الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الدِّمَشْقِيُّ، وَاقفُ مَدْرَسَةِ الأَطبَّاء بِدَرْبِ العَمِيدِ.
وُلِدَ: سَنَةَ نَيِّفٍ وَسِتِّيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَلَهُ تَصَانِيْفُ وَمَقَالَةٌ فِي الاسْتفرَاغِ، انتهَتْ إِلَيْهِ رِئَاسَةُ الصِّنَاعَةِ، وَحَظِيَ عِنْدَ المُلُوْكِ، وَنَالَ دُنْيَا عَرِيضَةً، وَنَسخَ بِخَطِّهِ (المَنْسُوْبَ) أَزْيَدَ مِنْ مائَةِ مُجَلَّدٍ، وَأَخَذَ العَرَبِيَّةَ عَنِ الكِنْدِيِّ، وَالعلاجَ عَنِ الرَّضِيِّ الرَّحْبِيِّ، وَالمُوَفَّقِ ابْنِ المَطَرَانِ، وَالفَخْرِ المَارْدِيْنِيِّ، وَخدمَ العَادلَ، وَالوَزِيْرَ ابْنَ شُكْرٍ، وَحصَّلَ مِنَ العَادلِ فِي مرضَةٍ حَادَّةٍ سَبْعَةَ آلَافِ دِيْنَارٍ مِصْرِيَّةٍ، وَحَصَلَ لَهُ مِنْ وَلدِهِ الكَامِلِ أزْيَدَ مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ دِيْنَارٍ سِوَى الخِلَعِ وَالبغلَاتِ، وَوَلِيَ رِئَاسَةَ الإِقْلِيْمَيْنِ، وَكَانَ خَبِيْراً بِكُلِّ مَا يُشرَحُ عَلَيْهِ، وَلَازَمَ السَّيْفَ الآمِدِيَّ فِي العَقْلِيَّاتِ، وَنظرَ فِي الرِّيَاضِي، ثُمَّ عرضَ لَهُ اسْترخَاءٌ وَثِقَلُ لِسَانٍ، فَسَاس نَفْسَهُ، وَاسْتَعْمَلَ المَعَاجِينَ، فَعَرضَتْ لَهُ حُمَّى قَوِيَّةٌ زَلْزَلَتْ قوَاهُ، وَأُسْكِتَ أَشهُراً، وَذَهَبَتْ عَينُهُ، ثُمَّ مَاتَ فِي صَفَرٍ، سَنَةَ ثَمَانٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَدُفِنَ بِقَاسِيُوْنَ.
194 - أَبُو مُوْسَى ابْنُ الحَافِظِ عَبْدُ اللهِ بنُ عَبْدِ الغَنِيِّ الجَمَّاعِيْليُّ *
الشَّيْخُ، الإِمَامُ، العَالِمُ، المُحَدِّثُ، الحَافِظُ المُفِيْدُ، المُذَكِّرُ، جَمَالُ الدِّيْنِ، أَبُو مُوْسَى عَبْدُ اللهِ ابْنُ الحَافِظِ الكَبِيْرِ عَبْدِ الغَنِيِّ بنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ عَلِيِّ بنِ سُرُوْرٍ الجَمَّاعِيْليُّ، المَقْدِسِيُّ، ثُمَّ الدِّمَشْقِيُّ، الصَّالِحيُّ، الحَنْبَلِيُّ.
(*) مرآة الزمان: 8 / 675، وتكملة المنذري: 3 / الترجمة 2416، وذيل الروضتين لأبي شامة: 161، وتاريخ الإسلام، الورقة 79 - 80 (أيا صوفيا 3012)، وتذكرة الحفاظ: 4 / 1408 - 1410، والعبر: 5 / 114 - 115، ونثر الجمان للفيومي، 2 / الورقة 43، والبداية والنهاية: 13 / 133، والذيل لابن رجب: 2 / 185 - 187، وذيل التقييد للفاسي، الورقة 173، والنجوم الزاهرة: 6 / 279، وشذرات الذهب: 5 / 131.
وُلِدَ: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى وَثَمَانِيْنَ وَخَمْسِ مائَةٍ.
وَسَمِعَ مِنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ عَلِيِّ بنِ الخِرَقِيِّ، وَإِسْمَاعِيْلِ الجَنْزَوِيِّ، وَبَرَكَاتٍ الخُشُوْعِيِّ.
وَرَحَلَ بِهِ أَخُوْهُ عِزُّ الدِّيْنِ مُحَمَّدٌ، فَسَمِعَ بِبَغْدَادَ مِنْ: عَبْدِ المُنْعِمِ بنِ كُلَيْبٍ، وَالمُبَارَكِ ابْنِ المَعْطُوْشِ، وَعِدَّةٍ.
وَسَمِعَ (المُسْنَدَ) مِنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي المَجْدِ، وَسَارَ إِلَى أَصْبَهَانَ، فَسمِعَا مِنْ خَلِيْلِ بنِ بَدْرٍ، وَمُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيْلَ الطَّرَسُوْسِيِّ، وَمَسْعُوْدٍ الجَمَّالِ، وَأَبِي المَكَارِمِ اللَّبَّانِ، وَطَبَقَتِهِم.
وَسَمِعَ بِمِصْرَ مِنَ: الأَرْتَاحِيِّ، وَفَاطِمَةَ بِنْتِ سَعْدِ الخَيْرِ، وَوَالِدِهِ.
ثُمَّ ارْتَحَلَا ثَانِياً إِلَى العِرَاقِ، فَسَمِعَ مِنْ: أَبِي الفَتْحِ المَنْدَائِيِّ بِوَاسِطَ.
