المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني…باللمح من خلل الأستار والكلل - شرح لامية العجم للدميري

[الدميري]

فهرس الكتاب

- ‌ترجمة الدميري

- ‌[متن] لامية العجم

- ‌[المقدمة]

- ‌[ترجمة الطغرائي]

- ‌فصل فيما يتعلق بترجمة الطغرائي

- ‌فصل في ذكر شيء من شعر الطغرائي

- ‌[شرح القصيدة بيتا بيتا]

- ‌أصالةُ الرأي صانتْنِي عن الخَطَلِ…وحِليةُ الفضلِ زانتني لدَى العَطَلِ

- ‌مجدي أخيراً ومجدِي أوّلاً شَرَعٌ…والشمسُ رأْدَ الضُحَى كالشمسِ في الطَفَلِ

- ‌فيمَ الإقامُة بالزوراءِ لا سَكَني…بها ولا ناقتي فيها ولا جَملي

- ‌نَاءٍ عن الأهلِ صِفْرُ الكفِّ منفردٌ…كالسيفِ عُرِّيَ متناهُ من الخَللِ

- ‌فلا صديقَ إليه مشتكَى حزَنِي…ولا أنيسَ إليه منتَهى جذلي

- ‌طالَ اغترابيَ حتى حنَّ راحلتي…ورحُلها وقرَى العَسَّالةِ الذُّبلِ

- ‌وضَجَّ من لَغَبٍ نضوي وعجَّ لما…يلقَى رِكابي ولجَّ الركبُ في عَذَلي

- ‌أُريدُ بسطةَ كَفٍ أستعينُ بها…على قضاءِ حُقوقٍ للعُلَى قِبَلي

- ‌والدهرُ يعكِسُ آمالِي ويُقْنعُني…من الغنيمةِ بعد الكَدِّ بالقَفَلِ [

- ‌وذِي شِطاطٍ كصدرِ الرُّمْحِ معتقلٍ…بمثلهِ غيرَ هيَّابٍ ولا وَكِلِ

- ‌حُلْوِ الفُكاهِةِ مُرُّ الجِدِّ قد مُزِجتْ…بقسوةِ البأسِ فيه رِقَّةُ الغَزَلِ

- ‌طردتُ سرحَ الكرى عن وِرْدِ مُقْلتِه…والليلُ أغرَى سوامَ النومِ بالمُقَلِ

- ‌والركبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَرِبٍ…صاحٍ وآخرَ من خمر الهوى ثَمِلِ

