الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل كان عمر يعلم من الباب؟ قال: نعم كما يعلم أن دون غد ليلة، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط، قال: فهبنا أن نسأل حذيفة من الباب؟ فقلنا لمسروق: سله. فسأله فقال: عمر. متفق عليه.
5436 -
وعن أنس، قال: فتح القسطنطينية مع قيام الساعة. رواه الترمذي وقال: هذا حديث غريب. [5436]
(2) باب أشراط الساعة
الفصل الأول
5437 -
عن أنس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويكثر الجهل، ويكثر الزنا، ويكثر شرب الخمر، ويقل الرجال، وتكثر النساء، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد)). وفي رواية: ((يقل العلم، ويظهر الجهل)). متفق عليه.
5438 -
وعن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن بين يدي الساعة كذابين، فاحذروهم)) رواه مسلم.
ــ
و ((بل))؟ قلت: للتنبيه على أن هذا ليس من مقام التردد في الكسر لظهوره، فلا يسأل بأم المعادلة كما سبق مرارا. وإنما قال:((ذاك أحرى أن لا يغلق أبداً)): لأن الفتح قد يرجى غلقه بخلاف الكسر، فإنه أبعد من الرجاء. وقوله:((من الباب؟)) كان الظاهر أن ((الأغاليط)) أراد أن ما ذكرت له لم يكن مبهماً محتملاً كالأغاليط بل صرحته تصريحاً. ولعل لهذا السر ما قال له عمر رضي الله عنه: ((إنك لجريء)). والله أعلم.
باب أشراط الساعة
((نه)): الأشراط: العلامات. واحدتها: شرط – بالتحريك – وبه سميت ((شرط السلطان))؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها – هكذا قال أبو عبيدة -.
وحكى الخطابي عن بعض أهل اللغة أنه أنكر هذا التفسير، وقال: أشراط الساعة ما ينكره الناس من صغار أمورها قبل أن تقوم الساعة.
الفصل الأول
الحديث الأول والثاني: عن جابر رضي الله عنه قوله: ((كذابين)) ((مظ)): المراد منه كثرة
5439 -
وعن أبي هريرة، قال: بينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يحدث إذ جاء أعرابي فقال: متى الساعة؟ قال: ((إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة)). قال: كيف إضاعتها؟ قال: ((إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة)) رواه البخاري.
5440 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يكثر المال ويفيض، حتى يخرج الرجل زكاة ماله فلا يجد أحداً يقبلها منه، وحتى تعود أرض العرب مروجاً وأنهاراً)). رواه مسلم. وفي رواية له: قال: ((تبلغ المساكن إهاب أو يهاب))
ــ
الجهل، وقلة العلم، والإتيان بالموضوعات من الأحاديث، وما يفترونه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمكن أن يراد به أدعياء النبوة، كما كان في زمانه وبعد زمانه، وأن يراد بهم جماعة يدعون إلى أهواء فاسدة ويسندون البدع واعتقادهم الباطل إليه صلى الله عليه وسلم، كأهل البدع كلهم.
الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((إذا ضيعت الأمانة)) ((قض)) أخرج الجوابين مخرج الاستئناف للتأكيد، ولأن السؤال الأول لما لم يكن مما يمكن أن يجيب عنه بجواب حقيقي يطابقه – لأن تأقيت الساعة غيب لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل. عدل عن الجواب إلى ما ذكر ما يدل على المسئول عنه دلالة من أمارتها، وسلك في الجواب الثاني مسلك الأول لينتسق الكلام.
قوله: ((إذا وسد الأمر إلى غير أهله)) معناه: أن يلي الأمر من ليس له بأهل فتلقى له أحد وسادة الملك، وأراد بالأمر الخلافة وما ينضم إليها من قضاة وإمارة ونحوهما. والوسد أحد من الوسائد، يقال: وسدته الشيء – بالتخفيف – فتوسده، إذا جعله تحت رأسه.
