الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5530 -
وعن أبي سعيد، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الصور، وقال
ك ((عن يمينه جبريل، وعن يساره ميكائيل)).
5531 -
وعن أبي رزين العقيلي، قال: قلت: يا رسول الله! كيف يعيد الله الخلق؟ وما آية ذلك في خلقه؟ قال: ((أما مررت بوادي قومك جدبا ثم مررت به يهتز خضرا؟)). قلت: نعم، قال:((فتلك آية الله في خلقه، (كذلك يحيي الله الموتى))). رواهما رزين.
(2) باب الحشر
الفصل الأول
5532 -
عن سهل بن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس يوم
ــ
الحديث الثاني والثالث عن أبي ذر رضي الله عنه:
قوله: ((يهتز خضرا)) جملة حالية، و ((خضرا)) نصب على التمييز، استعار الاهتزاز لأشجار الوادي تصويرا لحسنها وبهجتها، ويقال: اهتز فلان فرحا، أي خف له، وكل من خف لأمر وارتاح له فقد اهتز له.
قوله: ((فتلك آية الله في خلقه)) أي: في المخلوقات، أي ليس فرق بين إنشاء الخلق وإعادتهم، والتشبيه في قوله:{كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ المَوْتَى} بيان للتسوية نحو قوله تعالى: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} أي بكل خلق عن الإنشاء والإعادة عليم، ونظير هذا الحديث في الدلالة قوله تعالى:{فَانظُرْ إلَى آثَارِ رَحْمَتِ الله كَيْفَ يُحْيِي الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيٍْ قَدِيرٌ} يعني أن ذلك القادر الذي يحيي الأرض بعد موتها هو الذي يحيي الناس بعد موتهم، وهو على كل شيء من المقدرات قادر، وهذا من جملة المثدورات بدليل الإنشاء.
باب الحشر
الفصل الأول
الحديث الأول عن سهل بن سعد:
القيامة على أرض بيضاء عفراء، كقرصة* النقي ليس فيها علم لأحد)). متفق عليه.
5533 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة، يتكفؤها الجبار بيده كما يتكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا
ــ
قوله: ((عفراء)) ((قض)): الأعفر الأبيض الذي يخلص بياضه ولا يشتد، والعفرة: لون الأرض.
وقوله: ((كقرصة النقي)) تشبيه بها في اللون والشكل دون القدر، والنقي: الدقيق المنخول المنظف الذي يتخذ منه الحواري.
((ليس فيها علم لأحد)) أي علامة، يريد به الأبنية، معناه أنها تكون قاعا لا بناء فيها. أقول: ولعل الظاهر أن ذلك تعريض بأرض الدنيا، وتخصيص كل من ملاكها بقطع منها أعلم عليها، على نحو قوله تعالى:{لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ لِلَّهِ الوَاحِدِ القَهَّارِ} .
الحديث الثاني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
قوله: ((يتكفؤها)) ((مح)): يتكفؤها بالهمز أي: يقلبها ويميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي لأنها ليست مبسوطة كالرقاقة ونحوها. وفي نسخ مسلم: ((يكفؤها)) بالهمز.
و ((الخبزة)) هي الطلمة التي توضع في الملة.
ومعنى الحديث: أن الله يجعل الأرض كالطلمة والرغيف العظيم، ويكون ذلك طعاما نزلا لأهل الجنة، والله على كل شيء قدير.
((تو)): أرى الحديث مشكلا جدا، غير مستنكر شيئا من صنع الله تعالى وعجائب فطرته، بل لعدم التوفيق الذي يكون موجبا للعلم في قلب جرم الأرض من الطبع الذي عليه إلى طبع المطعوم والمأكول، مع ما ورد من الآثار المنقولة أن هذه الأرض برها وبحرها يمتلئ نارا في النشأة الثانية، وتنضم إلى جهنم. فنرى الوجه فيه أن نقول: معنى قوله: ((خبزة واحدة)) أي كخبزة واحدة من نعتها كذا وكذا، وهو مثل ما في حديث سهل به سعد:((كقرصة النقي)) وإنما ضرب المثل بقرصة النقي لاستدارتها وبياضها على ما ذكرنا، وفي هذا الحديث ضرب المثل بخبزة تشبه الالاض هيئة وشكلا ومساحة، فاشتمل الحديث على معنيين:
أحدهما: بيان الهيئة التي تكون الأرض عليها يومئذ.
