الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَصْلٌ:
وَمَنْ أَدَّبَ وَلَدَهُ، أوِ امْرَأتَهُ فى النُّشُوزِ، أوِ الْمُعَلِّمُ صَبِيَّةُ، أَوِ السُّلْطَان رَعِيَّتَهُ، وَلَمْ يُسْرِفْ، فأَفْضَى إِلَى تَلَفِهِ، لَمْ يَضْمَنْهُ، وَيَتَخَرَّجُ وجُوبُ الضَّمَانِ، عَلَى مَا قَالَهُ فِيمَا إِذَا أرْسَلَ
ــ
قوله: ومَن أَدَّبَ وَلَدَه، أو امْرَأَتَه فى النُّشُوزِ، أو المُعَلِّمُ صَبِيَّه، أو السُّلْطانُ رَعِيَّتَه، ولم يُسْرِفْ، فأَفْضَى إلى تَلَفِه، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ. نصَّ عليه. قال فى «الفُروعِ» فى أواخِرِ بابِ الإِجارَةِ: لم يضْمَنْه فى ذلك كلِّه فى المَنْصوصِ. نقَلَه أبو طالِبٍ، وبَكْرٌ. قال ابنُ مُنَجَّى: هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه، وجزَم به فى «المُحَرَّرِ» فى الأُولَى والأخيرةِ. وقدَّمه فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «إِدْراكِ الغايةِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم.
ويتَخَرَّجُ وُجوبُ الضَّمانِ، على ما قالَه فيما إذا أرْسَلَ السُّلْطانُ إلى امْرَأةٍ
السُّلْطَانُ إِلَى امْرَأةٍ لِيُحْضِرَهَا، فَأجْهَضَت جَنِينَهَا، أَوْ مَاتَتْ، فَعَلَى عَاقِلَتِهِ الدِّيَةُ.
ــ
ليُحْضِرَها، فأجْهَضَتْ جَنِينَها، أو ماتَتْ، فعلى عاقِلَتِه الدِّيَةُ. وهذا التَّخْرِيجُ لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ». وقيل: إنْ أدَّبَ وَلَدَه، فقَلَع عيْنَه، ففيه وَجْهان.
تنبيه: أفادَنا المُصَنِّفُ، رَحِمَه اللَّهُ تعالَى، أنَّ السُّلْطانَ إذا أرْسَلَ إلى امْرَأةٍ ليُحْضِرَها، فأجْهَضَتْ جَنِينَها، أو ماتَتْ، أنَّه يضمَنُ، أمَّا إذا أجْهَضَتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
جَنِينَها، فإنَّه يضْمَنُه، بلا نِزاعٍ أعْلَمُه. قال فى «الفُروعِ»: ومَن أسْقَطَتْ بِطَلَبِ سُلْطانٍ، أو تَهْديدِه لحَقِّ اللَّهِ تعالَى، أو غيرِه، أو ماتَتْ بوَضْعِها، أو ذهَب عقْلُها، أوِ اسْتَعْدَى السُّلْطانَ، ضَمِنَ السُّلْطانُ والمُسْتَعْدِى فى الأخِيرَةِ، فى المَنْصوصِ فيهما، كإسْقاطِها بتَأْديبٍ أو قَطْعِ يَدٍ لم يأْذَنْ سيِّدٌ فيها، أو شُرْبِ دَواءٍ لمرَضٍ، وأمَّا إذا ماتَتْ فزَعًا مِن إرْسالِ السُّلْطانِ إليها، فجزَم المُصَنِّفُ هنا أنَّه يضْمَنُها أيضًا. وهو أحدُ الوَجْهَيْن والمذهبُ منهما. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، ونَصَراه فى مَوْضِعٍ. وقدَّمه فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . والوَجْهُ الثَّانى، لا يضْمَنُها. جزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الكافِى» . وأَطْلَقَهما فى «الفُروعِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «النَّظْمِ» . وقال المُصَنِّفُ فى «المُغْنِى» ، فى [مَواضِعَ: إنْ أحْضَرَ] (1) الخَصْمُ ظالِمَةً عندَ السُّلْطانِ، لم يضْمَنْها، بل جَنِينَها. وفى «المُنْتَخَبِ»: وكذا رجُلٌ مُسْتَعْدًى عليه. قال فى «الرِّعايَةِ» : وإنْ أفْزَعَها سُلْطانٌ بطَلَبِها، وقيل: إلى مَجلِسِ الحُكْمِ بحَقِّ اللَّه تعالَى أو غيرِه، أو تَهَدَّدَها فوَضَعَتْ جَنِينًا مَيِّتًا، أو ذهَب عقْلُها، أو ماتتْ، فالدِّيَة على العاقِلَةِ. وقيلَ: بل عليه. وقيل: مِن بَيْتِ المالِ. وقيل: تُهْدَرُ. وإنْ هلَكَتْ برَفْعِها، ضَمِنَها. وإنْ أسْقَطَتْ باسْتِعْداءِ أحَدٍ إلى السُّلْطانِ، ضَمِنَ المُسْتَعْدِى ذلك. نصَّ عليه. وقيل: لا. وإنْ فَزِعَتْ فماتَتْ، فوَجْهان.
