المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب أفعال المقاربة: - شرح الكافية الشافية - جـ ١

[ابن مالك]

الفصل: ‌باب أفعال المقاربة:

‌باب أفعال المقاربة:

"ص":

وهاك أفعالًا إلى المقاربه

تعزى ومع "كان" لها مناسبه

وكاسمها اسمهن لكن الخبر

هنا مضارع، ومفردًا (1) ندر

نحو "عسيت صائمًا" ونقلا

"عسى الغوير أبؤسا" تمثلًا

وخبر "مرتعها قريب"

لـ"جعلت" وبيته غريب

والتزم التجريد في أخبار (2) ما

يعني به الشروع من تكلما

كـ"هب""أنشأ""جعلت" و"طفق"

"طبق" بعده "أخذت" و"علق"(3)

(1) ك وع "مفرد".

(2)

ك وع "خبر".

(3)

هكذا في الأصل وفي ط جاء كما يلي:

ص: 449

واقرن بـ"أن" بعد "حرى" و"اخلولقا"

وقد ترى "أولى"(1) بذين ملحقًا

و"أوشك" التخيير فيها و"كرب"

كذا "عسى" و"كاد"(2) دون "أن" غلب

ولـ"عسى" عكس وعند (3) ترك "أن"

يعزو إليها خبرًا من قد فطن

كذاك غيرها وقد تستغني

عن خبر بنحو أن تستثني

إن أسندت (4) له كذاك "اخلولقا"

وهكذا "أوشك" حيث اتفقا

"ش": الأفعال التي تسمى أفعال المقاربة مساوية لـ"كان" وأخواتها في النقصان (5)، واقتضاء، اسم مرفوع، وخبر منصوب.

(1) ع "وقد ترى أرى".

(2)

هـ "وكذا" موضع "وكاد".

(3)

ع "وعندي".

(4)

مع "استندت".

(5)

سقط من الأصل "النقصان".

ص: 450

إلا أن الخبر هنا شذ (1) وروده اسمًا منصوبًا، "أو من جملة اسمية مصدرة بـ"إذا". وإنما اطرد مجيء خبرها فعلًا مضارعًا.

فمن ورود الخبر اسمًا منصوبًا (2) قول الراجز:

(193)

- أكثرت في العذل ملحًا دائمًا

(194)

- لا تكثرن إني عسيت صائمًا

"ويروى:

لا تلحني إني عسيت صائمًا" (3)

ومنه قول الزباء:

(195)

- عسى الغوير أبؤسَا (4)

(1) ك وع "يشذ".

(2)

سقط ما بين القوسين من الأصل ومن هـ.

(3)

سقط ما بين القوسين من الأصل ومن هـ.

(4)

الغوير: تصغير غار، أبؤس: شدائد.

193 -

194 - ورد هذا الرجز في ذيل ديوان رؤبة بن العجاج مما وجده ناشره في الكتب منسوبًا إليه ص 185.

قال أبو حيان: هذا البيت مجهول لم ينسبه أحد من الشراح إلى قائله، فسقط الاحتجاج به وكذلك قال عبد الواحد في كتابه "بغية الأمل ومنية السائل".

ولو كان الأمر كما زعما لسقط الاحتجاج بخمسين بيتا من كتاب سيبويه.

195 -

الغوير: ماء لكلب في ناحية السماوة، الأبؤس: جمع بؤس. وهذا من الأمثال العربية "ينظر مجمع الأمثال للميداني 1/ 424، واللسان مادة "غور وبأس".

ص: 451

وقول تأبط شرًا:

(196)

- فأبت إلى فهم، وما كدت آئبًا

وكم مثلها فارقتها، وهي تصفر

وقد يرد خبر "جعل" جملة اسمية كقول الشاعر:

(197)

- وقد جعلت قلوص بني سهيل

من الأكوار مرتعها قريب

ومن ورود الخبر جملة (1) مصدرة بـ"إذا" قول ابن عباس رضي الله عنهما (2):

"فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولًا".

(1) هـ "جملة اسمية".