ولفظة ((إلي)) فيها إشكال، إذ كان من حقه أن يقال:((وسد الأمر لغير أهله)) فلعله أتى بها ليدل على إسناد الأمر إليه.
أقول: كان من حق الظاهر أن يكتفي في جواب السؤال الأول بقوله: ((إذا ضيعت الأمانة)) وأن يؤتي في السؤال الثاني بمتى ليطابق الجواب فزاد في الأول ((فانتظر)) لينبه على أن قوله: ((إذا ضيعت الأمانة)) ليس إبان الساعة بل من أماراتها فلا تكون ((إذا)) شرطية حينئذ.
وتأويل السؤال الثاني متى تضيع الأمانة؟ وكيف حصول التضييع؟ فقال: ((إذا وسد الأمر)) فأطنب في الأول لإفادة معنى زائد، واختصر في الثاني لدلالة الكلام عليه تفنناً، وإنما دل ذلك على دنو الساعة لأن تغير الولاة وفسادهم مستلزم لتغير الرعية، وقد قيل:((الناس على دين ملوكهم)).
الحديث الرابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((مروجاً)) النهاية: المرج الأرض
5441 -
وعن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده)). وفي رواية: قال: ((يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثياً، ولا يعده عداً)). رواه مسلم.
5442 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب، فمن حضر فلا يأخذ منه شيئاً)) متفق عليه.
5443 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو)) رواه مسلم.
5444 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((تقيء الأرض أفلاذ كبدها أمثال
ــ
الواسعة ذات نبات كثير يمرح فيه الدواب، أي تخلى تسرح مختلطة كيف شاءت.
قوله: ((إهاب أو يهاب)). قال الشيخ محيي الدين: أما ((إهاب)) فبكسر الهمزة، وأما ((يهاب)) فبياء مثناة تحت مفتوحة ومكسورة، ولم يذكر القاضي في الشرح والمشارق إلا الكسر. وحكى القاضي عن بعضهم ((نهاب)) بالنون، والمشهور الأول. وقد ذكر في الكتاب لأنه موضع بقرب المدينة على أميال منها.
التوربشتي: يريد أن المدينة يكثر سوادها حتى يتصل مساكن أهلها بإهاب أو يهاب – شك من الراوي في اسم الموضع، أو كان يدعى بكلا الاسمين فذكر وللتخيير بينهما.
الحديث الخامس: عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((يقسم المال ولا يعده)) قال الشيخ محيي الدين: الحثو الذي يفعله هذا الخليفة يكون لكثرة الأموال والغنائم والفتوحات مع سخاء نفسه.
الحديث السادس والسابع: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((يحسر الفرات)) نه: أي ينكشف، يقال حسرت العمامة عن رأسي وحسرت الثوب عن يدي أي: كشفتها.
وقوله: ((أنا الذي أنجو)) من باب قوله: ((أنا الذي سمتني أمي حيدره)) أي: أنا الذي ينجو، فنظر إلى المبتدأ فحمل الخبر عليه لا على الموصول. وفيه كناية لأن الأصل أن يقال: أنا الذي أفوز به، فعدل إلي: أنجو؛ لأنه إذا نجا من القتل [يفوز] بالمال وملكه.
الحديث الثامن: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((تقيء الأرض))، ((قض)): معناه أن الأرض يلقى من بطنها ما فيه من الكنوز، وقيل ما رسخ فيها من العروق المعدنية، ويدل عليه
الأسطوانة من الذهب والفضة، فيجيء القاتل، فيقول: في هذا قتلت. ويجيء القاطع فيقول: في هذا قطعت رحمي. ويجيء السارق فيقول: في هذا قطعت يدي، ثم يدعونه، فلا يأخذون منه شيئاً)) رواه مسلم.
5445 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمزع عليه، ويقول: ياليتني كنت مكان صاحب هذا القبر، وليس به الدين إلا البلاء)) رواه مسلم.
