المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٥

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ

‌فَصْلٌ:

الثَّانِى، أَنْ يَكُونَ الْمَقْتُولُ مَعْصُومًا، فَلَا يَجِبُ الْقِصَاصُ بِقَتْلِ حَرْبِىٍّ، وَلَا مُرْتَدٍّ، وَلَا زَانٍ مُحْصَنٍ، وَإِنْ كَانَ الْقاتِلُ ذِمِّيًّا.

ــ

أوَّلِ كتابِ الطَّلاقِ، فَلْيُعاوَدْ.

قوله: الثَّانِى، أَنْ يَكونَ المَقْتُولُ مَعْصُومًا؛ فلا يَجِبُ القِصاصُ بقَتْلِ حَرْبىٍّ، ولا مُرْتَدٍّ، ولا زانٍ مُحْصَنٍ، وإِنْ كانَ القاتِلُ ذِمِّيًّا. وهو المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه الأصحابُ. وقال فى «الرِّعايَةِ» ، وتَبِعَه فى «الفُروعِ»: ويَحْتَمِلُ قتْلَ ذِمِّىٍّ، وأشارَ بعضُ أصحابِنا إليه. قالَه فى «التَّرْغيبِ» ؛ لأَنَّ الحَدَّ لنا والإِمامَ نائِبٌ. نقلَه فى «الفُروعِ» . فعلى المذهبِ، لا دِيَةَ عليه أيضًا. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ،

ص: 82

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «الوَجيزِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. وعلى المذهبِ، يُعَزَّرُ فاعِلُ ذلك، للافْتِياتِ على وَلِىِّ الأمْرِ، كمَن قتَلَ حَرْبِيًّا. وفى «عُيونِ المَسائلِ» ، له تعْزِيرُه.

فائدة: قال فى «الفُروعِ» : فكلُّ مَن قتَل مُرْتَدًّا أو زانِيًا مُحْصَنًا، ولو قبْلَ ثُبُوتِه (1) عندَ حاكمٍ، والمُرادُ، قبلَ التَّوْبَةِ -وقالَه صاحِبُ «الرِّعايةِ» -

(1) فى النسخ: «توبته» . انظر: الفروع 5/ 636.

ص: 83

وَلَوْ قَطَعَ مُسْلِمٌ أَوْ ذمِّىٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ أَوْ حَرْبِىٍّ، فَأَسْلَمَ، ثُمَّ مَاتَ، أَوْ رَمَى حَرْبِيًّا، فَأَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ بِهِ السَّهْمُ، فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ،

ــ

فهَدَرٌ. وإنْ كان بعدَ التَّوْبَةِ، إنْ قُبِلَتْ ظاهِرًا، فكَإسْلامٍ طارِئٍ. فدَلَّ أنَّ طَرَفَ زانٍ مُحْصَنٍ كمُرْتَدٍّ، لاسِيَّما وقوْلُهم: عُضْوٌ مِن نَفْسٍ وجَب قتْلُها، فهَدَرٌ. وقال فى «الرَّوْضَةِ»: إنْ أسْرَعَ وَلِىُّ قَتِيلٍ، أو أَجْنَبِىٌّ، فقَتل قاطِعَ طَريقٍ قبلَ وُصولِه الإِمامَ، فلا قَوَدَ؛ لأنَّه انْهَدَرَ دمُه. قال فى «الفُروعِ»: وظاهرُه، ولا دِيَةَ. وليس كذلك. وسيأْتِى فى بابِ قُطَّاعِ الطَّريقِ.

قوله: أو قطَع مُسْلِمٌ أو ذِمِّىٌّ يَدَ مُرْتَدٍّ أو حَرْبِىٍّ، فأَسْلَمَ، ثم ماتَ، فلا شئَ عليه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَعوا به؛ منهم صاحِبُ «الوَجيزِ» وغيرُه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» ؛ لأَنَّ الاعْتِبارَ فى التَّضْمِينِ بحال ابْتِداءِ الجِنايَةِ، ولأنَّه لم يَجْنِ على معْصوم. وجعَله فى «التَّرْغيبِ» كمَن أسْلَمَ قبلَ أَنْ يقَعَ به السَّهْمُ، على الآتِى بعدَه قريبًا.

