الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالعودُ يُنْبِيكَ عن مكنونِ باطنهِ
…
دُخَانُهُ حين تُلْقِيهِ على النَّارِ
وقال الشارح في شرط الصحبة: (من المتقارب)
صديقَكَ مهما جَنى غَطِّه
…
ولا تُخْفِ شيئاً إذا أحسْنا (1)
وكن كالظلام معَ النَّار إذ
…
يوارِي الدُّخانَ وَيبْدِي السنَّا
قال الشارح: وكأني بالطغرائي وقد جرَّ هذا الصاحب فانجزم، وطلب إقباله على النصرة له فانهزم، وسامه الوقوع على المساعدة فتعلّى، ورام النجدة منه فقرأ عبس وتولى.
سأل أبو جعفر المنصور بعض الخوارج فقال له: أخبرني أي أصحابي كان أشد إقداماً في مبارزتك، فقال: ما أعرف وجوههم، ولكن أعرف قفاهم، فقل لهم يدبروا اعرّفك، أخذ ابن الرومي هذا المعنى، وزاده وزنا فقال:(من المنسرح)
قِرن سليمان قد أضرَّ به
…
شوق إلى وجهه سيتلفُه
كم يَعِدُ القرن باللقاء وكم
…
يكذب في وعده ويخلفه
/* (2) لا يعرف القِرنُ وجهه ويرى
…
قفاه من فرسخ فيعرفه
تنامُ عنِّي وعينُ النجمِ ساهرةٌ
…
وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ
اللغة: النوم: معروف، والعين: حاسة الإبصار، والجمع أعين وأعيان وعيون، وتصغيرها عُيينة، النجم: الكوكب، ومتى أُطلق فالمراد به الثريا، ساهرة: السهر ضد النوم، تستحيل: الاستحالة التغيُّر، والصبغ: اللون، تقول: صبغت الثوب أصبغه، والصِبغ بالكسر ما يُصبغ به، فعلى هذا الصحيح في البيت صَبغ بالفتح، الليل: معروف.
الإعراب: تنام: فعل مضارع، حذفت منه هنا الهمزة التي للاستفهام؛ لأن أصله أَتنام عنِّي، وحذفها جائز في الضرورة، عنِّي: جار ومجرور، وعين النجم: الواو للابتداء، وعين مرفوع على أنه مبتدأ، والنجم مجرور بالإضافة، والإضافة هنا معنوية، وهي مقدرة باللام، ساهرة: مرفوع على أنه خبر المبتدأ، والأحسن أن تكون ساهرة منصوبة على الحال، والخبر محذوف، كما قُرئ:[وَنَحْنُ عُصْبَةً](3)، معناه ونحن نُرى عصبة، وكذا يقدّر هنا وعين النجم تُرى ساهرة لأجلي، وتستحيل عليّ، وهذا صبغ الليل يُرى غير حائل، وفي تقديره هكذا توبيخ له؛ لكونه من ذوي الحواس، وقد نام عنه، واستحال عليه، وهذان غير حاسّين، ومع ذلك فقد سهرت عين النجم ورُئيت في حالة غير نائمة، ولم يستحل صبغ الليل رحمة ووفاء، وإذا جعلت ساهرة خبرا لعين النجم، وصبغ مبتدأ، ولم يحل الخبر، وكانت الجملة في الموضعين في تقدير الحال، ذهب معنى التقريع والتوبيخ الذي تقرّر،
(1) الغيث المسجم 1/ 334
(2)
* من هنا تبدأ الصفحة [28 أ] من النسخة ب.
(3)
بالنصب رواه النزال بن سبرة عن علي بن أبي طالب، مختصر في شواذ القرآن ص 62. (يوسف 8).
ويعود المعنى أتنام عنِّي والحالة من النجم والليل كذا، وإن شئت قدَّرت عين النجم خبراً، والمبتدأ محذوف تقديره وهذه عين النجم ساهرة، ويكون فيه معنى زائد في التوبيخ؛ لأنك إذا قلت: أيخفى عليك ما أردت، والطفل قد فهمه، ويستحيل: الواو عطفت الجملة الفعلية على مثلها، وهما تستحيل وتنام، وصبغ: الواو للابتداء، وصبغ مرفوع إمَّا أنه مبتدأ أو خبر مبتدأ محذوف، الليل: مجرور بالإضافة /* (1)
المعنوية، وهي مقدَّرة باللام، لم يحل: فعل مضارع مجزوم بلم، كان أصله يحول، فاجتمع ساكنان، وهما الواو واللام، قال: وفي البيت سؤال، وهو أن يُقال: أين مفعول تستحيل؛ لأن الأصل استحال زيد على عمروٍ، ولأنه استفعال من الإحالة، فالمفعول محذوف، وهو جار ومجرور متعلق بتستحيل، وحسُن حذفه كونه معلوما من سياق الكلام بقوله عنِّي، إذا قال: أتنام عني علم أنه يقول: وتستحيل عليّ، وموضع المحذوف النصب على المفعولية.
المعنى: أتنام عنِّي وهذه عين النجم تراها ساهرة لما أقاسيه وأكابده من الفكر، وتستحيل علي وصبغ الليل كما تراه لم يحل، ولم يتغير، وفي هذا إدماج؛ لأنه أدمج في هذه العبارة أنّ الليل طويل عليه، لم ينسلخ من سواده إلى الفجر، وما أحسن قول ابن الساعاتي (2):(من الخفيف)
نمتم عن سهاد جفني ولا يعلم ما ضرَّ ساهراً مَن ينامُ
ما رعيتمْ حق الجوار وإن كا ن بأدنى الجوار يُرعى الزمامُ
وقال الآرجاني (3): (من الطويل)
ولا تُنِكروا حَقَّ المَشوُقِ فإنّما
…
لنا وعليكم أنجمُ اللّيلِ تَشْهَد
أبِيتُ نَجِيَّ الهَمِّ في كُلِّ ليلةٍ
…
كأنّ بها طَرْفِي طِرافٌ مُمَدَّد
وقال ابن منقذ: (من الكامل)
ولرُبَّ لَيلٍ تاهَ فِيه نجمهُ
…
فقَطعتهُ سهَراً فَطالَ وعسَعسا (4)
وَسألتهُ عَنْ صُبحهِ فأجابني
…
لوْ كانَ في قَيدِ الحَياةِ تَنفسَّا
وله أيضا: (من الكامل)
لما رأيت النجم ساهٍ طرفه
…
والقطب قد ألقى عليه سباتا (5)
وبنات نعشٍ في الحِداد سوافِراُ
…
أيقنت أن صباحه قد ماتا
وقال الأرجاني (6): (من الكامل)
(1) * من هنا تبدأ الصفحة [28 ب] في النسخة ب ..
(2)
ديوانه (م)
(3)
ديوانه 2/ 467
(4)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 343، وفي معاهد التنصيص، ص 479 (م).
(5)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 343
(6)
ديوانه (م)