المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[المقدمة الأولى: سد باب الاستدلال بكتب أهل الكتاب] - الانتصارات الإسلامية في كشف شبه النصرانية - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌أولا: المقدمة

- ‌المقدمة

- ‌ثانيا: قسم الدراسة

- ‌الفصل الأول: ما له أثر في حياة الطوفي:

- ‌الفصل الثاني: حياة الطوفي

- ‌ثالثا: التحقيق

- ‌الخطبة

- ‌ المقدمات ثلاث:

- ‌[المقدمة الأولى: سد باب الاستدلال بكتب أهل الكتاب]

- ‌[المقدمة الثانية: عدم استقلال العقل بمعرفة الشرائع]

- ‌[المقدمة الثالثة: ما تثبت به الأصول]

- ‌[المتنبئون الكذبة والتحذير منهم]

- ‌[حقيقة النبوة وحاجة الخلق إليها]

- ‌[فوائد النبوات ومنفعتها]

- ‌[النبي وشروطه]

- ‌[موقف النصارى من النكاح]

- ‌[فوائد النكاح وفضيلته]

- ‌[الأنبياء والنكاح]

- ‌[ظهور المعجز على يد النبي]

- ‌[موافقة ما يأتي به النبي للفطرة]

- ‌[موقف عتاة النصارى من نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم]

- ‌[امتحان شرط الصدق في نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم]

- ‌[المقصود بكلمات الله في القرآن الكريم]

- ‌[المقصود بلفظ الذكر في القرآن الكريم]

- ‌[الرد على تكذيب النصراني لبعض أخبار محمد صلى الله عليه وسلم]

- ‌[رد شبهة النصارى فى قوله:" يا أُخْتَ هارُونَ

- ‌[رد شبهة النصارى في سكوت زكريا عليه السلام]

- ‌[رد شبهة النصراني في حضور أم يوسف إليه، وسجود أبويه وإخوته له]

- ‌[رد شبهة النصراني في ورود بنات شعيب ماء مدين وعددهن واستئجار موسى ثماني حجج]

- ‌[تناقض كتب النصارى التي بأيديهم]

- ‌[ابطال دعوى صلب المسيح عليه السلام]

- ‌[أين تغرب الشمس كل يوم وموقف النصراني من ذلك]

- ‌[البشارة بمحمد- صلى الله عليه وسلم في التوراة والإنجيل]

- ‌[أصل خلق الإنسان واعتراض النصراني على الآيات المخبرة بذلك]

- ‌[قصة الغرانيق، وتعرض الشياطين للأنبياء]

- ‌[تجسم الشياطين وإنكار النصراني ذلك]

- ‌[بين القرآن والنصارى فيما أوتي سليمان عليه السلام]

- ‌[الرد علي النصراني في انكار الجن وتجسم الشياطين]

- ‌[تجسم الملائكة والرد على النصراني في إنكار ذلك]

- ‌[الرد على النصارى في إنكار صفات الباري سبحانه]

- ‌[القضاء والقدر وأفعال العباد وضلال النصارى في ذلك]

- ‌[كلام الأموات وإنكار النصارى ذلك]

- ‌[عذاب القبر ونعيمه وموقف النصارى منه]

- ‌[الحشر والحساب يوم القيامة والرد على النصراني في إنكاره]

- ‌[الإسراء والمعراج]

- ‌[الأكل والشرب في الآخرة وموقف النصارى منه]

- ‌[رؤية المؤمنين لربهم في الآخرة]

- ‌[البعث والمعاد والرد على المنكر لذلك]

- ‌[الرد على اعتراض النصراني على خلق السموات والأرض في ستة أيام]

- ‌[مكان دفن الأنبياء]

الفصل: ‌[المقدمة الأولى: سد باب الاستدلال بكتب أهل الكتاب]

والاختلال. وقدمت على ذلك مقدمات كلية، تتضمن مباحث جلية، عليها ينبني معظم الجواب، وبها يتيسر ظهور الصواب. وعلى الله توكلي، وإليه المآب «1» .

وتلك‌

‌ المقدمات ثلاث:

[المقدمة الأولى: سد باب الاستدلال بكتب أهل الكتاب]

الأولى: أن هذا النصراني رأيته يعتمد في طعنه على الإسلام، على التوراة والإنجيل «2» التي بيد اليهود والنصارى، وعلى كتب الأنبياء الأوائل/: كنبوة أشعياء «3» ، وأرمياء «4» ،

(1) في م، ش: مآب.