(2)

هـ سقط "رضي الله عنهما" أخرج البخاري 65 كتاب التفسير، 26 سورة الشعراء، 2 باب وأنذر عشيرتك الأقربين.

196 -

من الطويل من جملة أبيات، رواها أبو تمام في حمساته 1/ 38 لتأبط شرًا ورواية التبريزي في شرح الحماسة "ولم أك" 1/ 81.

وابت: رجعت -وفهم: هو فهم بن عمرو بن قيس "عيلان" وهي قبيلة الشاعر والضمير في مثلها يعود إلى هذيل، والصفير كناية عن تأسفها لخلاصه منها.

197 -

من الوافر من قطعة ذكرها أبو تمام في حماسته 1/ 170 ولم ينسبها، ولم يعزها العيني 2/ 170 إلى قائل معين.

القلوص: الناقة الشابة. الأكوار: الرحال.

ص: 452

والمطرد (1) في أخبار هذا (2) الباب ورودها بلفظ الفعل المضارع مجردًا من "أن" بعد "جعل" و"أخذ" و"طفق" و"طبق" و"علق" و"هب" و"أنشأ".

وهذه السبعة هي للشروع (3) في الفعل.

ويقرن بـ"أن" مع "حرى" و"اخلولق" و"أولى" عند من أثبتها مستشهدًا بما أنشد (4) الأصمعي (5) من قول الشاعر:

(198)

- فعادى بين هاديتين منها

وأولى أن يزيد على الثلاث

أي: قارب

واستعمل الخبر بالتجريد أو الاقتران بعد "عسى" و"كاد"

(1) ع "وهو المطرد".

(2)

ع تكرر "هذا".

(3)

ع "المشروع".

(4)

ك وع "أنشده".

(5)

عبد الملك بن قريب بن أصمع أبو سعيد، الباهلي، إمام في اللغة، والنحو، وأشعار العرب وأخبارها توفي سنة 216 هـ.

198 -

من الوافر أنشده الأصمعي، ولم يعزه كما ذكره ابن فارس في مقاييس اللغة 6/ 141 ولم ينسبه أيضًا، و"أولى" هنا غير "أولى" المستعمل مع اللام في قولهم "أولى له" فهو اسم للوعيد أما هنا فهو أفعل تفضيل من الولي وهو القرب.

عادى: وإلى بين الصيدين يصرع أحدهما على إثر الآخر هاديتين: تثنية هادية وهي أول الوحش، أولى أن يزيد على الثلاث: كاد يفعل ذلك.

ص: 453

و"كرب" و"أوشك". فلك أن تقول: "عسى زيد أن يفعل، وعسى زيد (1) يفعل" وكذا الثلاثة (2) البواقي.

إلا أن "عسى أن يفعل" أكثر من "عسى يفعل". و"كاد" بالعكس.

والأمران في "أوشك" و"كرب" على السواء، أو مقاربان له.

وصرح سيبويه (3) بأن "عسى يفعل" وشبهه بمنزلة: "كان يفعل". " (4) في اقتضاء اسم مرفوع وخبر منصوب.

وأن "عسى أن يفعل" وشبهه ليس من (5)"كان يفعل"(6) في شيء؛ لأن حق ما هو معدود من "باب كان" أن يحذف فيبقى ما بعده مبتدأ وخبرًا.

فـ"عسى زيد يفعل" من باب "كان" لصلاحيته لذلك.

و"عسى زيد أن يفعل" ليس من باب "كان" لعدم صلاحيته لذلك.

(1) سقط "زيد" من الأصل".

(2)

في الأصل وهـ"وكذا الأربعة البواقي".

(3)

ينظر كتاب سيبويه ص 410 جـ 1.

(4)

بداية سقط من ع.

(5)

بداية سقط كبير من هـ.

(6)

نهاية سقط ع.

ص: 454

وبهذا (1) يعتبر جميع أفعال الباب.

ومن ورود المضارع مجردًا بعد "عسى" قول هدبة بن خشرم:

(199)

- عسى الكرب الذي أمسيت فيه

يكون وراءه فرج قريب

ومن وروده بعد "كاد" مقرونًا بـ"أن" قول عمر رضي الله عنه.

"ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت الشمس أن تغرب".

