المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الإعراب والبناء وما يتعلق بذلك - شرح الكافية الشافية - جـ ١

[ابن مالك]

الفصل: ‌باب: الإعراب والبناء وما يتعلق بذلك

‌باب: الإعراب والبناء وما يتعلق بذلك

"ص"

من الثلاث معرب ومنها

صنف هو المبني فابحث عنها

فالمعرب اسم لا يضاهي الحرفا

وفعل امتاز بـ كم كـ"يخفى"

ما لم يباشر نون توكيد، ولا

نون إناث كـ"يسرن" الخوزلى

"ش" من الثلاث أي: من الكلمات الثلاث معرب، ومنها مبني.

فالمعرب اسم لا يضاهي الحرف، أي: لا يشابهه، وسيأتي بيان وجوه شبه الحرف "المانعة من الإعراب الموجبة للبناء.

"وقولي":

. . . . . . . . . . .

وفعل امتاز بـ"كم". . . . . . . . . . .

ص: 174

أي: أجد نوعي المعرب اسم سالم من شبه الحرف" (1)، وثانيهما الفعل الذي يصلح أن تدخل عليه "لم" وهو المضارع، لقولي في الباب الأول:

مضارعًا سم الذي يصحب لم (2) .... . . . . . . . . . .

"وقولي":

ما لم يباشر نون توكيد

أي: استحقاق المضارع للإعراب مشروط بألا يباشر نون توكيد، فإنه يبنى معها على الفتح.

ولا نون إناث، فإنه يبنى معها على السكون.

ولتأكيد الفعل بالنون باب يبين فيه إن شاء الله -تعالى- ما يحتاج إليه".

وفي ذكر المباشرة إشعار بأن المؤكد بالنون لا يبنى -مطلقًا- بل إذا باشر آخره نون التوكيد نحو: "هل يفعلن"(3).

فإنلم يباشرها فهو معرب تقديرًا نحو: "هل يفعلان"(4)؛ لأن

(1) ع سقط ما بين القوسين.

(2)

هكذا في الأصل وفي باقي النسخ:

مضارعًا سم الذي لم أتبعا .... . . . . . . . . . .

(3)

ك، ع "هل تفعلن".

(4)

ك، ع "هل تفعلان".

ص: 175

سبب البناء هو تركيب الفعل مع النون، وتنزله منها منزلة الصدر من العجز في "بعلبك"(1).

فإذا حال بينهما ألف الضمير، أو واوه، أو ياؤه لم يبق تركيب؛ لأن ثلاثة أشياء لا تجعل شيئًا واحدًا.

ولذلك اعتبروا التركيب في: "لقيته صحرة بحرة" لا في "لقيته صحرة بحرة نحرة"(2).

وإذا ثبت أن "تفعلان" وأخويه (3) بواق على الإعراب، فليعلم أن الأصل "تفعلانِّ":

"تفعلانِنَّ".

فاستثقل توالي الأمثال، فحذفت نون الرفع.

وكانت أولى بالحذف؛ لأنها جزء كلمة، والمؤكدة كلمة (4) قائمة مقام تكرير الفعل، وحذف جزء أسهل من حذف ما ليس جزءًا.

ولأن المؤكدة تدل أبدًا على معنى، ونون الرفع لا تدل -في الغالب- على معنى، وبقاء ما يدل أبدًا أولى من بقاء ما يدل في بضع الأحوال.

وإنما بني المتصل بنون الإناث كـ"يسرن" حملًا على الماضي.

(1) بعلبك: بلد بالشام.

(2)

لقيته بلا حجاب "قاموس".

(3)

ك، ع "وأخواته".

(4)

ع سقط "والمؤكدة كلمة".

ص: 176

المتصل بها؛ لأنهما مستويان في أصالة السكون، وعروض حركة البناء في الماضي، وحركة الإعراب في المضارع.

وقد روجع الأصل بالنون في الماضي، فروجع الأصل بها في المضارع.

والخوزلى: مشية عجب وتبختر (1):

"ص"

رفعًا ونصبًا أعرب النوعان

والجر ما للاسم فيه ثان

والجزم للفعل وكل مجتلب

بعامل يأتي به فهو السبب

فارفع بضم، وانصبن بفتح

واجرر بكسر كـ"ابغ" نيل الربح

واجزم بتسكين ونائبًا يرد

غير الذي ذكرته فلا تزد

"ش" النوعان هنا هُمَا (2): الاسم السالم من شبه الحرف، والفعل المضارع، وهما في الرفع والنصب مشتركان.