5446 -
وعنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى تخرج نار من ارض الحجاز تضيء أعناق الإبل ببصرى)) متفق عليه.
ــ
قوله: ((أمثال الأسطوانة)) وشبهها بالأكباد حباً لأنها أحب ما هو مجني فيها، كما أن الكبد أطيب ما في بطن الجزور وأحبه إلى العرب، وبأفلاذها هيئة وشكلا كأنها قطع الكبد المقطوعة طولا، وقد حكي عن ابن الأعرابي أنه قال: الفلذة لا تكون إلا للبعير.
النهاية: سمى ما في بطن الأرض قطعاً تشبيهاً وتمثيلاً، واستعار القيء للإخراج.
أقول: قوله: ((أفلاذ كبدها)) استعارة مكنية مستلزمة للتخييلية، شبه الأرض بالحيوان ثم خيل لها ما يلازم الحيوان من الكبد، فأضاف إليها الكبد على التخييلية لتكون قرينة مانعة من ارداة الحقيقة، ثم فرع على الاستعارة القيء ترشيحا، وقوله:((هذا)) المشار إليه ليس عين ما قيل فيه، بل هو من جنسه: فيكون في الكلام تشبيه نحو قوله تعالى: {هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ} أي: مثل هذا.
الحديث التاسع: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((الدين))، مظ: الدين هاهنا العادة، وليس في موضع الحال من الضمير في ((يتمرغ)) يعني: يتمرغ على رأس القبر ويتمنى الموت في حالة وليس التمرغ من عادته وإنما يحمله عليه البلاء.
أقول: ويجوز أن يحمل الدين على حقيقته، أي ليس ذلك التمرغ والتمني لأمر أصابه من جهة الدين لكن من جهة الدنيا، فيقيد ((البلاء)) المطلق بالدنيا بواسطة القرينة السابقة.
الحديث العاشر إلى الحادي عشر: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((تضيء أعناق الإبل)) قال الشيخ محيي الدين: هكذا الرواية بنصب ((أعناق)) وهو مفعول ((تضيء)) يقال: أضاءت النار وأضاءت غيرها.
5447 -
وعن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:((أول أشراط الساعة نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب)) رواه البخاري.
الفصل الثاني
5448 -
عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، والشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كالضرمة بالنار)). رواه الترمذي. [5448]
ــ
و ((بصرى)) – بضم الباء – مدينة معروفة بالشام وهي مدينة حوران بينها وبين دمشق نحو ثلاث مراحل، وقد خرجت في زماننا نار بالمدينة سنة أربع وخمسين وستمائة. وكانت ناراً عظيمة خرجت من جانب المدينة الشرقي وراء الحرة، وتواتر العلم بها عند جميع أهل الشام وسائر البلدان، وأخبرني من حضرها من أهل المدينة، ((تو)) ورأي هذه النار أهل المدينة ومن حولهم رؤية لا مرية فيها ولا خفاء، فإنها لبثت نحواً من خمسين يوماً تتقد وترمي بالأحجار المحمرة بالنار من باطن الأرض إلى ما حولها مشاكلة للوصف الذي ذكره الله تعالى في كتابه عن نار جهنم:{تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} وقد سال من ينبوع تلك النار في تلك الصحاري مد عظيم شبيه بالصفر المذاب، فيجمد الشيء بعد الشيء فيوجد شبيها بخبث الحديد.
((قض)): فإن قلت كيف يصح أن يحمل هذا عليها، وقد روي في الحديث الذي يليه أنه صلى الله عليه وسلم قال:((أول أشراط الساعة نار تحشر الناس)) وهي لم تحدث بعد؟.
قلت: لعله لم يرد بذلك أول الأشراط مطلقا، بل الأشراط المتصلة بالساعة الدالة على أنها تقوم عما قريب؛ فإن من الأشراط بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تتقدمها تلك النار، أو: أراد بالنار نار الحرب والفتن، كفتنة الترك فإنها سارت من المشرق إلى المغرب.
