الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة» [ (1) ] ، رواه الشيخان.
وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ودعوت لها في مدّها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم لمكة» ،
- حديث متّفق عليه-
وعن عبد الله بن الفضل بن العباس رضي الله عنهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدعوك لأهل المدينة بمثل مكة» ،
قال عبد الله: إنا لنتعرف ذلك، إنا ليجزئ المدّ عندنا والصاع بمثلي ما يجزئ بمكة، رواه البخاري في تاريخه.
وروى الزبير بن بكار عن إسماعيل بن النعمان قال: «دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لغنم كانت ترعى بالمدينة فقال: «اللهم اجعل نصف أكراشها مثل ميلها بغيرها من البلاد» .
وعن علي بن أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعا لأهل مكة بالبركة وأنا محمد عبدك ورسولك وأنا أدعو لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدّهم مثلما باركت لأهل مكة واجعل مع البركة بركتين» [ (2) ] ، رواه الترمذي وصححه والطبراني برجال الصحيح.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كأن الناس إذا رأوا أول الثّمر جاءوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله- زاد الطبراني: وضعه على عينيه- قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدّنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيّك وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ومثله معه» . قال ثم يدعو أصغر وليد فيعطيه ذلك الثّمر [ (3) ] . رواه مسلم والترمذي والطبراني.
تنبيهات
الأول: اقتضى هذا الحديث تكرير الدعاء بتكرير ظهور الثمرة والإتيان بأولها.
الثاني: تكرير دعائه صلى الله عليه وسلم بتحبيبه المدينة، والظاهر أن الإجابة حصلت بالأول والتكرير لطلب المزيد.
الثالث: الوباء عموم الأمراض، وهو أعم من الطاعون، ولا يعارض قدومهم المدينة- وهي وبيئة- نهيه صلى الله عليه وسلم عن القدوم على الطاعون، لأن ذلك كان قبل النهي، أو أن النّهي يختصّ بالطاعون ونحوه من الموت الذّريع، لا المرض ولو عمّ.
الرابع: هذه البركة المذكورة في الحديث في أمر الدين والدنيا، لأنها النّماء والزيادة،
[ (1) ] أخرجه البخاري 3/ 29 (دار الفكر) ومسلم (994) .
[ (2) ] ذكره الهيثمي في المجمع 3/ 308 وعزاه للطبراني في الأوسط وقال: ورجاله رجال الصحيح.
[ (3) ] أخرجه مسلم 2/ 1000 (473- 1373) وأخرجه الترمذي 5/ 472 (3454) .
فالبركة حاصلة لها في نفس الكيل، بحيث يكفي المدّ بها من لا يكفيه بغيرها، وهذا أمر محسوس لمن سكنها.
الخامس: تحويل الوباء عن المدينة من أعظم المعجزات إذ لا يقدر عليه جميع الأطباء، قال النووي: وهذا علم من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم، فإن الجحفة من يومئذ وبيئة ولا يشرب أحد من مائها إلا حمّ، وقال الخطّابي: كان أهل الجحفة إذ ذاك يهودا.
السادس: في بيان غريب ما سبق:
«الجدر» : جمع جدار ككتاب وكتب، والجدار الحائط.
«الدّوحات» [ (1) ] : بالدال والحاء المهملتين: جمع دوحة مثل تمرة وتمرات، والدّوحة الشجرة العظيمة.
«الدّرجات» : جمع درجة وهي هنا الطّرق.
«الأرواح» : جمع ريح بمعنى رائحة وهي عرض يدرك بحاسة الشّمّ.
«أوضع راحلته» [ (2) ] : أوضع بالضاد المعجمة والعين المهملة، أي حثّها على السرعة.
«القرار» : بالقاف: المستقرّ من الأرض.
«بطحان» : بضم الموحّدة فسكون الطاء المهملة وقيل بفتح أوله وكسر ثانيه: واد من أودية المدينة. روى ابن شبّة والبزّار عن عائشة رضي الله عنها مرفوعاً أن بطحان على ترعة من ترع الجنّة.
«نجلا» [ (3) ] : بفتح النون وسكون الجيم أي أن واديها كان نزّا. قال: النّجل: الماء حين يسيل، وفسّره البخاري ماء آجنا. قال القاضي:«وهو خطأ» ، وقال الحافظ:«وليس كما قال فإن عائشة قالت ذلك في مقام التعليل لكون المدينة كانت وبيئة، ولا شك أن النّجل إذا فسّر بكونه الماء الحاصل من النّزّ، فهو بصدد أن يتغيّر، وإذا تغيّر كان استعماله مما يحدث الوباء في العادة» .
