الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن كلام البديع الهمداني في رسالة: وقد حكمت علماء الأمة، واتّفق قول الأئمة على أنّ سيوف الحق أربعة، وسائرها للناس: سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المشركين، وسيف أبي بكر في المرتدين، وسيف عليّ في الباغين، وسيف القصاص بين المسلمين.
قال الشارح: وقولهم في ضد ذلك: سيف الفرزدق يضربون به المثل للسيف الكليل في يد الجبان.
قال الناظم في أبيات له (1): (من الطويل)
وأبيضَ طاغي الحدِّ يُرعِدُ متنُه
…
مخافةَ عزمٍ منك أمضَى من النصلِ
عليمٌ بأسرارِ المَنونِ كأنَّما
…
على مضربيه أُنزلتْ آيةُ القَتْلِ
تفيضُ نفوسُ الصِيدِ دونَ غِرارهِ
…
وتطفَحُ عن متنيهِ في مَدْرجِ النملِ
وما أحسن قول القائل:
ما كنتُ أُوثِرُ أنْ يمتدَّ بي زمني
…
حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ
اللغة: آثرت فلانا على نفسي: اخترته، سأل بعض السوَّال شخصا، وألحّ، فقال السائل لمَّا لم تعط، أين الذين كانوا يؤثرون على أنفسهم، فقال له المسئول: ذهبوا مع الذين لا يسألون الناس إلحافا، يمتد: يتصل، الزمان: اسم لقليل / الوقت وكثيره، والوغد:[61 ب] الدنيء، والسفلة: سقط الناس.
الإعراب: ما: حرف نفي، كنت: كان واسمها، أوثر: في موضع النصب على أنه خبرها، أن يمتد:[أن حرف نصب ينصب الفعل المضارع، ويمتد فعل مضارع منصوب بأن، وأنْ هنا مصدرية فهي وما دخلت عليه في تأويل مصدر، وتقديره ما كنت أوثر امتداد زمني](2)، وحتى ها هنا لانتهاء الغاية، ومعنى الكلام إلى أن، أرى: فعل مضارع منصوب على إضمار أنْ، دولة الأوغاد: منصوب على أنه مفعول به، والسّفل: مجرور بالعطف.
المعنى: ما كنت أظن الزمان يمتد بي في عمري حتى تنقضي دولة الكرام، وأرى فيما بعد دولة الأوغاد والسّفل، وهو يشبه قول أبي الطيب (3):(البسيط)
ما كُنتُ أَحسَبُني أَحيا إِلى زَمَنٍ
…
يُسيءُ بي فيهِ كَلبٌ وَهوَ مَحمودُ
هذا قوله في بعض أهاجي كافور، ومن غرر مدائحه فيه قوله بعد ذكر الخيل (4):(من الطويل)
(1) الغيث المسجم 2/ 197
(2)
كتب بدل الذي بين الحاصرتين (أن واسمها) وهو خطأ، وما أثبتناه، وهو الصحيح من الغيث المسجم 2/ 202
(3)
ديوانه 2/ 272
(4)
ديوانه 2/ 204
قَواصِدَ كافورٍ تَوارِكَ غَيرِهِ
…
وَمَن قَصَدَ البَحرَ اِستَقَلُّ السَواقِيا
فَجاءَت بِنا إِنسانَ عَينِ زَمانِهِ
…
وَخَلَّت بَياضاً خَلفَها وَمَآقِيا
وما مدح أسود بأبلغ من هذا، ولا أحسن، ومما يدخل في بيت الطغرائي قول [أبي إسحاق إبراهيم الغزي] (1):(من البسيط)
لئن حلبْنا صُروفَ الدَّهرِ أشطرَها
…
فكلُّنا بصروفِ الدَّهرِ جُهَّالُ
فلا تَغُرَّنَّكَ الدُّنيا بمن رَفَعَتْ
…
فلا حَقِيْقَةَ فيما يرفعُ الآلُ
الحمدُ للهِ أفْضيْنا إلى دُوَلٍ
…
تعلو وليسَ لنا فيهنَّ آمال
وقال آخر (2): (من المديد)
قَدْ دُفعْنا إلى زمانٍ لئيمٍ
…
لمْ نَنَلْ منهُ غيرَ غلِّ الصدورِ
وقال آخر (3): (من مجزوء الكامل)
قالوا فلانٌ قَد وَزِرْ
…
فقلتُ كلاّ لا وَزَرْ
الدهر كالدولاب لـ
…
يس يدور إلاّ بالبقرْ
وقال آخر (4): (من البسيط)
لو أنّ أشياخَنا كانتْ لهم هِمَمٌ تبغي رِياسَتَنا لمْ تَرْأَسِ البقرُ
لكنَّهم وقَضاءُ اللهِ محتَمَلٌ ليسوا من النَّاسِ إلاّ أنَّهم بشرُ
وقال آخر (5): (من الكامل)
هَوَّنْ عليكَ فقد مضى مَنْ يَعْقِلُ وَالْبِسْ مِنَ الأَخْلاقِ ما هو أَفْضَلُ
فلقلَّما تأتي إليكَ مَسَرَّةٌ إلَاّ تَتابَعَ بعدَها ما يُثْكِلُ
وَإذا خَبِرْت َ النَّاسَ لمْ تَلْقَ امرأً
…
ذا حالَةٍ تُرْضِيْكَ لا تَتَحَوَّلُ
لكنَّهم نُكِبَتْ بهم أحوالُهمْ
…
كلٌّ يَعِيْبُ / ولا يَرى ما يفْعَلُ
…
[62 أ]
فمُساتِرٌ ضَعُفَتْ قُوَى آرائه
…
ومُجاهِرٌ يَرْمِي ولا يتأمَّل
وَمُقَلِّدٌ مُتَعَقِّلٌ مُتَأَدِّبٌ
…
فإذا اخْتَبَرْتَ فَباقِل هو أَعْقَلُ
وما أحلى قول شرف الدين المناوي (6): (من الطويل)
ولا خيرَ في عَيْشِ الفتَى بيْنَ مَعْشَرٍ تَعالَوْا على إخوانِهِمْ فتَسَافَلُوا
(1) كتب بدل الذي بين الحاصرتين (المعري) وهو خطأ، وما أثبتناه، وهو الصحيح من الغيث المسجم 2/ 204، وفيه وردت الأبيات الثلاث.
(2)
البيت في الغيث المسجم 2/ [204 ب] لا عزو.
(3)
البيت في الغيث المسجم 2/ [205 ب] لا عزو.
(4)
البيتان في الغيث المسجم 2/ [205 ب] لا عزو.
(5)
الأبيات في الغيث المسجم 2/ [205 ب] لا عزو.
(6)
البيت في الغيث المسجم 2/ 206، وقد نسب إلى شرف الدين المنادي، وليس صحيحا، انظر: الدرر الكامنة، ص 20/ (م)، النجوم الزاهرة، ص 4131/ (م)، نظم العقيان، ص 43 / (م)، نفحة الريحانة، ص 3739/ (م).