المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب العفو عن القصاص - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٥

[المرداوي]

الفصل: ‌باب العفو عن القصاص

‌بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقِصَاصِ

ــ

بابُ العَفْوِ عنِ القِصاصِ

ص: 201

وَالْوَاجِبُ بِقَتْلِ الْعَمْدِ أحَدُ شَيْئَيْنِ؛ الْقِصَاصُ أوِ الدِّيَةُ، فِى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَالْخِيَرَةُ فِيهِ إِلَى الْوَلِىِّ، إِنْ شَاءَ اقْتَصَّ، وَإِنْ شَاءَ أخَذَ الدِّيَةَ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا إِلَى غَيْرِ شَىْءٍ، وَالْعَفْوُ أَفْضَلُ.

ــ

قوله: والواجِبُ بقَتْلِ العَمْدِ أحَدُ شَيْئَيْن؛ القِصاصُ أَوِ الدِّيَةُ، فى ظاهِرِ المذهبِ -هذا المذهبُ المَشْهورُ، المَعْمولُ به فى المذهبِ، وعليه الأصحابُ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وعنه، أن الواجبَ القِصاصُ عَينًا. فعلى المذهبِ-

ص: 202

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الخِيَرَةُ فيه إلى الوَلىِّ؛ فإن شاءَ اقْتَصَّ، وإنْ شاءَ أخَذ الدِّيَةَ، وإنْ شاءَ عفَا إلى غيرِ شئٍ، والعَفْوُ أفْضَلُ. بلا نِزاعٍ فى الجملةِ. وقال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ: اسْتِيفاءُ الإنْسانِ حقَّه مِنَ الدَّمِ عَدْلٌ، والعَفْوُ إحْسانٌ، والإحْسانُ هنا أفْضَلُ، لكِنَّ هذا الإِحْسانَ لا يكونُ إحْسانًا إلَّا بعدَ العَدْلِ، وهو أن لا يحْصُلَ بالعَفْوِ ضرَرٌ، فإذا حصَل به ضرَرٌ كان ظُلْمًا مِنَ العافِى، إمَّا لنَفْسِه وإما لغيرِه، فلا يُشْرَعُ. قلتُ:

ص: 203

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وهذا عَيْنُ الصَّوابِ. ويأتِى بعضُ ذلك فى آخِرِ المُحارِبين. وقال فى «القاعِدَةِ الرَّابعَةِ والأرْبَعِين بعدَ المِائَةِ» : قال الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّين: مُطالبَةُ المَقْتولِ بالقِصاصِ تُوجِبُ تَحَتُّمَه، فلا يُمَكَّنُ الوَرَثَةُ بعدَ ذلك مِنَ العَفْوِ.

ص: 204

فَإِنِ اخْتَارَ الْقِصَاصَ، فَلَهُ الْعَفْوُ عَلَى الدِّيَةِ،

ــ

وعلى المذهبِ، إنِ اخْتارَ القِصاصَ، فله العَفْوُ على الدِّيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لأَنَّ القِصاصَ أعْلَى، فكانَ له الانْتِقالُ إلى الأدْنَى، ويكونُ بَدلًا عن القِصاصِ، وليستْ هذه الدِّيَةُ هى التى وَجَبَتْ بالقَتْلِ. وعلى هذا أكثرُ الأصحابِ. قال فى «الفُروعِ»: فله ذلك فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الكافِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم. وهو قوْلُ القاضى، وابنِ عَقِيلٍ، وغيرِهما. وقيل:

ص: 205

وَإِنِ اخْتَارَ الدِّيَةَ سَقَطَ الْقِصَاصُ، وَلَمْ يَمْلِكْ طَلَبَهُ.

ــ

ليس له ذلك؛ لأنَّه أسْقَطَها باخْتِيارِه القِصاصَ، فلم يَعُدْ إليها. وهو احْتِمالٌ فى «المُغْنِى» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وهو وَجْهٌ فى «التَّرْغيبِ» . [وعلى المذهبِ أيضًا، إن اخْتارَ الدِّيَةَ سقَط القِصاصُ، ولم يَمْلِكْ طلَبَه. كما قال المُصَنِّفُ](5). وعلى المذهبِ أيضًا، لوِ اخْتارَ القِصاصَ كانَ له الصُّلْحُ على أكثرَ مِنَ الدِّيَةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ؛ لِمَا تقدَّم، وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقيل: ليس له ذلك. واخْتارَه فى «الانْتِصارِ» . وبعضُ المُتَأخِّرِين مِنَ الأَصحابِ. وتقدّم ذلك فى كلامِ المُصَنِّفِ، فى بابِ الصُّلْحِ، حيثُ قال: ويصِحُّ الصُّلْحُ

ص: 206

وَعَنْهُ، أَنَّ الْوَاجِبَ الْقِصَاصُ عَينًا، وَلَهُ الْعَفْوُ الَى الدِّيَةِ وَإِنْ سَخِطَ الْجَانِى.

