المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الشبهة السابعةقال الشافعي رحمه الله تعالى: «ما ليس فيه خلاف فليس إجماعا» - الإقناع في حجية الإجماع

[عبد العزيز الريس]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌ أنفع ما يحفظ عقيدة ومنهج أهل السنة: هو فهم السلف

- ‌الفصل الأولمسائل متعلقة بالإجماع

- ‌المسألة الأولى:تعريف الإجماع

- ‌المسألة الثانية:أدلة الإجماع

- ‌المسألة الثالثة‌‌موقف أهل البدع من الإجماع

- ‌موقف أهل البدع من الإجماع

- ‌أول من أنكر الإجماع واشتهر بذلك هو النظَّام المعتزلي

- ‌ينبغي لأهل السنة أن لا يغتروا بأقوال أهل البدع، وأن يكونوا متبصرين

- ‌إيرادٌ وردُّه

- ‌المسألة الرابعةقسما الإجماع

- ‌المسألة الخامسةالإجماع السكوتي

- ‌المسألة السادسةحتمية استناد الإجماع على نص

- ‌المسألة السابعةحجية الإجماع قبل الخلاف وبعده

- ‌المسألة الثامنةضابط القول الشاذ

- ‌المسألة التاسعةحجية إجماع أهل كل فن في فنِّهم

- ‌ إجماع أهل كل فن حجة

- ‌مسألةلا يعتد بقول المتكلمين سواء في الفقه أو في أصول الفقه

- ‌المسألة العاشرةشرطية انقراض العصر في الإجماع

- ‌المسألة الحادية عشرةلا يجوز في الشريعة إحداث قول جديد

- ‌مسألةالتلفيق بين الأقوال

- ‌المسألة الثانية عشرةطريقة معرفة الإجماع

- ‌المسألة الثالثة عشرةالإجماع دليل كاشف

- ‌الفصل الثانيشبهات وإشكالات على دليل الإجماع

- ‌الشبهة الأولىرد الإجماع في مسألة مع عدم وجود السلف إلا زعمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو السلف

- ‌الشبهة الثانيةلما ذُكِر لبعضهم إجماعٌ وقيل لا سلف في قول كذا وكذا أو في هذه المسألة

- ‌الشبهة الثالثةأن بعضهم لما قيل له: إن في المسألة إجماعًا

- ‌الشبهة الرابعةقال بعضهم: إنه قد ادعي الإجماع في مسائل وتبين أنه مخروم فكيف يعول على هذه الإجماعات

- ‌الشبهة الخامسةحُكيت إجماعات للصحابة ثم حصل خلاف

- ‌الشبهة السادسةيوجد كثير من الفقهاء المتأخرين من لا يعتد بالإجماع السكوتي بحجة أنه تكلم طائفة ولم يتكلم الباقون

- ‌الشبهة السابعةقال الشافعي رحمه الله تعالى: «ما ليس فيه خلاف فليس إجماعًا»

- ‌الشبهة الثامنةأن السنة حجة في ذاتها ولا تحتاج إلى عمل

- ‌الشبهة التاسعةقرر بعض أهل العلم أن الإجماع الذي يحتج به الإمام أحمد وشيخ الإسلام ابن تيمية هو إجماع الصحابة

- ‌الشبهة العاشرةقال بعضهم الإجماع الذي هو حجة هو المعلوم من الدين بالضرورة دون غيره

- ‌الشبهة الحادية عشرةقال بعضهم: عدم العلم بالمخالف لا يدل على الإجماع

- ‌الشبهة الثانية عشرةذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في التسعينية(1)وغيرها أنّ عامة أهل البدع يخالفون الأدلة بحجة الإجماع ويكون إجماعهم مخروماً غير صحيح

- ‌الشبهة الثالثة عشرةقال بعضهم الإجماع الذي لا يقطع به هو من الظن

- ‌الشبهة الرابعة عشرةقال بعضهم إذا صح الحديث وجب العمل به ولو لم يعلم من عمل به؛ لأنه حجة بلا خلاف

- ‌الشبهة الخامسة عشرةقال بعضهم: ترك الحديث لعدم العلم بالمخالف عليه المتأخرون دون الشافعي و أحمد

- ‌الشبهة السادسة عشرةقال بعضهم: إذا وجد نص لم يُعمل به فلابد وأن هناك من عمل به، ولا يلزم أن ينقل قول من عمل به