هكذا هذا الحديث في صحيح البخاري (2).

ومثال ترك أن (3) مع "أوشك" قول النبي صلى الله عليه وسلم:

(1) ك وع "وبهذا تعتبر".

(2)

أخرجه البخاري في المواقيت 36، والأذان 26.

(3)

ع "ومثال ترك مع أن أوشك".

199 -

من الوافر من أبيات قالها هدبة بن خشرم، قالها وهو في سجن معاوية بن أبي سفيان ليؤخذ منه القصاص يخاطب ابن عمه أبي نمير. وكان معه في السجن، وقد ذكر خمسة عشر بيتًا من هذه القصيدة أبو علي القالي في الأمالي 1/ 71 كما ذكرها البغدادي في الخزانة 3/ 182.

ونسب الشاهد ابن حمدون في شرح الألفية 1/ 98 لهاتف من الجن قاله لرجل انكسرت مركبه في البحر.

ص: 455

"يوشك الرجل متكئًا على أريكته يحدث بحديثي فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله".

أخرجه أبو داود (1) والترمذي (2).

ومثله قول الشاعر:

(200)

- يوشك من فر من منيته

في بعض غراته يوافقها

ومثال استعمال "أن" مع "أوشك" قول الشاعر (3) اليربوعي:

(201)

- إذا المرء لم يغش الكريهة أوشكت

حبال الهوينى بالفتى أن تجذما

(1) أخرجه أبو داود باب السنة 5، والإمارة 33.

(2)

أخرجه الترمذي باب العلم 10.

(3)

ك وع "قول الكلحبة اليربوعي".

200 -

من المنسرح استشهد به المصنف هنا، وفي شرح عمدة الحافظ 153، وشرح التسهيل 1/ 63 وشواهد التوضيح 144. ولم ينسبه والمشهور أن لامية بن أبي الصلت، وهي في ديوانه ص 18، وفي الكامل 1/ 51 نسبه المبرد لأمية أيضًا، ثم قال: قال أبو الحسن الأخفش هو لرجل من الخوارج قتله الحجاج وذكر أبياتًا أربعة منها هذا البيت.

والغرة: الغفلة عن الدهر وصروفه -يوافقها: يصيبها.

201 -

آخر أبيات للكلحبة اليربوعي ذكرها له صاحب الخزانة.

ص: 456

وينفرد (1)"عسى" و"أوشك" و"اخلولق" بالإسناد إلى "أن يفعل".

ويقوم ذلك مقام ذكر الاسم والخبر كقولك: "عسى أن يفعل"(2) و"يوشك أن تفعل". و"اخلولق أن يفعل"(3).

"ص":

وجائز "ذان عسى أن يفعلا"

و"عسيا"(4) وقس فليس مشكلًا

والسين من نحو: "عسيت"(5) قد يرى

منكسرًا، (6) ونافع به قرا

واستعملوا مضارعًا لـ"أوشكا"

و"كاد" واحفظ "كائدًا" و"موشكا"

= 1/ 186 وهو من البحر الطويل ونسبه صاحب الأغاني إلى شبيب البرصاء مع أبيات، وروايته هي رواية المصنف هنا أما رواية الخزانة فهي رواية المصنف في شرح عمدة الحافظ 153، وشواهد التوضيح 143 ونسخة ك وع:

إذا المرء. . . . . . . . . . . .... . . . . . . . . . . أن تقطعا

يغشى الكريهة: يأتي الحرب. الهوينى: الراحة قال ابن دريد: هي من الكلمات التي وردت مصغرة لا غير.

(1)

ك وع "وتنفرد عسى".

(2)

ع وك "أن تفعل".

(3)

ع "أن تفعل".

(4)

ع وك "أو عسيا".

(5)

في الأصل من نحو رأيت".

(6)

ط "أو نافع".

ص: 457

وما لذي الأفعال بالتصريف يد (1)

سوى الذي ذكرت فادر المستند

"ش": إذا وقعت "عسى""أَنْ يَفْعَل" في موضع خبر اسم قبلها جاز أن يجعل المرفوع بها ضمير المخبر عنه مطابقًا له فيما له من إفراد وتذكير وغيرهما.

