المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الحشر والحساب يوم القيامة والرد على النصراني في إنكاره] - الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌أولا: المقدمة

- ‌المقدمة

- ‌ثانيا: قسم الدراسة

- ‌الفصل الأول: ما له أثر في حياة الطوفي:

- ‌الفصل الثاني: حياة الطوفي

- ‌ثالثا: التحقيق

- ‌الخطبة

- ‌ المقدمات ثلاث:

- ‌[المقدمة الأولى: سد باب الاستدلال بكتب أهل الكتاب]

- ‌[المقدمة الثانية: عدم استقلال العقل بمعرفة الشرائع]

- ‌[المقدمة الثالثة: ما تثبت به الأصول]

- ‌[المتنبئون الكذبة والتحذير منهم]

- ‌[حقيقة النبوة وحاجة الخلق إليها]

- ‌[فوائد النبوات ومنفعتها]

- ‌[النبي وشروطه]

- ‌[موقف النصارى من النكاح]

- ‌[فوائد النكاح وفضيلته]

- ‌[الأنبياء والنكاح]

- ‌[ظهور المعجز على يد النبي]

- ‌[موافقة ما يأتي به النبي للفطرة]

- ‌[موقف عتاة النصارى من نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم]

- ‌[امتحان شرط الصدق في نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المقصود بكلمات الله في القرآن الكريم]

- ‌[المقصود بلفظ الذكر في القرآن الكريم]

- ‌[الرد على تكذيب النصراني لبعض أخبار محمد صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رد شبهة النصارى فى قوله:" يا أُخْتَ هارُونَ

- ‌[رد شبهة النصارى في سكوت زكريا عليه السلام]

- ‌[رد شبهة النصراني في حضور أم يوسف إليه، وسجود أبويه وإخوته له]

- ‌[رد شبهة النصراني في ورود بنات شعيب ماء مدين وعددهن واستئجار موسى ثماني حجج]

- ‌[تناقض كتب النصارى التي بأيديهم]

- ‌[ابطال دعوى صلب المسيح عليه السلام]

- ‌[أين تغرب الشمس كل يوم وموقف النصراني من ذلك]

- ‌[البشارة بمحمد- صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل]

- ‌[أصل خلق الإنسان واعتراض النصراني على الآيات المخبرة بذلك]

- ‌[قصة الغرانيق، وتعرض الشياطين للأنبياء]

- ‌[تجسم الشياطين وإنكار النصراني ذلك]

- ‌[بين القرآن والنصارى فيما أوتي سليمان عليه السلام]

- ‌[الرد علي النصراني في انكار الجن وتجسم الشياطين]

- ‌[تجسم الملائكة والرد على النصراني في إنكار ذلك]

- ‌[الرد على النصارى في إنكار صفات الباري سبحانه]

- ‌[القضاء والقدر وأفعال العباد وضلال النصارى في ذلك]

- ‌[كلام الأموات وإنكار النصارى ذلك]

- ‌[عذاب القبر ونعيمه وموقف النصارى منه]

- ‌[الحشر والحساب يوم القيامة والرد على النصراني في إنكاره]

- ‌[الإسراء والمعراج]

- ‌[الأكل والشرب في الآخرة وموقف النصارى منه]

- ‌[رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة]

- ‌[البعث والمعاد والرد على المنكر لذلك]

- ‌[الرد على اعتراض النصراني على خلق السموات والأرض في ستة أيام]

- ‌[مكان دفن الأنبياء]

الفصل: ‌[الحشر والحساب يوم القيامة والرد على النصراني في إنكاره]

[الحشر والحساب يوم القيامة والرد على النصراني في إنكاره]

ومنها: في كتاب الزكاة «1» :

حديث أبي هريرة: «ما من صاحب ذهب، ولا فضة، لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة/ صفحت له صفائح من نار فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه» «2» .