والجر مخصوص بالاسم، فلاحظ للفعل فيه، لامتناع دخول عامله عليه.

(1) التبختر: المشية حسنة.

(2)

ك، ع سقط "هما".

ص: 177

والجزم مخصوص بالفعل فلاحظ للاسم فيه لامتناع دخول عامله عليه.

"وقولي":

. . . . . . . . . . . وَكُلٌّ مُجْتَلَبْ

بعاملٍ يَأتِي بِهِ. . . . . . . . . . .

أي: كل واحد من وجوه الإعراب الأربعة له عامل يجيء به، ويتغير بتغيره نحو:"جاء زيد" و"رأيت زيدًا" و"مررت بزيد".

فكل واحد من "جاء" و"رأيت" والباء: عامل جلب من الإعراب غير ما جلبه الآخر.

وكذا إعراب الفعل نحو "أقوم" و"لن أقوم" و"لم أقم".

فـ"أقوم" مرفوع لتجرده من ناصب وجازم.

و"أقوم" منصوب بـ"لَنْ".

و"أقم" مجزوم بـ"لَمْ".

ونبه على الأصل، والنائب في كل واحد من وجوه الإعراب.

فالضمة في الرفع أصل، وتنوب عنها، الواو والألف والنون.

والفتحة في النصب أصل، وتنوب عنها: الألف، والياء، والكسرة وحذف النون.

ص: 178

والكسرة في الجر أصل، وتنوب عنها الياء، والفتحة.

والسكون في الجزم أصل، وينوب عنه الحذف.

وسيأتي ذلك مفصَّلًا إن شاء الله -تعالى.

"ص"

وجر بالفتح الذي لا ينصرف

ما لم تصدره بـ الْ ولم تضف

"ش" ما لا ينصرف: هو الاسم الذي لا ينون لكونه ذا سببين كـ"أحمد" و"إبراهيم" و"طلحة" و"عمر" و"عمران" و"بعلبك" و"أحمر" و"سكران" و"ثلاث".

أو سبب يقوم مقام سببين كـ"زُلْفَى"(1) و"صحراء" و"دراهم" و"دنانير".

وسيأتي تفصيل ذلك في بابه.

فهذا النوع يجر بالفتحة نيابة عن الكسرة كقوله -تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ} (2).

فإن أضيف، أو دخلت عليه الألف، واللام التحق بالمنصرف في الجر بالكسرة.

(1) الزلفى: المنزلة.

(2)

من الآية رقم "163" من سورة "النساء" وتمامها:

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ

}.

ص: 179

وسواء كانت الألف واللام للتعريف، كما في قوله -تعالى:{كَالْأَعْمَى وَالْأَصَم} (1).

أو زائدة كالداخلة على "يزيد" في قوله:

5 -

رأيت الوليد من اليزيد مباركًا

شديدًا بأحناء الخلافة كاهله

أو موصولة كالداخلة على "يقظان" في قوله:

6 -

وما أنت باليقظان ناظره إذا

نسيت بما تهواه ذكر العواقب

5 - من الطويل مطلع قصيدة لابن ميادة في مدح الوليد، ذكر أبياتًا منها العيني في

المقاصد النحوية 1/ 218، والبغدادي في الخزانة 1/ 327.

ويزيد: هو يزيد بن عبد الملك بن مروان.

ويروى "بأعباء الخلافة" موضع "بأحناء الخلافة"، وأراد بها الشاعر: أمور الخلافة الشاقة، والكاهل: ما بين الكتفين ورأيت هنا علمية لا بصرية.

6 -

من الطويل استشهد به المصنف في شرح التسهيل 1/ 7 وروايته:

. . . . . . . . . . .

رضيت بما ينسيك ذكر العواقب

ولم ينسبه المصنف، وقال العيني 1/ 215: لم أقف على اسم قائله.

(1)

من الآية رقم "24" من سورة "هود" وتمامها:

{مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} .

ص: 180

فلذلك قيل: بـ"ال"، ولم يقل بحرف التعريف.

ومن العرب من يجعل مكان اللام الميم، ويعامل ما تدخل عليه معاملة ما دخلت عليه اللام كقول الشاعر:

7 -

أَأَنْ شمت من نجد بريقًا تألقا

تبيت بليل امأرمد اعتاد أولقا

أراد: بليل (1) الأرمد فجره بالكسرة، وإن كان لا ينصرف لما ذكرت لك.