- ‌الشبهة السابعة عشرةقال بعضهم: مخالفة من قوله ليس حجة مما حكي عليه الإجماع أعذر من مخالفة من قوله حجة وهو الكتاب والسنة

- ‌الشبهة الثامنة عشرةقال بعضهم: إن طائفة من أهل العلم قالوا أقوالاً لم يسبقوا إليها فدل هذا على جواز إحداث قول جديد

- ‌الشبهة التاسعة عشرةقال بعضهم: قال الإمام إسحاق بن راهويه في «مسائل إسحاق بن منصور»:

- ‌الشبهة العشرونقال بعضهم: درج العلماء على تقديم الكتاب والسنة على الإجماع ويجعلون الإجماع آخر مراتب الأدلة

- ‌الشبهة الحادية والعشرونقال بعضهم: لا إجماع في علوم الآلة لأنه لا نصوص فيها ولا إجماع إلا وهو مستند على نص

- ‌الشبهة الثانية والعشرونقال بعضهم: حقيقة مخالفة التابعي للصحابي إحداث قول جديد، فهل يعني هذا أن التابعي يرى إحداث قول جديد

- ‌الشبهة الثالثة والعشرونقال بعضهم: يعمل بالإجماع وعدم العلم بالمخالف ولا إشكال في ذلك

- ‌الشبهة الرابعة والعشرونذكر بعضهم أن النووي رحمه الله تعالى ذكر في شرحه على مسلم أن النص يعمل به ولو لم يعمل به أحد

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الشبهة السابعةقال الشافعي رحمه الله تعالى: «ما ليس فيه خلاف فليس إجماعا»

فيقال: وإن كان الشافعي قطعاً يحتج بهذا النوع من الإجماع لكن حصر قوله في مثل هذا يحتاج إلي بينة ودليل، ولو كان كذلك لقرر هذا في «الرسالة» ، فإنه تكلم في «الرسالة» على حجية الإجماع، ولم يشترط تطاول الزمن على ذكره، ولو كان هذا شرطاً عنده لبينه بوضوح في «الرسالة» أو غيره من كتبه لاسيما وهو مما أصل فيه حجية دليل الإجماع

(1)

، ومما يقطع به يقينًا أن مثل هذا الكلام من الشافعي لا يصح أن يستند عليه لرد كل إجماع سكوتي، وإن كان قد يستند عليه الشافعي رحمه الله في رد إجماع لا يراه صحيحًا، وإذا قيل له: إنه قد قال بهذا القول فلان وفلان

فالشافعي يرى بقرائن أن غير هؤلاء لم يتكلموا في هذه المسألة، وعدم كلامهم لا يدل على إقرار من تكلم لقرائن، أما أن يجعل هذا الكلام من الشافعي أصلاً في رد الإجماع السكوتي فلا يصح بحال - والله اعلم -.

* * *

‌الشبهة السابعة

قال الشافعي رحمه الله تعالى: «ما ليس فيه خلاف فليس إجماعًا»

.

نقل هذه العبارة ابن حزم

(2)

رحمه الله وسيأتي الكلام عليها؛ لكن ظاهر هذه العبارة أن المسألة التي يقال لا خلاف فيها فليست إجماعًا وهذه على ظاهرها قوية في الدلالة على أن قول العالم لا أعلم فيه خلافا أو ليس فيه خلاف

إلخ أنه لا يفيد الإجماع.

وكشف هذه الشبهة من أوجه:

الوجه الأول: أن الذي نقل هذه العبارة هو ابن حزم في كتابه «الإحكام في أصول الأحكام» وفي غيره، ولم أر أحدًا سبق ابن حزم إلى نقل هذه العبارة عن

(1)

انظر: «الرسالة» للشافعي (ص:471 - 475).

(2)

انظر: «الإحكام في أصول الأحكام» لابن حزم (4/ 188).

