المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المسألة الخامسةالإجماع السكوتي - الإقناع في حجية الإجماع

[عبد العزيز الريس]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أنفع ما يحفظ عقيدة ومنهج أهل السنة: هو فهم السلف

- ‌الفصل الأولمسائل متعلقة بالإجماع

- ‌المسألة الأولى:تعريف الإجماع

- ‌المسألة الثانية:أدلة الإجماع

- ‌المسألة الثالثة‌‌موقف أهل البدع من الإجماع

- ‌موقف أهل البدع من الإجماع

- ‌أول من أنكر الإجماع واشتهر بذلك هو النظَّام المعتزلي

- ‌ينبغي لأهل السنة أن لا يغتروا بأقوال أهل البدع، وأن يكونوا متبصرين

- ‌إيرادٌ وردُّه

- ‌المسألة الرابعةقسما الإجماع

- ‌المسألة الخامسةالإجماع السكوتي

- ‌المسألة السادسةحتمية استناد الإجماع على نص

- ‌المسألة السابعةحجية الإجماع قبل الخلاف وبعده

- ‌المسألة الثامنةضابط القول الشاذ

- ‌المسألة التاسعةحجية إجماع أهل كل فن في فنِّهم

- ‌ إجماع أهل كل فن حجة

- ‌مسألةلا يعتد بقول المتكلمين سواء في الفقه أو في أصول الفقه

- ‌المسألة العاشرةشرطية انقراض العصر في الإجماع

- ‌المسألة الحادية عشرةلا يجوز في الشريعة إحداث قول جديد

- ‌مسألةالتلفيق بين الأقوال

- ‌المسألة الثانية عشرةطريقة معرفة الإجماع

- ‌المسألة الثالثة عشرةالإجماع دليل كاشف

- ‌الفصل الثانيشبهات وإشكالات على دليل الإجماع

- ‌الشبهة الأولىرد الإجماع في مسألة مع عدم وجود السلف إلا زعمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السلف

- ‌الشبهة الثانيةلما ذُكِر لبعضهم إجماعٌ وقيل لا سلف في قول كذا وكذا أو في هذه المسألة

- ‌الشبهة الثالثةأن بعضهم لما قيل له: إن في المسألة إجماعًا

- ‌الشبهة الرابعةقال بعضهم: إنه قد ادعي الإجماع في مسائل وتبين أنه مخروم فكيف يعول على هذه الإجماعات

- ‌الشبهة الخامسةحُكيت إجماعات للصحابة ثم حصل خلاف

- ‌الشبهة السادسةيوجد كثير من الفقهاء المتأخرين من لا يعتد بالإجماع السكوتي بحجة أنه تكلم طائفة ولم يتكلم الباقون

- ‌الشبهة السابعةقال الشافعي رحمه الله تعالى: «ما ليس فيه خلاف فليس إجماعًا»

- ‌الشبهة الثامنةأن السنة حجة في ذاتها ولا تحتاج إلى عمل

- ‌الشبهة التاسعةقرر بعض أهل العلم أن الإجماع الذي يحتج به الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية هو إجماع الصحابة

- ‌الشبهة العاشرةقال بعضهم الإجماع الذي هو حجة هو المعلوم من الدين بالضرورة دون غيره

- ‌الشبهة الحادية عشرةقال بعضهم: عدم العلم بالمخالف لا يدل على الإجماع

- ‌الشبهة الثانية عشرةذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في التسعينية(1)وغيرها أنّ عامة أهل البدع يخالفون الأدلة بحجة الإجماع ويكون إجماعهم مخروماً غير صحيح

- ‌الشبهة الثالثة عشرةقال بعضهم الإجماع الذي لا يقطع به هو من الظن

- ‌الشبهة الرابعة عشرةقال بعضهم إذا صح الحديث وجب العمل به ولو لم يعلم من عمل به؛ لأنه حجة بلا خلاف

- ‌الشبهة الخامسة عشرةقال بعضهم: ترك الحديث لعدم العلم بالمخالف عليه المتأخرون دون الشافعي و أحمد

- ‌الشبهة السادسة عشرةقال بعضهم: إذا وجد نص لم يُعمل به فلابد وأن هناك من عمل به، ولا يلزم أن ينقل قول من عمل به

- ‌الشبهة السابعة عشرةقال بعضهم: مخالفة من قوله ليس حجة مما حكي عليه الإجماع أعذر من مخالفة من قوله حجة وهو الكتاب والسنة

- ‌الشبهة الثامنة عشرةقال بعضهم: إن طائفة من أهل العلم قالوا أقوالاً لم يسبقوا إليها فدل هذا على جواز إحداث قول جديد

- ‌الشبهة التاسعة عشرةقال بعضهم: قال الإمام إسحاق بن راهويه في «مسائل إسحاق بن منصور»:

- ‌الشبهة العشرونقال بعضهم: درج العلماء على تقديم الكتاب والسنة على الإجماع ويجعلون الإجماع آخر مراتب الأدلة

- ‌الشبهة الحادية والعشرونقال بعضهم: لا إجماع في علوم الآلة لأنه لا نصوص فيها ولا إجماع إلا وهو مستند على نص

- ‌الشبهة الثانية والعشرونقال بعضهم: حقيقة مخالفة التابعي للصحابي إحداث قول جديد، فهل يعني هذا أن التابعي يرى إحداث قول جديد

- ‌الشبهة الثالثة والعشرونقال بعضهم: يعمل بالإجماع وعدم العلم بالمخالف ولا إشكال في ذلك

- ‌الشبهة الرابعة والعشرونذكر بعضهم أن النووي رحمه الله تعالى ذكر في شرحه على مسلم أن النص يعمل به ولو لم يعمل به أحد

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌المسألة الخامسةالإجماع السكوتي

سؤال وجواب

هل يُحكم بكفر منكر الإجماع؟

وللجواب عن هذا السؤال لابد من التفرقة بين من أنكر الإجماع القطعي، وبين من أنكر الإجماع الظني.

فالأول: يُحكم بكفره؛ لأنه ينكر النصوص الظاهرة كإيجاب الزكاة والصلاة.

والثاني: لا يكفر مثله.

ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية كما في «مجموع الفتاوى»

(1)

، الزركشي في «البحر المحيط»

(2)

.

تنبيه: ومما ينبغي أن يعلم: أن الإجماع الظني على مراتب فليس على مرتبة واحدة، فيما نقله الزركشي

(3)

. وصدق رحمه فليس الإجماع الذي يتوارد العلماء على حكايته كالإجماع الذي لا يحكيه إلا عالم واحد فهو يتفاوت في قوته.

‌المسألة الخامسة

الإجماع السكوتي

وهذه المسألة من المسائل المهمة التي ينبغي ضبطها ضبطًا علميًا؛ لكثرة الشبهات والإشكالات التي تَرِدُ عليها، وسيأتي بحث ذلك -إن شاء الله-.

فالمراد بالإجماع السكوتي: أن ينطق طائفة من أهل العلم ويسكت الباقون.

وبعضهم يقول: تتكلم طائفة من أهل العلم ويشتهر قولهم ولا يخالفهم

(1)

انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (19/ 270).

(2)

انظر: «البحر المحيط» للزركشي (6/ 496) وما بعدها.

(3)

انظر: «البحر المحيط» للزركشي (6/ 389).

ص: 24

آخرون

(1)

.

والعلماء مع الإجماع السكوتي على قولين:

1 -

منهم من يجعل الإجماع السكوتي خاصاً بالصحابة.

2 -

ومنهم من يعممه للصحابة ومن بعدهم.

قد ذكر القولين العلائي في «إجمال الإصابة في حجية قول الصحابة»

(2)

.

والقول بحجية الإجماع السكوتي هو الصحيح لا محالة

(3)

.

بل إن القول بعدم حجيته هو كالقول بأن الإجماع ليس حجة؛ لأنه لا يوجد إجماع إلا الإجماع السكوتي، فلا يوجد إجماع منطوق كما تقدم في كلام الجصاص

(4)

(1)

انظر تعريفات الإجماع السكوتي في: «الإحكام» للآمدي (1/ 252)، و «إجمال الإصابة في أقوال الصحابة» للعلائي (ص:20)، و «البحر المحيط» للزركشي (6/ 456)، و «شرح مختصر الروضة» للطوفي (3/ 78) وغيرهم.

(2)

انظر: «إجمال الإصابة في أقوال الصحابة» للعلائي (ص:20) وما بعدها، وانظر «البحر المحيط» للزركشي (6/ 465 - 467).

(3)

وبه قال: أحمد بن حنبل، وجمهور الحنفية، والمالكية، والشافعية. وقال ابن برهان: وإليه ذهب كافة العلماء. «إجمال الإصابة في أقوال الصحابة» للعلائي (ص:20)، و «البحر المحيط» للزركشي (6/ 457).

(4)

وقال الجصاص أيضًا كما في «الفصول في الأصول» للجصاص (3/ 285 - 286): «ثم لا يخلو من ينعقد به الإجماع: من أن يكون وجود إجماعه معتبرا، بأن نعرف قول كل واحد منهم بعينه، أو أن يظهر القول من بعضهم، وينتشر في كافتهم من غير إظهار خلاف من الباقين عليهم، ولا نكير على القائلين به، وغير جائز أن تكون صحة الإجماع موقوفة على وجود القول في المسألة من كل واحد منهم، بوفاق الآخرين؛ لأن ذلك لو كان شرط الإجماع لما صح إجماع أبدا، إذ لا يمكن لأحد من الناس أن يحكي في شيء من الأشياء قول كل أحد من أهل عصر انعقد إجماعهم على شيء، إن شئت من الصدر الأول، وإن شئت ممن بعدهم.

