الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحلية: الواو عاطفة، وقد تقع لغير ذلك، حلية: مبتدأ، لدى: ظرف مكان، فموضعها النصب، والعامل فيها زانت.
المعنى: يقول: إن الرأي الأصيل يصونه عن الاضطراب في القول والعمل، وحلية عمله تزينه عند العطل، أي عند التعري عن أعراض الدنيا وزخرفها.
قال عليه السلام: الإنسان بأصغريه القلب واللسان، وقال عليه السلام: المرء مخبوء تحت لسانه، وقال علي كرم الله وجهه: قيمة كل امرئ ما يُحسنه، وقال الشاعر (1):(من البسيط)
واجهدْ لنفسِكَ واستكمِلْ فضائلَها
…
فأنتَ بالنَّفسِ لا بالجِسمِ إنسانُ
/ ولبعضهم في المعنى (2): (من الكامل)
…
[7 أ]
كمل حقيقتك التي لم تكمل
…
والجسم دعه في الحضيض الاسفل
اتكمل الفاني وتترك باقيا
…
هملا وأنت بأمره لم تحفل
الجسم للنفس النفيسة آلة
…
ما لم تحصلها به لم يحصل
يفنى ويبقى دائما في غبطةٍ
…
أبديةٍ أو شقوةٍ لا تنجلي
شرك كثيف أنت في حبلاتهِ
…
بادرْ إلى وجهِ الخلاصِ وعجِّلِ
من يستطيع بلوغ أعلى منزل
…
ما باله يرضى بأدنى منزل
والمشهور بالدهاء والرأي خمسة من العرب: معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، والمغيرة بن شعبة، ومن الأنصار قيس بن سعد بن عُبادة، ومن المهاجرين عبد الله بن يزيد الخزاعي.
ومن شعر مؤيد الدين الطغرائي الناظم رحمه الله (3): (من الكامل)
لا تحقِرنَّ الرأيَ وهو موافقٌ
…
حُكمَ الصوابِ إِذا أتَى من ناقصِ
فالدُّرُ وهو أجلُّ شَيءٍ يُقْتَنَى
…
ما حَطَّ قيمتَهُ هوانُ الغائصِ
قلت وأنشد ابن الجوزي لبعض الحكماء (4) في أوائل ذم الهوى: (من البسيط)
وأفضل الناس مَن لم يرتكب سَبَباً
…
حتى يميّز ما تجني عواقبه
مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ
…
والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ
اللغة: المجد لغةً: الكرم، وقد مجُد بالضم فهو مجيد، قال ابن السكِّيت: الشرف والمجد يكونان بالآباء، والحسب للرجل، وإن لم يكن له أب، وإليه أشار امرؤ القيس بقوله (5):
…
(من الطويل)
(1) لأبي الفتح البستي، ديوانه / الموسوعة الشعرية.
(2)
وردت في الغيث المسجم 1/ 74 دون عزو لقائل.
(3)
ديوانه 1/ 209.
(4)
لم أتمكن من معرفة قائله، ولا على مصدر له.
(5)
ديوانه، ص 129
فَلَو أَنَّ ما أَسعى لِأَدنى مَعيشَةٍ
…
كَفاني وَلَم أَطلُب قَليلٌ مِنَ المالِ
وَلَكِنَّما أَسعى لِمَجدٍ مُؤَثَّلٍ
…
وَقَد يُدرِكُ المَجدَ المُؤَثَّلَ أَمثالي
/ المؤثل: الموروث، وأراد: كفاني قليل من المال، ولم أطلب، ولو أعمل لم أطلب [7 ب] في قليل لاستحال المعنى، وليس هذا من التنازع؛ لفساد المعنى؛ خلافا لما توهمه أبو علي الفارسي، شرع: سواء، يحرك، ويسكن، ويستوي فيه المذكر والمؤنث والجمع، رأد الضحى: أي ارتفاع الشمس، والطفل: بعد العصر إذا طفلت الغروب.
