الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالشَيبُ يَنهَضُ في الشَّبابِِ كَأَنَّهُ
…
لَيلٌ يَصيحُ بِجانِبَيهِ نَهارُ
فإنّ الصياح هنا لا مناسبة له، ولا معنى.
سأل رجل عمرو بن قيس عن الحصاة يجدها الرجل في ثوبه أو خفِّه من حصى المسجد، قال: ارمِ بها، فقال الرجل: زعموا أنها تصيح حتى تعود إلى المسجد، قال: دعها تصيح حتى ينشف حلقها، قال الرجل: سبحان الله! أوَلها حلق! قال: فمن أين تصيح؟ ومثل هذا ما حكاه أشعب الطمّاع، قال: جاءت لي جارية بدينار، فقالت: أودعه لي عندك، فقلت: دعيه تحت المُصلى، فلما راحت وضعتُ إلى جانبه درهما، فلمَّا كان بعد جمعة جاءت إليّ تطلبه، فقلت: هو مكانه، ولكن إنْ كان ولد شيئا فخذيه، فنظرت إلى الدرهم، فقالت: نعم، فقلت: ما دام تحت المصلى فهو يلد لك في كل جمعة درهما، فلما انصرفتْ أخذتُهُ، وحضرتْ بعد جمعة فطلبته، فلم تجده، فقلتُ: مات في النفاس، فقالت: ويلي، وكيف يموت، فقلتُ: يا بظراء كيف تُصدقين بحمله، ولا تصدقين بموته في النفاس.
قال الشريف العقيلي (1): (من الخفيف)
كُلَّما لاحَ وَجهُهُ بِمَكانِ
…
كَثُرَت زَحمَةُ العُيونِ عَلَيهِ
وقال (2): (من المتقارب)
فَلَمّا تَبَدّى لَنا وَجهُهُ
…
نَهَبنا مَحاسِنَهُ بِالعُيون
والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ
…
صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ
اللغة: الركب: تقدم الكلام عليه، ميل: جمع أميل، وهو الذي لا يستوي على السرج، قال جرير (3):(من البسيط)
لَم يَركَبوا الخَيلَ إِلّا بَعدَما هَرِموا
…
فَهُم ثِقالٌ عَلى أَكتافِها ميلُ
/* (4) والأكوار: جمع كور، وهو القتب، والطرب: خفة تلحق الإنسان.
…
[31 أ]
قال الشاعر (5): (من الرمل)
وَتََراِني طَرِباً في إِثرِهِم
…
طَرَبَ الواِلهِ أَو كالمُختَبل
(1) الشريف العقيلي ? - 450 هـ / ? - 1058 م
علي بن الحسين بن حيدرة بن محمد بن عبد الله بن محمد العقيلي. ينتهي نسبه إلى علي بن أبي طالب (وقيل أنه ينسب إلى عقيل بن أبي طالب). شاعر هاشمي زار القاهرة وجزيرة الفسطاط وأقام بها أيام الفاطميين وفي شعره أرجوزة طويلة ناقض فيها ابن المعتز في أرجوزته التي ذم فيها الصبوح ومدح الغبوق. ديوانه، (م).
(2)
ديوانه، (م).
(3)
ديوانه، ص 349
(4)
* من هنا بدأ العود إلى المخطوطة أ.
(5)
للنابغة الجعدي، ديوانه / (م).
وهو يحتمل أن يكون من الفرح، وأن يكون من الحزن، ولكنّه هنا من الحزن أقرب؛ لأنه جاء في سياق شدة السَّهَر، صاحٍ: صحا يصحو من سكره، فهو صاحٍ، الخمر: معروف، والكرا: تقدَّم، الثمل: السكران.
الإعراب: والركب: الواو للابتداء، والركب مبتدأ، ميل: خبره، من طرب: جار ومجرور، وطرب اسم فاعل هنا مكسور الراء، وليس هو مصدر بفتح الراء؛ لأنه لو كان مصدرا لفسد المعنى، وكان الجار والمجرور مفعولاً من أجله، وكان قوله وآخر من خمر الكرى، معطوفا على غير شيء، صاحٍ: مجرور على أنه صفة لطرب، وآخر: عاطف ومعطوف، من خمر: جار ومجرور ومضاف إليه، ولم تظهر الكسرة في المضاف لأنه مقصور، والجار والمجرور متعلق، ومن هنا لبيان الجنس، ثمل: مجرور على أنه صفة لآخر، والبيت بمجموعه في موضع النصب على الحال، كأنه قال: طردت الكرا عن سرح مقلته في حالة إغراء النوم بالمقل، وفي حالة ميل الركب على ظهور مطيهم (1).
المعنى: نادمته وحادثته والرفاق قد مالوا على مطاياهم بين صاحٍ من النوم، وبين ثملٍ من الكرى، وهذا دليل على أنهم كانوا في أخريات الليل، وفي ذلك الوقت يكون بعضهم قد صحا من خمر النوم، والآخر في نشوته يميل يمنة ويسرة.