فلما ثبت عندنا صحة إجماع الأمة بما قدمنا من الدلائل وامتنع وجود الإجماع بإثبات قول كل أحد من الصحابة والتابعين في مسألة، علمنا: أن هذا ليس بشرط».

ص: 25

وابن قدامة

(1)

.

إيراد ورده

فإن قال قائل: اشتهر عند بعض أهل العلم أن الشافعي خالف في حجية الإجماع السكوتي حيث قال: «لا ينسب إلى ساكت قول»

(2)

. فدل هذا على أن الشافعي لا يرى الإجماع السكوتي حجة.

يقال: قد خالف في نسبة هذا إلى الشافعي جمع من أهل العلم، وممن خالف في ذلك محقق المذهب الشافعي وإمامه أبو حامد الإسفراييني، وأبو حامد الشيرازي، والنووي رحمه الله تعالى، فقد نصوا على أن الشافعي يرى الإجماع السكوتي حجة في القديم وفي الجديد، وذكروا أمثلة للشافعي رحمه الله تعالى تدل على أن الإجماع السكوتي حجة

(3)

.

بل ذكر ابن برهان: أن القول بحجية الإجماع السكوتي هو الذي عليه الأئمة

(4)

.

وصدق -رحمه الله تعالى- فإن أول من خالف في حجيته هم المتكلمون.

أما أئمة الإسلام فهم متواردون على أن الإجماع السكوتي حجة وذلك أنهم لما قالوا الإجماع حجة واحتجوا به عمليًا في مسائل كثيرة فهم يرون بهذا أن الإجماع السكوتي حجة.

والأظهر -والله أعلم- أن الإجماع السكوتي لا يخص بالصحابة كما هو صنيع العلماء والمتوارد من صنيعهم، بل في الصحابة ومن بعدهم، كما سيأتي بيان هذا إن شاء الله تعالى.

(1)

انظر: «روصة الناظر» لابن قدامة (1/ 391).

(2)

انظر نسبة هذا القول للشافعي في: «التبصرة في أصول الفقه» للشيرازي (ص: 517)، و «البرهان في أصول الفقه» لإمام الحرمين (1/ 271) وغيرهما.

(3)

انظر: «البحر المحيط» للزركشي (6/ 457) نقلًا عن «شرح الوسيط» للنووي.

(4)

انظر: «البحر المحيط» للزركشي (6/ 457).

ص: 26

بل إن الصحابة قد يختلفون على قولين، فينعقد الإجماع بعد ذلك فيعمل العلماء بهذا الإجماع.

وهذا مما يدل على أن الإجماع السكوتي ليس خاصًا بالصحابة.

ومن أمثلة ذلك: أن الصحابة اختلفوا في الذي جامع -أي أولج- بلا إنزال؟ هل يجب عليه الغسل أم لا؟

فيه قولان للصحابة

(1)

، لكن انعقد الإجماع بعد ذلك ونص عليه ابن المنذر

(2)

وابن عبد البر

(3)

وغيرهم من أهل العلم وسيأتي -إن شاء الله- ذكر أمثلة أخرى.

فالمقصود أن الإجماع السكوتي ليس خاصًا بالصحابة بل هو مطرد في أهل العلم، فإذا ذكر عالم مسألة واشتهر عنه فإنه حجة.

ويظهر لي - والله أعلم - أن تقييد الأمر بالاشتهار وعدم الاشتهار ليس عمليًا، فمجرد أن يذكر عالمٌ قولًا ولا يعرف عن غيره إنكار فهو حجة، وذلك لأمرين:

الأول: أنه لو كان منكراً فلا بد أن يوجد في الأمة من ينكره، ولا يمكن أن الله ينقل لنا القول المرجوح دون الراجح، فقد ذكر ابن القيم في كتابه «إعلام الموقعين»

(4)

أن القول المرجوح خطأ من وجه، فلا ينقل مرجوح دون الراجح.

(1)

انظرهما في: «الأوسط» لابن المنذر (2/ 76) وما بعدها، و «التمهيد» لابن عبد البر (23/ 100) وما بعدها.

(2)

انظر: «الأوسط» (2/ 81)، و «الإجماع» (24) وكلاهما لابن المنذر.

(3)

انظر: «التمهيد» لابن عبد البر (23/ 105).

لكنه قال: «على هذا القول جمهور أهل الفتوى بالحجاز والعراق والشام ومصر وإليه ذهب مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والليث بن سعد والأوزاعي والثوري وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وأبو عبيد والطبري» .

(4)

انظر: «إعلام الموقعين» لابن القيم (5/ 569)(6/ 37).

ص: 27