ــ

عنِ القِصاصِ بدِياتٍ وبكُلِّ ما يثْبُتُ مَهْرًا، واسْتَوْفَيْنا الكلامَ هناك، فلْيُعاوَدْ.

قوله: وله العَفْوُ إلى الدِّيَةِ وإنْ سَخِطَ الجانِى. يعْنِى إذا قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. وهذا هو الصَّحيحُ على هذه الرِّوايةِ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الفُروعِ». واخْتارَه ابنُ حامِدٍ وغيرُه. قال فى «المُحَرَّرِ»: وعنه، مُوجِبُه القَوَدُ [عَينًا، مع التَّخْيِيرِ بينَهما. وعنه، أنَّ مُوجِبَه القَوَدُ عَينًا، وأنَّه ليس له العَفْوُ على الدِّيَةِ بدُونِ رِضَا الجانِى، فيكونُ قَوَدُه بحالِه](1). انتهى. فعلى هذه الرِّوايةِ، إذا لم يرْضَ الجانِى، فقَوَدُه باقٍ، ويجوزُ له

(1) سقط من: الأصل.

ص: 207

فَإِنْ عَفَا مُطلَقًا، وَقُلْنَا: الْوَاجِبُ أحَدُ شَيْئَيْنِ فَلَهُ الدِّيَةُ. وإِنْ قُلْنَا: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ عَيْنًا. فَلَا شَىْءَ لَهُ.

ــ

الصُّلْحُ بأكثرَ مِنَ الدِّيَةِ. وقال الشِّيرَازِىُّ: لا شئَ له، ولو رَضِىَ. وشذَّذَه الزَّرْكَشِىُّ.

قوله: فإن عَفا مُطْلَقًا، وقُلْنا: الواجبُ أحَدُ شَيْئَيْن. فله الدِّيَةُ. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ» : وإنْ عَفا مُطْلَقًا، أَو على غيرِ مالٍ؛ أو عنِ القَوَدٍ مُطْلَقًا، ولو عن يَدِه، فله الدِّيَةُ على الأصحِّ، على الرِّوايةِ الأُولَى خاصَّة. وقال فى «الرِّعايتَيْن»: وإنْ عَفا مُطْلَقًا، وقلنا: يجِبُ بالعَمْدِ قَوَدٌ أو دِيَةٌ. وجبَتْ على الأصحِّ، وإنْ قُلْنا: القَوَدُ فقطْ. سقَطا. وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم.

ص: 208

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وعنه، ليس له شئٌ. وقال فى «القاعِدَةِ السَّابعَةِ والثَّلاِثين بعدَ المِائَةِ»: لو عَفا عنِ القِصاصِ، ولم يذْكُرْ مالًا، فإن قُلْنا: مُوجِبُه القِصاصُ عَيْنًا. فلا شئَ له، وإنْ قُلْنا: أحدُ شَيْئَيْن. ثبَت المالُ. وخرَّج ابنُ عَقِيلٍ، أَنَّه إذا عَفا عنِ القَوَدِ، سقَط، ولا شئَ له بكُلِّ حالٍ، على كلِّ قولٍ. قال صاحِبُ «القَواعِدِ»: وهذا ضعيفٌ. انتهى. وقال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: ومَن قال لمَن عليه قودٌ فى نَفْسٍ أو طَرَفٍ: قد عفَوْتُ عنك، أبى عن جنايتك. فقد بَرِئَ مِن قَوَدِ ذلك ودِيَتِه. نصَّ عليه. وقيل: لا يَبْرَأُ مِنَ الدِّيَةِ، إلا أَنْ يُقِرَّ العَافِى إنّه أرادَها بلَفْظِه. وقيل: يَبْرأُ منها، إلَّا أن يقولَ: إنَّما أرَدْتُ القَوَدَ دُونَ الدِّيَةِ. فيُقْبَلُ منه مع يَمِينِه. انتهى. وقال فى «التَّرْغيبِ» : إنْ قُلْنا: الواجِبُ القَوَدُ وحدَه. سقَط ولا دِيَةَ، وإنْ قُلْنا: أحدُ شَيْئَيْن. انْصرَفَ العَفْوُ إلى القِصاصِ، فى أصحِّ الرِّوايتَيْن، والأُخْرى؛ يسْقُطان جميعًا. ذكَرَه فى «القَواعِدِ» .