الفصل الثاني
الحديث الأول: عن أنس رضي الله عنه: قوله: ((السنة كالشهر)) ((تو)): يحمل ذلك على قلة بركة الزمان وذهاب فائدته، أو على أن الناس لكثرة اهتمامهم بما دهمهم من النوازل والشدائد وشغل قلبهم بالفتن العظام، لا يدرون كيف تنقضي أيامهم ولياليهم.
فإن قيل: إن العرب تستعمل قصر الأيام والليالي في المسرات وطولها في المكارة، قلنا: المعنى الذي يذهبون إليه في القصر والطول، مفارق للمعنى الذي يذهب إليه! فإن ذلك راجع
5449 -
وعن عبد الله بن حوالة، قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لنغنم على أقدامنا، فرجعنا فلم نغنم شيئاً، وعرف الجهد في وجوهنا، فقام فينا فقال:((اللهم لا تكلهم إلي فأضعف عنهم، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلمهم إلى الناس فيستأثروا عليهم)) ثم وضع يده على رأسي، ثم قال:((يا ابن حوالة! إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة، فقد دنت الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه إلى رأسك)) رواه [أبو داود]. [5449]
5450 -
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا اتخذ الفيء دولا، والأمانة مغنماً، والزكاة مغرماً، وتعلم لغير الدين، وأطاع الرجل امرأته، وعق أمه، وأدنى صديقه، وأقصى أباه، وظهرت الأصوات في المساجد، وساد القبيلة فاسقهم،
ــ
إلى تمني الإطالة للرخاء، أو إلى تمني القصر للشدة، والذي يذهب إليه راجع إلى زوال الإحساس بما مر عليهم من الزمان لشدة ما هم فيه وذلك أيضا صحيح.
((قض)): ((كالضرمة بالنار)) أي كزمان إيقاد الضرمة، وهي ما توقد به النار أولا كالقصب والكبريت.
الحديث الثاني: عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه: قوله: ((على أقدامنا)) حال من الضمير المفعول، أي بعثنا إلى جهة لنعزو ونغنم ماشين على أقدامنا.
وقوله: ((فأضعف)) جواب للنهي، أي: لا تفوض أمورهم إلى ((فأضعف)) عن كفاية مؤنتهم، وسد خلتهم، ولا تفوضهم إلى أنفسهم فيعجزوا عن أنفسهم لكثرة شهواتها وشرورها، ولا تفوضهم إلى الناس فيختاروا أنفسهم على هؤلاء فيضيعوا، بل هم عبادك فافعل بهم ما يفعل السادة بالعبيد.
قوله: ((البلابل)) هي الهموم والأحزان، وبلبلة الصدر وسواسه.
الحديث الثالث: عن أبي هريرة رضي الله عنه: قوله: ((دولا)) ((تو)) الدول جمع دولة، وهي اسم لكل ما يتداول من المال، يعني أن الأغنياء وأهل [الثروة] يستأثرون بحقوق الفقراء، أو يكون المراد منه أموال الفيء تؤخذ عليه غلبة وأثرة صنيع أهل الجاهلية وذوي العدوان.
((والأمانة مغنماً)) أي يذهبون بها فيغنموها، يقال: فلا يغنم الأمر، أي: يحرص عليه كما يحرص على الغنائم والزكاة.
وكان زعيم القوم أردلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وظهرت القينات والمعازف، وشربت الخمور، ولعن آخر هذه الأمة أولها؛ فارتقبوا عند ذلك ريحاً حمراء وزلزلة وخسفاً ومسخاً، وقذفاً، وآيات تتابع كنظام قطع سلكه فتتابع)) رواه الترمذي. [5450]
5451 -
وعن علي [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء)) وعد هذه الخصال ولم يذكر ((تعلم لغير الدين)) قال: ((وبر صديقه، وجفا أباه)) وقال: ((وشرب الخمر، ولبس الحرير)) رواه الترمذي. [5451]
ــ
((والزكاة مغرماً)) أي: يشق عليهم أداؤها حتى يعدوها غرامة.