الإعراب: مجدي: مبتدأ، وأخيراً منصوب على أنه ظرف زمان (1)، وكذا قوله أولاً، ومجدي الثانية معطوف على الأول، وشرع: خبر عنهما، كقوله: زيد وعمرو كريمان، والشمس هذه واو الابتداء، رأد الضحى: منصوب على أنه ظرف زمان، والضحى: مضاف إليه، ثم ذكر معاني الكاف وأنها (2) تأتي للتشبيه، واستحسن قول ابن قلاقس (3) في مدح الحافظ السلفي:(من البسيط)
كالبحرِ والكافُ إن أنصفتَ زائدةٌ
…
فيه فلا تحسَبْنَها كافَ تَشبيهِ
وقد أخذه من قول أبي الطيب (4): (من البسيط)
كَفاتِكٍ وَدُخولُ الكافِ مَنقَصَةٌ
…
كَالشَمسِ قُلتُ وَما لِلشَمسِ أَمثالُ
المعنى: يقول: إن مجده في الأول، ومجده في الآخر سواء، لا تفاضل فيه، كما أن الشمس استوى حالتاها في أول النهار وآخره، ومن الكَلِم النوابغ: التاجر مجده في كيسه، والعالم مجده في كراريسه، ومنه أيضا: مَن أخطأته المناقب، لم تنفعه المكاسب، ويحتمل أن المصنف أراد أنَّ (5) مجد أسلافه، ومجده واحد، أي ورثت المجد عن آبائي الكرام، وسدتُ كما سادوا، وقد أخذ المصنف هذا المعنى من أبي العلاء المعري (6)، حيث قال:(من البسيط)
وافَقْتَهُمْ في اختلافٍ من زَمانهمُ
…
والبَدرُ في الوهْنِ مثلُ البدرِ في السّحرِ
/ واعلم أنّ كل حيوان بينك وبينه مشاركة في الجنسية، ألا ترى أنّ بعض العلماء كان [8 أ] يُنكر قتل الكلاب، وينهى عنه، ويقول: كيف تفعل ذلك وهو شريكك في الحيوانية، وما أحسن قول القائل (7):(من الوافر)
وللزنبور والبازي جميعاً
…
لدى الطيران أجنحة وخفق
(1) في أ: أخيرا خبر منصوب على أنه ظرف زمان، وكلمة خبر خطأ. وما أثبتناه من ب.
(2)
وأنها زيادة من ب.
(3)
ديوانه / (م)
(4)
ديوانه 2/ 251
(5)
أنّ زيادة من ب
(6)
ديوان سقط الزند، ص 59
(7)
للحسين بن عبد الله بن رواحة، معجم الأدباء 10/ 56
ولكن بين ما يصطاد بازٍ
…
وما يصطاده الزنبور فرق
قال الشارح: وبيت أبي العلاء أبلغ مما قال المصنف؛ لأنه أعذب لفظا، وكلا المعنيين اللذين أشار إليهنا يشبه قول الحريري (1):(من البسيط)
وطالما أُصْليَ الياقوتُ جَمرَ غضىً
…
ثم انطَفى الجَمرُ والياقوتُ ياقوتُ
قال: وهو سيّد الأحجار التي لا تذوب، ولا تتأثر بالنار، والذَّكر أردأ أصناف (2) الياقوت، قال ابن سينا: ومن خواصّه التفريح، وتقوية القلب، ومقاومة السّموم، ومن خواصّه أنه يقطع سائر الحجارة إلاّ الألماس يقطعه؛ لصلابته وقلة مائيته، ولبعضهم فيمن اسمه ياقوت (3):(من البسيط)
ياقوت ياقوت قلبي المستهام به
…
من المروءة أن لا يمنع القوت
سكنت قلبي وما تخشى تلهبه
…
وكيف يخشى لهيب النار ياقوت
قلت: وكذا الحجر الأسود، لا يتأثر أيضا بالنار، وله خاصيّة أخرى وهو أنه لا يغرق في الماء، وهاتان الخصلتان توجدان فيه عند الامتحان، وقد امتُحن فوُجد كذلك حين أخذته القرامطة في خبر مشهور، لا طائل بذكره، فإن قيل: أليس كون الشمس في بكرة النهار مثل كونها في آخره؛ لأن حالة الإقبال حالة (4) ابتداء وتمكُّن، وحالة الانتهاء حالة إدبار، ولهذا / قال المنجمون: إنّ السعي في الحوائج في أول النهار خير منه في آخره.
…
[8 ب]
قال الشاعر (5): (من الخفيف)
بَكِّرا صاحِبَيَّ قَبلَ الهَجيرِ
…
إِن ذاكَ النَجاحَ في التَبكيرِ
قلت: وعلى الشارح اعتراض، وعليه الشاعر، أمّا الشارح فكان ينبغي له أن يستدل بقوله عليه السلام: اللهم بارك لأمتي في بكورها، وبما قاله أصحابنا من استحباب التبكير في الحوائج والمهمات، وعلى الشاعر إذ لو قال: إنّ أصل النجاح، لكان أولى، لما لا يخفى على متأمل، وأجاب الشارح عن السؤال المتقدم أن المصنف إنما أراد ذات الشمس من حيث هي من غير نظر إلى ما يطرأ عليها من حركة فلكها؛ لأن هذه الأحوال إنما هي بالنسبة إلينا لا إلى الفلك؛ لأن الشمس في جرمها واحدة لا تتغير أبدا، وهي هي أبدا ما زالت، ولا طرأ عليها شيء، نعم كان هذا يُراد لو كان لكل يوم شمس تخصه، كما ذهب إليه بعضهم، وليس
(1) مقامات الحريري ـ المقامة الحجرية، ص 417، والبيت لمحمد بن حمير الهمداني، ديوانه / (م).
