الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
وابن عبد البر رحمه الله تعالى: أحياناً يحكي الإجماع ويريد الجمهور
(1)
، وأحياناً يحكي الإجماع ويريد الإجماع الحقيقي
(2)
، وهذا يعرف بالسابق واللاحق من كلامه فإنه إذا قال أجمع العلماء على ذلك ومن خالف فقد شذ كعطاء أو غيره فهو يريد بهذا الإجماع وأحياناً يريد بالإجماع أي إجماع الأكثر.
فإذن ينظر في الإجماع الذي يحكيه ابن عبد البر تارةً يحكي الإجماع بمعناه المعروف وتارة يحكيه ويريد به الجمهور.
أما الإمام ابن المنذر فقد عول عليه المتأخرون في حكاية الإجماع والخلاف كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى»
(3)
.
فمن الخطأ أن يقال: إن ابن المنذر إذا حكى إجماعًا أراد الأكثر، وذلك أنه يقول: أجمع العلماء إلا فلانًا
(4)
، فلما خالف الواحد بيَّنه ولو كان الإجماع عنده بمعنى الأكثر لما احتاج أن يبين مخالفة الواحد أو الاثنين.
* * *
المسألة الثالثة عشرة
الإجماع دليل كاشف
ينبغي أن يعلم أن دليل الإجماع دليل كاشف فليس الإجماع حجة في ذاته بل للنص الذي استند عليه كما تقدم بيانه، فهو إذن كاشف بأن هناك دليلا يدل على هذه المسألة.
فليس دليلًا في نفسه ككلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم وهذا مفيد للغاية.
(1)
كما في: «الاستذكار» (1/ 314)، و (2/ 15).
(2)
كما في: «الاستذكار» (7/ 478).
(3)
انظر: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (21/ 559).
(4)
كما في: «الأوسط» (1/ 411).
وفي هذا جواب قول القائل: إن الله يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} [النساء: 59] ولم يقل ارجعوا إلى الإجماع.
فيقال: إن الرجوع للإجماع هو طاعة لله وطاعة لرسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كاشف لقول الله ولقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد صرح جمع من الأصوليين بأن الإجماع كاشف كصفي الدين الهندي
(1)
والزركشي
(2)
وغيرهم.
فلا يلزم أن يكون المستند الذي يستند عليه الإجماع نصًا صريحاً، بل قد يكون مفهوما بأي نوع من المفاهيم التي هي حجة في الدين؛ لأنه لا دليل على أن مستند الإجماع لا يكون إلا نصاً صريحاً.
وبهذا ينتهي الكلام على مسائل الإجماع.
(1)
انظر: «الفائق في أصول الفقه» للصفي الهندي (2/ 52، و 111).
(2)
انظر: «البحر المحيط» للزركشي (6/ 485).