((وتعلم لغير الدين)): بالألف واللام كذا في ((جامع الترمذي)) و ((جامع الأصول)) وفي نسخ ((المصابيح)) بغير الألف واللام، والأولى أولى رواية ودراية، أي يتعلمون العلم لطلب الجاه والمال، لا للدين ونشر الأحكام بين المسلمين لإظهار دين الله.
وقوله: ((وأدنى صديقه وأقصى إباه)) كلاهما قرينة لقوله: ((وأطاع الرجل امرأته وعق أمه)) لكن المذموم في الأولى الجمع بينهما، لأن إدناء الصديق محمود، بخلاف الثانية فإن الإفراد والجمع بينهما مذمومان.
((وأطاع الرجل امرأته)) أي: فيما تهواه وتأمره.
((وعق أمه)) أي: فيما تأمره، فرجح جانب الزوجة لأنها محل الشهوة، على جانب الأم، فإنها مرضاة للرب، وخص الأم بالذكر لزيادة حقها، وتأكد مشقتها في تربيته، فعقوقها أقبح من عقوق الأب.
((وأدنى صديقه)) أي قربه إلى نفسه للمؤانسة والمجالسة.
((وأقصى أباه)) أبعده ولم يصحبه ولم يستأنس به.
وقوله: ((ولعن آخر هذه الأمة أولها)): أي: طعن الخلف في السلف وذكروهم بالسوء، ولم يقتدوا بهم في الأعمال الصالحة، فكأنه لعنهم.
الحديث الرابع: عن علي رضي الله عنه: قوله: ((ولم يذكر: تعلم لغير الدين)) هذا كلام
5452 -
وعن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي)) رواه الترمذي، وأبو داود. وفي رواية له: قال: ((لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث الله فيه رجلاً مني – أو من أهل بيتي – يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً)) [5452]
5453 -
وعن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((المهدي من عترتي من أولاد فاطمة)) رواه أبو داود. [5453]
5454 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((المهدي مني، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً، يملك سبع سنين)) رواه أبو داود. [5454]
5455 -
وعنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة المهدي قال:((فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهدي! أعطني أعطني. قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله)). رواه الترمذي. [5455]
ــ
صاحب المصابيح، وذلك أن الترمذي ذكر الحديثين على الولاء، وعد في كل واحد منهما الأعداد الخمسة عشر.
الحديث الخامس عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: قوله: ((يملك العرب)) لم يذكر العجم وهم مرادون أيضاً لأنه إذا ملك العرب واتفقت كلمتهم، وكانوا يداً واحدة قهروا سائر الأمم، ويؤيده حديث أم سلمة بعد هذا.
الحديث السادس والسابع: عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((أجلى الجبهة)) ((النهاية)): الأجلى الخفيف الشعر ما بين [النزعتين] من الصدغين، والذي انحسر الشعر عن جبهته. والقنا: في الأنف طوله ودقة أرنبته مع حدث في وسطه. يقال: رجل أقنى وامرأة قنواء.
5456 -
وعن أم سلمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:((يكون اختلاف عند موت خليفة، فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه الناس من أهل مكة، فيخرجونه وهو كاره، فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليه بعث من الشام، فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة، فإذا رأي الناس ذلك أتاه أبدال الشام، وعصائب أهل العراق، فيبايعونه، ثم ينشأ رجل من قريش، أخواله كلب، فيبعث إليهم بعثاً، فيظهرون عليهم، وذلك بعث كلب، ويعمل في الناس بسنة نبيهم، ويلقي الإسلام بجرانه في الأرض، فيلبث سبع سنين، ثم يتوفي، ويصلي عليه المسلمون)) رواه أبو داود. [5456]
ــ
الحديث الثامن والتاسع: عن أم سلمة رضي الله عنها: قوله: ((فيخرج رجل من أهل المدينة)) وهو ((المهدي)) بدليل إيراد هذا الحديث أبو داود في باب ((المهدي)).
