الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خدم مُدَّة، وَرَوَى عَنِ السِّلَفِيّ، وَلَهُ لغزٌ: مَا شَيْء قَلْبه حَجَر، وَوجهه قمر، إِن نُبِذَ اعْتَزل البَشَر، وَإِن أَجعتَه رضِي بِالنّوَى، وَانطوَى عَلَى الخوَى، وَإِن أَشْبَعْتَهُ قَبَّل الْقدَم وَصَحِبَ الْخَدَم، وَإِن غلَّفتَه ضَاع، وَإِنْ أَدَخَلته السُّوق أَبَى أَنْ يُبَاع (1) ، وَإِن شدّدت ثَانِيَة وَحذفت رَابعه، كدرَ الحَيَاة، وَخفّف الصَّلَاة، وَأَحَدث وَقت الْعَصْر الضَّجر، وَوَفت الفَجْر الْخدر، وَإِنْ فَصلتَه دَعَا لَكَ وَبقَّى، مَا إِن ركبته هَالكَ، وَرُبَّمَا كثّر مَالك، وَأَحْسَن بعُوْن المسَاكين مآلك.
قَوْله: قَلْبه حجر أَي جَلْمَد، وَالمسَاكين أَهْل السَّفِيْنَة فِي البَحْر (2) .
تُوُفِّيَ: فِي شَعْبَانَ، سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ وَسِتّ مائَةٍ، وَلَهُ خَمْسٌ وَسَبْعُوْنَ سَنَةً.
74 - اليُوْنِيْنِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ عُثْمَانَ بنِ جَعْفَرٍ *
الزَّاهِدُ، العَابِدُ، أَسَدُ الشَّامِ، الشَّيْخُ عَبْدُ اللهِ بنِ عُثْمَانَ بنِ جَعْفَرٍ اليُوْنِيْنِيُّ.
كَانَ شَيْخاً، طَوِيْلاً، مَهِيْباً، شُجَاعاً، حَادّ الحَال، كَانَ يَقوم نِصْف اللَّيْل إِلَى الفُقَرَاء، فَمَنْ رَآهُ نَائِماً وَلَهُ عصَا اسْمهَا العَافِيَة ضربَه بِهَا، وَيَحْمِل الْقوس وَالسِّلَاح، وَيلبس قُبعاً مِنْ جِلْدِ مَاعز بِصُوْفه، وَكَانَ أَمَّاراً بِالمَعْرُوف، لَا يهَاب
(1) بعد هذا في وفيات ابن خلكان: " وإن أظهرته جمل المتاع وأحسن الامتناع ".
(2)
إشارة إلى قوله تعالى: (أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر)(الكهف: 79) .
وحل اللغز: أنه الدملج الذي تلبسه النساء، إذ إنك حينما تقلب " دملج " تصير " جملد ".
وانظر شرح ما ورد في هذا اللغز كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان.
(*) مرآة الزمان: 8 / 612 - 617، وذيل الروضتين: 125 - 128، وتاريخ الإسلام، الورقة: 164 - 168 (أيا صوفيا 3011 بخطه)، والعبر: 5 / 67 - 68، وعقد الجمان للعيني: 17 / الورقة: 408 - 409، وشذرات الذهب: 5 / 73 - 75، قال الذهبي في تاريخ الإسلام:" وقد جمع مناقبه خطيب زملكا أبو محمد عبد الله ابن العز عمر المقدسي ".
المُلُوْك، حَاضِر القَلْب، دَائِم الذّكر، بعيد الصِّيْت.
كَانَ مِنْ حدَاثته يَخْرُج وَيَنطرح فِي شَعْرَاء (1) يُونِيْن، فِيردّه السّفَّارَة إِلَى أُمّه، ثُمَّ تَعبّد بِجَبل لُبْنَان، وَكَانَ يَغْزُو كَثِيْراً.
قَالَ الشَّيْخُ عليّ القَصَّار: كُنْت أَهَابه كَأَنَّهُ أَسد، فَإِذَا دَنَوْت مِنْهُ، وَدِدْت أَنْ أَشقّ قَلْبِي وَأَجعله فِيْهِ.
قِيْلَ: إِنَّ العَادل أَتَى وَالشَّيْخ يَتوضَأَ، فَجَعَلَ تَحْتَ سجَادته دَنَانِيْر، فَرَدَّهَا، وَقَالَ:
يَا أَبُو (2) بَكْرٍ كَيْفَ أَدْعُو لَكَ وَالخُمُوْر دَائِرَة فِي دِمَشْق، وَتبيع المَرْأَة وَقيَة يُؤْخَذ مِنْهَا قرطيس؟
فَأَبطل ذَلِكَ.
وَقِيْلَ: جلس بَيْنَ يَدَيْهِ المُعَظَّمُ، وَطلب الدُّعَاء مِنْهُ، فَقَالَ:
يَا عِيْسَى، لَا تَكُنْ نحس (3) مِثْل أَبيك، أَظهر الزّغل (4) ، وَأَفسد عَلَى النَّاسِ المعَامِلَة.
حكَى الشَّيْخ عَبْد الصَّمَدِ، قَالَ: وَاللهِ مُذْ خدمت الشَّيْخ عَبْد اللهِ، مَا رَأَيْتهُ اسْتند وَلَا سَعَل وَلَا بَصَق.
قد طوّلت هَذِهِ التَّرْجَمَة فِي (التَّارِيْخ الكَبِيْر) ، وَفِيْهَا كَرَامَات لَهُ وَرِيَاضَات وَإِشَارَات، وَكَانَ لَا يَقوم لأَحدٍ تَعْظِيْماً للهِ وَلَا يَدّخر شَيْئاً؛ لَهُ ثَوْب خَام، وَيلبس فِي الشِّتَاء فَرْوَة، وَقَدْ يُؤثِر بِهَا فِي الْبرد، وَكَانَ رُبَّمَا جَاع وَيَأْكُل مِنْ وَرق الشَّجَر.
(1) الشعراء بوزن الصحراء: الشجر الكثير.
(2)
هكذا في الأصل وفي تاريخ الإسلام بخط الذهبي، فهي على الحكاية.
(3)
هكذا في الأصل وفي تاريخ الإسلام بخط الذهبي، وصوابها " نحسا " لكن أبقيناها لأنها من كلام الشيخ.
(4)
العملة المغشوشة.