الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
القسم الثالث: المختلف فيه في كثرة الخطأ وقلته
"
ومثال القسم الثالث، وهو من اختلف فيه، هل هو ممن كثر خطؤه وفحش، أم ممن قل خطؤه؟.
حكيم بن جبير:
حكيم بن جبير الأسدي الكوفي، فإنه قليل الحديث، وله أحاديث منكرة.
قال محمد بن عبد الرحمن العنبري، عن عبد الرحمن بن مهدي، وسئل عن حكيم بن جبير، فقال: إنما روى أحاديث يسيرة، وفيها أحاديث منكرات.
وقال ابن المديني: سألت يحيى بن سعيد عنه، فقال: كم روى؟ إنما روى شيئاً يسيراً.
وقال يحيى: وقد روى عنه زائدة. قلت ليحيى من تركه؟ قال شعبة. قلت: من أجل حديث الصدقة؟ قال: نعم. ثم قال يحيى: نحن نحدث عمن دون هؤلاء.
وقد خرج الترمذي حديث الصدقة في كتاب الزكاة وحسنه، وسبق الكلام عليه هناك مستوفى.
وقد احتج به أحمد في رواية عنه وعضده بأن سفيان رواه عن زبيد عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد.
وقد أنكر ابن معين وغيره حديث زبيد هذا.
وقال ابن حبان في حكيم بن جبير: كان غالياً في التشيع، كثير الوهم فيما يروي، كان أحمد لا يرضاه.
وخرج له ابن حبان حديث الصدقة، وقال: ليس له طريق يعرف، ولا رواية إلا من حديث حكيم بن جبير، وحكيم هذا روى عنه الثوري والأعمش وزائدة، وغيرهم وتركه شعبة ويحيى وابن مهدي وقيل أن يحيى كان يحدث عنه.
وقال الجوزجاني: هو كذاب.
وقد تقدم أن الترمذي حسن حديثه. وقال أحمد في رواية عنه في حديث الصدقة: هو حسن، واحتج به، وقال مرة في حكيم: هو ضعيف الحديث مضطرب.
وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقال أبو زرعة في رأيه شيء، ومحله الصدق ـ إن شاء الله ـ.
وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، منكر الحديث، له رأي غير محمود. قال وهو قريب من يونس بن خباب.
وثوير بن أبي فاختة.
وقال النسائي: ليس بالقوي.
وقال الدارقطني: متروك.
"عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي":
وممن اختلف في أمره، هل هو ممن فحش خطؤه أم لا؟ عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، واسم أبي سليمان ميسرة. قال أمية بن خالد: قلت لشعبة، ما لك لا تحدث عن عبد الملك بن أبي سليمان؟ قال: تركت حديثه. قلت: تحدث عن محمد بن عبيد الله العرزمي تدع عبد الملك بن أبي سليمان، وكان حسن الحديث؟
قال: من حسنها فررت.
خرجه ابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وغيرهم.
وقال وكيع عن شعبة: لو روى عبد الملك بن أبي سليمان حديثاً آخر مثل حديث الشفعة لطرحت حديثه.
وقد خرج الترمذي حديث الشفعة في كتاب الأحكام والأقضية، وسبق الكلام عليه هناك مستوفى.
وقد ذكر الإمام أحمد أن له منكرات، وأنه يوصل أحاديث يرسلها غيره. وقد ذكرنا ذلك في كتاب النكاح في باب "تنكح المرأة على ثلاث".
وقال أبو بكر بن خلاد: وسمعت يحيى، وهو ابن سعيد، يقول: كان صفة حديث عبد الملك بن أبي سليمان فيها شيء منقطع يوصله، وموصل يقطعه.
وقال أحمد كان من الحفاظ، وكان سفيان الثوري يسميه الميزان.
وذكر ابن أبي حاتم بإسناده عن نوفل بن مطهر، عن ابن المبارك عن سفيان قال:
حفاظ الناس ثلاثة: إسماعيل بن أبي خالد، وعبد الملك بن أبي سليمان العرزمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
ووثقه يحيى بن معين، وسئل: هو أحب إليك أم ابن جريج؟ قال: كلاهما، ثبتان.
وقال أحمد: هو يخالف ابن جريج في أحاديث، وابن جريج عندنا أثبت منه.
وخرج له مسلم.
وإنما ترك شعبة حديثه لرواية حديث الشفعة، لأن شعبة من مذهبه أن من روى حديثاً غلطاً مجتمعاً عليه ولم يتهم نفسه فيتركه، ترك حديثه، وقد ذكرنا ذلك عنه فيما تقدم.
وروى نعيم بن حماد عن ابن مهدي عن شعبة، أنه سئل عمن يستوجب الترك؟ قال: إذا أكثر عن المعروفين ما لا يعرف، أو تمادى في غلط مجمع عليه، فلم يشكك نفسه فيه، أو كذاب. وسائر الناس فارو عنهم.