وفي الحديث الآخر: «من آتاه الله مالا، فلم يؤد زكاته مثل له يوم القيامة شجاعا «3» يأخذ بلهزمته «4» ثم يقول له: أنا مالك. أنا كنزك. ثم تلا: ولا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ «5» الآية «6» .

(1) أي مما يدخل في باب الزكاة. أو المروي في كتاب الزكاة.

(2)

أخرجه مسلم بهذا اللفظ في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، حديث 24.

(3)

الشجاع: ضرب من الحيات لطيف دقيق، وهو- كما زعموا- أجرؤها. وهو الذكر منها. وقيل:

هو الحية مطلقا. وقيل: الذي يقوم على ذنبه ويواثب الفارس. وقيل: الأقرع من الحيات الذي ابيض رأسه من السم. [انظر فتح الباري 3/ 270، ولسان العرب 8/ 174]

(4)

في صحيح البخاري ومسند أحمد والموطأ: (شجاعا له زبيبتان يطوقه يوم القيامة ثم يأخذ بلهزمتيه) يعني شدقيه. والزبيتان: زبدتان في الشدقين أو نقطتان سوداوان فوق عينيها. [انظر لسان العرب 1/ 445، فتح البارى 3/ 270].

(5)

سورة آل عمران: 180، وتمامها: هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ ولِلَّهِ مِيراثُ السَّماواتِ والْأَرْضِ واللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ.

(6)

أخرجه البخاري في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، وفي تفسير سورة آل عمران، باب ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله

" والنسائي في كتاب الزكاة، باب مانع زكاة ماله. وابن ماجه في كتاب الزكاة، باب ما جاء في منع الزكاة، ومالك في الموطأ في الزكاة، باب ما جاء في الكنز، وأحمد في المسند (2/ 98) وغيرها من المواضع. وهذا لفظ البخاري.

ص: 482

وفي حديث أبي ذر: «ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم، لا يؤدي حقها إلا بطح لها يوم القيامة بقاع قرقر «1» ، تطؤه بأخفافها، وتنطحه بقرونها حتى يقضى بين الناس» «2». وحديث أبي سعيد «3»:«تكون/ الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يتكفؤها الجبار بيده، كما يتكفأ «4» أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة. فأتى رجل من اليهود. فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم «5» . ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة؟ قال: بلى. قال: تكون الأرض خبزة واحدة،

(1) القاع: المستوي الواسع من الأرض، والقرقر: كذلك المستوي من الأرض

[انظر شرح صحيح مسلم 7/ 64، ومنال الطالب ص 314، ولسان العرب 8/ 304، 5/ 85].

(2)

أخرجه مسلم عن جابر في كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، وهو طرف من حديث عند أبي داود في الزكاة، باب في حقوق المال، عن أبي هريرة. وأخرجه النسائي عن أبي ذر أيضا بنحو لفظ النسائي في كتاب الزكاة، باب ما جاء في منع الزكاة، وأحمد في المسند بمعناه (2/ 62، 383) وغيرهما.

(3)

أبو سعيد الإمام المجاهد مفتي المدينة: سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي الخدري مشهور بكنيته، أول مشاهده الخندق، وشهد بيعة الرضوان، وكان ممن حفظ من الرسول صلى الله عليه وسلم سننا كثيرة، وروى عنه علما جما. وكان من نجباء الأنصار وعلمائهم وفضلائهم، عرضه أبوه يوم أحد وهو ابن ثلاث عشرة فرده النبي صلى الله عليه وسلم، واستشهد أبوه فيها. توفي أبو سعيد- رضي الله عنه سنة أربع وسبعين من الهجرة على أصح الأقوال. [انظر الاستيعاب ص 602، وسير أعلام النبلاء 3/ 168 - 172].

(4)

يتكفؤها: أي يميلها الجبار بيده، من كفأت الإناء إذا قلبته. كما يكفؤ المسافر خبزته أي يميلها من يد إلى يد حتى تجتمع وتستوي لأنها ليست منبسطة كالرقاقة ونحوها. [انظر فتح الباري 11/ 373، وشرح صحيح مسلم للنووي 17/ 135، ولسان العرب 1/ 141].