فائدة: لو عَفا عنِ القَوَدِ إلى غيرِ مالٍ مُصَرِّحًا بذلك، فإن قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. فلا مالَ له فى نفْسِ الأمْرِ، وقوْلُه هذا لَغوٌ، وإنْ قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شَيْئَيْن. سقَط القِصاصُ والمالُ جميعًا. فإن كان ممَّن لا تَبَرُّعَ له؛ كالمَحْجورِ عليه لفَلَس، والمُكاتَبِ، والمَرِيضِ فيما زادَ على الثُّلُثِ، والوَرَثَةِ

ص: 209

وَإِنْ مَاتَ الْقَاتِلُ، وَجَبَتِ الدِّيَةُ فِى تَرِكَتِهِ،

ــ

مع اسْتِغْراق الدُّيونِ للتَّرِكَةِ، فوَجْهان؛ أحدُهما، لا يسْقُطُ المالُ. وهو المَشْهورُ، قالَه فى «القَواعِدِ» . والثَّانى، يسْقُطُ. وفى «المُحَرَّرِ» ، أنَّه المَنْصوصُ. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أن العَفْوَ لا يصِح فى قَتْلِ الغِيلَةِ؛ لتعَذُّر الاحْتِرازِ، كالقَتْلِ مُكابَرَةً. وذكَر القاضى وَجْهًا فى قاتلِ الأئِمَّةِ، يُقْتَلُ حدًّا؛ لأَنَّ فَسادَه عامٌّ أَعْظَمُ مِنَ المُحارِبِ.

قوله: وإنْ ماتَ القاتِلُ، وجَبَتِ الدِّيَةُ فى تَرِكَتِه. وكذا لو قُتِلَ. وهذا هو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وصححه فى «النَّظْمِ» . وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «الحاوِى» فى الموتِ، وقدَّماه فى القَتْلِ. وقيل: تسْقُطُ بمَوْتِه. واخْتارَ الشَّيْخُ تَقِىُّ الدِّينِ، أنَّها تسْقُطُ بمَوْتِه وقَتْلِه. وخرَّجه وَجْهًا؛ وسواءٌ كان مُعْسِرًا، أو مُوسِرًا، وسواءٌ قُلْنا:[الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا، أو](1) الواجِبُ أحدُ شَيْئَيْن. وعنه، يَنْتَقِلُ الحقُّ إذا قُتِلَ إلى القاتلِ الثَّانى، فيُخَيَّرُ أوْلياءُ القَتِيلِ الأَوَّلِ بينَ قتْلِه، أوِ العَفْوِ عنه. وقال فى «الرِّعايَةِ»: وقيل: إنْ قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شيْئَيْن. وجَبَتِ الدِّيَةُ فى تَرِكَتِه، وإنْ قُلْنا: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. احْتَمَلَ وَجْهَيْن. وذكَر فى «القَواعِدِ» النَّصَّ عن أحمدَ، وقال: وعلَّلَ بأن الواجِبَ بقَتْلِ العَمْدِ أحدُ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 210

وَإِذَا قَطَعَ إِصْبَعًا عَمْدًا، فَعَفَا عَنْهُ، ثُمَّ سَرَتْ إِلَى الْكَفِّ أَوِ النَّفْسِ، وَكَانَ الْعَفْوُ عَلَى مَالٍ، فَلَهُ تَمَامُ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَفَا عَلَى غَيْرِ مَالٍ، فَلَا شَىْءَ لَهُ، عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَيَحْتَمِلُ أنَّ لَهُ تَمَامَ الدِّيَةِ، وَإِنْ عَفَا مُطْلَقًا، انْبَنَى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِى مُوجَبِ الْعَمْدِ.