والآخر: بيان الخبزة التي يهيئها الله تعالى نزلا لأهل الجنة، وبيان عظم مقدارها إبداعا واختراعا من القادر الحكيم الذي لا يعجزه أمر ولا يعوزه شيء.
لأهل الجنة)). فأتى رجل من اليهود. فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم! أل أخبرك بنزل أهل الجنة يم القيامة؟ قال: ((بلى)). قال: تكون الأرض خبزة واحدة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم. فنظر النبي صلى الله عليه وسلم إلينا ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال*: ألا أخبرك بإدامهم؟ بالأم والنون. قالوا: وما هذا؟ قال: ثور ونون، يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا. متفق عليه.
ــ
أقول: إنما دخل عليه الإشكال لأنه رأي الحديث مذكور في باب الحشر، وبعد قوله:((كقرصة النقي)) حيث ظن أنه كحديث ((سهل بن سعد)) ، وإنما هو من باب وهذا من باب، لأن صاحب جامع الأصول ذكر الحديث الثاني – كما في متن المشكاة – بتمامه في ((باب ذكر أهل الجنة)) ، والحديث الأول في ((باب الحشر)) ، فإذن لا إشكال في الحديث، وأيضا لا يستدعي التشبيه المشاركة بين المشبه والمشبه به في جميع الأوصاف، بل لو حصل التشبيه في بعض الأوصاف لكفي، وتقريره: أنه صلى الله عليه وسلم شبه أرض الحشر بالخبز النقي في الاستواء والبياض، روي في تفسير {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ} عن الضحاك:((أرضا من فضة بيضاء كالصحائف)) وكذا عن علي رضي الله عنه شبه أرض الجنة في كونها نزلا لأهلها ومهيأة لهم تكرمة بعجالة الراكب زادا له يتقنع بها في سفره ذاك فحسب، وإليه أشار القاضي بقوله: لم يرد بذلك أن جرم الأرض ينقلب خبزة ي الشكل والطبع، وإنما أراد به أنها تكون حينئذ بالنسبة إلى ما أعد الله لأهل الجنة كقرصة نقي يستعجل المضيف بها نزلا للضيف، وتعريف الأرض في الحديث كتعريفها في قوله تعالى:{ولَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} قال ابن عباس رضي الله عنه: هي أرض الجنة.
فإن قلت: كيف ينطبق على هذا التأويل قول اليهودي: ((ألا أخبرك بإدامهم بالام والنون؟)).
قلت: هو وارد على سبيل الاستطراد إثباتا للمشبه به لا للمشبه، كما في قوله تعالى:{ومَا يَسْتَوِي البَحْرَانِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ ومِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًا} .
الكشاف: ضرب البحرين العذب والمالح مثلين للمؤمن والكافر، ثم قال على سبيل الاستطرد في صفة البحرين وما علق بهما من نعمته وعطائه:{ومِن كُلٍّ} أي: ومن كل واحد منهما {تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًا} وهو: السمك {وتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً} هو: الؤلؤ والمرجان، وفيه
5534 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس على ثلاث طرائق: راغبين، راهبين، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير،
ــ
أن النزل التام هو الجنة، كما كانت لهم جنات الفردوس نزلا خالدين فيها، والكرامة التامة هي اللقاء وحلول الرضوان، رزقنا الله وإياكم النعمة العظمى.
((بالام والنون)) أما النون: فهو الحوت باتفاق العلماء.
وأما بالام: فبباء موحدة مفتوحة، وتخفيف اللام، وميم منونة مرفوعة، وفي معناه أقوال، الصحيح منها ما اختاره المحققون أنها لفظة عبرانية معناها بالعبرانية ((الثور)) وفسر اليهودي به، ولو كانت عربية لعرفتها الصحابة ولم يحتاجوا إلى سؤاله عنها.