وحاز أن تفرغ "عسى" ويجعل المرفوع بها "أن" وصلتها.

فيقال على الوجه الأول:

"الزيدان عسيا أن يفعلا""الزيدون عسوا (2) أن يفعلوا"- و"هند عست أن تفعل""الهندان عستا أن تفعلا"- و"الهندات عسين أن يفعلن".

ويقال على الوجه الثاني:

"الزيدان عسى أن يفعلا""الزيدون عسى أن يفعلوا"- و"هند عسى أن تفعل" و"الهندان عسى أن تفعلا" - و"الهندات عسى أن يفعلن".

واتفقت العرب على فتح سين "عسى" إذا لم يتصل (3) بتاء الضمير ونونيه (4).

فإذا اتصل بشيء من ذلك أجازوا فتح السين وكسرها.

(1) ع "بد".

(2)

ع "عسيوا".

(3)

ك وع "تتصل".

(4)

ك وع "ونونه".

ص: 458

والفتح أشهر وبه قرأ ابن كثير (1)، وأبو عمرو (2)، وابن عامر (3) والكوفيون (4). ولم يقرأ بالكسر إلا نافع (5).

وأفعال هذا الباب كلها ملازمة للفظ الماضي، إلا "كاد" و"أوشك" فإنهما استعمالا بلفظ الماضي، والمضارع كَثِيرًا.

واستعمل منهما اسم فاعل قليلًا:

فشاهد "كائد" قول كُثَيِّر:

(202)

- وكدت وقد جالت من العين عبرة

سما عاند منها وأسبل عاند

(203)

- أموت أسى يوم الرجام وإنني

يقينًا لرهن بالذي أنا كائد

(1) عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله، إمام أهل مكة في القراءة، ولد بمكة عام 45 هـ، وتوفي سنة 120 هـ.

(2)

زبان بن العلاء بن عمار بن عبد الله بن الحسين المازني، البصري أحد القراء السبعة مات سنة 155 هـ تقريبًا.

(3)

عبد الله بن عامر اليحصبي، إمام أهل الشام واحد السبعة توفي سنة 118 هـ وسبق التعريف به.

(4)

القراء الكوفيون هم: عاصم وحمزة والكسائي.

(5)

نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني أحد القراء السبعة، كان عالمًا بوجوه القراءات متبعًا لآثار الأئمة. قال سعيد بن منصور: سمعت مالك بن أنس يقول: قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم قيل: توفي سنة 167 هـ تقريبًا.

202 -

203 - من الطويل نسبهما المصنف إلى كثير بن عبد الرحمن، وهما في ديوانه ص 230.

ص: 459

ومثله قول الآخر:

(204)

- وشاهد "موشك" -أيضًا- قول كثير (1):

وقال الناصحون تخل منها

ببذل قبل شيمتها الجماد

(205)

- فإنك موشك ألا تراها

وتعدو دون غاضرة الغوادي

= وهما من شواهد المصنف في شرح عمدة الحافظ 155 ورواية الديوان:

. . . . . . . . . . .

سها عاند. . . . . . . . . . .

عند العرق: إذا سالم فلم يكد يرقأ فهو عاند.

الرجام: موضع قال ياقوت: في لغتهم حجارة ضخام ربما جمعت على القبر فسنم بها، ويروى الزحام. وهي رواية ك وع.

كما يروى "كابد" -بالباء- مكان "كائد" وبه جزم ابن السكيت في شرح ديوان كثير، وحينئذ لا شاهد فيه وفي الأصل "عائد" بالهمز في الموضعين.

(1)

ع وك "قوله أيضًا".

204 -

205 - بيتان من الوافر قالهما كثير "الديوان ص 220"

والرواية فيه:

. . . . . . . . . . . تحل منها

-بالحاء المهملة- وفي ك وع "تخل عنها".

العوادي: عوائق الدهر.

غاضرة: جارية أم المؤمين بنت عبد العزيز بن مروان أخت عمر بن عبد العزيز.

ص: 460

(206)

- فموشكة أرضنا أن تعود

خلاف الخليط وحوشًا يبابا

وعلى هذا نبهت بقولي:

. . . . . . . . . . .

