الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَيُشْتَرَطُ لِلْقِصَاصِ فى الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أَحَدُهَا، الْأَمْنُ مِنَ الْحَيْفِ، بأَنْ يَكُونَ الْقَطْعُ مِنْ مَفْصِلٍ، أَوْ لَهُ حَدٌّ يَنْتَهِى إِلَيْهِ، كَمَارِنِ الْأَنْفِ، وَهُوَ مَا لَانَ مِنْهُ، فَإِنْ قَطَعَ الْقَصَبَةَ، أَو قَطَعَ مِنْ نِصْفِ السَّاعِدِ أوِ السَّاقِ، فَلَا قِصَاصَ فى أَحدِ الْوَجْهَيْنِ، وَفِى الْآخَرِ، يَقْتَصُّ حَدِّ الْمَارِنِ، وَمِنَ الْكُوعِ وَالْكَعْبِ. وَهَلْ يَجِبُ لَهُ أَرْشُ الْبَاقِى؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
و «الفُروعِ» ؛ أحدُهما، يجْرِى القِصاصُ فيه. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . واخْتارَه أبو الخَطَّابِ. والوَجْهُ الثَّانى، لا يجْرِى القِصاصُ فيه. قلتُ: وهو الصَّوابُ. وقال فى «الخُلاصَةِ» : فلا قِصاصَ فيه فى الأَظْهَرِ. واخْتارَه القاضى. وصحَّحه فى «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» .
تنبيه: ظاهِرُ قوْلِه: ويُشْتَرَطُ للقِصاصِ فى الطَّرَفِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ؛ أحدُها، الأمْنُ مِنَ الحَيْفِ. أنَّه لا يجِبُ القِصاصُ فى اللَّطْمَةِ ونحوها؛ لأنَّه لا يُؤْمَنُ فى ذلك
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنَ الحَيْفِ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه الأصحابُ. ونقَل حَنْبَلٌ، والشَّالَنْجِىُّ، القَوَدُ فى اللَّطْمَةِ ونحوِها. ونقَل حَنْبلٌ، قال الإِمامُ أحمدُ: الشَّعْبِىُّ، والحَكَمُ، وحَمَّادٌ، قالوا: ما أصابَ بسَوْطٍ أو عصًا، وكانَ دُونَ النَّفْسِ، ففيه القِصاصُ (1). قال أحمدُ: وكذا أرَى. ونقَل أبو طالِبٍ، لا قِصاصَ بينَ المرْأةِ وزَوْجِها فى أدَبٍ يُؤَدِّبُها به، فإنِ اعْتَدَى، أو جرَح، أو كسَر، يُقْتَصُّ لها منه. ونقَل ابنُ مَنْصُورٍ، إذا قَتَلَه بعَصًا، أو خَنَقَه، أو شدَخ رأَسَه بحَجَرٍ، يُقْتَلُ بمِثْلِ
(1) أخرجه ابن أبى شيبة، فى: باب شبه العمد على من يكون، من كتاب الديات. المصنف 9/ 281. وانظر: نصب الراية 4/ 332.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الذى قتَل به؛ لأَنَّ الجُروحَ قِصاصٌ. ونقَل أيضًا، كلُّ شئٍ مِنَ الجِراحِ والكَسْرِ، يُقْدَرُ على الاقْتِصاصِ، يُقْتَصُّ منه؛ للأَخْبارِ. واخْتارَ ذلك الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، وقال: ثَبَتَ ذلك عنِ الخُلَفاءِ الرَّاشِدِين، رَضِىَ اللَّهُ تعالَى عنهم.