وأما قوله: ((يأكل منها سبعون ألفا)) قال القاضي عياض: إنهم السبعون ألفا الذين يدخلون الجنة بلا حساب فخصوا بأطيب النزل.
ويحتمل أنه عبر به عن العدد الكثير ولم يرد الحصر في ذلك القدر، وهذا معروف في كلام العرب، والله أعلم.
الحديث الثالث عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((يحشر الناس ثلاث طرائق)) ((خط)): الحشر المذكور في هذا الحديث إنما يكون قبل قيلم الساعة، يحشر الناس أحياء إلى الشام، فأما الحشر بعد البعث من القبور فإنه على خلاف هذه الصورة من ركوب الإبل والمعاقبة عليها، وإنما هو على ما ورد في الحديث أنهم يبعثون حفاة عراة. وفسر ((ثلاثة على بعير وأربعة على بعير)) على أنهم يعتقبون بالبعير الواحد يركب بعضهم ويمشي بعضهم.
((تو)): قول من يحمل الحشر على الحشر الذي هو بعد البعث من القبور أشد وأقوى وأشبه بسياق الحديث من وجوه، إحداها: أن الحشر على الإطلاق في متعارف الشرع لا يراد منه إلا الحشر الذي بعد قيام الساعة، إلا أن يخص بنوع من الدليل، ولم نجده هاهنا.
والآخر: أن التقسيم الذي ذكر في هذا الحديث لا يستقيم في احشر إلى أرض الشام، لأن المهاجر إليها لابد أن يكون راهبات راغبا، أو راغبا راهبا، فأما أن لا يكون راغبا وراهبا وتكون هذه طريقة واحدة لا ثاني لها من جنسها فلا.
والثالث: أن حشر (النار) * بقية الطائفتين على ما ذكره في هذا الحديث إلى أرض الشام والتزامها بهم حتى لا تفارقهم في مقيل، ولا مبيت، ولا مساء ولا قول لم يرد به التوقيف، ولم يكن لنا أن نقول بتسليط النار على أولى الشقاوة في هذه الدار من غير توقيف.
والرابع – وهو أقوى الدلائل وأوثقها: - ما روي عن أبي هريرة، وهو في الحسان من هذا الباب
ك – ((يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف
…
الحديث)).
وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار. تقيل معهم حيث قالوا: وتبيت معهم حيث
ــ
وأما ما ذكر من بعث الناس حفاة عراة فلا تضاد بين القضيتين، لأن إحداهما حالة البعث من المنشر، والأخرى حالة السوق إلى المحشر، ونرى التقسيم الذي جاء به الحديث التقسيم الذي جاء به التنزيل، قال تعالى:{إذَا رُجَّتِ الأَرْضُ رَجًا (4) وبُسَّتِ الجِبَالُ بَسًّا (5) فَكَانَتْ هَبَاءً مُّنْبَثًا (6) وكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً} الآيات.
فقوله: ((راغبين راهبين)) يريد به عوام المؤمنين، وهم ذو الهيئات الذين يترددون بين الخوف والرجاء بعد زوال التكليف، فتارة يرجون رحمة الله لإيمانه، وتارة يخافون عذابه لما اجترحوا من السيئات، وهم أصحاب الميمنة في كتاب الله عز وجل، على ما جاء في الحديث الذي رواه أيضا أبو هريرة رضي الله عنه – وهو من الحسان من هذا الباب.
وقوله: ((اثنان على بعير ..)) فالمراد منه أولوا السابقة من أفاضل المؤمنين وهم السابقون.
وقوله: ((يحشر بقيتهم النار)) يريد به أصحاب المشأمة.
فهذه ثلاث طرائق. وحملهم الصفة المذكورة في الحديث يحتمل وجهين:
إما الحمل دفعة واحدة، تنبيها على أن البعير المذكور يكون من بدائع فطرة الله كناقة صالح عليه السلام فيقوى على ما لا يقوى عليه غيره من البعير.
وإما الحمل على سبيل الاعتقاب.