"ص":

ذو المعرب ارفعه بواو والألف

لنصبه، وجره باليا عرف

كذا فَمٌ إن دون ميم وصلا

يغير (2) يا النفس مضافًا فاقبلا

7 - من الطويل لم ينسبه المصنف هنا، ولا في شرح التسهيل ص 7 ورواه هناك:

. . . . . . . . . . .

تكابد ليل أمارمد اعتاد أولقا

وشمت: نظرت من بعيد إلى السحاب والبرق بريقًا: لمعانًا.

تألقا: ومص ولمع.

الأولق: شبه الجنون. أو هو الجنون.

قال العيني 1/ 222 أقول: قائله بعض الطائيين لم أقف على اسمه.

(1)

ك، ع سقط "بليل".

(2)

ط "لغير".

ص: 181

وهكذا أب آخ حم هن

أو أجره كاليد فهو أحسن

وفي أب وتالييه يندر

وقصرها من نقصهن أشهر

"ش": قيد "ذو" بـ"المعرب" احترازًا من "ذو" بمعنى "الذي" فإنه مَبْنِيُّ.

وبعض طيئ يعربه فيكون مقصودًا.

وقدم ذكره على ذكر أخواته؛ لأن الإعراب بالحروف لا يفارقه وسائر أخواته قد تفرد فتعرب (1) بالحركات.

ولا يكون "فم" مثله في الإعراب بالحروف، ولزوم الإضافة إلا دون ميم.

وشرط في الإضافة المصححة لذلك أن يكون "المضاف إليه غير باء النفس، فإن المضاف إلى ياء النفس لا يظهر إعرابه إلا أن يكون"(2) مثنى أو مجموعًا على حده في غير رفع.

ثم قيل:

وهكذا أبٌ أخٌ حمٌ هنٌ .... . . . . . . . . . .

(1) ع "فيعرب".

(2)

ع سقط ما بين القوسين.

ص: 182

أي: يشترط في هذه الأربعة أن تضاف إلى غير ياء النفس. إذا أعربت بالحروف.

ثم قيل:

. . . . . . . . . . .

أو أجره كاليد. . . . . . . . . . .

أي: أجر الـ"هَنَ" مجرى "يَد" في لزوم النقص، والإعراب بالحركات فهو أحسن من جريه مجرى هذه الأسماء في الإعراب بالحروف.

ثم بين أن هذا الذي هو في "هن" أحسن نادر في "أب" و"أخ" و"حَمٍ".

ومن مجيء ذلك في "هن"(1) قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من تعزى بعزاءالجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا"(2). ولم يقل: بَهَنِي أبيه.

(1) ع "ومن مجيء ذلك فيهن".

(2)

أخرجه ابن الجوزي في جامع المسانيد 1/ 5 وأحمد 5/ 136 ورواه أحمد والترمذي عن أبي بن كعب:

"إذا رأيتم الرجل يتعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه ولا تكنوا" وتعزى: انتسب وانتمى، ويقصد به من يقول: يا لفلان ليحرك الناس إلى القتال في الباطل.

ولا تكنوا: أي قولوا له: اعضض بأير أبيك، ولا تكنوا عن الأير بالهن.

وينظر الجامع الصغير ص 24 وما بعدها. وكشف الخفا للعجلوني ص 240.

ص: 183

ومن مجيء ذلك في غير الهن وهو نادر (1) قول الراجز:

8 -

بأبه اقتدى عدي في الكرم

9 -

ومن يشابه أبه فما ظلم

ثم بين أن القصر في هذه الثلاثة أشهر من النقص ومنه قول الراجز:

10 -

إن أباها وأبا أباها

11 -

قد بلغا في المجد غايتاها

8 و 9 - هذا رجز نسبه العيني 1/ 129 إلى رؤبة بن العجاج، وهو موجود في زيادات الديوان ص 182.

وعدي: هو عدي بن حاتم الطائي.

10 و 11 - الضمير في "أباها" يعود إلى "ريا" المذكورة في بيت سابق على هذين البيتين وهو:

واهًا لربا ثم واهًا واهًا

هي المنى لو أننا نلناها

يا ليت عيناها لنا وفاها

بثمن نرضى به أباها

وينسب هذا الرجز المسدس إلى أبي النجم العجلي "الفضل بن قدامة"، كما ينسب إلى رؤبة بن العجاج -وليس في ديوانه.

وأنشده أبو زيد في نوادره عن المفضل الضبي قال:

أنشدني أبو الغول لبعض أهل اليمن -وذكر أربعة أبيات ثم البيتين الشاهد.

(1)

ك، ع سقط "وهو نادر".

ص: 184