الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سافر تنل رتب المفاخر والعُلى كالدرِّ سار فصار في التيجانِ
وكذا هلالُ الأفقِ لو ترك السُّرى ما فارقته معرَّة النقصان
وفي قول الطغرائي في هذا البيت من البديع الإيضاح، وإرسال المثل، أمَّا إرسال المثل فإنه واضح؛ لأن كل مَنْ سمعه وحفظه تمثّل به فيما يليق من المواقع، وأمَّا الإيضاح فإنه أزال به اللبس من خفاء الحكم الذي ادّعاه في البيت الذي تقدّمه، وهو أنّ العزّ في النقل، هذا حكم خافٍ عند المخاطب حتى يوضّحه بقوله: لو أنّ في شرف المأوى
…
البيت، فيزول اللبس، ويتضح الحكم.
قال رحمه الله تعالى:
أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً
…
والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ
اللغة: أهاب الراعي بغنمه: صاح بها لتقف ولترجع، والحظ: النصيب، والنداء: معروف، مستمعا: اسم فاعل من استمع، والجهل: خلاف العِلم، شغل: فيه أربع لغات: شُغْل، وشُغُل، وشَغْل، وشَغَل.
الإعراب: أهبت: فعل وفاعل، بالحظ: الباء للتعدية، والألف واللام للعهد الذهني، والجار والمجرور في موضع النصب، ومستمعا: مفعول به، والحظ: مبتدأ / في [57 أ] شغل: في موضع رفع، خبر للمبتدأ تقديره والحظ مستقر في شغل بالجهال عنّي.
أنشد ابن الوردي رحمه الله (1): (مجزوء الرجز)
وأغيدٍ يسألني
…
ما المبتدا والخبرُ
مثلْهما لي مسرعاً
…
فقلتُ أنتَ القمرُ
المعنى: صحت بالحظ، وطلبت إقباله لو أني ناديت من يسمعني؛ لأن الحظ اشتغل عني بالجهال، وهذا ينظر إلى قول عبد الرحمن بن الحكم (2):(من الوافر)
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حَيّاً
…
ولكنْ لا حياةَ لِمَنْ تُنادي
والصحيح أن الحظوظ لاتعلل، فما وجودها وعدمها باستحقاق من الطرفين، بل الله يرزق من يشاء بغير حساب، قال الله تعالى:[وَاللَّهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ](3) وقال تعالى: [نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا](4)، وقال عليه السلام:(لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد).
(1) ديوانه (م)
(2)
لقد نسب هذا البيت لكل من: بشار بن برد، دريد بن الصمة، عمرو بن معدي كرب الزبيدي، كثير عزة، مهيار الديلمي، عبد الرحمن بن الحكم وغيرهم وهو في دواوينهم (م)،
(3)
النحل 71
(4)
الزخرف 32
عِلْمي بسابقةِ المقْدورٍ ألْزمني
…
صبري وصمتي (1) فلم أحرص ولم أسل (2)
لو نيل بالحظ مطلوبٌ لما حُرِم الـ
…
رؤيا الكليم وكان الحظُّ للجبل
وحِكْمَةُ العقل اِن عزَّن واِن شرفت
…
جهالة عند حكم الرزق والأجَلِ
وقال بعضهم: (من المجتث)
كم من غَبّيٍ غَنيٌ
…
وكم من فَقيهٍ فَقيرٌ (3)
وقال آخر: (من الكامل)
وإذا استقام الدهر يوما للفتى أغنت سعادته عن التنجيم (4)
وقال ابن قلاقس (5): (من الطويل)
ولستَ تَرى في مَحْكَمِ الذكرِ سورةً
…
تقومُ مقامَ الحمْدِ والكلُّ قُرآنُ
وقال مهيار الديلمي (6): (من البسيط)
لا تحسَبِ الهمّةَ العَلياءَ مُوجِبةً
…
رزقاً على قِسمة الأقدارِ لم يجبِ
لو كان أفضلُ مَنْ في الناس أسْعَدَهم
…
ما أنحطّتِ الشمسُ عن عالٍ من الشُّهُبِ
أو كان أسْيَرُ ما في الأُفْق أسْلَمَه
…
دام الهلالُ فلم يُمْحَقْ ولم يَغبِ
وقال الطغرائي (7): (من الطويل)
وأعظمُ ما بِي أنّني / بفضائلي
…
حُرِمْتُ وما لي غيرَهُنَّ ذَرائِعُ
…
[57 أ]
إِذا لم يَزِدني موردي غيرَ غُلَّةٍ
…
فلا صدرتْ بالواردينَ مشارِعُ
وقال [القاضي] الفاضل (8): (مجزوء الكامل)
ما ضَرَّ جَهلُ الجاهِليـ
…
نَ وَلا اِنتَفَعتُ أَنا بِحِذقي
وَزِيادَتي في الحَذقِ فَهـ
…
يَ زِيادَةٌ في نَقصِ رِزقي
وقال آخر (9): (من الطويل)
إِذا جَمَعتْ بين امرأيْنِ صِناعَةٌ
…
فأحببتَ أن تدري الذي هو أحْذَقُ
فلا تَتَفقَّدْ منهما غيرَ ما جَرَتْ
…
به لهُما الأرزاق حين تُفَرَّقُ
فحيثُ يكون الجَهلُ فالرزق واسِعٌ
…
وحيثُ يكونُ العلم فالرزق ضيِّقُ
(1) الذي ورد في المخطوط: صمتي وصبري، وقد لاحظنا مثل هذا الأمر كثيرا، ولكنه إن كان مقبولا في الكلام المنثور، فإنه لا يجوز في المنظوم، والقلب ليس من الاختصار إنما هو انحراف عن مفهوم الاختصار
(2)
هذه الأبيات من البسيط، وهي للحيص بيص (أبو الفوارس سعد بن محمد بن الصيفي) ديوانه 2/ 342
(3)
البيت في الغيث المسجم 2/ 123
(4)
البيت في الغيث المسجم 2/ 123
(5)
ديوانه (م).
