الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق
(1) باب النفخ في الصور
الفصل الأول
5521 -
عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما بين النفختين أربعون)) قالوا: يا أبا هريرة! أربعون يوما؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون شهرا؟ قال: أبيت. قالوا: أربعون سنة؟ قال: أبيت ((ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل)) قال: ((وليس من الإنسان شيء لا يبلى إلا عظما واحدا، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامة)). متفق عليه. وفي رواية لمسلم، قال:((كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق، وفيه يركب)).
ــ
كتاب أحوال القيامة وبدء الخلق
باب النفخ في الصور
نه: هو القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل عليه السلام عند بعث الموتى إلى الحشر.
الفصل الأول
الحديث الأول عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: ((أبيت)) ((قض)): أي لا أدري أن الأربعين الفاصل بين النفختين أي شيء: أياما، أو شهورا، أو أعواما، وأمتنع عن الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم والإخبار عما لا أعلم.
قوله: ((إلا عظما)) قيل: هو منصوب لأنه استثناء من موجب، لأن قوله:((ليس شيء من الإنسان لا يبلى إلا عظما)) نفي النفي، ونفي النفي إثبات، فيكون تقديره: كل شيء منه يبلى إلا عظما فإنه لا يبلى.
ويحتمل أن يكون منصوبا عأي أنه خبر ((ليس)) لأن اسمه موصوف، كقولك: ليس أي قائما.
وقوله: ((عجب الذنب)) هو بفتح العين وإسكان الجيم، وهو العظم بين الألتين يقال: إنه أول ما يخلق وآخر ما يبلى، ويقال له:((العجم)) أيضا.
((مظ)): المراد طول بقائه لا أنه لا يبلى أصلا فإنه خلاف المحسوس، وأنه ورد:((أول ما يخلق وآخر ما يبلى)) والحكمة فيه أنه قاعدة بدن الإنسان وأسه الذي يبتني عليه، فبالحري أن
522 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقبض الله الأرض يوم القيامة، ويطوي السماء بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض؟)) متفق عليه.
5523 -
وعن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يطوي الله السموات يوم القيامة، ثم يأخذهن بيده اليمنى، ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين التكبرون؟ ثم يطوي الأرضين بشماله - وفي رواية: يأخذهن بيده الآخرى - ثم يقول: أنا الملك، أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟)). رواه مسلم.
5524 -
وعن عبد الله بن مسعود، قال
ك جاء حبر من اليهود إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد! إن الله يمسك السماوات يوم القيامة على أصبع، والأرضين على أصبع، والجبال والشجر على أصبع، والماء والثرى على أصبع، وسائر الخلق على
ــ
يكون أصلب من الجميع كقاعدة الجدار وأسه، وإذا كان أصلب كان أطول بقاء.
((مح)): هذا خصوص، فيخص منه الأنبياء عليهم السلام فإن الله حرم على الأرض أجسادهم كما صرح به في الحديث.
الحديث الثاني والثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: ((يقبض الله الأرض يوم القيامة)) ((قض)): عبر عن إفناء الله تعالى هذه المظلة والمقلة ورفعها من البين وإخراجهما من أن يكونا مأوى ومنزلا لبني آدم بقدرته الباهرة التي تهون عليها الأفعال العظام التي تتضلئل دونهما القوى وتتحير فيها الأفهام والفكر على طريقة التمثيل والتخييل، وأضاف في الحديث الذي يليه طي السموات وقبضها إلى اليمين، وطي الأرض على الشمال تشبيها وتخييلا لما بين المقبوضين من التفاوت ةالتفاضل.
التوربشتي: اعلم أن الله سبحانه وتعالى منزه عن الحدوث وصفه الأجسام، وكل ما ورد في القرآن والأحاديث في صفاته مما ينبئ عن الجهة والفوقية والاستقرار والإتيان والنزول، فلا نخوض في تأويله، بل نؤمن بما هو مدلول تلك الألفاظ على المعنى الذي أراد الله سبحانه مع التنزيه عما يوهم الجهة والجسمية.
الحديث الرابع عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه:
قوله: ((يمسك السموات يوم القيامة على أصبع)) التوربشتي: السبيل في هذا الحديث أن يحمل على نوع من المجاز، أو ضرب من التمثيل، والمراد منه تصوير عظمته، [والتوقيف] * على جلالة شأنه، وأنه سبحانه يتصرف في المخلوقات تصرف أقوى قادر على أدنى مقدور،
أصبع، ثم يهزهن فيقول: أنا الملك، أنا الله. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال الحبر تصديقا له. ثم قرأ:{ومَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ والسَّمَوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} . متفق عليه.
ــ
تقول العرب في سهولة المطلب وقرب [المتناول ووفور] * القدرة وسعة الاستطاعة: هو منى على حبل الذراع، وإني أعالج ذلك ببعض كفي، واستقله بفرد إصبع، ونحو ذلك من الألفاظ، استهانة بالشيء واستظهارا في القدرة عليه، والمتورع عن الخوض في تأويل أمثال هذا الحديث في فسحة من دينه، إذا لم ينزلها في ساحة الصدر منزلة مسميات الجنس.