تنبيهان؛ أحدُهما، تقدَّم فى أَثْناءِ الغَصْبِ (1)، قُبَيْلَ قوْلِه: فإنْ كانَ مَصُوغًا أو
(1) فى: 15/ 266.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
تِبْرًا، هل يُقْتَصُّ فى المالِ، مِثْلُ شَقِّ ثوْبِه ونحوِه؟
الثَّانى، قوْلُه: ويُشْتَرَطُ للقِصاصِ فى الطَّرَفِ الأَمنُ مِنَ الحَيْفِ. قال الزَّرْكَشِىُّ: واعلمْ أنَّ ظاهِرَ كلامِ ابنِ حَمْدانَ -تَبَعًا لأبى محمدٍ- أنَّ المُشْتَرَطَ لوُجوبِ القِصاصِ، أمْنُ الحَيْفِ، وهو أخصُّ مِن إمْكانِ الاسْتِيفاءِ [بلا حَيْفٍ، والخِرَقِىُّ إنَّما اشْتَرَطَ إمْكانَ الاسْتِيفاءِ بلا حَيْفٍ، وتَبِعَه أبو محمدٍ فى «المُغْنِى»، والمَجْدُ، وجعَل المَجْدُ أمْنَ الحَيْفِ شَرْطًا لجوازِ الاسْتِيفاءِ](1). وهو التَّحْقيقُ. وعليه، لو أقْدَمَ واسْتَوْفَى ولم يَتَعَدَّ، وقَع المَوْقِعَ، ولا شئَ عليه. وكذا صرَّح المَجْدُ. وعلى مُقْتَضَى قولِ ابنِ حَمْدانَ وما فى «المُقْنِعِ» ، تكونُ جِنايَةً مُبْتَدَأَةً، يتَرَتَّبُ عليها مُقْتَضَاها. انتهى. قلتُ: الذى يظْهَرُ، أنَّه لا يَلْزَمُ ما قالَه عن
(1) سقط من: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
ابنَ حَمْدانَ، والمُصَنِّفِ، إذا أقْدَمَ واسْتَوْفَى. أكثرُ ما فيه، أنَّا إذا خِفْنَا الحَيْفَ، منَعْناه مِنَ الاسْتِيفاءِ، فلو أقْدَمَ وفعَل، ولم يحْصُلْ حَيْفٌ، فليس فى كلامِهما ما يقْتَضِى الضَّمانَ بذلك.
قوله: فإنْ قطَع القَصَبَةَ، أو قطَع مِن نِصْفِ السَّاعِدِ أوِ السَّاقِ -وكذا لو قطَع مِنَ العَضُدِ، أوِ الوَرِكِ- فلا قِصاصَ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن. وهو المذهبُ. نصَّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
عليه. وعليه الأصحابُ. قال فى «الهِدايَةِ» : هو المَنْصوصُ واخْتِيارُ أبى بَكْرٍ، والأصحابِ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الهادِى» ، وغيرِهم: قال أصحابُنا: لا قِصاصَ.
وفى الوَجْهِ (1) الآخَرِ، يُقْتَصُّ مِن حدِّ المارِنِ، ومِنَ الكُوعِ، والمَرْفِقِ، [والرُّكْبَةِ، والكَعْبِ](2). وهو احْتِمالَ فى «الهِدايَةِ» . واخْتارَه أبو بَكْرٍ فيما قُطِعَ مِن نِصْفِ الكَفِّ، أو زادَ قطْعَ الأصابِعِ. ذَكَرَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. فعلى
(1) فى الأصل: «الوجيز» .
(2)
بياض فى: الأصل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
المذهبِ، لو قطَع يَدَه مِنَ الكُوعِ، ثم تآكَلَتْ إلى نِصْفِ الذِّراعِ، فلا قَوَدَ له أيضًا؛ اعْتِبارًا بالاسْتِقْرارِ. قالَه القاضى، وغيرُه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن». وصحَّحه النَّاظِمُ. وقال المَجْدُ: يُقْتَصُّ هنا مِنَ الكُوعِ أوِ الكَعْبِ.