(2)
أصناف زيادة من ب.
(3)
البيتان في الغيث المسجم 1/ 95 دون عزو
(4)
حالة زيادة من ب.
(5)
لبشار بن برد، ديوانه / (م).
بشيء، قال: وقد بالغ المصنف حيث ضرب لمجدة مثلا بالشمس، وإنه مثل لا يخفى على ذي عقل، ولا يسعه إنكاره، كما قيل (1):(من الوافر)
وَلَيسَ يَصِحُّ في الأَذهانِ شَيءٌ
…
إِذا اِحتاجَ النَهارُ إِلى دَليلِ
انظر إلى قول أبي تمام (2) في هذا المعنى: (من الطويل)
أَنا اِبنُ الَّذينَ اِستُرضِعَ المجدُ فيهِمُ
…
وَسُمِّيَ فيهِم وَهوَ كَهلٌ وَيافِعُ (3)
مَضَوا وَكَأَنَّ المَكرُماتِ لَدَيهِمُ
…
لِكَثرَةِ ما أَوصَوا بِهِنَّ شَرائِعُ
فَأَيُّ يَدٍ في المَجدِ مُدَّت فَلَم تَكُن
…
لَها راحَةٌ مِن مجدِهِم وَأَصابِعُ (4)
/ هُمُ اِستَودَعوا المَعروفَ مَحفوظَ مالِنا
…
فَضاعَ وَما ضاعَت لَدَينا الوَدائِعُ [9 أ]
واعلم أنّ عند الأكثرين أنّ أبا تمام كان أبوه نصرانيا، يقال له نقدوس (5) العطار من جاسم، قرية من قرى حوران بالشام فغير اسم أبيه واندسّ في بني طيء، قال، ومن مشهور الحكايات، قال بعضهم: كنت ليلة جالسا عند بعض ولاة الطرق، وقد جاء غلمانه برجلين فقال لأحدهما مَن أبوك، فقال (6):(من الطويل)
أنا ابن الذي لا يُنزل الدّهرُ قِدره
…
وإن نزلتْ يوماً فسوف تعود
ترى الناس أفواجاً على بابِ دارِه
…
فمنهم قيامٌ حولها وقعود
فقال الوالي ما كان أبو هذا إلاّ كريما، ثم قال للآخر: من أبوك، فقال (7):(من المنسرح)
أنا أبن من ذلَّت الرقابُ له
…
ما بين مخزُومها وهاشِمها
خاضعة أذْعَنَتْ لطاعَتِهِ
…
يأخذ من مالِها ومن دمها
فقال الوالي ما كان أبو هذا إلاّ شجاعاً، وأطلقهما، فلما انصرفا، قلت للوالي: أمّا الأول فكان أبوه يبيع الباقلاّء المصلوق، وأما الثاني فكان أبوه حجاما، فقال الوالي (8):
…
(من المنسرح)
كن ابن من شئت واكتسب أدباً
…
يُغنيك مضمونُه عن النَّسبِ
(1) البيت للمتنبي، ديوانه 2/ 95
(2)
ديوانه، ص 487.
(3)
في الديوان: استرضع الجود.
(4)
في الديوان: فأي يد في المحل، وليس المجد.
(5)
في الغيث المسجم 1/ 100 سدوس.، وفي الوافي بالوفيات ً 8951 / (م) تذوس، وفي وفيات الأعيان 2/ 11تدوس.
(6)
ورد البيتان في جمع الجواهر في الملح والنوادر، ص 529/ (م)، وفي الغيث المسجم 1/ 101، وفي زهر الأكم في الأمثال والحكم، ص 1478/ (م) من غير عزو.
(7)
ورد البيتان في: زهر الأكم في الأمثال والحكم، ص 1479/ (م)، وفي غرر الخصائص الواضحة، ص 545/ (م)، وفي الغيث المسجم 1/ [101 ب] لا عزو.
(8)
نسب العسكري البيت الأول في جمهرة الأمثال، ص 1423/ (م) لأبي العتاهية، ونسب البيت الأول في معجم الأدباء 19/ 173 لميمونة أبو ربيعة الأصبهاني، والبيتان في غرر الخصائص الواضحة، ص 386/ (م)، وفي الغيث المسجم 1/ [102 ب] لا عزو.