الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التشويش على جيرانه بحركته [في] ذلك الوقت، ومنها غير ذلك، وهذه الحالة، أعني كون الرماة يحمون الحي مما لا يهابه العشاق، ولا يصدهم عن زيارة أحبابهم، ولا يمنعهم من الوصول إليهم، [لأنه قيل]: (من البسيط]
علامةُ الحبِّ أنْ يُستصغرَ الخطرُ
…
وأن يزورَ ونارُ الحرب تستعر (1)
قال أبو الطيب (2): (من الطويل)
يَهونُ عَلى مِثلي إِذا رامَ حاجَةً
…
وُقوعُ العَوالي دونَها وَالقَواضِبِ
وقال ابن الساعاتي: (من الوافر)
رعاكِ اللهُ يا سلمى رعاكِ
…
وداركِ باللوى ذاتِ الأراكِ (3)
أخاف سيوف قومك من معدٍّ
…
وما كانت بأقتلَ من هواكِ
وقال أبو العلاء المعري (4): (من الطويل)
أسيرُ ولو أنّ الصّباحَ صوارِمٌ
…
وأسْرِي ولو أنّ الظّلامَ جَحافل
وللسراج الوراق: (من الكامل)
أغنتهمُ تلكَ القُدود عن القنا
…
ونضَوا عن البيض الصفاح الأَعينا (5)
وحمَوا طروقَ الحيِّ حتى لم يكن
…
مسرى الخيال إليه أمراَ ممكنا
يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ به
…
سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ
اللغة: يحمون: يمنعون، البيض: جمع أبيض، وهو السيف، السمر: جمع أسمر، وهو الرمح، اللدان: جمع لدن، وهو اللين، الغدائر: ضفائر الشعر، واحدتها غديرة، الحلي: ما تتحلّى به المرأة، والحلل: جمع حلة، إزار ورداء، ولا يُسمى حلّة حتى يكون ثوبين.
الإعراب: يحمون: فعل مضارع من حمى يحمي، الواو: ضمير الفاعلين، والنون: علامة الرفع، بالبيض: الباء فيه للاستعانة، والسمر: الواو هنا عطفت اسما على اسم، والسمر معطوف على المجرور، اللدان: صفة للسمر، والضمير في به يعود إلى الحي، والباء هنا ظرفية بمعنى في، والمعنى يحمون في الحي سود الغدائر، الغدائر: مجرور بالإضافة، وهو منصوب على أنه مفعول به ليحمون، حمر الحلي: صفة لسود، بل صفة ثانية للمحذوف المقدّر، وهو المفعول حقيقة، والحلي: مضاف إليه، وإن شئت جعلته بدل كل من كل، أعني حمر الحلي بدل كل من سود الغدائر، والحلل معطوف على الحلي.
(1) البيت في الغيث المسجم 1/ 361 / بلا عزو.
(2)
ديوانه 1/ 267
(3)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 361
(4)
ديوان سقط الزند، ص 194، وفيه: وأغدو ولو أنّ الصباح.
(5)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 363
المعنى: هؤلاء الرماة الذين هم من بني ثعل يحمون بالبيض التي هي السيوف، والسمر اللينة، التي هي الرماح أبكارا سود الضفائر، حمر الحلي والبرود، يعني أنّ حليهن من الذهب الأحمر، ولباسهن من الحرير الأحمر.
قال أبو الطيب (1): (من البسيط)
مَنِ الجَآذِرُ في زِيِّ الأَعاريبِ
…
حُمرَ الحُلى وَالمَطايا وَالجَلابيبِ
وقال أيضا (2): (من الطويل)
بِكُلِّ فَلاةٍ تُنكِرُ الإِنسَ أَرضُها
…
ظَعائِنُ حُمرُ الحَليِ حُمرُ الأَيانِقِ
ومن قول الطغرائي أخذ ابن الساعاتي [قوله]: (من البسيط)
من الظباء اللواتي لا ذمامَ لها
…
من أين يعرفنَ رَعْيَ العهدِ والذمَمِ (3)
بيض الترائب سمر اللحظِ يحجبها
…
سودُ الذوائب حُمرُ الحلي والنعمِ
ولا شكّ أن اللباس الأحمر / يزيد الحسن رونقا، ويفيده روحنة، ويكسبه رونقا آخر [38 ب] قال أبو حجيفة وهب بن عبد الله السوائي: ما رأيت ذا لمّة سوداء في حلة حمراء أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما قول الشاعر (4):(من الطويل)
هِجَانٌ عليها حُمْرَةٌ في بياضِها
…
تَرُوقُ بهِ العينينِ والحُسْنُ أحمَرُ
فإنه عنى به الحسن في حمرة اللون مع البياض دون غيره من الألوان، قال الحريري في درة الغواص: أمَّأ قولهم الحسن أحمر (5)، فإنّ معناه أنّه [لا يُكتسب] ما فيه الجمال إلاّ بتحمُّل مشقة يحمارُّ منها الوجه، كما قالوا للسنة المجدبة حمراء، وكنّوا عن الأمر المستصعب بالموت الأحمر، انتهى.