ــ

شيْئَيْن، وقد فاتَ أحدُهما، فتَعَيَّنَ الآخَرُ. قال: وهذا يدُلُّ على أنَّه لا يجِبُ شئٌ إذا قُلْنا: الواجِبُ القَوَدُ عَيْنًا. وقال القاضى: يجبُ مُطْلَقًا.

قوله: وإذا قطَع إصْبَعًا عَمْدًا، فعَفا عنه، ثم سَرَتْ إلى الكَفِّ أو النَّفْس، وكان العَفْوُ على مالٍ، فله تمامُ الدِّيَةِ. يعْنِى، تمامَ دِيَةِ ما سرَتْ إليه. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ». وقال فى «الرِّعايَةِ»: وإنْ قطَع إصْبَعًا عَمْدًا، فعَفا عنها، فسَرَتْ إلى

ص: 211

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الكَفِّ، فقال: لم أعف عنِ السِّرايَةِ، ولا عنِ الدِّيَةِ. صُدِّقَ أَنْ حَلَفَ، وله دِيَةُ كفِّه. وقيل: دُونَ إصْبَع. وقيل: تُهْدَر كفُّه بعَفْوِه. وإنْ سرَتْ إلى نفسِه، وجبَتِ الدِّيَةُ فقط. وقيل: إنْ كانَ العَفْوُ إلى مالٍ، وإلا فلا. وقيل: يجبُ نِصْفُها. وقيل: الكُلُّ هَدَرٌ.

قوله: وإنْ عَفا على غيرِ مالٍ، فلا شئَ له، فى ظاهِرِ كَلَامِه -وكذا قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» - ويَحْتَمِلُ أنَّ له تَمامَ الدِّيَةِ. وهو المذهبُ. وقدَّمه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وقيل: يجِبُ نِصْفُ الدِّيَةِ. وقال القاضى: القِياسُ أن يرْجِعَ الوَلىُّ بنصْفِ الدِّيَةِ؛

ص: 212

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

لأَنَّ المَجْنِىَّ عليه إنَّما عَفا عن نِصْفِها.

قوله: وإنْ عَفا مُطْلَقًا، انْبَنى على الرِّوَايتَيْن فى مُوجِبِ العَمْدِ. فإن قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شيْئَيْن. فهو كما لو عَفا على مالٍ، وإنْ قيل: الواجِبُ القِصاصُ عَيْنًا. فهو كما لو عَفا إلى غيرِ مالٍ. وقطَع به ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» ، و «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ». وقال فى «الفُروعِ»: فله الدِّيَةُ، على

ص: 213

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الأصحِّ، على الأُولَى خاصَّةً. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: له نِصْفُ الدِّيَةِ. وقيل: تسْقُطُ الدِّيَةُ كلُّها. كما فى ذكَرَهما فى «الرِّعايَةِ» .

ص: 214

وَإِنْ قَالَ الْجَانِى: عَفَوْتَ مُطْلَقًا. أَوْ: عَفَوْتَ عَنْهَا وَعَنْ سِرَايَتِهَا. قَالَ: بَلْ عَفَوْتُ إِلَى مَالٍ. أَوْ: عَفَوْتُ عَنْهَا دُونَ سِرَايَتِهَا. فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ،

ــ

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ص: 215

وَإِنْ قَتَلَ الْجَانِى الْعَافِىَ، فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَقَالَ الْقَاضِى: لَهُ الْقِصَاصُ أَوْ تَمَامُ الدِّيَةِ.

ــ

قوله: ليانْ قتَل الجانِى العافِىَ -عنِ القَطْعِ- فلوَلِيِّه القِصاصُ أوِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وهو المذهبُ. اخْتارَه أبو الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ». وقال القاضى: ليس له إلَّا القِصاصُ أو تَمامُ الدِّيَةِ. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

فائدة: إذا قال لمَن عليه قَوَدٌ: عفَوْتُ عنك، أو عن جِنايَتِك. بَرِئَ مِنَ الدِّيَةِ، كالقَوَدِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. نصَّ عليه. وقيل: يَبْرأُ مِنَ الدِّيَةِ إذا

ص: 216

وَإِذَا وَكَّلَ رَجُلًا فِى الْقِصَاصِ ثُمَّ عَفَا، وَلَمْ يَعْلَمِ الْوَكِيلُ حَتَّى اقْتَصَّ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. وَهَلْ يَضْمَنُ الْعَافِى؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. وَيَتَخرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ، وَيَرْجِعَ بِهِ عَلَى الْمُوَكِّلِ فِى

ــ

قصَدَها بقَوْلِه. وقيل: إنِ ادَّعَى قصدَ القَوَدِ فقطْ، قُبِلَ، وإلَّا برِئَ. وقال فى «التَّرْغيبِ»: إنْ قُلْنا: مُوجِبُه أحدُ شيْئَيْن. بَقِيَتِ الدِّيَةُ فى أصحِّ الرِّوايتَيْن.

