الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَلَا يُسْتَوْفَى الْقِصَاصُ إِلَّا بِحَضْرَةِ السُّلْطَانِ،
ــ
«الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «النَّظْمِ» . وهذا المذهبُ على ما يأتى فى بابِ العاقِلَةِ. والرِّوايةُ الثَّانيةُ، يضْمَنُها فى مالِه. قدَّمه فى «الرِّعايَتَيْن» . وإنْ ألْقَتْه حيًّا ثم ماتَ، وقُلْنا: يضْمَنُه السُّلْطانُ. فهل تجِبُ دِيَتُه على عاقِلَةِ الإِمامِ، [أو فى بَيْتِ المالِ؟ على رِوايتَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ»، و «المُذْهَبِ»، و «المُسْتَوْعِبِ»؛ إحْداهما، تجِبُ على عاقِلَةِ الإِمامِ](1). قدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» . والرِّوايةُ الثَّانيةُ، تجِبُ فى بَيْتِ المالِ؛ لأنَّه مِن خَطَأِ الإِمامِ، على ما يأْتى. قلتُ: وهذا المذهبُ؛ لأَنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ خَطَأ الإِمامِ والحاكِمِ فى بَيْتِ المالِ، على ما يأتى فى كلام المُصَنِّفِ، فى أوائلِ بابِ العاقِلَةِ.
قوله: ولا يُسْتَوْفَى القِصاصُ إلّا بحَضْرَةِ السُّلْطانِ. أو نائِبِه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّر» ، و «الحاوِى» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ،
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. ويَحْتَمِلُ أن يجوزَ الاسْتِيفاءُ بغيرِ حُضورِ السُّلْطانِ إذا كانَ القِصاصُ فى النَّفْسِ. واخْتارَه الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين. [ويُسْتَحَبُّ أن يُحْضِرَ (1) شاهِدَيْن](2).
فائدتان؛ إحْداهما، لو خالَفَ، واسْتَوْفَى مِن غيرِ حُضورِه، وقَع مَوْقِعَه، وللسُّلْطانِ تعْزِيرُه. وقال فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ويُعَزِّرُه
(1) فى أ: «يحضره» .
(2)
سقط من: ط.
وَعَلَيْهِ تَفَقُّدُ الْآلةِ الَّتِى يُسْتَوْفَى بِهَا الْقِصَاصُ، فَإِنْ كَانَت كَالَّةً، مَنَعَهُ الاسْتِيفَاءَ بِهَا، وَيَنْظُرُ فِى الْوَلِىِّ، إِنْ كَانَ يُحْسِنُ الِاسْتِيفَاءَ وَيَقْدِرُ عَلَيْهِ، أَمْكَنَهُ مِنْهُ،
ــ
الإِمامُ لافْتِياتِه. فظاهِرُه الوُجوبُ. وقال فى «عُيونِ المَسائلِ» : لا يعَزِّرُه؛ لأنَّه حقٌّ له كالمالِ. ونقَل صالِحٌ، وابنُ هانِئٍ مثْلَه.
الثَّانيةُ، قال فى «النِّهايَةِ»: يُسْتَحَبُّ للسُّلْطانِ أن يُحْضِرَ القِصاصَ عدْلَيْن فَطِنيْن، حتَّى لا يقَعَ حَيْف ولا جُحودٌ. وقالَه فى «الرِّعايَةِ» وغيرِه.
وإلَّا أَمَرَهُ بِالتَّوْكِيلَ،
ــ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
وَإِنِ احْتَاجَ إِلَى أجْرَةٍ، فَمِنْ مَالِ الْجَانِى،
ــ
قوله: وإنِ احْتاجَ إلى أُجْرَةٍ، فمِن مالِ الجانِى. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، كالحَدِّ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «البُلْغَةِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وقيل: مِن مُسْتَحِقِّى الجِنايَةِ. وقال بعضُ الأصحابِ: يُرْزَقُ مِن بَيْتِ المالِ رجُلٌ يَسْتوْفِى الحُدودَ والقِصاصَ.
وَالْوَلِىُّ مُخَيَّرٌ بَيْنَ الِاسْتِيفَاءِ بِنَفْسِهِ إِنْ كَانَ يُحْسِنُ، وَبَيْنَ التَّوْكِيلِ. وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِىَ فِى الطَّرَفِ بِنَفْسِهِ بِحَالٍ.