فإن قيل: فلم لم يذكر من السابقين من ينفرد بفرد مركب لا يشاركه فيه أحد؟
قلنا: لأنه عرف أن ذلك حق مجعول لمن فوقهم في المرتبة من أنبياء الله، ليقع الامتياز بين النبيين والصديقين في المراكب كما وقع في المراتب.
أقول: ولناصر ما ذهب إليه أبو سليمان الذي يجيب عن الوجه الأول ويقول: لا نسلم أن الحشر المذكور يراد به في القيامة، لقوله:((يحشر بقيتهم النار)) فإن النار هي الحاشرة، فلو أريد ذلك المعنى لقيل:((إلى النار)) ، ولقوله:((تقيل معهم حيث قالوا:)) فإنه جملة مستأنفة بيان للكلام السابق، فإن الضمير في ((تقيل)) راجع إلى النار الحاشرة وهو من الاستعارة المصرحة التبعية، فيدل على أن النار لم يرد بها النار الحقيقية بل هي نار الفتنة، كما قال الله تعالى:{كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} ، ولأن هذه القيلولة والبيتوتة هي المرادة في قوله: ((ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار الناس إلى مهاجر إبراهيم .. إلى قوله: ((تحشرهم النار مع
باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم حيث أمسوا)). متفق عليه.
ــ
القردة والخنازير، تبيت معهم إذا باتوا، وتقيل معهم إذا قالوا)) * وسيجيء بيانه، وقال عليه الصلاة والسلام:((ستخرج نار من بحر خضر موت – أو حضر موت – تحشر الناس، قلنا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: عليكم بالشام)) قال الشيخ التوربشتي: ويحتمل أن النار نكون رأي عين وهو الأصل، وأنها فتنة عبر عنها بالنار.
وعن الثاني: أن التقسيم الذي ورد في الحديث مستقيم، والنورد غير ما أخذه، وذلك لأنه وارد على القصد للخلاص من الفتنة، فمن اغتنم الفرصة وسبق سار على فسحة من الظهر والزاد رغبة فيما يستقبله ورهبة مما يستدبره، ومن أبطأ حتى ضاق عليه الوقت سار راهبا على ضيق من الظهر، فيتعاقب اثنان على بعير إلى عشرة، ومن كره الله انبعاثهم فثبطهم فوقع في ورطة لا خلاص له ولا مناص، يقيل مع الفتنة حيث قالت، فعلى هذا لا بفتقر إلى عذر أنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر واحد على بعير لأن السابقين هم الراكبون على بعير بعير، وكيف يساق السابقون عشرة على بعير؟! وسنقرر هذا المعنى بعيدا هذا.
وعن الثالث: أنه ورد التوقيف، فكيف والحديث يدل عليه؟ وكذا حديث ((حضر موت)) ، وحديث ((الشام)) على ماسبق.
وعن الرابع: أن الحديث الذي ورد في الحسان لا يطابق هذا! وليت شعري كيف ينزل قوله ((اثنان على بعير ..)) إلى آخره على قوله ((.. وصنفا ركبانا)) لأن المراد بالركبان السابقون المتقون في قوله تعالى: {وسِيقَ الَذينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إلَى الجَنَّةِ زُمَرًا} والمراد سوق مراكبهم إسراعا بهم إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل من يشرف ويكرم من الوافدين على بعض الملوك، ويستبعد أن يقال: يجيء وفد الله تعالى عشرة على بعير جمعا أو متعاقبا، فعلى هذا الطرائق الثلاث حالهم في الدنيا كذا، والأصناف الثلاثة حالهم في العقبى كذا، يدل عليه قول الشيخ محي الدين في شرح مسلم: قال العلماء: هذا الحشر في آخر الدنيا قبل يوم القيامة وقبل النفخ في الصور، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:((يحشر بقيتهم النار ..)) إلى آخره وهذا الحشر آخر أشراط الساعة كما ذكره مسلم بعد هذا في آيات الساعة.