قوله: أَو رَمَى حَرْبِيًّا، فأسْلَمَ قبلَ أَنْ يَقَعَ به السَّهْمُ، فلا شئَ عليه. وهو المذهبُ. وعليه أكثرُ الأصحابِ. وجزَم به فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ»: هذا أشْهَرُ. وقيل: تجِبُ الدِّيَةُ. اخْتارَه القاضى فى «خِلافِه» ،

ص: 84

وَإِنْ رَمَى مُرْتَدًّا، فَأَسْلَمَ قَبْلَ وُقُوعِ السَّهْمِ بِهِ، فَلَا قِصَاصَ، وَفِى الدِّيَةِ وَجْهَانِ.

ــ

والآمِدِىُّ، وأبو الخَطَّابِ فى مَوْضِع مِن «الهِدايَةِ» . قاله فى «القَواعِدِ» .

قوله: وإنْ رَمَى مُرْتَدًّا، فأَسْلَمَ قبلَ وُقُوعِ السَّهْمِ به، فلا قِصاصَ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُغْنِى» و «المُحَرَّرِ» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الوَجيزِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقيل: يُقْتَلُ به.

قوله: وفى الدِّيَةِ وَجْهان. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ؛ أحدُهما، لا تجِبُ الدِّيَةُ أيضًا. وهو المذهبُ. صحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم. قال فى «القَواعِدِ»: وهو أشْهَرُ. وحَكاه القاضى فى «رِوايَتَيْه» عن أبى بَكْرٍ. والوَجْهُ الثَّانى، تجِبُ الدِّيَةُ. اخْتارَه القاضى فى «خِلافِه» ، والآمِدِىُّ، وأبو الخَطَّاب فى مَوْضِعٍ مِنَ «الهِدايَةِ». وقيل: تجِبُ الدِّيَة هنا، وإنْ لم تجبِ الدِّيَةُ (1) [للحَرْبِىِّ؛ لتَفْريطِه] (2) إذْ قتْلُه ليس إليه. قال فى «القَواعِدِ»: وأَصْلُ هذا الوَجْهِ، طرِيقَةُ القاضى فى «المُجَرَّدِ» ، وابنِ عَقِيلٍ، وأبو الخَطَّابِ فى مَوْضِعٍ مِنَ

(1) سقط من: ط.

(2)

سقط من: الأصل.

ص: 85

وَإِنْ قَطَعَ يَدَ مُسْلِمٍ، فَارْتَدَّ، وَمَاتَ، فَلَا شَىْءَ عَلَى الْقَاطِعِ، فِى أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ. وَفِى الْآخَرِ، يَجِبُ الْقِصَاصُ فِى الطَّرَفِ، أَوْ نِصْفُ الدِّيَّةِ.

ــ

«الهِدايَةِ» ، أنَّه لا يضْمَنُ الحَرْبِىَّ بغيرِ خِلافٍ، وفى المُرتَدِّ وَجْهان.

قوله: وإِنْ قطَع يَدَ مُسْلِم، فارْتَدَّ -أىِ المقْطوعُ- وماتَ، فلا شئَ على القاطِعِ، فى أحَدِ الوَجْهَيْن، وفى الآخَرِ، يجِبُ القِصاصُ فى الطَّرَفِ، أو نِصْفُ الدِّيَّةِ. إذا قطَع يَدَ مُسْلِمٍ، ثم ارْتَدَّ المَقْطوعُ، وماتَ، لم يجِبِ القَوَدُ [فى النَّفْسِ، بلا نِزاعٍ، ولا يجبُ القَوَدُ](1) فى الطَّرَفِ أيضًا. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. قال المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ: الصَّحيحُ لا قِصاصَ. قال فى «الفُروعِ» : فلا قَوَدَ فى الأصحِّ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» وغيرِه. وجزَم به فى «الوَجيزِ»

(1) سقط من: الأصل.