(5)

في (م): القسم.

ص: 483

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر النبي- صلى الله عليه وسلم «1» - إلينا وضحك «2» حتى بدت نواجذه ثم ذكر أن إدامهم بالام ونون «3» وهما ثور ونون يأكل من زائدة «4» كبدهما سبعون ألفا» «5» .

وحديث: «يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين «6» ، واثنان على بعير، وثلاثة على بعير، وأربعة على بعير، وعشرة على بعير، وتحشر بقيتهم النار، تقيل معهم حيث قالوا، وتمسى «7» معهم حيث أمسوا» «8» وفيه:" يقتص للشاة الجماء «9» من القرناء «10»، والعود لم خدش العود؟ "«11» .

(1) صلى الله عليه وسلم: ليست في: (م)، (ش).

(2)

في صحيح البخاري: ثم ضحك.

(3)

في (ش): نور.

(4)

في صحيح البخاري:" حتى بدت نواجذه ثم قال: ألا أخبرك بإدامهم؟ قال: إدامهم بالام ونون.

وقالوا وما هذا؟ قال: ثور ونون يأكل

" ولفظ مسلم نحوه. وبالام: لفظ عبري معناه: الثور الوحشي. والنون: الحوت. وزائدة كبدها: هي القطعة المنفردة المتعلقة في الكبد، وهي أطيبها.

[انظر فتح الباري 11/ 374، شرح صحيح مسلم 17/ 135 - 136].

(5)

أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب يقبض الله الأرض يوم القيامة. ومسلم في كتاب صفات المنافقين، باب نزل أهل الجنة، حديث 30.

(6)

في صحيح البخاري: وراهبين.

(7)

في الصحيحين:" حيث قالوا، وتبيت معهم حيث باتوا، وتصبح معهم حيث أصبحوا، وتمسي معهم

".

(8)

إلى هنا لفظ البخاري في كتاب الرقاق، باب الحشر، حديث 6522، ومسلم في كتاب الجنة، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة، حديث 59، والنسائي في كتاب الجنائز، باب البعث. كلهم عن أبي هريرة.

(9)

في صحيح مسلم وسنن الترمذي: الجلحاء. وهما مترادفتان ومعناهما: التي لا قرون لها.

(10)

القرناء: التي لها قرون.

(11)

أخرج مسلم في كتاب البر، باب تحريم الظلم، والترمذي في كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في-

ص: 484

وحديث ابن عباس وعائشة: «يحشر الناس «1» حفاة عراة غرلا» «2» وحديث أبي هريرة: «إذا كان يوم القيامة دفع الله «3» إلى كل مسلم يهوديا أو نصرانيا فيقول هذا فداؤك «4» من النار» «5» .

ثم قال:" فانظر إلى هذه الأحاديث، وما تضمنته من الأخبار بأن مال الإنسان الذي يبخل به يصير صفائح من نار، ويصير أيضا شجاعا أقرع. وكيف أخبر عن حشر الحشرات والبهائم والعيدان، وأن الله يقتضي «6» بينهن. وكيف تمشي الجمال والبقر على الناس؟ وكيف يحشر الناس «7» على الجمال ركابا؟ ".

- شأن الحساب والقصاص، وأحمد في المسند (2/ 235) عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

«لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجلحاء من الشاة القرناء» وهذا لفظ مسلم، وله ألفاظ كثيرة عند أحمد. أما قوله:" والعود لم خدش العود" فلم أجده في روايات الحديث.

(1)

في سنن الترمذي وسنن النسائي:" يحشر الناس يوم القيامة حفاة

".