قوله: وإذا وكَّلَ رَجُلًا فى القِصاصِ ثم عَفا، ولم يَعْلَمِ الوَكيلُ حتى اقْتَصَّ، فلا شئَ عليه. يعْنِى، على الوَكيلِ. وهذا المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. ويَتَخَرَّجُ أَنْ يَضْمَنَ

ص: 217

أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ وَالْآخَرُ، لَا يَرْجِعُ بِهِ، وَيَكُونُ الْوَاجِبُ حَالًّا فِى مَالِهِ. وَقَاَل أَبُو الْخَطَّابِ: يَكُونُ عَلَى عَاقِلَتِهِ.

ــ

الوَكِيلُ. وهو وَجْهٌ. قال فى «الشَّرْحِ» وغيرِه: وقال غيرُ أبى بَكْرٍ: يُخرَّجُ فى صحَّةِ العَفْوِ وَجْهان؛ بِناءً على الرِّوايتَيْن فى الوَكيلِ، هل ينْعَزِلُ بعَزْلِ المُوَكِّلِ قبلَ عِلْمِه (1)، أمْ لا؟ قلتُ: الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ، أنَّه ينْعَزِلُ. والصَّوابُ أنَّه لا ينْعَزِلُ، كما تقدَّم. فعلى القوْلِ بأنَّ الوَكيلَ يضْمَنُ، فيرْجِعُ به على المُوَكِّلِ فى أحَدِ الوَجْهَيْن؛ لأَنَّه غَرَّهُ. وهو الصَّحيحُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . والوَجْهُ الآخَرُ، لا يرْجِعُ به. اخْتارَه أبو بَكْرٍ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «الخُلاصَةِ» . وأطْلَقهما فى «المُحَرَّرِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . فعلى هذا الوَجْهِ -وهو أنَّه لا يرْجعُ به- يكونُ فى مالِه حالًّا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. اخْتارَه أبو بَكْرٍ، والقاضى. وقدَّمه المُصَنِّفُ، وصاحِبُ «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ». وقال أبو الخَطَّابِ: يكونُ على عاقِلَتِه. اخْتارَه فى

(1) فى الأصل: «فعله» .

ص: 218

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

«الهِدايَةِ» . فعليهما؛ إنْ كانَ عَفا إلى الدِّيَةِ، فهى للعافِى على الجانِى.

قوله: وهل يَضْمَنُ العافى؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. يعْنِى إذا قُلْنا: إن الوَكيلَ لا شئَ عليه. ذكَرَها أبو بَكْرٍ. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ،

ص: 219

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ؛ أحدُهما، لا يضْمَنُ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» . [والوَجْهُ الثَّانى، يضْمَنُ](1).

(1) سقط من: الأصل.

ص: 220

وَإِذَا عَفَا عَنْ قَاتِلِهِ بَعْدَ الجُرْحِ، صَحّ.

ــ

قوله: وَإِنْ عَفا عن قاتلِه بعدَ الجُرْحِ، صَحَّ. سواءٌ كان بلَفْظِ العَفْوِ أوِ الوَصِيَّةِ. وهو المذهبُ. جزَم به فى «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «المُحَرَّرِ» . وعنه فى القَوَدِ، إنْ كان الجُرْحُ لا قَوَدَ مه إذا بَرِئَ، صحَّ، وإلَّا فلا.

