الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولهم، فلا يصح لهذا المجتهد أن يقول: بما أنه تبين لي أن العلامة الألباني أخطأ في حديث أو حديثين أنَّه لا يعول على تصحيحه، بل يقال إنه إمام في الحديث والتصحيح والتضعيف فإذا تبين أن قوله مرجوح في حديث أو حديثين أو عشرة فهذا لا ينقص من مكانته ويبقى الأصل وهو الاحتجاج بتصحيحه وتضعيفه، وهكذا الحال في غيره من العلماء.
فإذن الأصل أنه إذا حكى أحد الإجماع فهو صحيح، لكن إذا تبين إنه مخروم فيقال إن هذا الإجماع لا يعول عليه، كما إذا صحح أحد من أهل العلم حديثاً فتبين أن تصحيحه ليس صحيحاً فيقال هذا التصحيح لا يعول عليه ولا يصح، مع بقاء منزلته وقبول أحكامه في التصحيح والتضعيف مالم يتبين خلاف حكمه.
* * *
الشبهة الخامسة
حُكيت إجماعات للصحابة ثم حصل خلاف
، وكثير من أهل العلم لم يعتد بهذه الإجماعات فهذا يدل على أن الإجماع غير منضبط؛ لأن كثيرًا من العلماء لم يعتد بهذا الإجماع.
ومن جهة أخرى: يدل على أن مخالفة الإجماع القديم لا يعد شاذًّا.
وتقدم بيان أن ضابط القول الشاذ: هو مخالف الإجماع.
وكشف هذه الشبهة أن يقال: إذا ثبت لدى الناظر والمجتهد إجماع للصحابة فهو دليل تبين له وخفي على غيره فيجب عليه أن يعمل به، كما إذا تبين للمجتهد صحة حديث أو وقف على دليل لم يقف عليه غيره من كثير من المجتهدين فإنه يجب أن يعمل بهذا الدليل، وليس له أن يدع الدليل والحديث؛ لأن جمعًا من المجتهدين لم يعملوا بهذا الحديث وهذا الدليل.
فليس من شرط الدليل حتى يكون حجة في الشريعة أن يعلم ويعمل به، وأن يعلم به جميع المجتهدين، فكما يُتصور أنْ يخفى على كثير من المجتهدين الكثير من الأدلة والأحاديث النبوية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فمثل ذلك يقال في دليل الإجماع الذي خفي على كثير من المجتهدين إلا أنه يقال: إن ظهور الإجماع ليس على مرتبة واحدة:
1 -
فمن الإجماع ما هو ظاهر لأهل العلم كلهم كالإجماع القطعي الذي تقدم ذكره.
2 -
ومن الإجماع الظني ما يكون ظاهراً للعلماء.
3 -
ومنه ما يكون ظاهراً لأكثر أهل العلم.
4 -
ومنه ما قد يخفى على كثير من أهل العلم.
وهكذا؛ لكن إذا تبين للمجتهد أن في المسألة إجماعًا فهو حجة يتمسك به، كما إذا تبين له أن في المسألة حديثاً صحيحاً فإنه حجة يتمسك به ويكون معولًا له في ترجيح القول الذي يقول به.
ولا يلزم لصحة الدليل أن يعمل به جميع الأمة، ومثل هذا ما حصل فيه إجماع من لدن الصحابة رضي الله عنهم قد يكون أحياناً من الصحابة والتابعين فتبين لبعض المجتهدين فإنهم يعملون به ولا يدل هذا على أن الإجماع ليس حجة، كما يقال هذا في السنة النبوية إذا ظهرت لبعض المجتهدين دون أكثر المجتهدين فلا يقال إن هذا السنة ليست حجة من جهة وصف القول بأنه شاذ، فإن مثل هذا الإجماع الذي اشتهر مخالفته عند العلماء يصح دليلاً لكن لا يصح أن يقال فيمن خالفه إنه قد وقع في قول شاذ، وذلك اتباعاً لفهم أهل العلم، فإن أهل العلم لم يفهموا ذلك في مثل الإجماعات التي قد تخفى والتي اشتهر بين أهل العلم ذكر الخلاف في هذه المسألة، بل من ظهر له الإجماع يعمل به،