ص: 86

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وغيرِه. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى» ، وغيرِهم. والوَجْهُ الثَّانى، عليه القَوَدُ فى الطَّرَفِ. وأَطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ». قال فى «الفُروعِ»: أصْلُ الوَجْهَيْن، هل يفْعَلُ به كفِعْلِه، أمْ فى النَّفْسِ فقطْ؟ ويأْتِى بَيانُ ذلك فى آخِرِ البابِ الذى بعدَ هذا، إنْ شاءَ اللَّهُ تعالَى. فعلى الوَجْهِ الثَّانى، وهو وُجوبُ القَوَدِ فى الطَّرَفِ، هل يسْتَوْفِيه الإِمامُ أو قَرِيبُه المُسْلِمُ؟ فيه وَجْهان. قال فى «الفُروعِ»: أصْلُهما، هل مالُه فَىْءٌ أو لوَرَثَتِه؟ وقد تقدَّم المذهبُ مِن ذلك فى بابِ مِيراثِ أَهْلِ المِلَلِ، وأنَّ الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّ مالَه فَىْءٌ، فيَسْتَوْفِيه هنا الإِمامُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعلى المذهبِ، وهو عدَمُ وُجوبِ القَوَدِ فى الطَّرَفِ، يجِبُ عليه الأقَلُّ مِن دِيَةِ النَّفْسِ أوِ الطَّرَفِ، ليَسْتَوْفِيَه الإِمامُ. على

ص: 87

وَإِنْ عَادَ إِلَى الإِسْلَامِ، ثُمَّ مَاتَ، وَجَبَ الْقِصَاصُ فِى النَّفْسِ، فِى ظَاهِرِ كَلَامِهِ. وَقَالَ الْقَاضِى: إنْ كَانَ زَمَنُ الرِّدَّةِ مِمَّا تَسْرِى فِيهِ الْجنَايَةُ، فَلَا قِصَاصَ فِيهِ.

ــ

الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى». وقيل: لا يجبُ عليه إلَّا دِيَةُ الطَّرَفِ فقط. وأطْلَقَهما فى «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «الفُروعِ». وقيل: لا يجِبُ عليه شئٌ سواءٌ كان عَمْدًا أو خطَأً. ويَحْتَمِلُ دُخولَ هذا القوْلِ فى كلام المُصَنِّفِ.

قولهَ: وإنْ عادَ إلى الإِسْلَامِ، ثم ماتَ، وجَب القِصاصُ فى النَّفْسِ، فى ظاهِرِ

ص: 88

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

كَلَامِه. وكذا قال فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ». وهو المذهبُ. قال فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه: نصَّ عليه. واخْتارَه أبو بَكْرٍ وغيرُه. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، وغيرِهم. وقال ابنُ أبى مُوسى: يتَوَجَّهُ سقُوطُ القَوَدِ بالرِّدَّةِ.

وقال القاضى: إنْ كانَ زمَنُ الردَّةِ مِمَّا تَسْرِى فيه الجِنايَةُ، فلا قِصاصَ فيه. واخْتارَه صاحِبُ «التَّبْصِرَةِ» . فعلى هذا القوْلِ، لا يجبُ إلَّا نِصْفُ الدِّيَةِ فقطْ.

ص: 89

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. جزَم به فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» . وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الفُروعِ» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ». وقيل: تجِبُ كلها.

فائدة: لو رَمَى ذِمِّىٌّ سَهْمًا إلى صَيْدٍ، فأصابَ آدَمِيًّا -وقد أسْلَم الرَّامِى- فقال الآمِدِىُّ: يجِبُ ضَمانه فى مالِه. وبذلك جزَم صاحِبُ «المُحَرَّرِ» ، و «الكافِى» ، وغيرُهما.

ومثلُه، لو رَمَى ابنُ مُعْتِقِه فلم يُصِب، حتى انْجَرَّ وَلاؤُه إلى مَوالِى أبِيه. ولو

ص: 90