وخرج أبو بكر الخطيب بإسناده عن ابن معين أنه سئل عن رجل حدث بأحاديث منكرة، فردها عليه أصحاب الحديث، أن هو رجع عنها، وقال: ظننتها، فأما إذا أنكرتموها، ورددتموها علي، فقد رجعت عنها، فقال: لا يكون صدوقاً أبداً إنما ذاك الرجل يشتبه له الحديث الشاذ والشيء فيرجع عنه، فأما الأحاديث المنكرة التي لا تشتبه لأحد فلا. فقيل ليحيى: فما يبريه؟ قال: يخرج كتاباً عتيقاً فيه هذه الأحاديث، فإذا أخرجها في كتاب عتيق فهو صدوق، وقد شبه له فيها، وأخطأ كما يخطىء الناس، ويرجع عنها، وأن لم يخرجه فهو كذاب أبداً.
وقد ذكرنا فيما تقدم عن ابن المبارك أن الحديث لا يكتب عن غلاط، لا يرجع.
وعن أحمد، أن الحديث لا يكتب عن رجل يغلط فيرد عليه، فلا يقبل.
"محمد بن عبيد الله العرزمي":
وأما محمد بن عبيد الله العرزمي، الذي روى عنه شعبة، وروى عنه سفيان أيضاً، فهو ابن أخي عبد الملك بن أبي سليمان، المذكور قبله.
وكان شريك ينسبه إلى جده، تدليساً، فيقول: حدثنا محمد بن أبي سليمان.
وقد تركه ابن المبارك، وكان يحيى وعبد الرحمن لا يحدثان عنه.
قال يحيى: سألته، فجعل لا يحفظ فأتيته بكتاب فجعل لا يحسن يقرأ.
قال وكيع: هو رجل صالح ذهبت كتبه، فكان يحدث حفظاً، فمن ذاك أتى.
وقال ابن نمير: هو رجل صدوق، ولكن ذهبت كتبه، وكان رديء الحفظ، فمن ثم أنكرت أحاديثه.
وضعفه ابن معين، وقال: ليس بشيء، ولا يكتب حديثه.
وقال الفلاس والنسائي: متروك الحديث.
وقال ابن عدي: عامة رواياته غير محفوظة.
وقال ابن حبان: كان صدوقاً إلا أن كتبه ذهبت، وكان رديء الحفظ فجعل يحدث من حفظه، ويهم، فكثر المناكير في رواياته.
"أبو الزبير المكي":
وأما أبو الزبير، محمد بن مسلم بن تدرس المكي، فإن شعبة ترك حديثه وأعتل بأنه رآه لا يحسن يصلي، وبأنه رآه يزن ويسترجح في الوزن، وبأن رجلاً أغضبه فافترى عليه وهو حاضر.
قال شعبة: وفي صدري لأبي الزبير عن جابر أربعمائة حديث، والله لأحدثت عنه حديثاً أبداً. ولم يذكر عليه كذباً ولا سوء حفظ.
وقد اختلف العلماء فيه:
قال المروذي: سالت أبا عبد الله، يعني أحمد بن حنبل، عن أبي الزبير، فقال: قد روى عنه قوم واحتملوه، روى عنه أيوب (وغيره)، إلا أن شعبة لم يحدث عنه. قلت: هو لين الحديث؟. فكأنه لينه، قلت هو أحب إليك، أو أبو نضرة؟ قال: أبو نضرة أحب إلي. انتهى.
وتكلم فيه أيوب أيضاً قال ابن المديني: حدثنا سفيان، (ثنا) أيوب (ثنا) أبو الزبير، وهو أبو الزبير، يغمزه، كذا أخرجه العقيلي من طريق البخاري عن علي وهذا خلاف ما فسر به الترمذي أنه عنى حفظه واتقانه.
وخرج ابن عدي هذا الأثر من طريق الترمذي عن ابن أبي عمر، عن سفيان. وعنده، قال سفيان: هذه نقيصة. وهذا خلاف ما وجدنا في نسخ كتاب الترمذي.
وقال عبد الله بن أحمد: قال أبي: كان أيوب يقول: (ثنا) أبو الزبير، وأبو الزبير أبو الزبير، قلت لأبي: كأنه يضعفه؟ قال: نعم.
وخرج العقيلي من طريق أبي عوانة، قال: كنا عند عمرو بن دينار جلوساً، ومعنا أيوب فحدثنا أبو الزبير بحديث فقلت لأيوب: تدري ما هذا؟ فقال: هو لا يدري ما حدث، أدري هذا. وهذا يدل على أن أيوب كان يغمزه، لا أنه كان يقويه.
وخرج العقيلي من طريق أبي داود، (أنا) رجل من أهل مكة، قال: قال ابن جريج: ما كنت أرى أن أعيش حتى أرى حديث أبي الزبير يروى.
ومن طريق نعيم بن حماد، قال: سمعت سفيان يقول: حدثني أبو الزبير، وهو أبو الزبير، كأنه يضعفه.
وروى عبد الجبار بن العلاء، (ثنا) ابن عيينة، حدثني عمرو بن دينار وأبو الزبير، وعمرو بن دينار أوثق عندنا من أبي الزبير.
وقال ابن خراش: و (ثنا) زيد بن أخزم، (ثنا) أبو عاصم، سمعت ابن جريج يقول: إن أبا الزبير اتخذ جابراً مطية.
وقد وثقه ابن معين.