(2)

هذا طرف من الحديث الذي أخرجه الترمذي في كتاب صفة القيامة، باب ما جاء في شأن الحشر، والنسائي في كتاب الجنائز، باب البعث. وله ألفاظ أخرى عند الإمام البخاري في أحاديث الأنبياء، باب قول الله: واتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا [النساء: 125] وغيره من المواضع. وعند مسلم في كتاب الجنة، باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة. وغرلا: جمع أغرل وهو الأقلف الذي بقيت غرلته، وهي الجلدة التي يقطعها الخاتن من الذكر. [انظر فتح الباري 11/ 384، ولسان العرب 11/ 490].

(3)

لفظ الجلالة:" الله" غير موجود في: (أ)، وفي صحيح مسلم: (دفع الله عز وجل إلى كل

).

(4)

فداؤك: في ألفاظ أحمد، ولفظ مسلم: فكاكك.

(5)

أخرجه مسلم في كتاب التوبة، باب قبول توبة القاتل

، حديث (49) بهذا اللفظ، وأخرجه أحمد في المسند (4/ 402، 407) بألفاظ غير هذا اللفظ.

(6)

في (أ): يقتضي.

(7)

«الناس» ليست في (ش).

ص: 485

قلت: والجواب عن هذا/ من وجوه:

أحدها: أن كل هذا ممكن، لا شك في إمكانه وقد أخبر به الصادق فيجب قبوله.

الثاني: أنه ليس عندك في إنكاره إلا كونه لم يذكر في كتابك/ ونحوه وقد قدمنا: أن هذا استناد إلى الجهالة، واعتماد على الضلالة، ونحن عندنا أن محمدا صلى الله عليه وسلم أكمل الأنبياء وأشرفهم، فلا يمتنع أن يختص من العلم بما لم يعلموه، على أن أصول دين الإسلام مشتركة بين سائر الأديان لقوله تعالى: شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً والَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ ومُوسى وعِيسى أَنْ أَقِيمُوا/ الدِّينَ ولا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ «1» .

ولكن ذلك بدّل وغير في كتبكم لتطاول العهد، واعتوار «2» اللغات والألسنة عليه «3» .

(1) سورة الشورى، آية:13.

(2)

من التعوير، والعوار مصدر عور الشيء أفسده، بالتداول. [انظر إكمال الإعلام بتثليث الكلام 2/ 456، والمصباح المنير 2/ 523].

(3)

لأن الله لم يتكفل بحفظها كما تكفل بحفظ القرآن الكريم وسنة محمد- صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى:

إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [سورة الحجر: 9] ولأن الله أكرم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بحفظ شريعة الله بالسند المتصل من محمد صلى الله عليه وسلم أما اليهود والنصارى فليس عندهم ما يروونه بالسند المتصل الصحيح عن أنبيائهم، ثم إن أمة محمد صلى الله عليه وسلم لم تغير لسان شريعتها وخاصة القرآن الكريم لأن نقل الكلام من لغة إلى لغة بمفهومات مختلفة سبب في ضياع معناه الأصلي. فهي الأمة الوحيدة التي حافظت على شريعتها حتى في رسم الكلمات وهيئتها والحمد لله الذي أكرمها بذلك ووفقها إليه.

ص: 486

الثالث: أن هذا من الأمور الإلهية التي اعترفت أنت وحكيت عن أرسطو:

" أن قوتنا بالنسبة إلى ادراكها، كإبصار الخفاش إلى الشمس"«1» وأن فائدة النبوات تعريف مثل ذلك، فليس لك أن تعترف بقصور عقلك عن أمر تعود فتنكره بناء على أن عقلك لا يدركه، بل إن اعترفت بأن الشرائع وردت بما يقصر عنه العقل البشري، لزمك تسليم مثل هذا إذا أخبر به صادق، ولا يبقى لك نزاع إلا في صدقه وعلينا بيانه، وإن أنكرت ذلك فلست من أهل الشرائع حتى نتكلم معك، لأن أهل الشرائع أجمعوا على خلافك «2» .