ص: 222

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فائدة: لو قال: عَفَوْتُ عنِ الجِنايَةِ وما يحْدُثُ منها. صحَّ، [ولم يَضْمَنِ](1) السِّرايَةَ، فإنْ كانَ عَمْدًا، لم يضْمَنْ شيئًا، وإنْ كان خطَأً، اعْتُبِرَ خُروجُها مِن الثُّلُثِ. قالَه فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» . وظاهِرُ ما قدَّمه فى «الفُروعِ» ، السُّقوطُ مُطْلَقًا، وهو ظاهِرُ كلامِه فى «النَّظْمِ» ، و «المُحَرَّرِ». وإنْ قال: عفَوْتُ عن هذا الجُرْحِ، أو هذه الضَّرْبَةِ. فعنه، يضْمَنُ السِّرايَةَ بقِسْطِها مِنَ الدِّيَةِ. وعنه، لا يضْمَنُ. قدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ، و «المُحَرَّرِ». وإنْ قال: عفَوْتُ عن هذه الجِنايَةِ. وأطْلَقَ، لم يضْمَنِ السِّرايَةَ، وإنْ قصَد بالجِنايَةِ الجُرْحَ، ففيه على المذهبِ فى أصْلِ المَسْألَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «الفُروعِ» . قدَّم فى «النَّظْمِ» عدَمَ الضَّمانِ. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» على الرِّوايَةِ الأُولَى فى التى

(1) فى الأصل: «وإن لم يضمن» .

ص: 223

وَإِنْ أَبْرَأَهُ مِنَ الدِّيَةِ أَوْ وَصَّى لَهُ بِهَا، فَهِىَ وَصِيَّةٌ لِقَاتِلٍ، هَلْ تَصِحُّ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ؛ إِحْدَاهُمَا، تَصِحُّ، وَتُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَصِحَّ عَفْوُهُ عَنِ الْمَالِ، وَلَا وَصِيَّتُهُ بِهِ لِقَاتِلٍ وَلَا غَيْرِهِ،

ــ

قبلَها. وصحَّحه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» .

قوله: وإنْ أَبْرَأَه مِنَ الدِّيَةِ أَو وَصَّى له بها، فهى وَصِيَّةٌ لقاتِلٍ، هل تَصِحُّ؟ على رِوايتَيْن -وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» - إحْداهما، تصِحُّ -وهى المذهبُ- وتُعْتَبَرُ مِنَ الثُّلُثِ. وكذا قال فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ». قال الشَّارِحُ: هكذا ذكَرَه فى كتابِ «المُقْنِعِ» ، ولم يُفَرِّق بينَ العَمْدِ والخَطَأ. والذى ذكَرَه فى «المُغْنِى» ، إنْ كان خطَأً، اعْتُبِرَتْ مِنَ الثُّلُثِ، وإلَّا فلا. وقيل: تصِحُّ مِن كلِّ مالِه. ذكَرَه فى «الرِّعايتَيْن» .

والرِّوايةُ الثَّانيةُ، لا تصِحُّ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وتقدَّم ما يُشابِهُ ذلك فى بابِ المُوصَى له عندَ قوْلِه: إذا جرَحَه ثم أوْصَى له، فماتَ مِنَ الجُرْحِ.

ويَحْتَمِلُ أَنْ لا يصِحَّ عفْوُه عنِ المالِ، ولا وَصِيَّتُه به لقاتِلٍ ولا غيرِه، إذا قُلْنا:

ص: 224

إِذَا قُلْنا: إِنَّهُ يَحْدُثُ عَلَى مِلْكِ الْوَرَثَةِ. وَإِنْ أَبْرَأَ الْقَاتِلَ مِنَ الدِّيَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَى عَاقِلَتِهِ، أَوِ الْعَبْدَ مِنْ جِنَايَتِهِ الَّتِى يَتَعَلَّقُ أَرْشُهَا بِرَقَبَتِهِ،

ــ

يحْدُثُ على مِلْكِ الوَرَثَةِ. وقد تقدَّم أيضًا، فى بابِ المُوصَى به، فيما إذا قُتِلَ وأُخِذَتِ الدِّيَةُ، هل يدْخُلُ فى الوَصِيَّةِ أمْ لا؟ فلْيُراجَعْ. وذكَر فى «التَّرْغيبِ» وَجْهًا، يصِحُّ بلَفْظِ الإِبْراءِ لا (1) الوَصِيَّةِ. وقال فى «التَّرْغيبِ» أيضًا: تُخَرَّجُ فى السِّرايَةِ فى النَّفْسِ رِواياتٌ؛ الصِّحَّةُ، وعدَمُها.