فائدتان؛ إحْداهما، لو أذِنَ السَّيِّدُ فى ضَرْبِ عَبْدِه، فضَرَبَه المَأْذُونُ له، ففى ضَمانِه وَجْهان. وأَطلَقهما فى «الفُروعِ». قال فى «الرِّعايَةِ الكُبْرى»: وهل يسْقُطُ بإذْنِ سيِّدِه؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْن. انتهى. قلتُ: الصَّوابُ أنَّه لا يسْقُطُ. ولو أذِنَ الوالِدُ فى ضَرْبِ وَلَدِه، فضَرَ بَه المَأْذُونُ له، ضَمِنَه. جزَم به فى «الرِّعايَةِ» ، و «الفُروعِ» .
الثَّانيةُ، قال فى «الفُنونِ»: إنْ شَمَّتْ حامِلٌ رِيحَ طَبيخٍ، فاضْطَرَبَ جَنِينُها، فماتَتْ هى، أو ماتَ جَنِينُها، فقال حَنْبَلِىٌّ وشافِعِيَّان: إنْ لم يعْلَمُوا بها، فلا إثْمِ ولا ضَمانَ، وإنْ عَلِمُوا، وكانتْ عادَةً مُسْتَمِرَّةً أنَّ الرَّائِحَةَ تقْتُلُ، احْتَمَلَ الضَّمان للإِضْرارِ، واحْتَمَلَ عدَمَه؛ لعدَمِ تضرُّرِ بعضِ النِّساءِ، وكرِيحِ الدُّخَانِ يتَضَرَّرُ
(1) فى الأصل: «ترافع أحد» .
وَإِنْ سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلَى السَّابِحِ؛ لِيُعَلِّمَهُ، فَغَرِقَ، لَمْ يَضْمَنْهُ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَضْمَنَهُ الْعَاقِلَةُ.
ــ
بها صاحِبُ السُّعالِ وضِيقِ النَّفَسِ، لا ضَمانَ ولا إثْمَ. قال فى «الفُروعِ»: كذا قال. والفَرْقُ واضِحٌ.
قوله: وإنْ سَلَّمَ وَلَدَه إلى السَّابِحِ -يعْنِى الحاذِقَ- ليُعَلِّمَه، فغَرِقَ، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ. قال فى «الفُروعِ»: لم يضْمَنْه فى الأصحِّ. قال ابنُ مُنَجَّى فى «شَرْحِه» : هذا المذهبُ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» ، و «المُنَوِّرِ» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ، وغيرِهم. وقدَّمه فى «الخُلاصَةِ» ، و «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. واخْتارَه القاضى وغيرُه.
ويَحْتَمِلُ أَنْ تضْمَنَه العاقِلَةُ. وهو لأبى الخَطَّابِ فى «الهِدايَةِ» . وأَطلَقَ وَجْهَيْن فى «المُذْهَبِ» . قال الشَّارِحُ: إذا سلَّم وَلَدَه الصَّغيرَ إلى سابِحٍ ليُعَلِّمَه، فغَرِقَ، فالضَّمانُ على عاقِلَةِ السَّابِحِ. وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ أنَّه لا يضْمَنُه. انتهى.
وَإِنْ أَمَرَ عَاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أَوْ يَصْعَدُ شَجَرَةً، فَهَلَكَ، لَمْ يَضْمَنْهُ، إلَّا أَنْ يَكُونَ الْآمِرُ السُّلْطَانَ فَهَلْ يَضْمَنُهُ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ.