وَسَمِعَ بِنَيْسَابُوْرَ مِنْ: مَنْصُوْرٍ الفُرَاوِيِّ، وَالمُؤَيَّدِ الطُّوْسِيِّ.
وَعُنِيَ بِالفَنِّ، وَكَتَبَ بِخَطِّهِ الكُتُبَ، وَجَمَعَ، وَخَرَّجَ، وَأَفَادَ، وَتَفَقَّهَ بِالشَّيْخِ المُوَفَّقِ، وَأَخَذَ النَّحْوَ بِبَغْدَادَ عَنْ أَبِي البَقَاءِ، وَقَرَأَ القُرْآنَ عَلَى عَمِّهِ العِمَادِ.
قَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: سَأَلتُ الضِّيَاءَ عَنْهُ، فَقَالَ: حَافِظٌ مُتْقِنٌ، دَيِّنٌ ثِقَةٌ.
وَقَالَ البِرْزَالِيُّ: حَافِظٌ، دَيِّنٌ، مُتَمَيِّزٌ.
وَقَالَ الضِّيَاءُ: كَانَتْ قِرَاءتُهُ صَحِيْحَةً، سرِيعَةً، مليحَةً.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِثْلَهُ فِي عصرِهِ فِي الحِفْظِ وَالمَعْرِفَةِ وَالأَمَانَةِ، وَافرَ العَقْلِ، كَثِيْرَ الفَضْلِ، مُتَوَاضِعاً، مَهِيْباً، وَقُوْراً، جَوَاداً، سَخِيّاً، لَهُ القبولُ التَّامُّ، مَعَ العِبَادَةِ وَالوَرَعِ وَالمُجَاهِدَةِ.
وَقَالَ الضِّيَاءُ: اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ وَالحَدِيْثِ، وَصَارَ عَلَماً فِي وَقْتِهِ، وَرَحَلَ إِلَى أَصْبَهَانَ ثَانِياً، وَمَشَى عَلَى رِجْلَيْهِ كَثِيْراً، وَصَارَ قُدْوَةً، وَانتَفَعَ النَّاسُ بِمَجَالِسِهِ الَّتِي لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهَا، وَكَانَ كَرِيْماً، وَاسِعَ النَّفْسِ، سَاعِياً فِي مَصَالِحِ أَصْحَابِنَا، حَتَّى كَانَ يَضِيقُ صَدْرِي عَلَيْهِ مِمَّا يَتَحَمَّلُ مِنَ الدُّيُونِ، وَكَثِيْرٌ مِنْهُم لَا يُوَفِّيهِ
…
،
ثُمَّ سَاقَ لَهُ الضِّيَاءُ مرَاثيَ حَسَنَةً، وَأَنَّهُ فِي نَعيمٍ.
حَدَّثَ عَنْهُ: الضِّيَاءُ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَالفَخْرُ عَلِيٌّ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَلِيِّ ابْنِ الوَاسِطِيِّ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَالشَّمْسُ مُحَمَّدُ بنُ حَازِمٍ، وَنَصْرُ اللهِ بنُ أَبِي الفَرَجِ النَّابُلُسِيُّ، وَجَمَاعَةٌ.
وَتَفَرَّدَ بِإِجَازتِهِ القَاضِي تَقِيُّ الدِّيْنِ سُلَيْمَانُ، وَقَدْ رثَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بقصَائِدَ.
وَقَرَأْتُ بِخَطِّ المُحَدِّثِ ابْنِ سَلَامٍ، قَالَ: عقدَ أَبُو مُوْسَى مَجْلِسَ التَّذْكِيرِ، وَقِرَاءةِ الجمعِ، وَرغبَ النَّاسُ فِي حُضُوْرِ مَجْلِسِهِ، وَكَانَ جمَّ الفَوَائِدِ، وَيَبْكِي وَيَخشعُ.
وَقَالَ ابْنُ الحَاجِبِ: لَوِ اشْتَغَلَ أَبُو مُوْسَى حقَّ الاشتغَالِ، مَا سبقَهُ أَحَدٌ.
وَسَمِعْتُ أَبَا الفَرَجِ بنَ أَبِي العَلَاءِ يَقُوْلُ: كَانَ كَثِيْرَ المَيْلِ إِلَى الدَّوْلَةِ.
وَقَالَ سِبْطُ الجَوْزِيِّ (1) : كَانَتْ أَحْوَالُ أَبِي مُوْسَى مُسْتقيمَةً، حَتَّى خَالطَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيْلَ، وَأَبْنَاءَ الدُّنْيَا، فَتغَيَّرَ.
قَالَ: وَمَرِضَ فِي بُستَانِ الصَّالِحِ عَلَى ثَوْرَا (2) ، وَمَاتَ فِيْهِ، فَكَفَّنَهُ الصَّالِحُ.
وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّ الملكَ الأَشْرَفَ وَقَفَ دَارَ الحَدِيْثِ بِالبَلَدِ، وَجَعَلَ لِلْجمَالِ أَبِي مُوْسَى وَذُرِّيَّتِهِ رِزْقاً مَعْلُوْماً بِهَا، وَسَكَناً.
قَالَ الشَّيْخُ الضِّيَاءُ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الجُمُعَةِ رحمه الله خَامِسَ رَمَضَانَ (3) ، سَنَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ.
(1) مرآة الزمان: 8 / 674 - 675.
(2)
العبارة في المرآة مضطربة وهي: " إلى أن مرض في بستان ابن شكر على (كذا) وكان الصالح إسماعيل علم به فكفنه " ويبدو أن لفظة " ثورا " سقطت.
(3)
ذكر المنذري أنه توفي في الرابع من رمضان.