قوله: ((فيخسف بهم بالبيداء)) ((تو)) البيداء: ارض ملساء بين الحرمين، وفي الحديث:((يخسف بالبيداء بين المسجدين)) وليست بالبيداء التي أمام ذي الحليفة وهي شرف من الأرض.
((نه)): أبدل الشام هم الأولياء والعباد، والواحد ((بدل)) كجمل، أو ((بدل)) كحمل، سموا بذلك لأنه كلما مات منهم واحد بدل بآخر.
قول الجوهري: الأبدال قوم من الصالحين لا تخلوا الدنيا منهم، إذا مات واحد بدل الله مكانه بآخر، قال ابن دريد: الواحد بديل.
((نه)) ((العصائب)): جمع عصابة وهم جماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين؛ ولا واحد لها من لفظها، ومنه حديث علي رضي الله عنه:((الأبدال بالشام والنجباء بمصر والعصائب بالعراق)) أراد أن التجمع للعروب يكون بالعراق، وقيل: أراد جماعة من الزهاد سماهم بالعصائب؛ لأنه قرنهم بالأبدال والنجباء، ذكر أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء بإسناده عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((خيار أمتي في كل قرن خمسمائة، والأبدال أربعون، فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون، كلما مات رجل أبدل الله عز وجل من الخمسمائة مكانه وأدخل من الأربعين مكانهم. قالوا: يا رسول الله دلنا على أعمالهم. قال: يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم، ويتواسون فيما آتاههم الله عز وجل).
وبإسناده أيضاً عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل في الخلق سبعة))
5457 -
وعن أبي سعيد، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((بلاء يصيب هذه الأمة، حتى لا يجد الرجل ملجأ يلجأ إليه من الظلم، فيبعث الله رجلاً من عترتي وأهل بيتي، فيملأ به الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى عن ساكن السماء وساكن الأرض، لا تدع السماء من قطرها شيئاً إلا صبته مدراراً، ولا تدع الأرض من نباتها شيئاً إلا أخرجته حتى يتمنى الأحياء الأموات، يعيش في ذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين)) رواه؟؟؟. [5457]
ــ
وساق الحديث إلى قوله صلى الله عليه وسلم: ((فبهم يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء)) قيل لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه: كيف بهم يحيي ويميت؟ قال: لأنهم يسألون الله عز وجل إكثار الأمم فيكثرون، ويدعون على الجبابرة فيقصمون، ويستسقون فيسقون، ويسألون فتنبت لهم الأرض، ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء. والله أعلم بالصواب.
قوله: ((رجل من قريش أخواله كلب)) تو: يريد أن أم القرشي تكون كلبية، فينازع المهدي في أمره ويستعين عليه بأخواله من بني كلب.
((فيبعث إليهم)) أي إلى المبايعين ((بعثاً)) فيظهر المبايعون على البعث الذي بعثه القرشي.
((بجرانه)) نه: الجران باطن العنق ومنه الحديث: أن ناقته صلى الله عليه وسلم وضعت جرانها، وحديث عائشة رضي الله عنها:((حتى ضرب الحق بجرانه)) أي قر قراره واستقام، كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض.
[المظهر]: ((ضرب بجرانه)) مثل للإسلام إذا استقر قراره فلم تكن فتنة ولا هيج وجرت أحكامه على السنة والاستقامة والعدل.
الحديث العاشر: عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((مدراراً)) ((فا)): المدرار الكثير الدر، والمفعال مما يستوي فيه المذكر والمؤنث، كقولهم: امرأة معطار ومطفال، وهو منصوب على الحال من السماء.
