الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الإعراب](1) الفاء: [قد تقدم الكلام عليها](2)، هل: حرف استفهام، وهي اخت أم، ولها صدر الكلام، تعين: فعل مضارع من أًعان يُعين إعانة، على غَيّ: جار ومجرور، هممت: فعل وفاعل، به: جار ومجرور، والغي: الواو للابتداء، والغي: مبتدأ، وجملة يزجر من الفعل والفاعل خبر المبتدأ، أحيانا: ظرف زمان، والعامل فيه يزجر، عن الفشل: جار ومجرور، عن للمجاوزة.
المعنى: يقول لصاحبه: أتنام عنّي، وتستحيل عليّ، فهل لك أن تعين صاحبك على غيٍّ همَّ به، وسيأتي تفسير هذا الغي ما هو فيما بعد، فإن الغي يمنع الإنسان في بعض الأوقات من الجبن، وإعانة المرء صاحبه في الحق أمر مندوب إليه، قال الله تعالى:[وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى](3)، وهذا من الواجبات، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه، هذا في الأمور المباحة، فأمَّا المحذورة فلا، ومَنْ فعل شارك، وصار له كفل منه، وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أنصر أخاك ظالما أو مظلوما، فقيل: يا رسول الله أنصره مظلوما، فكيف أنصره ظالما، قال: تحجبه عن الظلم، فذلك نصرك إياه، وأما الجبن فأمر مذموم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتمنوا لقاء العدو، وإذا لقيتموه فاثبتوا، واعلموا أن الجنة/* (4) تحت ظلال السيوف، وفي كتاب أبي بكر إلى خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنهما: احرص على الموت توهب لك الحياة، وقال عمر رضي الله تعالى عنه: الجرأة والجبن غرائز يضعهما الله حيث يشاء، فالجبان يفرّ عن أهله وولده، والجريء يقاتل عمن لا يؤوب إلى رحله، وقال خالد بن الوليد رضي الله تعالى عنه عند موته: لقد لقيت كذا وكذا زحفا وما في جسدي / (5) موضع قيد [37 أ] شبر إلاّ وفيه طعنة أو ضربة أو رمية، ثم ها أنا ذا أموت على فراشي حتف أنفي، فلا نامت عيون الجبناء، ويدخل في قول الطغرائي إغراء المحبين من يألفونه ويحبونه بالإقدام على الزيارة، وركوب الأخطار، وتهوين الخطب في الوصال، ويتوصلون إلى ذلك بأنواع من سحر الكلام والمغالِط التي يستعملها البلغاء في الإغراء.
إني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ
…
وقد حَماهُ رُماةٌ الحيِّ من ثُعَلِ
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2)
ما بين الحاصرتين زيادة من الغيث المسجم 1/ 348، حيث ترك مكانها فارغا بمقدار كلمة واحدة، وربما كان مكان الفراغ كلمة: تقدم.
(3)
المائدة 2
(4)
* من هنا تبدأ الصفحة [29 ب] في النسخة ب.
(5)
من هنا عود إلى النسخة أ ،
اللغة: الطروق: هو المجيء بالليل، والحي: واحد من أحياء العرب، إضم: جبل، قال الشاعر: وشمت برقاً على الجرعاء من إضم (1)، حُماة: منَعَة، رماة الحي: جمع رامٍ، وثُعَل: أبو حيّ من طي، وهو ثُعل بن عمرو، أخو نبهان، وهم الذين عناهم امرؤ القيس بقوله (2):(من الرمل)
رُبَّ رامٍ مِن بَني ثُعَلٍ
…
مُخرجٍ كَفَّيهِ في سترِه
وبنو ثعل مشهورون بإتقان الرمي، وقد أكثر الشعراء من نسبة ذلك إليهم، قال ابن قلاقس (3):(من الوافر)
وحيّ من كنانةَ قد رمَوْني
…
بما حوتِ الكنانةُ من سِهامِ
إذا انتَضلَوا وما ثَعِلٌ أبوهم
…
أتوكَ بكلِ راميةٍ ورامِ
ومن هذه القبيلة عمرو بن المسبح الثعلي (4)، الذي قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن مائة وخمسين سنة، وكان أرمى العرب بالسهام، وإياه عنى امرؤ القيس بقوله: رُبَّ رامٍ مِن بَني ثُعَلٍ
…
.
قلت: وقد قال فيه أيضا: غادرون عمر أصحاب الفترات، ذكر ذلك ابن عبد البرفي كتاب الاستيعاب، وهذا من جملة ما استشهد به ابن قتيبة في كتابه طبقات الشعراء على قرب زمن امرئ القيس من زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه كان قبله بمقدار أربعين سنة.
الإعراب: إنّ: إنّ واسمها، أريد: / فعل مضارع في موضع خبر إنَّ، طروق:[37 ب] منصوب على المفعول لأُريد، والحي: مضاف إليه إضافة معنوية، من إضم: مِن هنا لبيان الجنس، وقد حماه: هذه واو الحال، وقد حرف تقليل، حماه: فعل ماض، والهاء في موضع نصب على المفعولية، من ثعل: من هنا لبيان الجنس أيضا.
المعنى: يقول لصاحبه: الغي الذي طلبت إعانتك عليه وهو أني أريد طروق الحي، [أي] النزول على إضم ليلاً، وقد حماه رماة بني ثعل، وهم المقيمون في الحي، فهل لك في الإعانة على السير إليهم، وقد رسول الله صلى الله عليه وسلم من طروق الرجل أهله ليلا
…
[و] في ذلك فوائد، منها: استعداد المرأة لزوجها بإصلاح شأنها، ومنها أنّ في طروقه ليلا
(1) الذي جاء في الغيث المسجم 1/ 356، وفي النسختين المخطوطتين: شبت بأعلى عائد من إضم، وقد بحثت كثيرا عن هذا الجزء من البيت فلم أعثر له على أصل، والذي وجدته الذي أثبته من تخميس قصيدة جيمية للعفيف التلمساني، والبيت بتمامه:
وشمت برقاً على الجرعاء من إضم
…
قلبي عليك وطرفي غير مختلج
انظر: أعيان العصر، ص 5842 / (م).
(2)
ديوانه، ص 75.، وفيه: مُتلجٍ.
(3)
ديوانه (م).
(4)
عمرو بن المسبح، ويقال: ابن المسيح بن كعب بن طريف بن عصر الثعلي الطائي، من بني ثعل بن عمرو بن غوث بن طيئ قال الطبري: عاش عمرو بن المسبح مائة وخمسين سنة، ثم أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ووفد إليه، وأسلم، قال: وكان أرمى العرب. الاستيعاب 1/ 372/ المكتبة الشاملة.