المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌فَصْلٌ: وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْقَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُهُ بِالْحَرَمِ، وَالإِحْرَامِ، وَالْأَشْهُرِ - الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف - ت التركي - جـ ٢٥

[المرداوي]

الفصل: ‌ ‌فَصْلٌ: وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْقَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُهُ بِالْحَرَمِ، وَالإِحْرَامِ، وَالْأَشْهُرِ

‌فَصْلٌ:

وَذَكَرَ أَصْحَابُنَا أَنَّ الْقَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُهُ بِالْحَرَمِ، وَالإِحْرَامِ، وَالْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، وَالرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، فَيُزَادُ لِكُلِّ وَاحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فَإِذَا اجْتَمَعَ الْحُرُمَاتُ الْأَرْبَعُ، وَجَبَ دِيَتَانِ وَثُلُثٌ.

ــ

قوله: فَصْلٌ: وذكَر أَصحابُنا أنَّ القَتْلَ تُغَلَّظُ دِيَتُه فى الحَرَمِ، والإِحْرَامِ، والأَشْهُرِ الحُرُمِ، والرَّحِمِ المَحْرَمِ، فيُزادُ لِكُلِّ واحِدٍ ثُلُثُ الدِّيَةِ، فإذا اجْتَمَع الحُرُماتُ الأَرْبَعُ، وجَبَتْ دِيَتَان وثُلُثٌ. اعلمْ أنَّ المُصَنِّفَ حكَى هنا عنِ الأصحابِ أنَّهم قالوا: تُغَليظُ الدِّيَةُ فى أرْبَعِ جِهَاتٍ. فذَكَرَ منها الحَرَمَ. قال فى «الفُروعِ» : جزَم به جماعةٌ. قلتُ: منهم صاحِبُ «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «مُنْتَخَبِ الأدَمِىِّ» ،

ص: 443

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

و «المُنَوِّرِ» ، وغيرُهم. وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايَتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ.

تنبيه: يَحْتَمِلُ قولُه: الحَرَمِ. أنَّ المُرادَ به حَرَمُ مَكَّةَ، فتَكون الأَلِفُ واللَّامُ

ص: 444

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للعَهْدِ. وهو الصَّحيحُ مِنَ المذهبِ. وعليه أكثر الأصحابِ. [وقيل: تُغَلَّظُ أَيضًا فى حَرَم المَدِينَةِ. وهو وَجْهٌ اخْتارَه بعضُ الأصحاب](1). ويَحْتَمِلُه كلامُ المُصَنِّفِ. وأَطْلَقهما فى «الحاوِى» . قال فى «الرِّعايَتَيْن» : وخُرَّجَ فى حَرَمِ

(1) سقط من: الأصل.

ص: 445

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المَدينَةِ وَجْهان. زادَ فى «الكُبْرى» ، على الرِّوايتَيْن فى صَيْدِه. وذكَر منها الإِحْرامَ والأَشْهُرَ الحُرُمَ. وهو المذهبُ. وعليه جماهير الأصحابِ. ونَقَلَه الجماعَةُ عنِ الإِمامِ أحمدَ. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا (1) تُغَلَّظُ بالإِحْرامِ. وأطْلَقَهما فى «الشَّرْحِ» . وذكَر منها الرَّحِمَ المَحْرَمَ، وهو إحْدَى الرِّوايتَيْن، ونَقَلَه المُصَنِّفُ هنا عن الأصحابِ. قلتُ: منهم أبو بَكْرٍ، والقاضى وأصحابُه. وجزَم به فى «الهِدايَةِ» ، و «المُذْهَبِ» ، و «المُسْتَوْعِبِ» ، و «الخُلاصَةِ» ، و «الهادِى» ، و «إِدْراكِ الغايةِ» . وهو مِنَ المُفْرَداتِ. وعنه، لا تُغَلَّظُ به.

(1) سقط من: الأصل.

ص: 446

وَظَاهِرُ كَلامِ الْخِرَقِىِّ، أَنَّهَا لَا تُغَلَّظُ بِذَلِكَ. وَهُوَ ظَاهِرُ الآيَةِ وَالْأَخْبَارِ.

ــ

وهو المذهبُ. جزَم به الأدَمِىُّ البَغْدادِىُّ، و «المُنَوِّرِ» . وقدَّمه فى «المُحَرَّرِ» ، و «النَّظْمِ» ، و «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، و «الفُروعِ» ، وغيرِهم.