(2)

"

والأناجيل

" بالجمع، لأن عددها عند النصارى خمسة نتيجة التحريف والتبديل، منها: أربعة مشهورة هي: إنجيل متى، وإنجيل مرقس، وإنجيل يوحنا، أما الخامس فلا يعرفه إلا القليل منهم ويسمى إنجيل الصبوة، وفيه الأشياء التي صدرت عن المسيح في حال طفولته، ولذا سمى بالصبوة وينسب إلى بطرس عن مريم، ويذكر فيه مشاهير معجزات عيسى عليه السلام وقدومه وأمه ويوسف النجار إلى صعيد مصر ثم عودتهم إلى قرية ناصرة عند بيت المقدس (انظر الأجوبة الفاخرة للقرافي ص 179 181) قلت: وقد وجد لهم من الأناجيل غير هذه الخمسة فأناجيلهم أكثر من ذلك ربما تصل إلى الأربعين أو أكثر اندثر أكثرها وفقد بعضها وأخفوا بعضها الآخر، ولا يعترف أكثرهم بمثل انجيل برنابا الموجود اليوم.

(3)

أشعياء بن أمصيا بهمز وبدونه وكان قبل زكريا ويحي، وهو ممن بشر بعيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام وكان في زمانه ملك اسمه حزقيال على بني إسرائيل وكان سامعا مطيعا لشعيا فيما يأمره به وينهاه عنه من المصالح

ولما مات حزقيال كثر شر بني إسرائيل وطلبوا شعيا ليقتلوه فهرب منهم فمر بشجرة فانفلقت له فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة ثوبه فأبرزها فلما رأوا ذلك جاءوا بالمنشار فوضعوه على الشجرة فنشروها ونشروه معها

والله أعلم.

(انظر البداية والنهاية 2/ 32 - 33).

(4)

أرميا بن حلقيا من سبط لاوي بن يعقوب، وقيل من سبط هارون بن عمران كان في أيام آخر ملوك بني إسرائيل" صدقيا" روي أنه هو الذي نزل بشأنه قوله تعالى: أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ

الآية. (سورة البقرة: 259). (انظر تفسير الطبري 3/ 29، تفسير ابن كثير 1/ 314، الأنس الجليل 1/ 153 - 154، البداية والنهاية 2/ 33).

ص: 229

ودانيال «1» والأنبياء الاثني عشر «2» ، ومزامير «3» داود، ونحوها.

واعلم أن هذه الكتب مما لا تقوم الحجة علينا بها. لأنها عندنا محرفة مبدلة «4» . نعم: التبديل لم يأت على جميعها، بل دخلها في الجملة. فلهذا قال

(1) أحد أنبياء بني إسرائيل كان في عهد بخت نصر يقال كان طول أنفه شبرا، ويقال بأن أرميا أمره الله أن يذهب إلى دانيال بطعام وهو في السجن ففعل مع أنهما ليسا في قرية واحدة، وروى ابن أبي الدنيا مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن دانيال دعا ربه عز وجل أن يدفنه مع أمة محمد) فلما فتح أبو موسى الأشعري تستر وجده في تابوت تضرب عروقه ووريده قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دل على دانيال فبشروه بالجنة فدل عليه رجل يقال له" حرقوص" فكتب أبو موسى إلى عمر يخبره فكتب إليه عمر أن ادفنه وابعث إلى حرقوص فإن النبي صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة" قال ابن كثير:

وهذا مرسل من هذا الوجه، وفي كونه محفوظا نظر والله أعلم، روي أن أبا موسى أخفى قبره لئلا يفتتن به الناس، وأنه وجد معه مصحفا ومالا وخاتما.

(انظر البداية والنهاية 2/ 40 - 41).

(2)

لعل المقصود بالأنبياء الاثني عشر: الأسباط المشار إليهم في قوله تعالى في سورة البقرة آية 136: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إِلَيْنا وما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وإِسْماعِيلَ وإِسْحاقَ ويَعْقُوبَ والْأَسْباطِ الآية، وقوله تعالى في سورة المائدة آية 12: ولَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً الآية. والله أعلم.

(انظر تفسير الطبري 1/ 568، وتفسير القرطبي 2/ 141).

(3)

مزامير: جمع مزمار وهو الصوت الحسن ومزامير داود عليه السلام ما كان يتغنى به من الزبور وضروب الدعاء وفي الحديث: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه: (لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة لقد أوتيت مزمارا من مزامير داود» أخرجه البخاري في فضائل القرآن، باب 31: حسن الصوت بالقراءة للقرآن، ومسلم في صلاة المسافرين حديث 235 - 236. وغيرهما وهذا لفظ مسلم. وإلى داود عليه السلام المنتهى في حسن الصوت بالقراءة (انظر لسان العرب 4/ 327).