قال: وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن تطرد الناس إلى محشرهم بثلاث طرائق ثلاث فرق، ومنه قوله تعالى إخبارا عن الجن:{كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا} أي فرقا مختلفة، ولكن المطابق له ما ورد في الفصل الثالث عن أبي ذر قال: إن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون ثلاثة أفواج، فوجا راكبين طاعمين كاسين، وفوجا تسحبهم الملائكة على وجوههم، وتحشرهم النار، وفوجا يمشون يسعون يلقي الله الآفة على الظهر فلا يبقى، حتى إن الرجل
5535 -
وعن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((إنكم محشورون حفاة عراة غرلا)). ثم قرأ: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ وعْدًا عَلَيْنَا إنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} ((وأول من يكسا يوم القيامة إبراهيم، وإن ناسا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول:
ــ
لتكون له الحديقة يعطيها بذات القتب لا يقدر عليها)) فينزل قوله: ((راغبين راهبين)) على قوله: ((طاعمين كاسين)) أي مرفهين لاستعدادهم بما يبلغهم إلى المقصد من الزاد والراحلة.
وقوله: ((اثنان على بعير ..)) إلى آخره على قوله: ((وفوجا يمشون ويسعون ..)) ويلقي الله الآفة على مراكبهم حتى يضطروا إلى أن يعطوا الحديقة بالمركوب.
قوله: ((وتحشر بقيتهم النار)) على قوله: ((فوجا تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم النار)) أي تحشر الملائكة لهم النار وتلازمهم حتى لا تفارقهم أين باتوا؛ وأين قالوا.
فإن قلت: ما معنى قوله: ((إن الحديقة يعطيها بذات القتب)).
قلت: ذات القتب – وهي خشبة الرحل – عبارة عن البعير تحقيرا، كما في قوله تعالى:{ذَاتِ أَلْوَاحٍ ودُسُرٍ} كناية عن السفينة، وفي إيثار هذه الصيغة على البعير والحديقة على القيمة إشارة إلى أنهم أنفس الأموال بذلك الحقير، وهذه الصيغة تسمى في علم البديع بالإدماج، ثم إذا ضم معه اقتضاء المقام وهو مهاجرة الأوطان، دل غاية الاضطرار، فإن الحديثة أهم شيء للثاوي المقيم، والبعير أهم شيء للظاعن المسافر، فإيثار مثل هذا الظهر على مثل تلك الحديقة في هذا المقام لئلا يقيلوا في الفتنة ولا يبيتوا فيها يدل على غاية الاضطرار ولا فرار مما لا يطاق، وهذا النوع يسمى في البديع بالإيغال، ونحوه في الأسلوب قول الخنساء:
وإن صخرا لتأتم الهداة به كأنه علم في رأسه نار
هذا ما سنح لنا على سبيل الاجتهاد، ثم عثرنا في جامع الإمام محمد بن إسماعيل البخاري على ما هو الحق، وهو قوله في باب الحشر:((يحشر الناس [يوم القيامة] * على ثلاث طرائق ..)) الحديث فعلم [من ذلك] ** أن ما ذهب إليه الإمام التوربشتي هو الحق الذي لا محيد عنه، [والله أعلم]
…
الحديث الرابع عن ابن عباس رضي الله عنهما:
قوله: ((غرلا)) ((نه)): الغرل جمع الأغرل وهو الأقلف، والغرلة: القلفة.
قوله: {كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ} فإن قلت: سياق الآية في إثبات الحشر والنشر، لأن المعنى
أصيحابي أصيحابي!! فيقول: إنهم لن يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم. فأقول كما قال العبد الصالح: {وكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ} إلى قوله: {العَزِيزُ الحَكِيمُ} : متفق عليه.
5536 -
وعن عاشة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا)). قلت: يا رسول الله! الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: ((يا عائشة! الأمر أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض)). متفق عليه.
ــ
نوجدكم عن العدم ثانيا كما أوجدناكم أولا عن العدم فكيف يستشهد بها للمعنى المذكور؟
قلت: [دل] * سياق الآية؛ وعبارتها على إثبات الحشر، وإشارتها على المعنى المراد من الحديث وهو من باب الإدماج.