ــ
وقال أبو بَكْرٍ: يُسْتَأْجَرُ مِن مالِ الفَىْءِ، فإنْ لم يكُنْ، فمِن مالِ الجانِى.
قوله: والوَلِىُّ مُخَيَّرٌ بينَ الاسْتِيفاءِ بنَفْسِه إنْ كانَ يُحْسِنُ، وبينَ التَّوْكِيلِ. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه، جماهيرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الشَّرحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.
وقيل: ليس له أن يَسْتَوْفِىَ فى الطَّرَفِ بنَفْسِه بحال. وهو تخْرِيجٌ للقاضى. وقيل: يَتَعَيَّنُ التَّوْكيلُ فى الطَرَفِ. ذكره فى «الرِّعايَةِ» . وقيل: يُوَكِّلُ فيهما، كما لو كانَ يَجْهَلُه.
وَإِنْ تَشَاحَّ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ فِى الِاسْتِيفَاءِ، قُدِّمَ أَحَدُهُمْ بِالْقُرْعَةِ.
ــ
قوله: وإنْ تَشاحَّ أَوْلِياءُ المَقْتُولِ فى الاسْتِيفاءِ، قُدِّمَ أحَدُهم بالقُرْعَةِ. هذا المذهبُ. جزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «البُلْغَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ الفِقْهِيَّةِ»: هذا المَشْهورُ. وقيل: يُعَيِّنُ الإِمامُ أحدَهم. واختارَه ابنُ أبى موسى. فعلى المذهبِ، مَن وقَعَتْ له القُرْعَةُ يُوَكِّلُه الباقُون.
فائدتان؛ إحْداهما، لو اقْتَصَّ الجانِى مِن نَفْسِه، ففى جَوازِه برِضَا الوَلِىِّ وَجْهان. وأَطْلَقهما فى «الفُروعِ» ، أحدُهما، يجوزُ. وهو الصَّحيحُ. جزَم به فى «المُنَوِّرِ» ، و «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
والثَّانى، لا يجوزُ. صحَّحه فى «النَّظْمِ» . وهو ظاهِرُ كلامِه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وصحح فى «التَّرْغيبِ» ، لا يقَعُ ذلك قَوَدًا. وقال فى «البُلْغَةِ»: يقَعُ ذلك قَوَدًا. وقال فى «الرِّعايَةِ» : يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. قال: ولو أقامَ حَدَّ زِنًى أو قَذْفٍ على نَفْسِه بإذْنٍ، لم يسْقُطْ، بخِلافِ قَطْعِ مَرِقَةٍ. ويأتِى إذا وجَب عليه حَدٌّ، هل يسقُطُ بإقامَتِه على نَفْسِه بإذْنِ الإِمامِ، أمْ لا؟ فى كتابِ الحُدودِ.
الثَّانيةُ، يجوزُ له أن يخْتِنَ نفْسَه إنْ قَوِىَ عليه وأحْسَنَه. نصَّ عليه؛ لأنَّه يسِير، وتقدَّم ذلك فى بابِ السِّواكِ. وليس له القَطْعُ فى السَّرِقَةِ لفَواتِ الرَّدْعِ. وقال القاضى: على أنَّه لا يَمْتَنِعُ القَطْعُ بنَفْسِه، وإنْ منَعْناه، فلأنَّه رُبَّما اضْطَرَبَتْ يَدُه فجَنَى على نفْسِه. ولم يَعْتَبِرِ القاضى على جَوازِه إِذْنًا. قال فى «الفُروعِ»: ويتَوَجَّهُ اعْتِبارُه. قال: وهو مُرادُ القاضى. وهل يقَعُ الموْقِعَ؟ يتوَجَّهُ على الوَجْهَيْن فى القَوَدِ. قال: ويتَوَجَّهُ احْتِمالُ تخْرِيجٍ فى حَدِّ زِنًى وقَذْفٍ وشُرْبٍ، كحدِّ سَرِقَةٍ، وبينَهما فَرْقٌ؛ لحُصولِ المَقصودِ فى القَطْعِ فى السَّرِقَةِ، وهو قَطْعُ العُضْوِ الواجِبِ قَطْعُه، وعدَمُ حُصولِ الرَّدْعِ والزَّجْرِ بجَلْدِه نفْسَه. وقد يقالُ: بحُصولِ الرَّدْعَ والزَّجرِ بحُصولِ الألمَ والتَّأذى بذلك. انتهى.