قال الشارح: ويحتمل أن يكون المراد بقولهم الموت الأحمر أنه القتل الذي فيه سفك الدم، قلت: وهذا في غاية البعد، بل كلامهم أعمّ من ذلك، فقد قالوا: الفقر هو الموت الأحمر، والسبب فيه قوله عليه السلام: كاد الفقر أن يكون كُفرا، ومن قول الطغرائي قول أبي الطيب (6):(من الطويل)
دِيارُ اللَواتي دارُهُنَّ عَزيزَةٌ
…
بِسمر القَنا يُحمينَ لا بِالتَمائِمِ
وقول أبي إسحاق الغزي: (من الوافر)
وبوركَ في خيامِ قبيلِ سلمى وفي تلكَ المضاربِ والحِجالِ (7)
(1) ديوانه 2/ 210
(2)
ديوانه 2/ 148
(3)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 368
(4)
نسبه الزمخشري في ربيع الأبرار، ص 2444/ (م) لبشار ،
(5)
درة الغواص، ص 228 ـ229
(6)
ديوانه 1/ 254، وفيه: بطول القنا يُحفظن.
(7)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 368
فما أوتادُهُنّ سوى المواضي ولا أطنابَهُنّ سوى العوالي
وقال الأرجاني (1): (من الكامل)
وقِفا لصائدةِ الرّجال بدَلّها
…
وخفا جِنايةَ عينها الحوراء
وتَحدَّثا سِرّاً فحولَ قبابها
…
سُمرُ الرّماحِ يَمِلنَ للإصغاء
وقال السراج الوراق: (من الطويل)
من البيضِ تمشي البيضُ حولَ خِبائِها شبيهةُ نومي ليسَ يأوي إلى جَفنِي (2)
غزالةُ أُنْسٍ والرِّماحُ كِناسُها ومن حولِهِ قومٌ يُخالون كالجنِّ
لهم غيرة قد ساء بالطَّيفِ ظنُّها فضنُّوا عليها بالكرى خِيفَة الظَّنِ
ولله درّ المجنون إذ يقول (3): (من الطويل)
وحقكم لا زرتكم/ في دجنة
…
من الليل تخفيني كأني سارق
…
[39 أ]
ولا زرت إلاّ والسيوف هواتِفٌ
…
إليَّ وأطراف الرماح لواحق
وبيت الطغرائي فيه من البديع التدبيج، وهو تفعيل من الدَّبج، وهو النقش والتزيين، وأصل الديباج فارسي معرب، والتدبيج في البديع في مدح، أو ذمٍّ، أو وصف، ألفاظ تدل على ألوان مختلفة، كقول ابن حيّوس (4):(من الخفيف)
إِن تُرِد عِلمَ حالِهِم عَن يَقينٍ
…
فَالقَهُمْ يوم نائلٍ أو نِزالِ
تَلقَ بيضَ الوجوه سودَ مُثارِ الـ
…
نَقعِ خُضرَ الأَكنافِ حُمرَ النِصالِ
وأخذه ابن النبيه فقصّر عنه في قوله (5): (من السريع)
لَهُ بَنانٌ طافِحٌ بِالنَّدَى
…
فَهُنَّ إِمَّا دِيَمٌ أَوْ بِحارْ
بِيْضُ الأيادِي خُضْرُ رَوْضِ الرِّضى
…
حُمرُ المَواضِي فِي العَجاجِ المُثارْ
والطغرائي ذكر في بيته البيض والسمر والسود والحمر، وما أحسن قول القائل (6):
…
(من الكامل)
الغصنُ فوقَ الماء تحت شقائقٍ
…
مثلُ الأسنة خُضِّبَتْ بدماءِ
كالصَّعْدةِ السمراءِ تحتَ الراية الـ
…
حمراء فوقَ الَّلأمة الخضراءِ
(1) ديوانه 1/ 31، وفيه: فصفا جناية.
(2)
الأبيات في الغيث المسجم 1/ 369
(3)
نسب البيتان في كل من: الوافي بالوفيات، ص6880/ (م)، وفوات الوفيات 1/ 182،والنجوم الزاهرة، ص 2738 / (م) لإسماعيل بن على المعروف بالعين زربي.
(4)
ديوانه (م)
(5)
ديوانه (م)
(6)
نسب ابن ظافر الأزدي البيتين في كتابه غرائب التنبيهات على عجائب التشبيهات، ص 149 / (م) لابن الزقاق.