- ‌فقلتُ أدعوكَ للجُلَّى لتنصُرَنِي…وأنت تخذِلُني في الحادثِ الجَلَلِ

- ‌تنامُ عنِّي وعينُ النجمِ ساهرةٌ…وتستحيلُ وصِبغُ الليلِ لم يَحُلِ

- ‌فهل تُعِيُن على غَيٍّ هممتُ بهِ…والغيُّ يزجُرُ أحياناً عن الفَشَلِ

- ‌إني أُريدُ طروقَ الحَيِّ من إضَمٍ…وقد حَماهُ رُماةٌ الحيِّ من ثُعَلِ

- ‌يحمونَ بالبِيض والسُّمْرِ اللدانِ به…سودَ الغدائرِ حُمْرَ الحَلْي والحُلَلِ

- ‌فسِرْ بنا في ذِمامِ الليلِ مُعْتَسِفَاً…فنفحةُ الطِيب تَهدِينَا إِلى الحِلَلِ

- ‌فالحِبُّ حيثُ العِدَى والأُسدُ رابضَةٌ…حَولَ الكِناسِ لها غابٌ مِنَ الأَسَلِ

- ‌نَؤمُّ ناشِئةً بالجزع قد سُقيَتْ…نِصالُها بمياه الغَنْجِ والكَحَلِ

- ‌قد زادَ طيبَ أحاديثِ الكرامِ بها…ما بالكرائمِ من جُبنٍ ومن بُخُلِ

- ‌تبيتُ نارُ الهَوى منهنَّ في كَبِدٍ…حرَّى ونار القِرى منهم على القُلَلِ

- ‌يقتُلنَ أنضاءَ حبٍّ لا حَراكَ بها…وينحرونَ كرامَ الخيلِ والإِبِلِ

- ‌يُشفَى لديغُ العوالِي في بُيوتهِمُ…بنهلةٍ من غَدِيْرِ الخَمْرِ والعَسَلِ

- ‌لعلَّ إِلمامةً بالجِزعِ ثانيةً…يدِبُّ منها نسيمُ البُرْءِ في عللي

- ‌لا أكرهُ الطعنةَ النجلاءَ قد شُفِعَتْ…برشقةٍ من نِبالِ الأعيُنِ النُّجُلِ

- ‌ولا أهابُ الصِّفاح البِيض تُسعِدُني…باللمحِ من خلل الأستار والكِلَلِ

- ‌ولا أخِلُّ بغِزلان أغازِلُها…ولو دهتني أسودُ الغِيل بالغيَلِ

- ‌حبُّ السلامةِ يَثْني همَّ صاحِبه…عن المعالي ويُغرِي المرءَ بالكَسلِ

- ‌فإن جنحتَ إليه فاتَّخِذْ نَفَقاً…في الأرضِ أو سلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ

- ‌ودَعْ غمارَ العُلى للمقديمن على…ركوبِها واقتنِعْ منهن بالبَلَلِ

- ‌رضَى الذليلِ بخفضِ العيشِ مَسْكَنَةٌ…والعِزُّ عندَ رسيمِ الأينُقِ الذُلُلِ

- ‌فادرأْ بها في نحورِ البِيد جافلةً…معارضاتٍ مثانى اللُّجمِ بالجُدَلِ

- ‌إنَّ العُلَى حدَّثتِني وهي صادقةٌ…في ما تُحدِّثُ أنَّ العزَّ في النُقَلِ

- ‌لو أنَّ في شرفِ المأوى بلوغَ مُنَىً…لم تبرحِ الشمسُ يوماً دارةَ الحَمَلِ

- ‌أهبتُ بالحظِ لو ناديتُ مستمِعاً…والحظُّ عنِّيَ بالجُهَّالِ في شُغُلِ

- ‌لعلَّهُ إنْ بَدا فضلي ونقصُهُمُ…لعينهِ نامَ عنهمْ أو تنبَّهَ لي

- ‌أعلِّلُ النفس بالآمالِ أرقُبُها…ما أضيقَ العيشَ لولا فسحةُ الأمَلِ

- ‌لم أرتضِ العيشَ والأيامُ مقبلةٌ…فكيف أرضَى وقد ولَّتْ على عَجَلِ

- ‌غالى بنفسيَ عِرفاني بقيمتِها…فصُنْتُها عن رخيصِ القَدْرِ مبتَذَلِ

- ‌وعادةُ النصلِ أن يُزْهَى بجوهرِه…وليس يعملُ إلَاّ في يدَيْ بَطَلِ

- ‌ما كنتُ أُوثِرُ أنْ يمتدَّ بي زمني…حتى أرى دولةَ الأوغادِ والسّفَلِ

- ‌تقدَّمتني أناسٌ كان شَوطُهُمُ…وراءَ خطويَ إذ أمشي على مَهَلِ

- ‌هذا جَزاءُ امرئٍ أقرانُه درَجُوا…من قَبْلهِ فتمنَّى فُسحةَ الأجلِ

- ‌وإنْ عَلانِيَ مَنْ دُونِي فلا عَجَبٌ…لي أُسوةٌ بانحطاطِ الشمس عن زُحَلِ

- ‌فاصبرْ لها غيرَ محتالٍ ولا ضَجِرٍ…في حادثِ الدهرِ ما يُغني عن الحِيَلِ

- ‌أعدى عدوِّكَ أدنى من وَثِقْتَ به…فحاذرِ الناسَ واصحبهمْ على دَخَلِ

- ‌وإنّما رجلُ الدُّنيا وواحِدُها…من لا يعوِّلُ في الدُّنيا على رَجُلِ

- ‌وحُسْنُ ظَنِّكَ بالأيام مَعْجَزَةٌ…فظُنَّ شَرّاً وكنْ منها على وَجَلِ

- ‌غاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجتْ…مسافةُ الخُلْفِ بين القولِ والعَمَلِ