ــ
فائدة: لو سلَّم البالِغ العاقِلُ نفْسَه إلى السَّابِحِ ليُعَلِّمَه فغَرِقَ، لم يضْمَنْه، قوْلًا واحِدًا.
قوله: وإنْ أَمَرَ عاقِلًا يَنْزِلُ بِئْرًا، أو يَصْعَدُ شَجَرَةً، فهلَك -بذلك- لم يَضْمَنْه -كما لوِ اسْتَأْجَرَه لذلك- إلَّا أَنْ يكونَ الآمِرُ السُّلْطانَ فهل يَضمَنُه؟ على وَجْهَيْن. وأطْلَقَهما فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ؛ أحدُهما، لا يضْمَنُه، كما لوِ اسْتَأْجَرَه لذلك. وهو المذهبُ. وصحَّحه فى «التَّصْحيحِ» . وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهما. والوَجْهُ الثَّانى، يضْمَنُه. وهو مِن خَطَأَ الإِمامِ. واخْتارَه القاضى فى «المُجَرَّدِ» .
فائدة: لو أَمَرَ مَن لا يُمَيِّزُ بذلك. قالَه المُصَنِّفُ وغيرُه، وذكَر الأكْثَرُ، وجزَم
وَإِنْ وَضَعَ جَرَّةً عَلَى سَطْحِهِ، فَرَمَتْهَا الرِّيحُ عَلَى إِنْسَانٍ، فَتَلِفَ، لَمْ يَضْمَنْهُ.
ــ
به فى «التَّرْغيبِ» ، و «الرِّعايَةِ» ؛ لو أمرَ غيرَ المُكَلَّفِ بذلك، ضَمِنَه. قال فى «الفُروعِ»: ولعَل مُرادَ الشَّيْخِ، يعْنِى به المُصَنِّفَ، ما جَرَى به عُرْفٌ وعادةٌ؛ كقَرابَةٍ، وصُحْبَةٍ، وتَعْليمٍ، ونحوِه، فهذا مُتَّجِهٌ، وإلَّا ضَمِنَه.
قوله: وإنْ وضَع جَرةً على سَطْحٍ، فرَمَتْها الرِّيحُ على إنْسانٍ، فتَلِفَ، لم يَضْمَنْه. هذا المذهبُ مُطْلَقًا. جزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ،
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «شَرْحِ ابنِ مُنَجَّى» ، و «الرِّعايَةِ الصُّغْرى» . وقدَّمه فى «الفُروعِ» ، و «المُغْنِى» ، و «الشَّرْحِ» ، وغيرِهم. وقيل: يضْمَنُ إذا كانتْ مُتَطرِّفَةً. وهو احْتِمالٌ للمُصَنِّفِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» . وقال النَّاظِمُ: إنْ لم يُفَرِّطْ، لم يضْمَنْ، وإنْ فرَّطَ، ضَمِنَ فى وَجْهٍ، كمَن بَنَى حائِطًا مُمالًا، أو مِيزَابًا.
فائدتان؛ إحْداهما، لو دفَع الجَرَّةَ حالَ نُزولِها عن وُصُولِها إليه، لم يضْمَنْ. وكذا لو تدَحْرَجَ فدَفَعَه. ذكَرَه فى «الانْتِصارِ» . وذكَرَ فى «التَّرْغيبِ» فيها وَجْهان.
الثَّانيةُ، لو حالَتْ بهِيمَةٌ بينَ المُضْطَرِّ وبينَ طَعامِه، ولا تنْدَفِعُ إلَّا بقَتْلِها، فَقَتَلها مع أنَّه يجوزُ، فهل يضْمَنُها؟ على وَجْهَيْن فى «التَّرْغيبِ». واقْتَصَرَ عليه فى «الفُروعِ». قلتُ: قد تقدَّم نظِيرُها فى آخِرِ بابِ الغَصْبِ، فيما إذا حالَتِ البَهِيمَةُ بينَه وبينَ مالِه، فقَتَلها. فذَكَر الحارِثِىُّ فى الضَّمانِ احْتِمالَيْن، واخْتَرْنا هناك عَدَمَ الضَّمانِ، وظهَر لنا هناك أنَّها كالجَرادِ إذا انْفَرَشَ فى طَريقِ المُحْرِمِ، بحيثُ إنَّه لا يقْدِرُ على المُرورِ إلَّا بقَتْلِه.