الرابع: أن العالم بأسره لما أنكر عليكم دعواكم: أن الله هو المسيح وأنه عبارة عن ثلاثة أقانيم: الأب والابن وروح القدس، إله واحد، لجأتم إلى إمكان ذلك في قدرة الله، مع أن دعواكم إذا حققت كانت باطلة قطعا عند كل عاقل، وتمحلتم «3» لاثباتها بتشبيهه بالشمس المتحدة في نفسها المشتملة على جرم وضوء وشعاع، وبالزبرة «4» المحماة المشتملة/ مع وحدتها على حديد ونار وشرر، وأشباه هذا من الأشياء التي لا حاصل لها واستروحتم «5» إلى ذلك، مع أنه مكابرة جبناء فنحن أولى أن نلجأ في هذه الأمور الغائبة عنا، الممكنة في نفسها بلا خوف إلى قدرة الله سبحانه.

(1) انظر ص: 237 وما بعدها من هذا الكتاب.

(2)

في (ش): خلاف ذلك.

(3)

من تمحل: أى احتال. [انظر لسان العرب 11/ 619، ومختار الصحاح ص 617، والمعجم الوسيط 2/ 856].

(4)

الزبرة: القطعة من الحديد. [انظر لسان العرب 4/ 316، ومختار الصحاح ص 267].

(5)

أي سررتم به ونشطتم، من راح الإنسان إلى الشيء يراح ويستروح إليه، وإليه سكن واطمأن".

[انظر لسان العرب 2/ 460، والمعجم الوسيط 1/ 380].

ص: 487

الخامس: أن هذه الأحاديث ممكنة وفيها فوائد وحكم، ومن أتى بشيء ممكن فيه حكمة وفائدة وجب قبوله منه، نبيا كان أو غيره، ما لم يقم دليل على «1» بطلانه.

أما امكانها فظاهر.

وأما فائدتها:

أما في حديث الصفائح والشجاع الأقرع، فتخويف الناس وحضهم على أداء حقوق الفقراء من أموالهم «2» .

وفيها: حق لله، وهو تعبدهم بإخراج المال المحبوب، ووجه الجمع بينهما:

إما بأن يحمل على أن بعض الناس يكوى بماله، وبعضهم يمثل له شجاعا، أو بأن مال الإنسان الواحد يكوى به تارة، ويمثل له شجاعا أخرى، ومعنى تمثيله له شجاعا: أن الله- سبحانه- يرسل عليه حية يعاقبه بها على ترك الزكاة.

وقوله:" أنا مالك، أنا كنزك" أي عقاب مالك، وجزاء منع حق كنزك. أو أن الله يخلق من الذهب والفضة شكل حية، ثم ينفخ فيها الروح/ فتفعل ذلك «3» ، كما أنه نفخ الروح في خشبة بيد موسى، فصارت حية تلقف ما

(1) في (أ):" إلى بطلانه".

(2)

هذه حقائق ثابتة يجب الأيمان بها، فذكرها في السنة تخويف وإخبار بما سيكون لبعض الناس يوم القيامة.

(3)

هذا تكلف لا حاجة إليه.

ص: 488

صنعوا «1» .

وأما بطح صاحب الأنعام لها حتى تطأه وتنطحه فظاهر الامكان وفائدته: ما ذكر.

وأما حديث «تكون الأرض خبزة» فهو شيء قد أخبر به النبي- صلى الله عليه وسلم «2» ووافقه عليه حبر من أحبار اليهود، ولهذا فرح النبي- عليه السلام بموافقته لئلا يستبعد ذلك منه جلف مثلك، وذلك يدل على أن اليهود يجدون ذلك في التوراة/ وهي حجة عليك.

فإن قلت: لم نجد/ هذا في التوراة عندنا الآن، ثم يجوز أن اليهودي واطأه على ذلك، أو خاف من مخالفته لئلا يقتله.