- ‌وشانَ صدقَك عند الناس كِذبُهمُ…وهل يُطابَقُ معوَجٌّ بمعتَدِلِ

- ‌إن كان ينجعُ شيءٌ في ثباتِهم…على العُهودِ فسبَقُ السيفِ للعَذَلِ

- ‌يا وارداً سؤْرَ عيشٍ كلُّه كَدَرٌ…أنفقتَ عُمرَكَ في أيامِكَ الأُوَلِ

- ‌فيمَ اقتحامكَ لُجَّ البحرِ تركَبُهُ…وأنتَ تكفيك منه مصّةُ الوَشَلِ

- ‌مُلْكُ القناعةِ لا يُخْشَى عليه ولا…يُحتاجُ فيه إِلى الأنصار والخَوَلِ

- ‌ترجو البَقاءَ بدارِ لا ثَباتَ لها…فهل سَمِعْتَ بظلٍّ غيرِ منتقلِ

- ‌ويا خبيراً على الأسرار مُطّلِعاً…اصْمُتْ ففي الصَّمْتِ مَنْجاةٌ من الزَّلَلِ

- ‌قد رشَّحوك لأمرٍ إنْ فطِنتَ لهُ…فاربأْ بنفسكَ أن ترعى مع الهَمَلِ

- ‌[الخاتمة]

- ‌المصادر والمراجع

الفصل: ‌ولا أهاب الصفاح البيض تسعدني…باللمح من خلل الأستار والكلل

تَهونُ عَلَينا في المَعالي نُفوسُنا

وَمَن طَلَبَ الحَسناءَ لَم يُغلِها المَهرُ

وما زال المحبون يقتحمون الأخطار، ويركبون الأهوال حتى ينال أحدهم لمحة، أو إشارة سلام، ويبذلون الجليل من نفوسهم في بلوغ القليل من المحبوب، قال تعالى:[فلما رأينه أكبرنه وقطعن أيديهن] إلى آخر الآية، انظر إلى ما اتّفق للنسوة لمَّا رأين يوسف، ولم، وام يتقدّم لهن قبل ذلك شغل قلب به، ولا فكرة، ولا وسواس، بل رأينه بغتة، قطّن أيديهن، فكيف مَنْ هو مستعد لرؤية محبوبه، وقد أعمل المطي إليه، وقطع القفار ليلا ونهارا، كما قال الشاعر (1):(من البسيط)

وَما صَبابَةُ مُشتاقٍ عَلى أَمَلٍ

مِنَ اللِقاءِ كَمُشتاقٍ بِلا أَمَل

[وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الملك العزازي](2):

(من البسيط)

فالجرح منهنّ لذاتٌ بلا ألمٍ

والطعن عند مُحبيهنّ كالقبل

ولله در القائل (3): (من البسيط)

إنْ لم أَمُتْ في هَوَى الأَجفان والمُقَلِ

فَواحَيائي من العُشّاقِ واخَجلي

ما أَطيبَ المَوْتَ في عِشْق المِلاحِ كذا

لاسِيَّما بِسيوفِ الأَعْيُنِ النُّجُلِ

يَا صاحِبيَّ إذا ما/ مُتُّ بَينَكُما

دُون الشَّهِيينِ وَرْدِ الخَدِّ والقُبَلِ [49 ب]

رَاشَ الفتورُ لَهُ سَهْماً فَأَخطأَهُ

حتَّى أُتِيحَ لهُ سَهْمٌ من الكُحُلِ

فاستَغفِرا لي وَقولا عاشِقٌ غَزِلٌ

قَضَى صَرِيعَ القُدُودِ الهِيفِ والمُقَلِ

رَاشَ الفتورُ لَهُ سَهْماً فَأَخطأَهُ

حتَّى أُتِيحَ لهُ سَهْمٌ من الكُحُلِ

ولِلعُيونِ اللَّواتي هُنَّ من أَسَدٍ

إلى القُلوبِ سِهامٌ هُنَّ من ثُعَلِ

‌ولا أهابُ الصِّفاح البِيض تُسعِدُني

باللمحِ من خلل الأستار والكِلَلِ

(1) للمتنبي، ديوانه 2/ 87

(2)

ما بين الحاصرتين زيادة من الغيث المسجم 2/ 18، وقد خلط المختصر فأتبع هذا البيت مع بيت المتنبي السابق، وجاءت كتابة هذا البيت على النحو التالي: هيهات ألم الجراح هنا ملاذ

والطعن عند محبهم كالقبل

وأظن ظنا مسامتا لليقين أنّ هذا من عمل الناسخ. وهذا البيت هو سابع سبعة أبيات ذكرها الصفدي في الغيث المسجم 2/ 17 ـ 18 وقبله الأبيات الستة المذكورة بعد هذا البيت.