قوله: ((فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا)) الكشاف: إنما ضحك أفصح العرب وتعجب؛؟ لنه لم يفهم منه إلا ما يفهمه علماء البيان من غير تصور إمساك، ولا إصبع ولا هز ولا شيء من ذلك، ولكن فهمه وقع أول شيء وآخره على الزبدة والخلاصة التي هي الدلالة على القدرة الباهرة، وأن الأفعال العظام التي تتحير فيها الأذهان، ولا تكتنهها الأوهام هينة عليه هونا لا يوصل السامع إلى الوقوف عليه إلا إجراء العبارة في مثل هذه الطريقة من التخييل، ولا ترى باببا في علم البيان أدق ولا ألطف من هذا الباب ولا أنفع ولا أعون على تعاطي المتشابهات من كلام الله في الرآن وسائر كتب الله السماوية وكلام الأنبياء، فإن أكثره وغلبته تخييلات قد زلت فيها الأقدام قديما، وما أتى الزالون إلا من قلة عنايتهم بالبحث والتنقير حتى يعلموا أن في عداد العلوم الدقيقة علما لو قدروه حق قدره لما خفي عليهم أن العلوم كلها مفتقرة إليه، وعيال عليه، إذا لا يحل عقدها المؤذية، ولا يفك قيودها المكربة إلا هو، وكم من آية من آيات التنزيل، وحديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم قد ضيم وسيم بالتأويلات الغثة والوجوه الرثة، لأن من تأويل ليس من هذا العلم في عير ولا نفير، ولا يعرف قبيلا من دبير، وأنا أتعجب من مثل الشيخ التوربشتي رحمه الله، مع جلالته ووقوفه على هذا الأسلوب الغريب والفن العجيب كيف ينقل كلام الخطابي وإطنابه في الطعن على هذا الحديث المقطوع بصحته ثم نصره بحديث ليس في منزلته، مع أنه محتمل ويتفق مع من يتجاسر على الطعن على أولئك السادة والتقاة الثقات المتقنين مع ما بلغ هذا الحديث الدرجة القصيا في الصحة، وذهب الشيخ بقية السلف خاتم المحدثين ((ابن الصلاح)) إلى أن ما اتفق عليه الشيخان بمنزلة المتواتر – عفا الله عنا وعنه.
5525 -
وعن عائشة، قالت: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله: ((يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات)) ، فأين يكون الناس يومئذ؟ قال:((على الصراط)). رواه مسلم.
5526 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الشمس والقمر مكوران يوم القيامة)). رواه البخاري.
ــ
الحديث الخامس عن عائشة رضي الله عنها:
قوله: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ} معناه: يوم تبدل هذه الأرض التي تعرفونها أرضا أخرى غير هذه، وكذلك السماوات. والتبديل: التغيير، وقد يكون في الذوات كقولك: بدلت الدراهم دنانير، وفي الاوصاف كقولك: بدلت الحلقة خاتما – إذا أذبتها وسويتها خاتما – واختلف في تبديل الأرض والسماوات، فقيل: تبدل أوصافها فتسير على الأرض جبالها، وتفجر بحارها، وتجعل مستوية لا ترى فيها عوجا ولا أمتا. وتبديل السماوات بانتثار كواكبها وكسوف شمسها، وخسوف قمرها.
وقيل: يخلق بدلها أرضا وسماوات أخر، وعن ابن مسعود وأنس رضي الله عنهما:((ويحشر الناس على أرض بيضاء لم يخطئ عليها أحد خطيئة)).
والظاهر من قولها أنها فهمت من التبديل تغيير الذات، فلهذا سألت:((فأين يكون الناس يومئذ؟)) وكذا من جوابه صلى الله عليه وسلم: ((على الصراط)) المعهود عند المسلمين أو جنس الصراط.
الحديث السادس عن أبي هريرة رضي الله عنه:
قوله: ((الشمس والقمر مكوران)) ((تو)): يحتمل أنه من التكوير الذي هو بمعنى اللف، والجمع، أي يلف صورهما لفا يذهب انبساطها في الآفاق.
ويحتمل أن يراد به رفعها؛ لأن الثواب إذا طوى رفع.
ويحتمل أن يكون من قوله: ((طعنه فكوره)) إذا ألقاه، أي لقيان فلكهما، وهذا التفسير أشبه بنسق الحديث لما في بعض طرقه:((مكوران في النار)) فيكون تكويرهما فيها ليعذب بهما أهل النار لا سيما عباد الأنوار، ولا يعذبان في النار فإنهما بمعزل عن التكليف، بل سبيلهما في النار سبيل نفسها، وسبيل الملائكة الوكيلين بها.
الفصل الثاني
5527 -
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كيف أنعم وصاحب الصور قد التقمه وأصغى سمعه، وحنى جبهته يينتظر متى يؤمر بالنفخ؟)). فقالوا: يا رسول الله! وما تأمرنا! قال: ((قولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل)). رواه الترمذي. [5527]
5528 -
وعن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((الصور قرن ينفخ فيه)). رواه الترمذي، وأبو داود، والدارمي. [5528]
الفصل الثالث
5529 -
عن ابن عباس، قال في قوله تعالى:{فَإذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ} : الصور قال: و {الرَّاجِفَةُ} : النفخة الأولى، و {الرَّادِفَةُ}: الثانية. رواه البخاري في ترجمة باب.
ــ
الفصل الثاني
الحديث الأول عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، والثاني عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:
قوله: ((كيف أنعم؟)) ((نه)) ك لنعمة بالفتح، وهي المسرة والفرح والترفه.
((قض)): معناه: كيف يطيب عيشي وقد قرب أن ينفخ في الصور؟ فكنى عن ذلك بأن صاحب الصور وضع رأس الصور في فمه وهو مترصد مترقب لأن يؤمر فينفخ فيه، والله أعلم.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((الرَّاجِفَةُ)) الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهي النفخة الأولى، وصفت بما يحدث بحدوثها.
((الرَّادِفَةُ)) الواقعة التي تردف الأولى، وهي النفخة الثانية.