الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إجماع منهم) وذكر الإجماع على أن قول الصحابي: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كله سواء ولكن هذا قد يبنى على أن مرسل الصحابي حجة.
"
المؤنن
"
فأما قول الراوي: أن فلان قال:
فهل يحمل على الاتصال، أم لا؟.
فهذا على قسمين:
أحدهما: أن يكون ذلك القول المحكى عن فلان، أو الفعل المحكى عنه بالقول، مما يمكن أن يكون الراوي قد شهده، وسمعه منه، فهذا حكمه حكم قول الراوي: قال فلان كذا، أو فعل فلان كذا على ما سبق ذكره.
والقسم الثاني: أن يكون ذلك القول المحكى عن المروي عنه أو الفعل مما لا يمكن أن يكون قد شهده الراوي مثل أن لا يكون قد أدرك زمانه، كقول عروة: إن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا، فهل هو مرسل لعدم الإتيان بما يبين أنه رواه عن عائشة أم هو متصل، لأن عروة قد عرف بالرواية عن عائشة؟ فالظاهر أنه سمع ذلك منها. هذا فيه خلاف.
قال أبو داود: سمعت أبا عبد الله، يعني أحمد، قال: كان مالك
ـ زعموا أنه ـ يرى "عن فلان"، و "أن فلاناً" سواء. وذكر أحمد مثل حديث جابر: أن سليكاً جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب، وعن جابر، عن سليك أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب.
قال: وسمعت أحمد، قيل له: إن رجلاً قال: عن عروة، قالت عائشة يا رسول الله، وعن عروة، عن عائشة، سواء؟ قال: كيف هذا سواء؟ ليس هذا بسواء.
فذكر أحمد القسمين اللذين أشرنا إليهما.
فأما رواية جابر: أن (سليكا) جاء والنبي صلى الله عليه وسلم ـ
يخطب، (وروايته عن سليك أنه جاء والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب) فهذا من القسم الأول، لأنه يمكن أن يكون جابر شهد ذلك، وحضره، ويمكن أن يكون رواه عن سليك.
ومثل هذا كثير في الحديث، مثل رواية ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رواه عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر كذا وكذا في أحاديث متعددة، وروى بعضها عن ابن عمر عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم فمن رواه عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر، جعله من مسند ابن عمر، ومن رواه عن ابن عمر عن عمر، جعله من مسند عمر.
ولكن كان القدماء كثيراً ما يقولون: "عن فلان" ويريدون به الحكاية عن قصته، والتحديث عن شأنه، لا يقصدون الرواية عنه.
وقد حكى الدارقطني، عن موسى بن هارون (الحافظ) ، أن المتقدمين كانوا يفعلون ذلك.
وقد ذكرنا كلامه في كتاب الحج في باب الصيد للمحرم.
وأما إذا روى الزهري مثلاً عن سعيد بن المسيب ثم قال مرة: إن سعيد بن المسيب قال، فهذا محمول على الرواية عنه، دون الانقطاع، ولعل هذا هو مراد مالك الذي حكاه أحمد عنه ولم يخالفه.
وقد حكى ابن عبد البر هذا القول عن جمهور العلماء.
وحكى عن البرديجي خلاف ذلك، وأنه قال: هو محمول على الانقطاع،
إلا أن يعلم اتصاله من وجه آخر، وقال: لا وجه لذلك، ولم يذكر لفظ البرديجي فلعله قال ذلك في القسم الثاني، كما سنذكره.
وأما رواية "عروة عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم" وعروة أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم فهذا هو القسم الثاني وهو الذي أنكر أحمد التسوية بينهما.
والحفاظ كثيراً ما يذكرون مثل هذا، ويعدونه اختلافاً في إرسال الحديث واتصاله، وهو موجود كثيراً في كلام أحمد، وأبي زرعة، وأبي حاتم، والدارقطني وغيرهم من الأئمة.
ومن الناس من يقول: هما سواء، كما ذكر ذلك لأحمد.
وهذا إنما يكون فيمن اشتهر بالرواية عن المحكي قصته، كعروة مع عائشة، أما من لم يعرف له سماع منه، فلا ينبغي أن يحمل على الاتصال، ولا (عند من يكتفي) بإمكان اللقى.
والبخاري قد يخرج من هذا القسم في صحيحه، كحديث عكرمة "أن عائشة قالت للنبي صلى الله عليه وسلم في قصة امرأة رفاعة، وقد ذكرناه في كتاب النكاح، هذا على تقدير أن يكون عكرمة سمع من عائشة.
وقد ذكر الإسماعيلي في صحيحه أن المتقدمين كانوا لا يفرقون بين هاتين العبارتين، وكذلك ذكر أحمد أيضاً أنهم كانوا يتساهلون في ذلك، مع قوله: إنهما ليسا سواء، وان حكمهما مختلف، لكن كان يقع ذلك منهم أحياناً على وجه التسامح، وعدم التحرير.
قال أحمد، في رواية الأثرم، في حديث سفيان، عن أبي النضر، عن
سليمان بن يسار، عن عبد الله بن حذافة في النهي عن صيام أيام التشريق: ومالك قال فيه: عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة.
قال أحمد: هو مرسل. سليمان بن يسار لم يدرك عبد الله بن حذافة. قال: (وهم كانوا يتساهلون بين: (عن) عبد الله بن حذافة) ، وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث عبد الله بن حذافة.
قيل له: وحديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه يخطب ميمونة، وقال مطر: عن أبي رافع؟ قال: نعم وذاك أيضاً.