(3)

للشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الملك العزازي، وفي الغيث المسجم 2/ 17 ـ 18 الفزاري، وما أثبتناه من ديوانه في (م).

شهاب الدين العزازي: 627 - 710 هـ / 1230 - 1310 م

أحمد بن عبد الملك بن عبد المنعم بن عبد العزيز شهاب الدين العزازي. شاعر مصري، كان بزازاً في القاهرة بقيسارية جركس.

له موشحات وألغاز و (ديوان شعر-خ) غير كامل، في دار الكتب ([479 أ] دب) جمع منه الصلاح الصفدي (منتخبات -خ) في 76 ورقة وفي جامعة الرياض (165) مختارات لعلها هي.

ص: 85

اللغة: أهاب: أخاف، الصفاح: جمع صفيحة، وهي السيوف العِراض، والإسعاد: الإعانة، اللمح: النظر الخفيف، والخلل: الفرجة بين الشيئين، والأستار: جمع ستر، الكلل: جمع كلة، وهي الستر الرقيق.

الإعراب: الواو: عاطفة، ولا: نا فية، وأهاب: فعل مضارع، والصفاح: مفعول به، والبيض: منصوب على الصفة للصفاح، تسعدني: فعل مضارع من أسعد، وهو مرفوع، باللمح: الباء هنا للاستعانة، من: هنا لابتداء الغاية، والكلل: الواو: عاطفة، وموضع يسعد في هذه الجملة وما بعدها في موضع الحال؛ لأنه قال: ولا أهاب الصفاح البيض في حالة إسعادها إياي باللمح.

المعنى: هذا كالبيت الذي تقدم، ومعناه إني لا أخاف السيوف البيض إذا كانت تساعدني بالتماحها من خلل الأستار، قال الأرجاني (1):(من المتقارب)

وفي الحيِّ كُلُّ كليلِ اللِّحاظِ

يُطالِعُنا من خَصاصِ الكِلَل

يُذيبُ الفؤادَ بتَعْذيبهِ

وأيْسَرُ أمْرِ الهَوى ما قَتل

هذا قول أبي الطيب: أحلا وَأَيسَرُ ما لاقيتُ ما قَتَلا (2) ..........

وفي بيت الطغرائي من البديع الاستخدام، وهو أن يكون للكلمة معنيان، فيؤتى بعدها بكلمتين، أو يكتنفانها، فيستخدم في كل واحدة منهما معنى مد ذينك المعنيين، ومثَّل /أرباب [50 أ] البديع في هذا بقول أبي الطيب (3):(من الطويل)

بِرَغمِ شَبيبٍ فارَقَ السَيفُ كَفَّهُ

وَكانا عَلى العِلّاتِ يَصطَحِبانِ

كَأَنَّ رِقابَ الناسِ قالَت لِسَيفِهِ

عدوُّكَ قَيسِيٌّ وَأَنتَ يَمانِ

فيماني له معنيان، أحدهما السيف، والآخر ضد قيس، ولم تزل العداوة بين قيس وأهل اليمن، وهكذا قول الطغرائي؛ لأنه ذكر الصفاح، وهي هنا مشتركة بين السيوف، وبين العيون مجازا، وقد غلب العرف عليها بين الشعراء، فصار حقيقة عرفية، فأمكن اعتبار الاشتراك، فقال: لا أهاب الصفاح البيض، فهو إلى هنا الحقيقة اللغوية، والسامع يظنه في ذكرها، ثم ترك ذاك المفهوم الأول، وأخذ في المفهوم الثاني فقال تسعدني باللمح من خلال الأستار والكلل، فاستعمل الصفاح في العيون، وهي الحقيقة العرفية، وهذا في غاية الغزل؛ لأنه يقول: أنا لا أهاب السيوف ووقوعها إذا كانت تسعدني على جراحي باللمح من فروج الأستار، أي ما السيوف غيرها. وما أحسن قول ابن التعاويذي (4):(من البسيط)

(1) ديوانه (م)

(2)

صدر بيت من البسيط، وعجزه: وَالبَينُ جارَ عَلى ضَعفي وَما عَدَلا، ديوانه 1/ 59، وفي الديوان: أحيا وأيسر، وليس أحلا

(3)

ديوانه 2/ 238.

(4)

ديوانه، ص 413، وفيه: مشاركة، وليس مشاكلة.

ص: 86