والثَّالثةُ، يجِبُ النِّصْفُ؛ بِناءً على أنَّ صِحةَ العَفْوِ ليس بوَصِيَّةٍ، ويَبْقَى ما قابلَ السِّرايَةَ، لا يصِحُّ الإبْراءُ عنها. قال: وذهبَ ابنُ أبى مُوسى إلى صِحَّتِه فى العَمْدِ وفى الخَطَأ مِن ثُلُثِه. قلتُ: وذكَر أيضًا هذا المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، والشَّارِحُ.

قوله: وإِنْ أَبْرَأَ القاتِلَ مِنَ الدِّيَةِ الواجِبَةِ على عاقِلَتِه، أو العَبْدَ مِن جنَايَتِه التى يتَعَلَّقُ أَرْشُها برَقَبَتِة، لم يَصِحَّ. فى الأُولَى، قوْلًا واحِدًا، ولا يصِحُّ فى الثَّانيةِ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال فى «الفُروعِ»: ولم يصِحَّ فى الأصحِّ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقيل: يصِحُّ إبْراءُ العَبْدِ مِن جِنايَتِه التى يتَعَلَّقُ أرْشُها برَقَبَتِه.

(1) فى الأصل: «إلَّا» .

ص: 225

لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ أَبْرَأَ الْعَاقِلَةَ أَوِ السَّيِّدَ، صَحَّ. وَإِنْ وَجَبَ لِعَبْدٍ قِصَاصٌ، أَوْ تَعْزِيرُ قَذْفٍ، فَلَهُ طَلَبُهُ وَالْعَفْوُ عَنْهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لِلسَّيِّدِ، إِلَّا أَنْ يَمُوتَ الْعَبْدُ.

ــ

قوله: وإِنْ أَبْرَأَ العاقِلَةَ أوِ السَّيِّدَ، صَحَّ. هذا الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. ويتخَرَّجُ أَنْ لا يصِحَّ الإِبْراءُ منه بحالٍ على الرِّوايةِ التى تقولُ: تجِبُ الدِّيَةُ للوَرَثَةِ لا للمَقْتولِ. قاله فى «الهِدايَةِ» . [قال: وفيه بُعْدٌ](1).

قوله: وإنْ وجَب لعَبْدٍ قِصاصٌ، أو تَعْزِيرُ قَذْفٍ، فله طَلَبُه والعَفْوُ عنه، وليس ذلك للسَّيِّدِ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ العَبْدُ. هذا المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحاب. وقال ابنُ عَقِيلٍ فى حدِّ القَذْفِ: ليس للسَّيِّدِ المُطالبَةُ به والعَفْوُ عنه؛ لأَنَّ السَّيِّدَ إنَّما يَمْلِكُ ما كانَ مالًا (2)[أو طلَبَ بدَلٍ هو مالٌ](3) كالقِصاصِ، فأمَّا ما لم يكُنْ مالًا

(1) سقط من: الأصل.

(2)

سقط من: الأصل.

(3)

فى الأصل، ط:«أو طلبه بدل مال» .

ص: 226

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ولا له بدَلٌ هو مالٌ، فلا يَمْلِكُ المُطالَبَةَ به؛ كالقَسْمِ وخِيارِ العَيْبِ والعُنَّةِ. وقال ابنُ عَبْدِ القَوِىِّ: إذا قُلْنا: الواجِبُ أحدُ شيْئَيْن. يَحْتَمِلُ أنَّ للسَّيِّدِ المُطالَبَةَ بالدِّيَةِ ما لم يَعْفُ العَبْدُ. والقولُ بأنَّ للسَّيِّدِ المُطالَبَةَ بالدِّيَةِ، فيه إسْقاطُ حقِّ العَبْدِ ممَّا جعَله الشَّارعُ مُخَيَّرًا فيه، فيكونُ منْفِيًّا. قال فى «القَواعِدِ الأُصُولِيَّةِ»: قلتُ: ويتخَرَّجُ لنا فى عِتْقِ العَبْدِ مُطْلَقًا فى جِنايَةِ العَمْدِ وَجْهان مِن مَسْألَةِ المُفْلِسِ، وهنا أوْلَى بعَدَمِ السُّقُوطِ؛ إذْ ذاتُ العَبْدِ مِلْكٌ للسَّيِّدِ، بخِلافِ المُفْلِسِ. انتهى.

ص: 227