قوله: وهل يَجِبُ له أَرْشُ الباقى؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ،
فَإِذَا أَوْضَحَ إِنْسَانًا، فَذَهَبَ ضَوْءُ عَيْنِهِ، أَوْ سَمْعُهُ، أَوْ شَمُّهُ، فَإِنَّهُ
ــ
و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ؛ أحدُهما، لا يجِبُ له أَرْشٌ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ». وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. قال الزَّرْكَشِىُّ: هذا أشْهَرُ الوَجْهَيْن. والوَجْهُ الثَّانى، له الأَرْشُ. اخْتارَه ابنُ حامِدٍ. قدَّم فى «المُغْنِى» ، فى قَصَبَةِ الأَنْفِ حُكُومَةٌ مع القِصاصِ. وقال فى مَن قُطِعَ مِن نِصْفِ الذِّراعِ: ليس له القَطْعُ مِن ذلك المَوْضِعِ، وله نِصْفُ الدِّيَةِ، وحُكُومَةٌ فى المَقْطُوعِ مِنَ الذِّراعِ، وهل له أَنْ يقْطَعَ مِنَ الكُوعِ؟ فيه وَجْهان. ومَن جوَّزَ له القَطْعَ مِنَ الكُوعِ، فعندَه فى وُجوبِ الحُكُومَةِ لِمَا قُطِعَ مِن الذِّراعِ وَجْهان.
تنبيه: الخِلافُ هنا يعُودُ على كِلا الوَجْهَيْن، يعْنِى، سواءٌ قُلْنا: يُقْتَصُّ، أو لا يُقْتَصُّ. قال فى «الفُروعِ»: وعليهما فى أرْشِ الباقِى، ولو خَطَأً، وَجْهان. وصاحِبُ «الوَجيزِ» ، إنَّما حكَى ذلك على القَوْلِ بأنَّه لا قِصاصَ، مع أنَّ ظاهِرَ كلامِه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، والمُصَنِّفِ هنا، أنَّ الخِلافَ على الوَجْهِ الثَّانى، وهو القَوْلُ بالقِصاصِ. وعلى كلِّ حالٍ، الخِلافُ جارٍ فى المَسْألتَيْن.
قوله: وإذا أَوْضَحَ إنْسانًا، فذَهَب ضَوْءُ عيْنِه، أَو سَمْعُه، أَو شَمُّه، فإنَّه يُوضِحُه، فإنْ ذهَب ذلك، وإلَّا اسْتَعْمَلَ فيه ما يُذْهِبُه مِن غَيْرِ أَنْ يَجْنِىَ على
يُوضِحُه، فَإِنْ ذَهَبَ ذَلِكَ، وَإِلَّا اسْتَعْمَلَ فِيهِ مَا يُذْهِبُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْنِىَ عَلَى حَدَقَتهِ، أَوْ أُذُنِهِ، أَوْ أَنْفِهِ،
ــ
حَدَقَتِه، أو أُذُنِه، أو أَنْفِه. هذا المذهبُ، أعْنِى اسْتِعْمالَ ما يُذْهِبُ ذلك. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به كثيرٌ منهم، منهم صاحِبُ «المُنَوِّرِ». قال فى «الفُروعِ»: هذا الأشْهَرُ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وقيل: يَلْزَمُه دِيَتُه مِن غيرِ اسْتِعْمالِ ما يُذْهِبُه. وهل يَلْزَمُه فى مالِه أو على عاقِلَتِه؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». قلتُ: الصَّوابُ وُجوبُها عليه. ولو أذْهَبَ ذلك عَمْدًا بشَحةٍ لا قَوَدَ فيها، أو لَطْمَةٍ، فهل يُقْتَصُّ منه بالدَّواءِ، أو تَتَعَيَّنُ دِيَتُه مِن الابْتِداءِ؟ على الوَجْهَيْن المُتَقَدِّمَيْن.
فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إِلَّا بِالْجِنَايَةِ عَلَى هَذِهِ الْأَعْضَاءِ، سَقَطَ.
ــ
[فائدة: وكذا الحُكْمُ فيما إذا لَطَمَه، فأَذْهَبَ ضَوْءَ عيْنِه (1) أو غيرَها](2).
تنبيهان، أحدُهما، قوْلُه: وإنْ لم يُمْكِنْ إلَّا بالجِنايَةِ على هذه الأعْضاءِ،
(1) فى أ: «عينيه» .
(2)
سقط من: ط.