قوله: ((وأول من يكسى يوم القيامة إبراهيم)) ((تو)): [ويروى] ** أن التقديم بهذه الفضيلة إنما وقع لإبراهيم عليه السلام؛ لأنه أول من عري في ذات الله حين أرادوا إلقاءه في النار.
فإن قيل: أو ليس نبينا عليه الصلاة والسلام هو المحكوم له بالفضل على سائر الأنبياء وتأخره في ذلك يوهم أن الفضل للسابق؟
قلنا: إذا استأثر الله سبحانه عبدا بفضيلة على آخر، واستأثر المستأثر عليه على المستأثر بتلك الواحدة أمثالها أو أفضل، كانت السابقة له، ولا يقدح استئثار صاحبه عليه بفضيلة واحدة في فضله، ولا خفاء بأن الشفاعة حيث لا يؤذن لأحد في الكلام لم يبق سابقة لأولى السابقة، ولا فضيلة لذوي الفضائل إلا أنت عليها، وكم له من فضائل مختصة به لم يسبق إليها ولم يشارك فيها.
قوله: ((وإن إنسانا من أصحابي)) ((قض)): يريد بهم من ارتد من الأعراب الذين أسلموا في أيامه أصحاب مسيلمة والأسود وأضرابهم، فإن أصحابه وإن شاع عرفا فيمن يلازمه من المهاجرين والأنصار، شاع استعماله لغة في كل من تبعه أو أدرك حضرته ووفد عليه ولو مرة.
وقيل: أراد بالارتداد إساءة السيرة والرجوع عما كانوا عليه من الإخلاص وصدق النية والإعراض عن الدنيا. وأما تنكير ((الناس)) وتصغير ((الأصحاب)) [فللدلالة]
…
على تقليلهم.
والمراد ((بالعبد الصالح)) عيسى عليه الصلاة والسلام، والآية حكاية. [قوله].
الحديث الخامس عن عائشة رضي الله عنها: قوله: ((الرجال والنساء)) مبتدأ، و ((جميعا)) حال
5537 -
وعن أنس، أن رجلا قال: يانبي الله! كيف يحشر الكافر على وجهه يوم القيامة؟ قال: ((أليس الذي أمشاه على الرجلين في الدنيا قادرا على أن يمشيه على وجهه يوم القيامة؟)) متفق عليه.
5538 -
وعن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يلقي إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجهه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم: ألم أقل لك: لا تعصني؟ فيقول له أبوه: فاليوم لا أعصيك. فيقول إبراهيم: يارب! إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون، فأي خزي من أبي الأبعد فيقول الله تعالى: إني حرمت الجنة على الكافرين. ثم يقال لإبراهيم: ماتحت رجليك؟ فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ، فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار)) رواه البخاري.
ــ
سد مسد الخبر، أي مختلطون جميعا ويجوز أن يكون الخبر ((ينظر بعضهم إلى بعض)) وهو العامل في الحال قدم اهتماما، كما في قوله تعالى:{والأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ} وفيه معنى الاستفهام، ولذلك أجاب بقوله: ((الأمر أشد
…
))
الحديث السادس عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((قادر)) هو مرفوع على أنه خبر الذي، واسم ليس ضمير الشأن، وسؤال الرجل مسبوق بمثل قوله ((يحشر بعض الناس يوم القيامة على وجوههم)).
الحديث السابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((وعلى وجهه آزر قترة)) إنما أتى بالمظهر في قوله ((على وجهه آزر)) صونا عن توهم متوهم في ابتداء الحال أن الضمير لإبراهيم عليه الصلاة والسلام.
قوله: ((من أبي الأبعد)) هو أفعل الذي قطع عن متعلقة للمبالغة.
((نه ((: يقال: بعد الكسر فهو باعد، أي هلك، والبعد الهلاك، ومنه حديث شهادة الأعضاء يوم القيامة، فيقول: ((بعدا لك وسحقا)) أي هلاكا. ويجوز أن يراد الأبعد من رحمة الله، وقوله:((من أبي الأبعد)) لابد فيه من تقدير مضاف، أي من خزي أبي الأبعد، والفاء في قوله:((فأي خزي)) مستعقب بمحذوف، أي أنك وعدتني أن لا تخزني وقد أخزيتني، وإذا كان كذلك فأي خزي، نحو قوله تعالى:{اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ فَانفَجَرَتْ مِنْهُ} أي فضرب فانفجرت.