واحفظ "كائدًا" و"موشكا"

ثم قلت:

وما لذي (1) الأفعال بالتصريف يد

سوى الذي ذكر. . . . . . . . . . .

"ص":

ولدليل استجز حذف الخبر

هنا ومنه قول بعض من غبر (2)

"يا أبتا علك أو عساكا"

ونائب التا: الكاف فاعرف ذاكا

(1) في الأصل "وما الذي".

(2)

طـ "ومنه قول بعضهم ممن غبر".

206 -

من المتقارب قاله أسامة بن الحارث الهذلي "ديوان الهذليين 2/ 199".

ونسبه ابن حمدون لأبي سحيم الهذلي.

ونسبه العيني إلى أبي سهم الهذلي.

ومعنى خلاف الخليط: بعده، خلاف ظرف بمعنى بعد.

ووحوشًا: -بضم الحاء- جمع "وحش" وروي بفتحها على أنه صفة على وزن صبور. خالية: ليس يها أحد.

يبابا: خرابا.

ص: 461

هذا اختياري تابعًا أبا الحسن

منظرًا ما قال شاد ذو علن

"يا ابن الزبير طالما عصيكا

وطالما عنيتنا إليكا"

والعمين سيبويه عكسا

مسويًا هنا "لعل" و"عسى"

والآخر اسم والمقدم الخبر

عند أبي العباس فاعرف الصور

"ش": إذا دل دليل على خبر هذا الباب جاز حذفه، كما يجوز في غير هذا الباب حذف ما ظهر دليله. فمن ذلك الحديث:"من تأنى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد"(1).

ومن حديث آخر: "فإذا استغنى أو كرب استعف"(2).

ومن ذلك قول المرقش:

(207)

- وإذا ما سمعت من نحو أرض

بمحب قد مات أو قيل: كادا

(208)

- فاعلمي غير علم شك بأني

ذاك، وابكي لمقصد لن يقادا

(1) لم أقف على هذا الحديث.

(2)

أخرجه أحمد بن حنبل 5/ 522.

207 -

208 - من الخفيف من أبيات قالها المرقش الأكبر وهما في

ص: 462

واختلف فيما يتصل بـ"عسى" من الكاف وأخواتها في نحو: "عساك" و"عساني"(1) و"عساه".

فمذهب سيبويه (2) أنه (3) في موضع نصب. "وأن يفعل" في موضع رفع.

إلحاقًا لـ"عسى" بـ"لعل" كما ألحقت "لعل" بـ"عسى" في اقتران خبرها بـ (4)"أن" كقول متمم بن نويرة:

= شرح التسهيل للمصنف 1/ 64. ورواية المفضل الضبي في المفضليات ص 432.

فاعلمي غير علم شك بأني

ذاك وابكي لمصفد لن يفادا

والمقصد: من يمرض ويموت سريعًا ومعنى لن يقاد: لم يقتد من قاتله.

(1)

ك وع "عساي".

(2)

قال سيبويه في الكتاب 1/ 388:

"وأما قولهم "عساك" فالكاف منصوبة، قال الراجز وهو رؤبة:

يا أبتا علك أو عساكا

والدليل على أنها منصوبة أنك إذا عنيت نفسك كانت علامتك "ني". قال عمران بن حطان:

ولي نفس أقول لها إذا ما

تنازعني لعلي أو عساني

فلو كانت الكاف مجرورة لقال "عساي" ولكنهم جعلوها بمنزلة "لعل" في هذا الموضع".

(3)

ك وع "أنها".

(4)

ع: "خبرها بالاسم بأن".

ص: 463

(209)

- لعلك يومًا أن تلم ملمة

عليك من اللائي يدعنك أجدعا

ومذهب أبي العباس المبرد (1) أن "عسى" على ما كانت عليه من رفع الاسم، ونصب الخبر.

(1) قال المبرد في المقتضب 3/ 71 وما بعدها -يتحدث عن "عسى": "وأما قول سيبويه: إنها تقع في بعض المواضع بمنزلة "لعل" مع المضمر فتقول: "عساك" و"عساني" فهو غلط؛ لأن الأفعال لا تعمل في المضمر إلا كما تعمل في المظهر.

