهل الطرب وهم نحو المائة رجل عليهم الثياب الحسنة وتحتهم مراكب السلطان وأمام أهل الطرب عشرة من الفرسان قد تقلدوا عشرة من الطبول وخمسة من الفرسان لديهم خمس صرنايات وهي تسمى عندنا بالغيطات فيضربون تلك الأطبال والصرنايات ثم أمسكوا وغنى عشرة آخرون نوبتهم هكذا إلى أن تتم عشر نوبات فعند ذلك يكون النزول ويكون عن يمين السلطان وشماله حين سيره كبار الأمراء وهم نحو خمسين ومن ورائه أصحاب الأعلام والأطبال والأنفار والبوقات ثم مماليك السلطان ثم الأمراء على مراتبهم وكل أمير له أعلام وطبول وبوقات.

ص: 176

ويتولى ترتيب ذلك كله أمير جند وله جماعة كبيرة وعقوبه من تخلف عن التوجه وجماعته أن يؤخذ تماقه فيملأ رملاً ويعلق في عنقه ويمشي على قدميه حتى يبلغ المنزل فيؤتى به إلى الأمير فيبطح على الأرض ويضرب خمساً وعشرين مقرعة على ظهره سواء كان رفيعاً أو وضيعاً لا يحاشون من ذلك أحداً وإذا نزلوا ينزل السلطان ومماليكه في محلة على حدة، وتنزل كل خاتون من خواتينه في محلة على حدة، ولكل واحدة منهم الإمام والمؤذن والقراء والسوّاق وينزل الوزراء والكتاب وأهل الأشغال على حدة، وينزل كل أمير على حدة ويأتون جميعاً إلى الخدمة بعد العصر ويكون انصرافهم بعد العشاء الأخيرة والمشاعل بين أيديهم.

فإذا كان الرحيل ضرب الطبل الكبير ثم يضرب طبل الخاتون الكبرى التي هي الملكة ثم أطبال سائر الخواتين ثم طبل الوزير ثم أطبال الوزراء دفعة واحدة ثم يركب أمير المقدمة في عسكره ثم يتبعه الخواتين ثم أثقال السلطان وزاملته وأثقال الخواتين ثم أمير ثان في عسكر له يمنع الناس من الدخول فيما بين الأثقال والخواتين ثم سائر الناس. وسافرت في هذه المحلة عشرة أيام ثم ذهبت صحبة الأمير علاء الدين محمد إلى بلدة تبريز وكان من الأمراء الكبار والفضلاء فوصلنا بعد عشرة أيام إلى مدينة تبريز ونزلنا بخارجها في موضع يعرف بالشام وهنالك قبر قازان ملك العراق وعليه مدرسة حسنة وزاوية فيها الطعام للوارد والصادر من الخبز واللحم والأرز المطبوخ بالسمن والحلواء وأنزلني الأمير بتلك الزاوية وهي ما بين أنهار متدفقة وأشجار مورقة.

وفي غد ذلك اليوم دخلت المدينة على باب يعرف بباب بغداد ووصلنا إلى سوق عظيمة تعرف بسوق قازان من أحسن أسواق بلاد الدنيا كل صناعة فيها على حدة لا تخالطها أخرى واجتزت بسوق الجوهريين، فحار بصري مما رأيته من أنواع الجواهر وهي بأيدي مماليك حسان الصور عليهم الثياب الفاخرة وأوساطهم مشدودة بمناديل الحرير وهم بين أيدي التجار يعرضون الجواهر على نساء الأتراك وهن يشرينه كثيراً ويتنافسن فيه فرأيت من ذلك كله فتنة يستعاذ الله منها. ودخلنا سوق العنبر والمسك فرأينا مثل ذلك وأعظم ثم وصلنا إلى المسجد الجامع الذي عمره الوزير علي شاه المعروف بجيلان وبخارجه عن يمين مستقبل القبلة مدرسة وعن يساره زاوية وصحنه مفروش

ص: 177

بالمرمر وحيطانه بالقشاني وهو شبه الزليخ ويشقه نهر ماء وبه أنواع الأشجار ودوالي العنب وشجر ياسمين ومن عاداتهم أنهم يقرأون به كل يوم سورة الفتح وسورة عم بعد صلاة العصر في صحن الجامع ويجتمع لذلك أهل المدينة وبتنا ليلة بتبريز ثم وصل بالغد أمر السلطان أبي سعيد إلى الأمير علاء الدين بأن يصل إليه فعدت معه ولم ألق بتبريز أحد من العلماء.

ثم سافرنا إلى أن وصلنا محلة السلطان فأعلمه الأمير المذكور بمكاني وأدخلني عليه فسألني عن بلادي وكساني وأركبني وأعلمه السفير أني أريد السفر إلى الحجاز الشريف فأمر لي بالزاد والركوب في السبيل مع المحمل وكتب لي بذلك إلى أمير بغداد خواجة معروف فعدت إلى بغداد واستوفيت ما أمر لي به السلطان وكان قد بقي لأوان سفر الركب أزيد من شهرين فظهر لي أن أسافر إلى الموصل وديار بكر لأشاهد تلك البلاد وأعود إلى بغداد في حين سفر الركب فأتوجه إلى الحجاز الشريف فخرجت من بغداد إلى منزل على نهر دجيل وهو متفرع عن دجلة فيسقي قرى كثيرة ثم نزلنا بعد يومين بقرية كبيرة تعرف بحربة مخصبة فسيحة ثم رحلنا فنزلنا موضعا على شط دجلة بالقرب من حصن يسمى المعشوق وهو مبني على الدجلة وفي الجهة الشرقة من هذا الحصن مدينة سُرَّ مَنْ رَأَى وتسمى أيضا سامرّا، ويقال لها سام راه، ومعناه بالفارسية طريق سام وراه هو الطريق، وقد استولى الخراب على هذه المدينة فلم يبق منها إلا القليل وهي معتدلة الهواء رائعة الحسن على بلائها ودروس معالمها وفيها أيضا مشهد صاحب الزمان كما بالحلة، ثم سرنا منها مرحلة ووصلنا إلى مدينة تكريت وهي مدينة كبيرة فسيحة الأرجاء مليحة الأسواق الجوامع وأهلها موصوفون بحسن الأخلاق والدجلة في الجهة الشمالية منها ولها قلعة حصينة على شط الدجلة والمدينة عتيقة البناء عليها سور يطيف بها، ثم رحلنا منها مرحلتين ووصلنا قرية تعرف بالعقر على شط الدجلة وبأعلاها ربوة كان بها حصن وبأسلفها الخان المعروف بخان الحديد وله أبراج وبناؤه حافل والقرى والعمارة متصلة من هنالك إلى الموصل، ثم رحلنا ونزلنا موضعا يعرف بالقيارة بمقربة من دجلة وهنالك أرض سوداء فيها عيون تنبع بالقار ويصنع له أحواض ويجتمع فيها فتراه شبه الصلصال على وجه الأرض حالك اللون صقيلاً رطباً وله رائحة

ص: 178

طيبة وحول تلك العيون بركة كبيرة سوداء يعلوها شبه الطحلب الرقيق فتقذفه إلى جوانبها فيصير أيضا قارا وبمقربة م هذا الموضع عين كبيرة فإذا أرادوا نقل القار منها أوقدوا عليها النار فتنشف النار ما هنالك من رطوبة مائية ثم يقطعونه قطعاً وينقلونه وقد تقدم لنا ذكر العين التي بين الكوفة والبصرة على هذا النحو. ثم سافرنا من هذه العيون مرحلتين ووصلنا بعدهما إلى الموصل.

ص: 179