الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَأَخَذَهُ (1) ، فَسَارَ الفُنْشُ (2) فِي أَقَاصي المَمَالِك يَسْتَنفر عُبَّاد الصَّلِيب، فَاجتمعت لَهُ جُيُوش مَا سُمِعَ بِمِثْلِهَا، وَنجدته فِرَنْج الشَّام، وَعَسَاكِر قُسْطَنْطِيْنِيَّة، وَملك أَرغُن (3) البَرْشَلُوْنِيّ، وَاسْتنفر السُّلْطَان أَيْضاً النَّاس، وَالتَقَى الجَمْعَان، وَتعرف بوقعَة العِقَاب، فَتحمَّل الفُنْشُ حَملَةً شَدِيْدَة، فَهَزم المُسْلِمِيْنَ، وَاسْتُشْهِدَ خلق كَثِيْر.
وَكَانَ أَكْبَر أَسبَاب الكسرَة غَضَب الجُنْد مِنْ تَأَخُّرِ عَطَائِهِم، وَثبت السُّلْطَان ثبَاتاً كُلِّياً، لولَاهُ لَاستُؤصل جَيْشُه، وَكَانَتِ المَلْحَمَة فِي صَفَرٍ، سَنَة تِسْعٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَرجع العَدُوّ بغَنَائِم لَا تُوصَفُ، وَأَخَذُوا بيَّاسَة عَنْوَةً - فَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُوْنَ -.
مرض السُّلْطَان أَيَّاماً بِالسكتَة، وَمَاتَ فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ عَشْرٍ وَسِتِّ مائَةٍ، وَكَانَتْ أَيَّامه خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً، وَقَامَ بَعْدَهُ ابْنه المُسْتَنْصِر يُوْسُف عَشْرَة أَعْوَام.
وَيُقَالُ: تَنَكَّر مُحَمَّد ليلاً، فَوَقَعَ بِهِ العَسَسُ، فَانْتظمُوْهُ بِرمَاحهِم، وَهُوَ يَصيح: أَنَا الخَلِيْفَة، أَنَا الخَلِيْفَة.
ابْنُهُ:
207 - أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ *
السُّلْطَانُ، المُسْتَنْصِرُ بِاللهِ (4) ، أَبُو يَعْقُوْبَ يُوْسُفُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ يَعْقُوْبَ المُؤْمِنِيُّ.
(1) اسم هذا الحصن: شلبترة.
(2)
ويقال فيه: " الادفنش " ايضا، وهو ألفونس الثالث ملك قشتالة.
(3)
وترسم أيضا " أرغون ".
(*) أخباره في المعجب لعبد الواحد: 404 فما بعد، وتاريخ الإسلام، الورقة 215 (أيا صوفيا 3011)، والعبر: 5 / 81، وجذوة الاقتباس: 344، والانيس المطرب: 172، ومرآة الجنان: 4 / 47 وغيرها.
(4)
وقع لقبه في الحلل الموشية (122) ، وتاريخ ابن خلدون، والاستقصا:" المنتصر بالله ".
تَمَلَّكَ المَغْرِبَ سَنَةَ عَشْرٍ، وَكَانَ بَدِيْعَ الحُسْنِ، بَلِيْغ المَنْطِق، غَارقاً فِي وَادِي اللَّهْو وَالبطَالَة.
وُلِدَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِيْنَ، فَملَّكوهُ وَلَهُ سِتَّ عَشْرَةَ سَنَةً، فَضيَّعُوا أَمر الأُمَّة، وَأُمّه أُمّ وَلَدٍ، اسْمهَا قَمَر الرُّوْمِيَّة، وَكَانَ يُشَبَّه بِجدِّه.
قَامَ بِبَيعته عِيْسَى بن عَبْدِ المُؤْمِنِ، فَهُوَ عَمّ جدّه، وَآخِرُ مَنْ تَبقَّى مِنْ أَوْلَادِ السُّلْطَانِ عَبْدِ المُؤْمِنِ، وَقَدْ حَيّ إِلَى حُدُوْدِ العِشْرِيْنَ، فَقَامَ يَوْم البَيْعَة كَاتِبُ سِرِّهِ أَبُو عَبْدِ اللهِ بنُ عَيَّاشٍ، وَبَقِيَ يَقُوْلُ لِلأَعيَانِ (1) : تُبَايعُوْنَ أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ ابْن أَمِيْر (2) المُؤْمِنِيْنَ عَلَى مَا بَايَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ (3) رَسُوْلَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ السَّمْعِ وَالطَّاعَة فِي اليُسْرِ وَالعُسْرِ (4) .
وَخَرَجَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ؛ وَلد العَاضد بِاللهِ العُبَيْدِيّ المِصْرِيّ؛ الَّذِي هَرَبَ مِنْ بَنِي أَيُّوْبَ إِلَى المَغْرِب، فَقَامَتْ مَعَهُ صِنْهَاجَةُ، وَعَظُم البَلَاء بِهِ، وَكثرت جُمُوْعه، وَكَانَ ذَا سَمْت وَصَمْت وَتَعَبُّد، فَقصَد سِجِلْمَاسَةَ، فَالتقَاهُ مُتَوَلِّيهَا حَفِيْد عَبْد المُؤْمِنِ، فَانْتصر ابْنُ العَاضد، وَلَمْ يَزَلْ يَتنقَّل وَتَكثر جُمُوْعه، وَلَا يَتُمّ لَهُ أَمر، لِغُربَة بَلَدِهِ، وَعدم عَشِيرَته، وَلأَنَّ لِسَانَهُ غَيْر لِسَان البَرْبَرِ، ثُمَّ أَمسكَهُ مُتَوَلِّي فَاسَ، وَصَلَبَه (5) .
مَاتَ المُسْتَنْصِر: فِي شَوَّالٍ، سَنَةَ عِشْرِيْنَ وَسِتِّ مائَةٍ، وَلَمْ يُخلف وَلداً، فَمَلَّكت الموحدُوْنَ بَعْدَهُ عَمَّ أَبِيْهِ عَبْدَ الوَاحِدِ.
(1) الذي روى ذلك هو عبد الواحد المراكشي، وكان حاضرا (المعجب: 407) .
(2)
في الأصل والمعجب: أمراء.
(3)
في المعجب: " أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(4)
في المعجب: " في المنشط والمكره واليسر والعسر
…
" ولنص البيعة تتمة في " المعجب ".
(5)
انظر المعجب: 408 - 409.