الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَادوا بَعْدَ ذَا إخْوَانَ صِدْقٍ
…
كَبَعْضِ عَقَارِبٍ عَادَتْ جَرَادَا
وحُسْنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ
…
فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ
اللغة: الظن: عدم الجزم بالأمر، وقد يأتي بمعنى العِلم، قال أبو البركات ابن بنت العصار يرثي المعظم عيسى (1):(من السريع)
أظنُّ قدْ ماتَ النَّدَى بعدَه والظنُّ قد يأتي بمعنى اليقين
معجزةٌ: مثل مبخلة، ومجبنة، ومحمدة، والوجل: الخوف، قوله [تعالى][وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ](2) أي خائفة.
الإعراب: وحسن: مبتدأ، وظنك: مضاف، والأيام: مفعول أول لظن، والثاني محذوف، دلّ عليه حُسن، كأنه قال: ظنك بالأيام خير، معجزة: خبر المبتدأ، وشراً: مفعول ثانٍ لظن، والأول محذوف، تقديره ظنّ بالأيام شراً، وقد منع النحاة من مثل هذا إلاّ أن يدل على الحذف دليل، وقد يقال إنه دلّ هنا على الحذف دليل، فجاز حذفه؛ لأنه مفهوم من سياق الكلام، وكن: الواو عطفت الأمر على الأمر / واسمها مستتر فيها، منها:[67 أ] لبيان الجنس، والضمير يرجع إلى الأيام، على وجل: على للاستعلاء، ووجل: مجرور به (3).
المعنى: حسن ظنك أن في الأيام خيرا معجزة منك، لأنك لم (4) تخبر الأيام، ولا أهلها، ولا جربتهما لتعلم ما هما عليه، وهذا عجز ظاهر، وهو أن يصحب الإنسان غيره مدة العمر، وهو به جاهل، والحزم أن تظن الشر بالأيام، وتكزن منها على وجل، فلا تأمن إليها، وقال الرشيد أو المأمون: لو وصفت الدنيا نفسها ما زادت على قول أبي نواس (5): (من الطويل)
إِذا امتَحَنَ الدُنيا لَبيبٌ تَكَشَّفَت
…
لَهُ عَن عَدوٍّ في ثِيابِ صَديقِ
وقال الغزي (6): (من البسيط)
كالشمع يبكي ولا يدري أعبرته
…
من صحبة النار أو من فرقة العسل
غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ
…
مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ
اللغة: غاض الماء: قلّ، والوفاء ضد الغدر، وفاض: أي شاع، والمراد بالانفراج هنا التباعد فيما بين الطرفين، والمسافة: البعد، الخلف: اسم من اسم من الأخلاف، وهو في المستقبل كالكذب في الماضي.
(1) البيت في الغيث المسجم 2/ 334.
(2)
المؤمنون: 60.
(3)
كتبت: ووجل مضاف إليه، وهو خطأ.
(4)
كتبت لا، وما أثبتناه من الغيث المسجم 2/ 336.
(5)
ديوانه، ص 394.
(6)
البيت في الغيث المسجم 2/ 343.
الإعراب: بين: ظرف مكان مفعول فيه، وهي لا تدخل إلاّ على مثنى أو مجموع؛ لاقتضائها الاشتراك، والقول مخصوص بالإضافة إلى الظرف المكاني، والعمل: معطوف عليه.
المعنى: إنّ الوفاء نقص، أو غاب، أو ذهب من بين الناس، والغدر اشتهر وشاع وذاع، واتّسعت مسافته بين القول والفعل في الوعود، أخذ يوضح الدلالة على عدم حسن الظن بالأيام، ويحقق ما ادَّعاه من الحزم في ذلك، وأنّ الإنسان لا يعول على أحد؛ لأن الوفاء / ذهب، والغدر ظهر، والخلف في الوعد زاد / وهذه موجبات تقتضي التأدّب [67 ب]
…
بما وعظ، والأخذ بما أمر، قال صلى الله عليه وسلم: لكل غادر لواء يوم القيامة، وفي رواية لواء عند رأسه يوم القيامة، يقال: هذه غدرة فلان، قال النووي رحمه الله: في هذا تغليظ الغدر، لا سيما من صاحب الولاية العامة؛ لأن غدره يتعدى ضرره إلى خلق، كذا بخط المصنف، ولعله خلق الله (1).
يقال: إنّ أعرق الناس بالغدر عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس، غدرَ عبد الرحمن بالحجاج بن يوسف الثقفي، وغدر محمد بن الأشعث بأهل طبرستان، وغدر الأشعث ببني الحارث، وخلائق كثير، وأخذ ابن قلاقس قول الطغرائي، فقال (2):(من مجزوء الكامل)
غاضَ الوفاءُ وفاضَ ما
…
ءُ الغَدْرِِ أنهاراً وغُدرا
وتطابقَ الأقوامُ في
…
أقوالهم سرّاً وجَهْرا
فانظر بعينكَ هل ترى
…
عُرْفاً وليس تراهُ نُكْرا
وقال أيضا (3): (من الكامل)
وبنو الزمان وإن صَفوا لكَ ظاهراً
…
يوماً طووا لكَ باطناً ممذُوقا
دوحٌ تمرُّ لك الجنى أثمارَهُ
…
ولقد تمرُّ به الرياحُ وريقا
وقال آخر (4): (من الوافر)
ومنْ يكُ أصلهُ ماء وطيناً
…
بعيدٌ من جِبلَّتهِ الصفاءُ
وقال السراج الوراق (5): (من الوافر)
وكانَ الناسُ إنْ مُدِحوا أَثابوا
…
ولِلكرماءِ بالمدحِ افتخارُ
وكانَ العُذْرُ في وقتٍ ووقتٍ
…
فصرنا لا عطاَْ ولا اعتذارُ
(1) في الغيث المسجم 2/ 345: خلق كثير.
(2)
ديوانه (م)
(3)
ديوانه (م)
(4)
البيت في الغيث المسجم 2/ [350 ب] لا عزو.
(5)
ديوانه (م)