قلت: الجواب عن الأول: أن التوراة حرفت عما كانت في ذلك العصر فلا يلزم من عدم وجدانكم له عدمه حينئذ.

وعن الثاني: بأن اليهود «3» كانوا يوردون عليه المسائل ويمتحنونه، ويصدقونه في شيء ويكذبونه في أشياء، وما نقل عنه: أنه قتل منهم على ذلك أحدا، بل إنما كان يقتلهم في المحاربة «4» ، ولو كان قاتلا أحدا منهم على شيء من ذلك لقتل

(1) قال الله تعالى عن عصا موسى- عليه السلام: وأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ ولا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى [سورة طه: 69].

(2)

صلى الله عليه وسلم: ليست في (م)، (ش).

(3)

في (أ):" بأن اليهود بأن اليهود".

(4)

«المحاربة» ليست في (ش).

ص: 489

" ابن صياد"«1» لما قال له:" أتشهد «2» أني رسول الله؟ " قال أنت رسول الأميين. ثم قال له ابن صياد: أتشهد أني رسول الله؟ " فقال:" آمنت بالله ورسله" فقال له عمر بن الخطاب: دعني أقتله يا رسول الله- وكانوا يرونه الدجال- فقال:" لا" إنه إن يك هو فلن «3» تسلط عليه، وإن لم يكن هو فلا

(1) صبي اسمه صاف بن صياد أو ابن صائد. يهودي ادعى النبوة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فخاف الصحابة أن يكون الدجال فذهب إليه النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد خبأ له آية: يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ [سورة الدخان: 10] فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد خبأت لك خبأ فقال: ابن صياد: هو الدخ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك، يعني إنما أنت كاهن، وقال ابن صياد يأتيني صادق وكاذب وأرى عرشا على الماء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو عرش الشيطان. وقد أخرج قصة الإمام البخاري وغيره في المواضع التي سأشير إليها في تخريج الحديث إن شاء الله، وقد ادعى الإسلام وسافر إلى مكة يقول أبو سعيد الخدري- رضي الله عنه:" صحبت ابن صائد إلى مكة فقال لي: أما قد لقيت من الناس يزعمون أني الدجال. ألست سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه لا يولد له؟ قال: قلت بلى. قال فقد ولد لي، أو ليس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يدخل المدينة ولا مكة. قلت:

بلى. قال فقد ولدت بالمدينة، وهذا أنا أريد مكة، قال: ثم قال لي في آخر قوله أما والله إني لأعلم مولده ومكانه وأين هو. قال فلبسني" وفي بعض ألفاظ الحديث قال ابن صياد عن الدجال: هو كافر وأنا مسلم، وقد أورد الأحاديث في ذلك مسلم في كتاب الفتن، باب ذكر ابن صياد، واختلف العلماء في صحة إسلامه وحجه وجهاده واقلاعه عما كان عليه وهو صبي.

والله أعلم.

[انظر شرح صحيح مسلم 18/ 46 وما بعدها].

(2)

في (م): أشهد.

(3)

في (ش)، (م): لن.

ص: 490

خير في قتله" «1» .

ولقتل" لبيد بن الأعصم" الذي سحره حتى اضطرب حالة السحر «2» ، ثم لما ظهر عليه عفا عنه «3» ، وكم بلغه السب والشتم من اليهود وغيرهم فعفا عنهم عن قدرة.

وأما حشر الناس على الإبل والدواب، واقتصاص بعضها من بعض فتحقيقا لإقامة العدل، في كل شيء من خلقه، والآخرة لا تقلب الحقائق، فكما يركب الناس الدواب الآن يركبونها هناك. وهذا يكون في الأرض لأن الله- سبحانه- يطوي السموات والأرض بيمينه «4» ويبدل الأرض غير الأرض «5» .