والذيخ: ذكر الضباع، والأنثى ذيخة. وأراد بالتلطيخ: التلطيخ برجيعه أو بالطين.
5539 -
وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم حتى يبلغ آذانهم)). متفق عليه.
5540 -
وعن المقداد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل، فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمهم العرق إلجاماً)) وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه. رواه مسلم.
5541 -
وعن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يقول الله تعالى: يا آدم! فيقول: لبيك وسعديك، والخير كله في يديك. قال: أخرج بعث النار. قال: وما بعث النار؟ قال: من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين، فعنده يشيب الصغير {وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد})).
ــ
الحديث الثامن والتاسع عن المقداد رضي الله عنه:
قوله: ((كمقدار ميل)) تقديره حتى يكون مقدار قرب الشمس منهم مثل مقدار ميل، نظيره قوله تعالى:{فكان قاب قوسين أو أدنى} . أي كان قرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من جبريل أو من مكان القرب مثل مقدار قوسين.
((حس)): قال سليم: ((لا أدري أي الميلين يعني، مسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين.
قوله: ((إلى حقويه)) الحقو الخصر ومشد الإزار.
الحديث العاشر عن أبي سعيد رضي الله عنه:
قوله: ((وما بعث النار؟)) أي ما مقدار مبعوث النار.
قوله: ((وأينا ذلك الواحد؟)) لا يخلو هذا الاستفهام من أن يكون مجرى على حقيقته، أو يكون استعظاماً لذلك الحكم، واستشعار خوف منه، فالأول يستدعي أن يجاب بأن ذلك الواحد فلان أو متصف بالصفة الفلانية، والثاني يستدعي أن يجاب بما يزيل ذلك الخوف دفعاً لليائس. والثاني هو المراد بقوله:((أبشروا)) وكأنه قال: وأينا من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ذلك الناجي المفلح من بين سائر بني آدم:
ولست بمستبق أخاً لا تلمه
…
على شعث أي الرجال المهذب
قالوا: يا رسول الله؟ وأينا ذلك الواحد؟ قال: ((أبشروا فإن منكم رجلا، ومن يأجوج ومأجوج ألف)) ثم قال: ((والذي نفسي بيده أرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة)) فكبرنا. فقال: ((أرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة)) فكبرنا. فقال: ((أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة)) فكبرنا. قال: ((ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض، أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود)). متفق عليه.
5542 -
وعنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((يكشف ربنا عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة، ويبقى من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة، فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقاً واحداً)). متفق عليه.
ــ
فقوله: ((أبشروا فإن منكم رجلا ومن يأجوج ومأجوج ألف)) تنبيه على أن يأجوج ومأجوج داخلون في هذا الوعيد، وبقوله:((أرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة)) أن غير يأجوج ومأجوج من الأمم السالفة الفائقة الحصر أيضاً داخلون في الوعيد، فإذا وزع نصف أمة محمد صلى الله عليه وسلم مع مثله من الأمم السابقة على هؤلاء يكون كالواحد من الألف، يدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم:((ما أنتم في الناس إلا كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض)) وقولهم: ((الله أكبر مراراً)) متعجبين، استبشاراً منهم واستعظاماً لهذه النعمة العظمى والمنحة الكبرى، فيكون هذا الاستعظام بعد ذلك الاستعظام إشارة إلى فوزهم بالبغية بعد اليأس منها، والله أعلم.
الحديث الحادي عشر عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((يكشف ربنا عن ساقه)) تو: مهب أهل السلامة من السلف التورع عن التعرض للقول في مثل هذا الحديث وهو الأمثل والأحوط، وقد تأوله جمع من العلماء بأن الكشف عن الساق مثل في شدة الأمر وصعوبة الخطب واستعماله فيه شائع، ومن ذلك قول الشاعر:
عجبت من نفسي ومن إشفاقها
…
ومن طرادي الطير عن أرزاقها
في سنة قد كشفت عن ساقها
ومنه قول الله تعالى: {يوم يكشف عن ساق} أي عن شدة، وتنكير ((الساق)) في الآية من دلائل هذا التأويل، ووجه تعريف الساق في الحديث دون الآية أن يقال: أضافها إلى الله تعالى تنبيها على أنها الشدة لا يجليها لوقتها إلا هو، أو على أنها هي التي ذكرها في كتابه.