(4)

من الأدلة على تحريف وتبديل تلك الكتب من القرآن الكريم قوله تعالى في سورة البقرة (75 - 79) في الكلام عن بني إسرائيل: أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ

ص: 230

- اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وهُمْ يَعْلَمُونَ إلى قوله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ووَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ [البقرة: 75 - 79] وفي سورة النساء 46: مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ويَقُولُونَ سَمِعْنا وعَصَيْنا الآية. وغيرها من الآيات الكريمات. وقد اعترف اليهود والنصارى بوقوع التبديل في التوراة، وكل طائفة تجعل مسئولية التحريف في عنق الأخرى ويعترف اليهود أيضا أن التوراة التي بأيديهم الآن إنما كتبها عزرا من محفوظاته ومحفوظات بعض الكهنة عند ما كثر القتل في اللاويين أيام بختنصر أحد جبابرة بني إسرائيل، كما أن النصارى متفقون على تعدد الأناجيل التي بأيديهم وأنها ليست الإنجيل المنزل، وتعددها يشهد بذلك، ومن الأمثلة على وقوع التبديل في التوراة ما ذكر فيها:" أصنع بناء آدم كصورتنا كشبهنا" فإن قولهم" كشبهنا" ليس له تأويل إلا أن آدم شبيه بالله تعالى علوا كبيرا، وهذا يعلم بطلانه ببداهة العقل إذ الشبه والمثل معناهما واحد، والله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (الشورى 11) والأمثلة والبراهين على وقوع التحريف فيها كثيرة يضيق المقام بذكرها. ومما يدل على افتراء النصارى على عيسى عليه السلام في الأناجيل قول يوحنا:" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي غير مقبولة وغيري يشهد لي" ثم ذكر في موضع آخر:" إن كنت أشهد لنفسي فشهادتي حق لأني أعلم من أين أتيت وإلى أين أذهب" فكيف تكون شهادة عيسى عليه السلام حقا وباطلا، مقبولة وغير مقبولة؟ وكيف ينسب هذا إلى المعصوم. وليس هذا وحده هو الذي يدلنا على تحريفهم الإنجيل وافترائهم على عيسى عليه السلام بل الأمثلة كثيرة مع أن اليهود والنصارى يكذب بعضهم بعضا فيما يدعيه من الكتب وقالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصارى عَلى شَيْءٍ وقالَتِ النَّصارى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ وهُمْ يَتْلُونَ الْكِتابَ [البقرة: 113] (البقرة: 113).

(1)

أخرج الحديث البخاري في تفسير سورة البقرة باب قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وما أُنْزِلَ إِلَيْنا (8/ 70) وفي الاعتصام باب 25 (13/ 333)، وفي التوحيد باب 51 (13/ 516) موصولا عن أبي هريرة قال:" كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا (آمنا بالله وما أنزل

) الآية وأخرجه أبو داود في العلم باب رواية حديث أهل الكتاب (4/ 59). بغير لفظ المؤلف وغير لفظ

ص: 231

حدثونا «1» به مما حرف جزما، ومن تكذيبهم خشية أن يكون مما لم يحرف «2» .

عدلا منه صلى الله عليه وسلم ولو لم يكن للعاقل دليل على صدقه- عليه السلام إلا هذا لكفاه، كما قررته في التعليق على بعض كتب الأوائل «3» ، وفي آخر هذا التعليق «4» .

ولهذا قال علماء الحديث من المسلمين: إن الراوي إذا عرف منه الكذب يرد حديثه كله، ويصير غير موثوق به. وكذلك من اختلط ولم يتميز ما رواه قبل اختلاطه مما رواه بعده، يترك/ الكل احتياطا، وحزما في الدين.

وأيضا: كما أنهم لا يعدون كتابنا حجة عليهم، كذلك نحن لا نعد كتبهم حجة علينا وأولى، لأن كتبهم تقادم عهدها، وتعاورتها اللغات لفظا وكتابة، بخلاف كتابنا. أما «5» التهمة فهي متجهة إلينا منهم، وإليهم منا.

- البخاري، وأحمد في 4/ 136 بلفظ قريب من لفظ أبي داود كلهما عن أبي نملة عمار بن معاذ الخزرجي الأنصاري رضي الله عنه والآية في سورة العنكبوت 46.

(1)

في ش: مما حدثوا.

(2)

قال ابن كثير رحمه الله في تفسير الآية السابقة (3/ 416)" يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنه قد يكون حقا ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلا، ولكن نؤمن به إيمانا مجملا معلقا على شرط وهو أن يكون منزلا لا مبدلا ولا مؤولا" اهـ.

(3)

بين- رحمه الله في كتابه المخطوط" تعاليق على الإنجيل"(ص 2، 3، 6، 7، وغيرها): أن هذه الأناجيل التي بيد النصارى ليس شيء منها هو الإنجيل المنزل على عيسى عليه السلام. وإنما هي أخبار عن سيرته كتبها من ذكرت أسماؤهم في أوائل تلك الاناجيل فهو من كلامهم وفيه يسير من كلام عيسى عليه السلام، ويعترفون أن هذه الأناجيل ليست منزلة، لأن عيسى هو الإله فهو المنزل علي الأنبياء لا غيره، أو ابن الله، فهو المطلع على سر أبيه ثم بين- رحمه الله أن عيسى لو أطلع على ما كتبوا وما ذكروا من إلهيته ونحو ذلك لدعا عليهم بأن يصيروا قردة وخنازير.

(4)

انظر الحجة الخامسة في خاتمة هذا الكتاب.

(5)

في أ، ش:" لنا بدل:" أما".

ص: 232