«وعك» : الوعك بفتح الواو وسكون العين المهملة الحمّى.
[ (1) ] الدّوح: البيت الضخم الكبير من الشجر، والدوحة: الشجرة العظيمة المتشعبة ذات الفروع الممتدة من شجرها الوسيط 1/ 302.
[ (2) ] أوضع بين القوم: أمسد، وأوضع في الشرأ سرع فيه، وأوضع الراكب الدّابة: حملها على السير السريع. الوسيط 2/ 1039.
[ (3) ] النجل: الماء السائل، والنجل: الماء استنقع والولد والنز والجمع الكثير من الناس والمحجة والواضحة، ويقال: استنجل الموضع: أي كثر به النجل وهو الماء يظهر من الأرض. انظر اللسان 6/ 4356.
«كيف تجدك» : أي تجد نفسك أو جسدك «مصبّح» : بميم مضمومة وصاد مهملة فموحّدة، وزن محمّد، أي مصاب بالموت صباحا، وقيل: المراد يقال صبّحك الله بالخير، وقد يفجأه الموت في بقية النهار وهو مقيم بأهله، ويروى بالخاء المعجمة وهو أيضا مكان بمكة.
«شراك النّعل» : بكسر الشين المعجمة وتخفيف الراء: السير الذي يكون في وجه النّعل، والمعنى أن الموت أقرب إلى الشخص من شراك نعله برجله.
«بطوقه» [ (1) ] : الطّوق هنا الطاقة والعدّة.
«الرّوق» بالراء والقاف: القرن.
«عقيرته» : أي صوته، قال الأصمعي: إن رجلا عقرت رجله فرفعها على الأخرى وجعل يصيح فصار كل من رفع صوته يقال رفع عقيرته وإن لم يرفع رجله، قال ثعلب: وهذا من الأسماء التي استعملت على غير أصلها.
«بواد» : أي بوادي مكة.
«الإذخر» [ (2) ] : بكسر الهمزة والخاء المعجمة بينهما ذال معجمة: نبت طيّب الرائحة.
«جليل» : بالجيم واللام: والثّمام بضم الثاء المثلثة: نبت ضعيف له خوص أو ما يشبهه.
«مجنّة» : بكسر الميم وفتحها: سوق بأسفل مكة.
«يبدون» : أي يظهرن.
«شامة» : بالشين المعجمة «وطفيل» بطاء مهملة مفتوحة وفاء مكسورة فمثناة تحتية:
جبلان. قال البكري: جبلان مشرفان على مجنّة على بريد من مكة.
«يهذون» : بالذال المعجمة: يخلطون ويتكلمون بما لا ينبغي.
«مهيعة» [ (3) ] : بفتح الميم وسكون الهاء وفتح المثنّاة التحتية والعين المهملة.
«الجحفة» : بجيم مضمومة فحاء مهملة ساكنة ففاء مفتوحة: قرية جامعة لأن السيول اجتحفتها.
[ (1) ] يقال: هو في طوقي أي في وسعي قال الليث: الطوق مصدر من الطاقة وأنشد
كل امرئ مجاهد بطوقه
…
والثور يحمي أنفه بروقه
اللسان 4/ 2725.
[ (2) ] انظر اللسان 2/ 1490.
[ (3) ] انظر الوسيط 2/ 1003.
«ثائرة الرأس» : بالمثلثة: منتشرة شعر الرأس.
«ملبّبة» [ (1) ] : بضم الميم وفتح اللام والموحدة الأولى المشددة وتخفيف الثانية، يقال:
لبّبته بالتشديد إذا جمعت ثيابه عند نحره ثم جررته.
«خمّ» : بخاء معجمة مضمومة فميم مشدّدة: غدير على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق.
«جهدوا» : بالضم مبني للمفعول: أي حصل لهم الجهد وهو بالفتح المشقّة فتجشّم المسلمون القيام أي تكلّفوه.
«التماس الفضل» : أي طلبه.
«الأكراش» [ (2) ] : جمع كرش بكسر الكاف يذكّر ويؤنّث وهو لذي الخفّ والظّلف كالمعدة للإنسان.
[ (1) ] انظر اللسان 5/ 3982.
[ (2) ] انظر المصباح المنير 530، 531.