فأما قوله:

تقول بنتي قد أنى أناكا

يا أبتا علك أو عساكا

وقول الآخر:

ولي نفس أقول لها إذا ما

تخالفني لعلي أو عساني

فأما تقديره عندنا: أن المفعول مقدم، والفاعل مضمر كأنه قال: عساك الخبر أو الشر.

وكذلك "عساني الحديث" ولكنه حذف لعلم المخاطب به، وجعل الخبر اسمًا على قولهم:"عسى الغوير ابؤسًا".

وكذلك قول الأخفش: وافق ضمير الخفض ضمير الرفع في "لولاي" فليس هذا القول بشيء ولا قوله: "أنا كأنت" ولا "أنت كأنا" بشيء.

209 -

من الطويل قائله متمم بن نويرة من قصيدة "المفضليات 270، المقتضب 3/ 74، الخزانة 2/ 433".

الملمة: النازلة الشديدة.

الأجدع: مقطوع الأنف أو الأذن أو اليد، أو الشفة.

ص: 464

لكن الذي كان اسمًا جعل خبرًا، والذي كان خبرًا جعل اسمًا.

ومذهب أبي الحسن الأخفش (1) أن "عسى" على ما كانت عليه من رفع الاسم ونصب الخبر.

إلا أن ضمير النصب ناب عن ضمير الرفع، كما ناب عنه (2) في قول الراجز:

(210)

- يا ابن الزبير طالما عصيكا

وكما ناب ضمير الرفع عن ضمير النصب، وضمير الجر في التوكيد نحو:"رأيتك أنت" و"مررت بك أنت".

وفي قول بعضهم: "ما أنا كانت" و"ما أنا كإياك".

ولو كان الضمير المشار إليه في موضع نصب كما قال

(1) جاء في تعليق الأخفش على كتاب سيبويه مخطوطة رقم 65 نحو -دار الكتب المصرية، بعد قول سيبويه "وأما قولهم عساك فالكاف منصوبة 1/ 389.

"رأي أبي الحسن أن الكاف في "لولاك" في موضع رفع على غير قياس كما قالوا: "ما أنا كأنت" و"لا أنت كأنا"، وهذا نعلم الرفع وكذلك عساني".

(2)

ك وع "من قول الراجز".

210 -

هذا الشعر من مشطور السريع، وليس من الرجز نسبه أبو زيد في نوادره ص 105 لراجز من حمير وتبعه صاحب الصحاح، وصاحب اللسان مادة "قضى"، وهو في الخزانة 2/ 257.

ص: 465

سيبويه والمبرد لم يقتصر عليه في مثل:

(211)

- يا أبتا علك أو عساكا (1)

لأنه بمنزلة المفعول، والجزء الثاني بمنزلة الفاعل. والفاعل لا يحذف، وكذا ما أشبهه.

"ص":

وبثبوت "كاد" ينفى الخبر

وحين تنفى "كاد" ذاك أجدر

فـ"كدت تصبو" منتف فيه الصبا

و"لم يكد يصبو" كمثل "إن صبا"(2)

وغير ذا على كلامين يرد

كـ"ولدت هند ولم تكد تلد"

"ش": قد اشتهر القول بأن "كاد" إثباتها نفي، ونفيها إثبات حتى جعل هذا المعنى لغزًا فقيل: وهذا اللغز للمعري (3).

(1) إلى هنا نهاية سقط هـ.

(2)

هكذا في الأصل، وفي باقي النسخ "ماصبا" لكن جاء في الهامش ما يؤكد. "أن صبا" إذ قال: حاشية:

"إن" في قولي "إن صبا" نافية.

(3)

ك وع سقط "وهذا اللغز للمعري".

211 -

سبق الحديث عن هاذ الشاهد في باب شرح الكلام وما يتألف منه، وقد نسبه في التهذيب للعجاج 1/ 106 وكذلك في اللسان مادة "علل"، ونسب في كتاب سيبويه 1/ 388 لرؤبة وللبغدادي في الخزانة 2/ 441 تحقيق في نسبة هذا الشاهد، وهو في ملحقات ديوان رؤبة ص 181.