(1) أخرج القصة الإمام البخاري في كتاب الجنائز، باب إذا أسلم الصبي فمات

وهل يعرض على الصبي الإسلام؟، وفي كتاب الجهاد، باب كيف يعرض الإسلام على الصبي؟، ومسلم في كتاب الفتن، باب ذكر ابن صياد، والترمذي في كتاب الفتن، باب ما جاء في ذكر ابن صائد.

(2)

في (ش): حاله لسحره. قلت: كان صلى الله عليه وسلم يخيل إليه أنه يفعل الشيء ولا يفعله. وفي بعض روايات الحديث في هذا" حتى كان يخيل إليه أنه يأتي النساء ولا يأتيهن". ولم يتأثر في حالة السحر في أمر النبوة والوحي والعبادات كما أنه لا يليق إطلاق لفظ الاضطراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أنه يخيل إليه فهذا صحيح وهو ما ورد في الصحيح من الحديث.

(3)

انظر ص 402 من هذا الكتاب.

(4)

قال الله تعالى: وما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ والْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ والسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [سورة الزمر: 67].

(5)

قال الله تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ والسَّماواتُ وبَرَزُوا لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [سورة إبراهيم: 48].

ص: 491

وأما حشر الناس حفاة غرلا، فتحقيقا لقوله تعالى: كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا «1» .

وأما كونه يدفع إلى كل/ مسلم يهودي أو نصراني، يكون فداءه من النار، فلأن اليهود قتلوا الأنبياء وكذبوهم «2» ، وصلبوا إلهكم المسيح بعد ظهور الخوارق على يده «3» ، والنصارى «4» ادعوا إلهيته وإنما هو نبي كريم «5» . فأولئك فرطوا فيه وهؤلاء أفرطوا فيه «6» ،/ وكفرتم جميعا بمحمد- صلى الله عليه وسلم «7» بعد مجيئه بالبينات والهدى «8» وما جزاء من يفعل ذلك إلا النار. وأنا أرجوا أن تكون أيها العلج فدائي من النار، لما حصل بيني وبينك من النظر والجدال في الله فنحن خصمان اختصموا في ربهم إن شاء الله تعالى «9» .

(1) سورة الأنبياء، آية:104.

(2)

قال الله تعالى في اليهود: أَفَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وفَرِيقاً تَقْتُلُونَ [سورة البقرة: 87]

(3)

هذا على زعم اليهود والنصارى.

(4)

كلمة:" والنصارى" مكررة في: (أ).

(5)

قال الله تعالى: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي ورَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ ومَأْواهُ النَّارُ وما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ (72) لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ

إلى قوله تعالى: مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ

[سورة المائدة: 72 - 75].

(6)

«أفرطوا فيه» : ليست في (ش).

(7)

صلى الله عليه وسلم: ليست في: (م)، (ش).

(8)

قال الله تعالى عن عيسى عليه السلام: ومُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ. [سورة الصف: 6].

(9)

كلمة «تعالى» ليست في (ش).

ص: 492

ومنها: حديث: «الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغريق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله» «1» .

وفي سورة آل عمران «2» : ولا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169). وذكر عن تفسير ابن عطية «3» ، حديث:«إن أرواح الشهداء على باب الجنة في أجواف طير خضر» «4» في أشياء مما يتعلق بهذا.

قلت: وذلك مما لا إشكال فيه. فإن الأرواح عندنا أجسام لطيفة فلا يمتنع أن يكرم الله الشهداء بأن يعلقها بأشكال الطيور «5» ، ليدوم نعيمها حتى القيامة جزاء على جودهم بأنفسهم في سبيل الله.

(1) أخرجه البخاري بهذا اللفظ في كتاب الأذان، باب فضل التهجير إلى الظهر، وفي كتاب الجهاد، باب الشهادة سبع سوى القتل. وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل الرباط في سبيل الله، والترمذي في كتاب الجنائز، باب ما جاء في الشهداء من هم؟، وأحمد في المسند (2/ 325، 533).

(2)

سورة آل عمران، الآية:169.

(3)

انظر تفسير ابن عطية 3/ 293.