قال ابن صردر (2): (من السريع)
قلتُ وهم من نَشواتِ الكرى
…
موائلٌ كالسُّجَّد الرّكَّعِ
حُثُّوا مطاياكم فكم غاية
…
قد بُلَغَتْ بالأينق الظُّلّعِ
وقال بديع الزمان الهمذاني (3): (من الطويل)
لك الله من جوبٍ / أجوب جيوبه
…
كأني في أجفان عين الردى كحل [31 ب]
كأن الدجى نقع وفي الجو حرمة
…
كواكبها جند طوائرها رسل
كأن مطايانا سماء كأننا
…
نجوم على أقتابها برجها الرحل
كأن السرى ساقٍ كأن الكرى طلا
…
كأنا لها شرب كان المنى نقل
(1) كتبت مطيها، وما أثبتناه وهو الصحيح من الغيث المسجم 1/ 307.
(2)
صردر بن صربعر ? - 465 هـ / ? - 1073 م
علي بن الحسن بن علي بن الفضل البغدادي أبو منصور. شاعر مجيد، من الكتاب، كان يقال لأبيه (صرّبعر) لبخله، وانتقل إليه اللقب حتى قال له نظام الملك: أنت (صرَّدرَّ) لا (صرّبعر) فلزمته. مدح القائم العباسي ووزيره ابن المسلمة. قال الذهبي: لم يكن في المتأخرين أرق طبعاً منه، مع جزالة وبلاغة. تقنطر به فرسه فهلك، بقرب خراسان. له (ديوان شعر - ط). ديوانه (م).
(3)
ديوانه (م)
وقال الشهاب محمود: (من الطويل)
نشاوى على الأكوار من خمر السرى وكأس الكرى قد ألويا بطلاها (1)
كأن غصونا في الرمال يميلها سحيرا على الأنضاء مرّ صباها
وقال أيضا: (من البسيط)
كرر حديث الثنايا فهو أعذب لي
…
على الظما من رضابِ الخرَّد العربِ (2)
فقد سرتْ نفحةٌ أنشأتُ نسمتَها
…
فينا فملنا على الأكوار من طرب
وقال أيضا: (من الطويل)
برانا الهوى حتى تَوهّمَنا الذي يرانا خيالاً في الدجى قد سرى وهْنا
كأنا على الأكوار أفنان دوحةٍ يُميِّلُها مَرُّ الصبا غُصُنا غُصنا (3)
وقال أيضا: (من الخفيف)
لا تردْها على جواها ودعها الْـ
…
ـآن تهوي بين الوهاد هويَا (4)
إنّ بين الضلوع منها إلى الريِّ
…
بعين الزرقاء داءً دويّا
ضمر كالقصي ترعى بشِعبٍ
…
فوقها كالسهام مرمى قصيا
بلبلتهم كأس السرى فتثنّوا
…
نشوةً ما سقوا بها البابليا
واعلم أنّ في بيت الطغرائي من البديع الجمع مع التقسيم؛ لأنه جمعهم في الميل على الأكوار، ثم قسمهم فقال: منهم مَن مال من التعب، ومنهم مَن مال من النعاس، ومن أمثلة هذا النوع قول أبي الطيب (5):(من البسيط)
حَتّى أَقامَ عَلى أَرباضِ خَرشَنَةٍ
…
تَشقى بِهِ الرومُ وَالصُلبانُ وَالبِيَعُ
لِلسَبيِ ما نَكَحوا وَالقَتلِ ما وَلَدوا
…
وَالنَهبِ ما جَمَعوا وَالنارِ ما زَرَعوا
وأحسن من هذا قول رسول الله / صلى الله عليه وسلم، الذي اوتي جوامع الكلم، [32 أ] واختُصر له الكلام اختصارا: ليس لك من مالك إلاّ ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت، أو تصدقت فأمضيت، وقيل: فأبقيت.
وقف أعرابي على حلقة الحسن البصري فقال: رحم الله مَن تصدق من فضل، أو واسى من كفاف، أو آثر من قوت، فقال الحسن: ما ترك أحدا منكم حتى عمّه بالمسألة.
ومن المجون قول القائل: (من الخفيف)
وبديعُ الجمالِ مُعتَدِلُ الَقا
…
مَةِ كالغصنِ حنَّ قلبي إليهِ (6)
(1) البيتان في الغيث المسجم 1/ 307 ـ 308، وفيه البيت الأول هو الثاني. وفيه أيضا أنهما للقاضي أبي الثناء محمود.
(2)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 308
(3)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 308
(4)
الأبيات في الغيث المسجم 1/ 308
(5)
ديوانه 2/ 63، وقد سقط البيت الثاني من نسخة ديوانه المطبوع في دار الكتب العلمية، وهو موجود في التبيان في شرح الديوان المنسوب خطأ لأبي البقاء العكبري 2/ 224.
(6)
البيتان في الغيث المسجم 1/ [311 ب] لا عزو، وكذا في معاهد التنصيص، ص 1293 ـ 1294/ (م).