ص: 466

(212)

- أنحوي هذا العصر ما هي لفظة

جرت في لساني جرهم وثمود

(213)

- إذا استعملت في صورة الجحد أثبتت

وإن (1) أثبتت قامت مقام جحود

ومراد هذا القائل "كاد"(2).

ومن زعم هذا فليس بمصيب.

بل حكم "كاد" حكم سائر الأفعال من أن معناها منفي إذا صحبها حرف نفي، وثابت إذا لم يصحبها.

فإذا قال قائل: "كاد زيد يبكي" فمعناه: قارب زيد البكاء.

المقاربة ثابتة، ونفس البكاء منتف.

"فإذا قال: لم يكد يبكي" فمعناه: لم يقارب البكاء.

فمقاربة البكاء منتفية، ونفس البكاء منتف (3) انتفاء أبعد من انتفائه عند ثبوت المقاربة.

(1) ع "وإذا".

(2)

أجاب المصنف على هذا اللغز بقوله:

نعم هي "كاد المرء أن يرد الحمى"

فتأتي لإثبات بنفي ورود

وفي عكسها "ما كاد أن يرد الحمى"

فخذ نظمها فالعلم غير بعيد

"ينظر الدرر اللوامع 1/ 110"، والبيتان ذكرهما ابن هشام في مغني اللبيب في حديثه عن "كاد".

(3)

هـ سقط ما بين القوسين.

ص: 467

ولهذا كان قول ذي الرمة:

(214)

- إذا غير النأي المحبين لم يكد

رسيس الهوى من حب مية يبرح

صحيحًا بليغًا؛ لأن معناه: إذا تغير حب كل محب لم يقارب حبي (1) التغير، وإذا لم يقاربه فهو بعيد منه.

فهذا أبلغ من أن يقول: لم يبرح؛ لأنه قد يكون غير بارح، وهو قريب من البراح، بخلاف المخبر عنه بنفي مقاربة البراح.

وكذا قوله تعالى: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} (2) هو أبلغ في (3) نفي الرؤية من أن يقال: "لَمْ يَرَها"(4).

لأن من لم ير قد يقارب الرؤية بخلاف من لم ير (5) ولم يقارب.

وأما قوله تعالى: {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} (6).

(1) هـ "حتى التغير".

(2)

من الآية رقم 40 من سورة النور.

(3)

ع "من نفي".

(4)

ك وع "في نفي الرؤية من أن يراها".

(5)

هـ "لم تر".

(6)

من الآية رقم 71 من سورة البقرة.

214 -

من الطويل قاله ذو الرمة "الديوان ص 108".

النأي: البعد، رسيس الهوى: أثره وبقيته.

ص: 468

فكلام يتضمن كلاميم مضمون كل واحد منهما في وقت غير وقت الآخر.

والتقدير: فذبحوها (1) بعد أن كانوا بعداء من ذبحها غير مقاربين له. وهذا واضح -والله أعلم (2).

"وقد يكون نفيها إعلامًا ببطء الوقوع، والثبوت حاصل كقوله تعالى:{فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا} (3). أي: يفقهون ببطء وعسر.

قال الأخفش في قوله تعالى: {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} .

إذا قلت: "كاد يفعل" إنما تعني: قارب ولم يفعل.

فإذا قلت: "لم يكد يفعل" كان المعنى: إنه لم يفعل، ولم يقارب الفعل على صحة الكلام.

وهذا معنى الآية إلا أن اللغة (4) قد أجازت "لم يكد تفعل" على (5) معنى: فعل بعد شدة (6).

وليس هذا على صحة الكلام (7).

(1) هـ "فنحوها".

(2)

هكذا في هـ وسقط، "والله أعلم" من باقي النسخ.

(3)

من الآية رقم 78 من سورة النساء.

(4)

ك وع "فهذا معنى الانتفاء؛ لأن اللغة قد أجازت".

(5)

ك وع "في معنى".

(6)

ع "بعد شك".

(7)

سقط ما بين القوسين من هـ.

ص: 469