الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الباب الثاني" "فوائد وقواعد في علم العلل" لابن رجب الحنبلي عقب بها على
شرح علل الترمذي
ولما انتهى الكلام على ما ذكره الحافظ أبو عيسى الترمذي رحمه الله في كتاب الجامع وآخره كتاب العلل أحببت (أن أتبع) كتاب العلل بفوائد أخر مهمة، وقواعد كلية تكون للكتاب تتمة. وأردت بذلك تقريب علم العلل على من ينظر فيه، فإنه علم قد هجر في هذا الزمان، فقد ذكرنا في كتاب العلم أنه علم جليل قل من يعرفه من أهل هذا الشأن، وأن بساطه قد طوي منذ أزمان، وبالله المستعان، وعليه التكلان، فإن التوفيق كله بيديه ومرجع الأمور كلها إليه.
أعلم أن معرفة صحة الحديث وسقمه تحصل من وجهين:
أحدهما: معرفة رجاله وثقتهم وضعفهم، ومعرفة هذا هين، لأن الثقات والضعفاء قد دونوا في كثير من التصانيف، وقد اشتهرت بشرح أحوالهم التواليف.
والوجه الثاني: معرفة مراتب الثقات وترجيح بعضهم على بعض عند الاحتلاف، إما في الإسناد وإما في الوصل والإرسال، وإما في الوقف والرفع ونحو ذلك، وهذا هو الذي يحصل من معرفته واتقانه (وكثرة ممارسته) الوقوف على دقائق علل الحديث.
ونحن نذكر ـ إن شاء الله تعالى ـ من هذا العلم كلمات جامعة، مختصره، يسهل بها معرفته وفهمه، لمن أراد الله ـ تعالى ـ به ذلك.
ولا بد في هذا العلم من طول الممارسة، وكثرة المذاكرة فإذا عدم المذاكرة به فليكثر طالبه المطالعة في كلام الأئمة، العرفين كيحيى القطان، ومن تلقى عنه كأحمد وابن المديني، وغيرهما، فمن رزق مطالعة ذلك، وفهمه، وفقهت نفسه فيه، وصارت له فيه قوة نفس وملكة صلح له أن يتكلم فيه.
قال الحاكم أبو عبد الله: الحجة في هذا العلم ـ عندنا ـ الحفظ، والفهم، والمعرفة، لا غير. وذكر ابن مهدي: معرفة الحديث إلهام، فإذا قلت للعالم بعلل الحديث: من أين قلت هذا؟ لم تكن له حجة.
وقد قسمته قسمين:
القسم الأول: في معرفة مراتب كثير من أعيان الثقات، وتفاوتهم، وحكم اختلافهم وقول من يرجح منهم عند الاختلاف.
والقسم الثاني: في معرفة قوم من الثقات لا يوجد ذكر كثير منهم أو أكثرهم في كتب الجرح، قد ضعف حديثهم، إما في بعض الأماكن، أو في بعض الأزمان، أو عن بعض الشيوخ دون بعض.