الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الاختلاف في تضعيف الرواة
"
قال أبو عيسى رحمه الله:
وقد اختلف الأئمة من أهل العلم في تضعيف الرجال كما اختلفوا في سوى ذلك من العلم.
ذكر عن شعبة أنه ضعف أبا الزبير المكي وعبد الملك بن أبي سليمان وحكيم بن جبير، وترك الرواية عنهم.
ثم حدث شعبة عمن دون هؤلاء في الحفظ والعدالة، حدث عن جابر الجعفي، وإبراهيم بن مسلم الهجري، ومحمد بن عبيد الله العرزمي، وغير واحد ممن يضعفون في الحديث.
حدثنا محمد بن عمرو بن نبهان البصري (ثنا) أمية بن خالد قال: قلت لشعبة: تدع عبد الملك بن أبي سليمان ونحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي. قال: نعم.
قال أبو عيسى:
وقد كان شعبة حدث عن عبد الملك بن أبي سليمان، ثم تركه.
ويقال إنما تركه لما تفرد بالحديث الذي روي عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"الرجل أحق بشفعته ينتظر بها وإن كان غائباً، إذا كان طريقها واحداً".
وقد ثبت عن غير واحد من الأئمة، وحدثوا عن أبي الزبير، وعبد الملك بن أبي سليمان، وحكيم بن جبير.
حدثنا احمد بن منيع، (أنا) هشيم، (أنا) حجاج، وابن أبي ليلى، عن عطاء بن أبي رباح، قال: كنا إذا خرجنا من عند جابر بن عبد الله تذاكرنا حديثه، وكان أبو الزبير أحفظنا للحديث.
حدثنا محمد بن (يحيى بن) أبي عمر المكي، (ثنا) سفيان بن عيينة قال: قال أبو الزبير، كان عطاء يقدمني إلى جابر بن عبد الله فأحفظ لهم الحديث.
حدثنا ابن أبي عمر، (ثنا) سفيان، قال: سمعت أيوب السختياني يقول: حدثني أبو الزبير، قال سفيان بيده فقبضها.
قال أبو عيسى:
إنما يعني به الإتقان والحفظ.
ويروي عن عبد الله بن المبارك أنه قال: كان سفيان يقول: كان عبد الملك بن أبي سليمان ميزاناً في العلم.
حدثنا أبو بكر، عن علي بن عبد الله، قال: سألت يحيى بن سعيد عن حكيم بن جبير، فقال: تركه شعبة من أجل الحديث الذي روي في الصدقة. يعني حديث عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سأل الناس، وله ما يغنيه، كان يوم القيامة خموشاً في وجهه".
قالوا: يا رسول الله، ما يغنيه؟.
قال: خمسون درهماً أو قيمتها من الذهب.
قال علي: قال يحيى: وقد حدث عن حكيم بن جبير سفيان الثوري وزائدة.
قال علي: ولم ير يحيى بحديثه بأساً.
أخبرنا محمود بن غيلان، (ثنا) يحيى بن آدم (عن سفيان الثوري، عن
حكيم بن جبير بحديث الصدقة، قال يحيى بن آدم) ، فقال عبد الله بن عثمان، صاحب شعبة لسفيان الثوري: لو غير حكيم حدث بهذا؟
فقال له سفيان: وما لحكيم، لا يحدث عنه شعبة؟ قال: نعم.
فقال سفيان الثوري: سمعت زبيداً يحدث بهذا عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
قد تقدم أن رواه الحديث أربعة أقسام:
"1" ـ من هو متهم بالكذب.
"2" ـ ومن هو صادق، لكن يغلب على حديثه الغلط والوهم، لسوء حفظه. وهذا القسمان متروكان.
"3" ـ ومن هو صادق ويغلط أحياناً. وهذا القسم هو المحتج بحديثه.
"4" ـ ومن هو صادق ويخطىء كثيراً ويهم، ولكن لا يغلب الخطأ عليه وهؤلاء مختلف في الرواية عنهم. والاحتجاج بهم.
وسبق الكلام على ذلك كله مستوفى، وبقي الكلام في أن بعض الرواة يختلف الحفاظ فيه من أي هذه الأقسام هو، فمنهم من يختلف فيه:
ـ هل هو متهم بالكذب، أم لا؟.
ـ ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن غلب على حديثه الغلط أم لا؟. - ومنهم من يختلف فيه هل هو ممن كثر غلطه وفحش، أم ممن قل خطؤه وندر؟.
وقد ذكر الترمذي هنا بعض من اختلف في ترك حديثه، وفي الرواية عنه ونحن نذكر أمثلة هذه الأقسام الثلاثة التي ذكرناها ـ إن شاء الله ـ.