تنبيه: مفْهومُ كلامِه، أنَّ الرَّحِمَ غيرَ المَحْرَمِ لا تُغَلَّظُ به الدِّيَةُ. وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وقطَع به أكثرُهم. ولم يُقَيِّدِ الرَّحِمَ بالمَحْرَمِ فى «التَّبْصِرَةِ» ، و «الطَّريقِ الأَقْرَبِ» ، وغيرِهما. ولم يحْتَجَّ فى «عُيونِ المَسائلِ» وغيرِها للرَّحِمِ إلَّا بسُقوطِ القَوَدِ. قال فى «الفُروعِ»: فدَلّ على أنَّه يخْتصُّ بعَمُودَى النَّسَبِ.

قوله: وظاهِرُ كَلامِ الخِرَقِىِّ، أنَّها لا تُغَلَّظُ بذلك -قال المُصَنِّفُ هنا-: وهو

ص: 447

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ظاهِر الآيَةِ والأخْبارِ. فاخْتارَه المُصَنِّفُ، والشَّارِحُ. وذكَر ابنُ رَزِينٍ، أنَّه أظْهَرُ. وهو ظاهِرُ كلامِه فى «الوَجيزِ» ؛ فإنَّه لم يذكُرِ التَّغْلِيظَ أَلْبَتَّةً. [واعلم أَنَّ](1) الصَّحيحَ مِنَ المذهبِ، أنَّها تُغَلَّظُ فى الجُمْلَةِ. وعليه جماهيرُ الأصحابِ. وفيما يُغَلَّظُ فيه تقدَّم تَفاصِيلُه والخِلافُ فيه. فعلى المذهبِ، محَلُّ التَّغْلِيظِ فى قَتْل الخَطَأ لا غيرُ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وقدَّمه فى «الفُروعِ». وقال القاضى: قِياسُ المذهبِ أنَّها تُغَلَّظُ فى العَمْدِ. قال فى «الانْتِصارِ» : تُغَلَّظُ فيه، كما

(1) فى الأصل: «على» .

ص: 448

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

يجِب بوَطْءِ صائمةٍ مُحْرِمَةٍ كفَّارَتان. ثم قال: تُغَلَّظُ إذا كانَ مُوجِبُه الدِّيَةَ. وجزَم بما قالَه القاضى، وجماعَةٌ مِنَ الأصحابِ. وذكَر فى المُفْرَداتِ، تُغَلَّظُ عندَنا فى الجميعِ. ثم دِيَةُ الخَطَأ لا تغْلِيظَ فيها. وقدَّم فى «الرِّعَايَةِ الكُبْرى» ، أنَّها تُغلَّظُ فى العَمْدِ والخَطَأ وشِبْهِهما. وجزَم به فى «الرِّعَايَةِ الصُّغْرى» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» . وهو ظاهِرُ ما جزَم به فى «المُحَرَّرِ» وغيرِه.

تنبيه: ظاهِرُ كلامِ المُصَنِّفِ هنا، أنَّ التَّغْلِيظَ لا يكونُ إلَّا فى نَفْسِ القَتْلِ.

ص: 449

وَإِنْ قَتَلَ الْمُسْلِمُ كَافِرًا عَمْدًا، أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ؛ لإِزَالَةِ القَوَدِ، كَمَا

ــ

وهو صحيحٌ. وهو المذهبُ. قدَّمه فى «الفُروعِ» . وهو ظاهرُ كلامِ أكثرِ الأصحابِ. وقال فى «المُغْنِى» ، و «التَّرْغيبِ» ، و «الشَّرْحِ»: تُغَلَّظُ أَيضًا فى الطَّرَفِ. وجزَم به فى «الرِّعايتَيْن» ، و «الحاوِى الصَّغِيرِ» ، وغيرِهم. قوله: وإنْ قتَل المُسْلِمُ كافِرًا عَمْدًا -سواء كان كِتابِيًا أو مَجُوسيًا- أُضْعِفَتِ الدِّيَةُ؛ لإِزَالَةِ الْقَوَدِ، كما حكَم عُثْمانُ بنُ عَفَّانَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وهذا المذهبُ.

ص: 450

حَكَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ.

ــ

نصَّ عليه. وعليه جاهير الأصحابِ. وجزَم به فى «الوَجيزِ» وغيرِه. وقدَّمه فى «الفُروعِ» وغيرِه. وهو مِن مُفْرَداتِ المذهبِ. وقيل: لا تُضَعَّفُ. ونقَل ابنُ هانِئٍ، تُغَلَّظُ بثُلُثِ الدِّيَةِ.

فائدة: لو قَتَل كافِرٌ (3) كافِرًا عَمْدًا، وأُخِذَتِ الدِّيَةُ، لم تُضَعَّفْ. على الصَّحيحِ مِنَ المذهبِ. وعليه الأصحابُ. وقدَّم فى «الانْتِصارِ» ، أنَّها تُضَعَّفُ، وجعَلَه ظاهِرَ كلامِه.

ص: 451