(4)

أخرجه بألفاظ غير هذا اللفظ: مسلم في كتاب الإمارة، باب فضل الشهادة، والترمذي في تفسير سورة آل عمران، وابن ماجه في كتاب الجنائز، باب ما جاء فيما يقال عند المريض إذا حضر، والدارمي في كتاب الجهاد، باب أرواح الشهداء، وأحمد في المسند (6/ 386).

(5)

هذا رأى بعض العلماء، مستدلين بإحدى روايات الحديث السابق" أرواحهم كطير خضر" وأنه يطابق الحديث الذي أخرجه النسائي في الجنائز باب أرواح المؤمنين، وغيره:" إنما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يبعثه الله يوم القيامة".

رد هذا الرأي الإمام ابن القيم في كتاب الروح ص 150 وما بعدها، وقال إنها في أجواف طير خضر أي أرواح وطير، هي في أجوافها تطير وتروح إلى قناديل مستقرة تحت العرش هي مأوى لتلك الطير. مستدلا بحديث: «إن أرواح الشهداء

في أجواف طير خضر» وهو أصح من الحديث السابق ومن الرواية الأخرى للحديث نفسه. والله أعلم.

ص: 493

وأما بقية الشهداء، فهم شهداء تسمية: إما باعتبار أن لهم كأجر الشهداء في سبيل الله تفضلا «1» ، أو لأن ملائكة شهداء المعركة تشهدهم [أو غير ذلك. لا حكما. بدليل أحكام شرعية افترق فيها القبيلان «2»، كالغسل والصلاة «3» ومغفرة الذنب بأول قطرة من دم]«4» ، حتى الدّين يعفى له عنه على مقتضى حديث روي في ذلك «5» ، دون بقية الشهداء/.

(1) انظر شرح صحيح مسلم 13/ 63، وفتح الباري 6/ 43 - 44.

(2)

القبيلان أو القتيلان: المقتول في سبيل الله- أي في الجهاد- والميت أو المقتول بغير ذلك ممن جاءت النصوص الشرعية بالاخبار بأنهم شهداء ويسمون شهداء الآخرة. أما المقتولون في حرب الكفار فهم شهداء الدنيا والآخرة.

(3)

المقتول في حرب الكفار هو الذي لا يصلى عليه ولا يغسل، فيدفن بثياب المعركة.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (م).

(5)

ورد في صحيح مسلم في كتاب الإمارة، باب من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين، عدة روايات عن قتادة وعبد الله بن عمرو، أن من قتل في سبيل الله كفرت خطاياه إلا الدين منها: قوله صلى الله عليه وسلم: «القتل في سبيل الله يكفر كل شيء إلا الدين» ويشير المؤلف- رحمه الله بقوله:" حديث روي في ذلك" إلى ما أخرجه ابن ماجه في كتاب الجهاد، باب فضل غزو البحر. قال: حدثنا عبيد الله بن يوسف الجبيرى، حدثنا قيس بن محمد الكندي، حدثنا عفير بن معدان الشافعي، عن سليم بن عامر [الكلاعي] قال: سمعت أبا أمامة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «شهيد البحر مثل شهيدي البر، والمائد في البحر كالمتشحط في دمه في البر، وما بين الموجتين كقاطع الدنيا في طاعة الله. وإن الله عز وجل وكل ملك الموت بقبض الأرواح، إلا شهيد البحر فإنه يتولى قبض أرواحهم، ويغفر لشهيد البر الذنوب كلها إلا الدين، ولشهيد البحر الذنوب والدين" قلت: في سنده عفير بن معدان وهو ضعيف جدا ضعفه ابن حجر وغيره فيكون الحديث بهذا الإسناد ضعيفا وإن كان الألبانى قال عنه:" موضوع بهذا التمام"[انظر سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني 2/ 222] ولو صح هذا الحديث لخصص حديث مسلم في شهيد البحر. والله أعلم.

ص: 494