الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجماعية وأن تكون خلافية، ويغلب جانب الإجماعية بحكاية هذا العالم الإجماع فيكون إجماعًا من باب الظن الغالب.
* * *
الشبهة الثانية عشرة
ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في التسعينية
(1)
وغيرها أنّ عامة أهل البدع يخالفون الأدلة بحجة الإجماع ويكون إجماعهم مخروماً غير صحيح
، فإذاً لا يصح الاستدلال بالإجماع في مخالفة الدليل، لئلا نوافق أهل البدع.
وكشف هذه الشبهة من أوجه:
الوجه الأول: لا شك أن هناك إجماعات مخرومة بيد أنَّ ذلك ليس مسوغًا لرد الإجماعات كلها، بل يبقى الإجماع حجة حتى يثبت أنه مخروم، كالحديث النبوي فلا شك أن ثمة أحاديث ضعيفة، لكن ليس هذا مسوغًا لرد الأحاديث الصحيحة، بل يقال: ما ثبت أنه صحيح فيحتج به حتى يتبين خلاف ذلك.
الوجه الثاني: إن هناك مسائل حكي فيها الإجماع فزعم قوم خرمه، وتبين خطأ زعمه، ومن أمثلة ذلك:
أن غير واحد من أهل العلم كالطحاوي
(2)
والقاضي عياض
(3)
وابن جرير
(4)
:
(1)
انظر: «التسعينية» لابن تيمية (2/ 492).
(2)
نقله عنه القاضي عياض في «الشفا» (2/ 62).
وقال الطحاوي في «أحكام القرآن» (1/ 181): «الشافعي رحمه الله ذهب إلى أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مفروضة على الناس بعقب التشهد في أواخر صلاتهم، وأن صلواتهم لا تجزيهم دون ذلك، وقد خالفه في ذلك من سواه من أهل العلم» .
(3)
انظر: «الشفا» للقاضي عياض (2/ 61).
(4)
كابن جرير الطبري، نقله عنه القاضي عياض في «الشفا» (2/ 62).
حكوا الإجماع على أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليست واجبة في التشهد الأخير.
فحاول بعض أهل العلم أن يبين أن هذا الإجماع مخروم فنقل ذلك عن أبي مسعود البدري وعن ابن مسعود الهذلي وعن أبي جعفر الباقر
(1)
.
ثم تبين أن نقله عن ابن مسعود وهمٌ
(2)
، وإنما هو من قول أبي مسعود البدري، وإسناد أبي مسعود البدري ضعيف كما بينه البيهقي
(3)
وغيره.
فلم يبق إلا النقل عن أبي جعفر الباقر الذي قال بعضهم فيه: إنه محفوظ. إلا أن إسناد أبي جعفر لا يصح؛ فيه حجاج بن أرطأة وهو معروف بضعفه
(4)
.
والبيهقي مع أنه شافعي لما ساق إسناد أبي جعفر لم يسقه إلا من طريق ابن أرطاة، ومعلوم أن البيهقي يسعى إلى نصرة المذهب الشافعي- وقد ذكر عنه ابن تيمية في «الرد على البكري» أنه يذكر ما للشافعية دون ما عليهم
(5)
-، فلو كان عنده من طريق صحيح لبينه، وهو أراد أن ينصر قول الشافعية في هذه المسالة، وأراد أن ينسب هذا القول لأبي جعفر الباقر، ولم ينسبه إلا من طريق ضعيف.
ونسبه إلى الشعبي
(6)
بلا إسناد ولو كان عند البيهقي إسناد صحيح لما
(1)
انظر تلك النقولات: في «السنن الكبرى» للبيهقي (2/ 379)،. وفي «جلاء الأفهام» (ص: 333)
(2)
قال البيهقي في «السنن الكبرى» (2/ 379) عقب رواية ابن مسعود: «كذا قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه والله أعلم» .
قال ابن القيم في «جلاء الأفهام» (ص:57): «فإن يحيى بن السباق وشيخه - وكلاهما من رجال الإسناد - غير معروفين بعدالة ولا جرح» .
(3)
انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (2/ 379)، حيث قال:«تفرد به جابر الجعفي، وهو ضعيف» .
وقال في «معرفة السنن والآثار» (3/ 69): «وجابر هذا هو الجعفي وهو ضعيف» .
(4)
وممن ضعفه ابن سعد. انظر «الطبقات الكبرى» لابن سعد (6/ 359)
(5)
انظر: «رد ابن تيمية على البكري» (1/ 78).
(6)
انظر: «السنن الكبرى» للبيهقي (2/ 379).