ص: 59

الإمام الشافعي، وابن حزم قد نسبها إلى كتاب «الرسالة» ، وهي ليست موجودة في كتاب «الرسالة» الذي بين أيدينا، بل إنني لم أر الشافعية ينقلون هذا القول وينسبونه إلى الشافعي، وإنما رأيت الزركشي في «البحر المحيط»

(1)

نقل هذا القول ونسبه إلى ابن حزم، ومن بعد ابن حزم إذا نقل هذه الكلمة عن الشافعي إما أنه يذكر الواسطة وهو ابن حزم، أو يأتي بنص عبارة ابن حزم، فالعمدة في نقل هذا القول هو ابن حزم، ومن البعيد للغاية أن يكون هذا النص للإمام الشافعي رحمه الله تعالى ويغفل عنه أهل العلم، والشافعي له منزلته الكبيرة عند العلماء وله أصحابه الذين نصروا أقواله ومذهبه، فلو كانت المقولة ثابتة عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى لرأيت أصحابه يتواردون عليها، بل لرأيت العلماء يذكرون مثل هذه المقالة؛ لأن للشافعي رحمه الله تعالى مكانته العظيمة عند العلماء.

الوجه الثاني: أن الإمام الشافعي رحمه الله نفسه قد احتج في مسائل غير قليلة بنفي الخلاف، فقال رحمه الله تعالى في كتاب «الأم»:«ولا أعلم اختلافا في أن ليس في الذهب صدقة حتى يبلغ عشرين مثقالاً فإذا بلغت عشرين مثقالاً ففيها الزكاة»

(2)

.

وقال أيضًا: «والعاقلة في الحر والعبد مالا أعلم فيه خلافا»

(3)

.

وقال في كتابه «اختلاف الحديث» : «لأن الكتاب ثم السنة ثم مالا أعلم فيه خلافاً يدل على أن المتمتع بالعمرة إلى الحج

إلخ»

(4)

.

وقال أيضًا في كتابه «الأم» : «قال عن الحسن عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا أنكح الوليان فالأول أحق -

إلخ ثم مما ذكر الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال - فنكاح الأول

(1)

انظر: «البحر المحيط» للزركشي (6/ 488).

(2)

انظر: «الأم» للشافعي (2/ 43).

(3)

انظر: «الأم» للشافعي (3/ 262).

(4)

انظر: «اختلاف الحديث» للشافعي (8/ 679).

ص: 60

ثابت؛ لأنه ولي موكل ومن نكحها بعده فقد بطل نكاحه هذا قول عوام الفقهاء لا أعرف بينهم فيه خلافًا، ولا أدري اسمع الحسن منه أم لا»

(1)

.

يعني هو لم يعتمد على الخبر المروي الضعيف على هذا الرجل، وإنما اعتمد على أنه ليس في المسألة خلافٌ.

فالشافعي نفسه يحتج بنفي الخلاف.

الوجه الثالث: أن قول العالم «لا أعلم خلافاً أو لا خلاف بين العلماء» إلى آخر تلك العبارات إنما تدل على الإجماع؛ لأن معنى الإجماع يتساوى مع معنى قولهم أن العلماء لم يختلفوا. أي أنهم مجمعون، إلا أنها ليست في درجة جزم العالم إذا قال أجمعوا بخلاف إذا قال لا أعلم فيه خلافاً أو ليس بين العلماء خلاف، وقول لا أعلم أقل درجة من قول ليس في المسألة خلاف، وأقل منهما جمعياً قوله هذا قول كل من أحفظ عن أهل العلم

إلخ، وقد أشار إلى هذا المعنى شيخ الإسلام ابن تيمية

(2)

وسيأتي الكلام في هذه إن شاء الله تعالى.

الوجه الرابع: أن المسألة التي يقول فيها عالم من العلماء ليس فيها خلاف أو لا أعلم فيها خلافاً

إلخ.

يقال: سبيل المؤمنين فيما يحكيه هذا العالم باستقرائه هو كذا وكذا، ونحن مأمورون باتباع سبيل المؤمنين، فإذن لا يصح أن نخرج عن هذا الذي ذكره العالم إلا إذا ثبت لدينا أن ما حكاه مخروم وأن سبيل المؤمنين في هذه المسألة ليس ما ذكره هذا العالم، ونحن مأمورون باتباع سبيل المؤمنين من باب الظن الغالب، يعني ما علمنا أنه سبيل المؤمنين فنتبعه من باب الظن الغالب ولو كان أقل درجات الظن الغالب.

(1)

انظر: «الأم» للشافعي (5/ 192).

(2)

انظر: «الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق» لابن تيمية (1/ 598 - 599).

ص: 61