الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"الحج عرفة".
فهذا الحديث المعروف عند أهل الحديث بهذا الإسناد.
"
غريب عن صحابي ومشهور عن آخرين من الصحابة
"
هذا نوع آخر من الغريب.
وهو أن يكون الحديث يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق معروفة، ويروى عن بعض الصحابة من وجه يستغرب عنه بحيث لا يعرف حديثه إلا من ذلك الوجه.
وقد ذكر الترمذي لهذا النوع مثالين:
أحدهما: حديث أبي كريب، عن أبي أسامة، عن بريد بن عبد الله بن أبي بردة، عن جده، عن أبيه أبي موسى. عن النبي صلى الله عليه وسلم "المؤمن يأكل في معى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعا".
فهذا المتن معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه متعددة وقد خرجاه في الصحيحين من حديث أبي هريرة، ومن حديث ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وأما حديث أبي موسى هذا فخرجه مسلم، عن أبي كريب، وقد
استغربه غير واحد من هذا الوجه وذكروا أن ابا كريب تفرد به، منهم البخاري وأبو زرعة.
وذكر لأبي زرعة من رواه عن أبي أسامة غير أبي كريب، فكأنه أشار إلى أنهم أخذوه منه، وحسين بن الأسود كان يتهم بسرقة الحديث، وأبو هشام فيه ضعف أيضاً.
وقد ذكرنا كلام أبي زرعة في هذا في كتاب الأطعمة وإنكاره، على أبي السائب وأبي هشام روايته، وظاهر كلام أحمد يدل على استنكار هذا الحديث أيضاً.
قال أبو داود: سمعت أحمد، وذكر له حديث بريد هذا، فقال أحمد:
يطلبون حديثاً من ثلاثين وجهاً، أحاديث ضعيفة، وجعل ينكر طلب الطرق نحو هذا. قال: هذا شيء لا تنتفعون به، أو نحو هذا الكلام.
وإنما كره أحمد تطلب الطرق الغريبة الشاذة المنكرة: وأما الطرق الصحيحة المحفوظة فإنه كان يحث على طلبها، كما ذكرناه عنه في أول الكتاب.
وما حكاه الترمذي عن البخاري ههنا أنه قال: كنا نرى أن أبا كريب أخذ هذا عن أبي اسامة في المذاكرة، فهو تعليل للحديث، فإن أبا أسامة لم يرو هذا الحديث عنه أحد من الثقات غير أبي كريب.
والمذاكرة يجعل فيها تسامح، بخلاف حال السماع، أو الإملاء، وكذلك لم يروه أحد عن بريد غير أبي أسامة.
المثال الثاني: حديث شبابة، عن شعبة عن بكير بن عطاء، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم:
أنه نهى عن الدباء والمزفت.
فإن نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ في الدباء، والمزفت صحيح ثابت عنه، رواه عنه جماعة كثيرون من أصحابه، وأما رواية عبد الرحمن بن يعمر عنه فغريبة جداً، ولا تعرف إلا بهذا الإسناد، تفرد بها شبابة عن شعبة، عن بكير بن عطاء، عنه.
وعند شعبة بهذا الإسناد، عن عبد الرحمن بن يعمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"الحج عرفة" في حديث ذكره.
فهذا المتن هو الذي يعرف بهذا الإسناد.
وأما حديث النهي عن الدباء والمزفت، فهو بهذا الإسناد غريب جداً، وقد أنكره على شبابة طوائف من الأئمة، منهم الإمام أحمد، والبخاري وأبو حاتم، وابن عدي.
وأما ابن المديني فإنه سئل عنه، فقال: لا ينكر لمن سمع من شعبة، يعني حديثاً كثيراً، أن ينفرد بحديث غريب.
وقال أحمد: إنما روى شعبة بهذا الإسناد: حديث (الحج) ، يشير إلى أنه لا يعرف بهذا الإسناد غير حديث الحج.
وقد سبق ذكر هذا الحديث، مع الكلام عليه في كتاب الأشربة والله أعلم.