وقوله: ((فيعود ظهره طبقاً واحداً)) أي يرد عظاماً بلا مفاصل لا ينثني عند الرفع والخفض، والمعنى أنه سبحانه وتعالى يكشف يوم القيامة عن شدة ترتفع دونها سواتر الامتحان فيتميز عند ذلك أهل اليقين والإخلاص والإيقان بالسجود الموصوف على أهل الريب والنفاق، والله أعلم.
5543 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة)) وقال: اقرأوا {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا} . متفق عليه.
الفصل الثاني
5544 -
عن أبي هريرة، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {يومئذ تحدث أخبارها} قال: ((أتدرون ما أخبارها؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل علي كذا وكذا يوم كذا وكذا)). قال: ((فهذه أخبارها)) رواه أحمد، والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب. [5544]
5545 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما من أحد يموت إلا ندم)). قالوا: وما ندامته يا رسول الله؟ قال: ((إن كان محسنا ندم أن لا يكون ازداد، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع)) رواه الترمذي. [5545]
ــ
الحديث الثاني عشر عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: {فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً} فإن قلت: كيف وجه صحة الاستشهاد بالآية، فإن المراد بالوزن في الحديث وزن الجثة ومقداره لقوله:((العظيم السمين)) وفي الآية: إما وزن العمال لقوله تعالى: {فحبطت أعمالهم} وإما مقدارهم والمعنى نزدري بهم ولا يكون لهم عندنا وزن ومقدار؟
قلت: الحديث من الوجه الثاني على سبيل الكناية وذكر الجثة والعظم لا ينافي إرادة مقداره وتفخيمه، قال تعالى:{وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة} .
الفصل الثاني
الحديث الأول والثاني عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((أن لا يكون ازداد)) أي خيراً وبراً. و ((أن لا يكون نزع)) أي نزع نفسه عن ارتكاب المعاصي.
5546 -
وعنه: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف: صنفا مشاة، وصنفا ركبانا، وصنفا على وجوههم)) قيل: يا رسول الله! وكيف يمشون على وجوههم؟ قال: ((إن الذي أمشاهم على أقدامهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك)) رواه الترمذي. [5546]
5547 -
وعن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ: {إذا الشمس كورت} و {إذا السماء انفطرت} و {إذا السماء انشقت} ، رواه أحمد، والترمذي. [5547]
الفصل الثالث
5548 -
عن أبي ذر، قال: إن الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم حدثني: ((إن الناس يحشرون ثلاثة أفواج: فوجا راكبين طاعمين كاسين، وفوجا تسحبهم الملائكة على
ــ
الحديث الثالث والرابع عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((صنفا مشاة)) تو: فإن قيل: لم بدأ بالمشاة بالذكر قبل أولى السابقة؟ قلنا لأنهم هم الأكثرون من أهل الإيمان.
قض: ((يتقون بوجوههم)) يريد به بيان هوانهم واضطرابهم، إلى حد جعلوا وجوههم مكان الأيدي والأرجل في التوقي عن مؤذيات الطرق، والمشي إلى المقصد لما لم يجعلوها ساجدة لمن خلقها وصورها.
الفصل الثالث
الحديث الأول عن أبي ذر رضي الله عنه:
قوله: ((إن الناس يحشرون)) المراد بالحشر هنا ما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب)) وقوله: ((ستخرج نار من بحر حضر موت- أو حضر موت- تحشر الناس)) قلنا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال: ((عليكم بالشام)).
وقوله: ((طاعمين كاسين)) هو عبارة عن كونهم مرفهين لاستعدادهم بما يبلغهم إلى المقصد