(6)
ديوانه (م).
(7)
ديوانه، ص 228
(8)
ديوانه (م).
(9)
لأبي إسحاق الصابئ، ديوانه (م).
وقال أبو العلاء (1): (من الكامل)
لا بُدّ للحَسناءِ من ذامٍ ولا
…
ذامٌ لنَفسِي غَيرَ سَيّئِ بَخْتِها
وقال ابن سناء الملك (2): (من السريع)
ما تمَّ إِلا الحظُّ فارقُب له
…
ولا تَقُل عقْلِي ولا حَزْمِي
كم نقمةٍ في طيِّها نعمةٌ
…
ويوجَدُ التِّرياقُ في السُّمِّ
وقال الشافعي رضي الله عنه من أبيات (3): (من الكامل)
لو أنَّ بالحيلِ الغني لوجدتنيِ
…
بنجومِ أفلاكِ السماء تعلُّقي
لكنَّ من رُزِق الحجا حُرِمَ الغنى
…
ضدّان مفترقان أي تفرُّق
فإذا سمعتَ بأنَّ محروماً أتى
…
ماءً ليشربه فغاضَ فصدِّق
أو أنّ محظوظاً غدا في كفه
…
عُودٌ فأورَقَ في يديه فحقِّقِ
وقال الإمام فخر الدين الرازي: (من البسيط)
كم عاقل عاقل أعْيتْ مذاهبهُ
…
وجاهل جاهل تلقاهُ مَرْزوقا (4)
هذا الذي تركَ الأوهامَ حائرةً
…
وصَّبر العالم النِّحريرَ زِنديقاً
وقال أبو إسحاق الغزي: (من البسيط)
كم عالِمٍ لم يًلِجْ بالقرعِ بابَ منىً وجاهلٍ قبلَ قرعِ البابِ قد ولجا (5)
وقال ابن الخياط الأندلسي (6): (من الكامل)
لم يخل من نوب الزمان أديب
…
كلاّ فشأن النائبات تنوب
وإذا انتهيتَ إلى العلومِ وجدتَها
…
شيئاً يعدّ بها عليك ذنوب
وغضارة الأيّام تأبى أن يرى
…
فيها لأبناء الذكاء نصيب
وكذاك من صحب الليالي طالباً
…
جدّاً وفهماً فاته المطلوب
/ وهذا قول أبي الطيب (7): (من الطويل)
…
[58 أ]
وَما الجَمعُ بَينَ الماءِ وَالنارِ في يَدٍ
…
بِأَصعَبَ مِن أَن أَجمَعَ الجَدَّ وَالفَهما
وقال ابن الخياط الدمشقي (8): (من الطويل)
وَمَا زَالَ شُؤْمُ الْجَظِّ مِنْ كُلِّ طَالِبٍ
…
كَفِيلاً بِبُعْدِ الْمَطلَبِ الْمُتَدَانِي
(1) ديوان سقط الزند، ص 29
(2)
ديوانه (م).
(3)
ديوانه (م).
(4)
جاء في معاهد التنصيص، ص [278 أ] ن البيتين لابن الراوندي، وقبلهما:
سُبحان مَنْ وضع الأشياء مَوضِعَها
…
وفَرقَ العزَّ والإذْلال تفريقا
(5)
البيت في الغيث المسجم 2/ 128
(6)
ديوانه (م).
(7)
ديوانه 1/ 221
(8)
ديوانه (م).