قوله: ((حتى يتمنى الأحياء الأموات)) التوربشتي: ((الأحياء)) رفع بالفاعلية، وفي الكلام حذف، أي: يتمنون حياة الأموات أو كونهم أحياء، وإنما يتمنون ذلك ليروا ما هم فيه من الخير والأمن ويشاركوهم فيه، ومن زعم أن الصواب فيه ((الأحياء)) بالنصب من باب الإفعال، وفاعل ((يتمنى)) الأموات فقد أحال.
5458 -
وعن علي [رضي الله عنه]، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يخرج رجل من وراء النهر يقال له: الحارث، حراث، على مقدمته رجل يقال له: منصور، يوطن أو يمكن لآل محمد كما مكنت قريش لرسول الله، وجب على كل مؤمن نصره – أو قال: إجابته -)) رواه أبو داود. [5458]
5459 -
وعن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى تكلم الرجل عذبه سوطه، وشراك نعله، ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده)) رواه الترمذي. [5459]
الفصل الثالث
5460 -
وعن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الآيات بعد المائتين)). رواه ابن ماجه. [5460]
ــ
الحديث الحادي عشر: عن علي رضي الله عنه: قوله: ((الحارث)) اسم لذلك الرجل. و: ((حراث)) صفته.
وقوله: ((يمكن لآل محمد)) أي في الأرض، كقوله تعالى:{مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ} أي جعل له في الأرض مكاناً، وأما مكنه الأرض أثبته فيها. ومعناه جعلهم في الأرض ذوي بسطة في الأموال ونصرة على الأعداء.
وأراد بقوله: ((كما مكنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قريش)) آخر أمرها، فإن قريشاً وإن أخرجوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا من مكة لكن بقاياهم وأولادهم أسلموا ومكنوا محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حياته وبعده إلى اليوم.
الحديث الثاني عشر عن أبي سعيد رضي الله عنه: قوله: ((عذبة سوطه)) هو القذ الذي في طرفه، وعذبة كل شيء طرفه.
الفصل الثالث
الحديث الأول: عن أبي قتادة رضي الله عنه: قوله: ((الآيات بعد المائتين)) مبتدأ وخبر، أي
5461 -
وعن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن خليفة الله المهدي)) رواه أحمد، والبيهقي في ((دلائل النبوة)). [5461]
5462 -
وعن أبي إسحاق، قال: قال علي ونظر إلى ابنه الحسن قال: إن ابني هذا سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم، يشبهه في الخلق، ولا بشبهه في الخلق، – ثم ذكر قصة – يملأ الأرض عدلاً. رواه أبو داود ولم يذكر القصة. [5462]
5463 -
وعن جابر بن عبد الله، قال: فقد الجراد في سنة من سني عمر التي توفي فيها، فاهتم بذلك هماً شديداً، فبعث إلى اليمن راكباً، وراكباً إلى العراق، وراكباً إلى الشام، يسأل عن الجراد، هل أري منه شيئاً، فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة فنثرها بين يديه، فلما رآها عمر كبر، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الله عز وجل خلق ألف أمة، ستمائة منها في البحر، وأربعمائة في البر، فإن أول هلاك هذه الأمة الجراد، فإذا هلك الجراد تتابعت الأمم كنظام السلك)) رواه البيهقي في ((شعب الإيمان)). [5463]
ــ
تتابع الآيات وظهور أشراط الساعة على التتابع والتتالي بعد المائتين، ويؤيده قوله في الحديث السابق:((وآيات تتابع كنظام قطع سلكه فتتابع)) والظاهر اعتبار المائتين بعد الإخبار.
الحديث الثاني والثالث: عن أبي إسحاق رضي الله عنه: قوله: ((ولم يذكر القصة)) التعريف فيه للعهد، هذا كلام صاحب جامع الأصول وليس في سنن أبي داود.
الحديث الرابع: عن جابر رضي الله عنه: قوله: ((هلاك هذه الأمة)) إشارة إلى قوله: ((ألف أمة)) والمراد بها كل جنس من أجناس الدواب، كما في قوله تعالى:{ومَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ ولا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إلَاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم} .