الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا كَانَ أَسَرَّهُ. هَلْ لِمَنْ كَانَ أَسَرَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يُبْدِيَهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ؟ قَدْ رُوِّينَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا حَدِيثُ مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها فِي اجْتِمَاعِ نِسَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَجِيءِ فَاطِمَةَ
ابْنَتِهِ عليها السلام إِلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ ، وَسِرَارِهِ إِيَّاهَا بِمَا سَارَّهَا بِهِ حَتَّى بَكَتْ ، وَسِرَارِهِ إِيَّاهَا بَعْدَ ذَلِكَ بِمَا سَارَّهَا بِهِ حَتَّى ضَحِكَتْ ، وَسُؤَالِ عَائِشَةَ إِيَّاهَا عَنْ ذَلِكَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِبَائِهَا عَلَيْهَا أَنْ تُخْبِرَهَا بِذَلِكَ ، وَقَوْلِهَا لَهَا عِنْدَ ذَلِكَ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا تُوُفِّيَ قَالَتْ لَهَا عَائِشَةُ: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنْ حَقٍّ لَمَا أَخْبَرْتِنِي. تَعْنِي: مَا كَانَ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّهُ إِلَيْهَا ، وَقَوْلِهَا لَهَا: أَمَّا الْآنَ فَنَعَمْ ، إِنَّهُ لَمَّا سَارَّنِي فِي الْمَرَّةِ الْأُولَى قَالَ:" إِنَّ جِبْرِيلَ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُعَارِضُنِي بِالْقُرْآنِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً ، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْآنَ مَرَّتَيْنِ ، وَإِنِّي لَا أَظُنُّ أَجَلِي إِلَّا قَدْ حَضَرَ فَاتَّقِي اللهَ فَنِعْمَ السَّلَفُ لَكِ أَنَا ". فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ ، ثُمَّ سَارَّنِي الثَّانِيَةَ فَقَالَ: " أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ
هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ ". فَضَحِكْتُ. قَالَ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كِتْمَانُهَا سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهَا بِمَا كَانَ أَسَرَّ بِهِ إِلَيْهَا فِي حَيَاتِهِ صلى الله عليه وسلم ، وَإِخْبَارُهَا بِهِ بَعْدَ وَفَاتِهِ. فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ جَازَ لَكُمْ أَنْ تَرْوُوا هَذَا عَنْهَا عليها السلام وَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ غَيْرِهَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ؟
3381 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ ثَابِتٍ ، حَدَّثَنَا أَنَسٍ قَالَ: " خَدَمْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا حَتَّى إِذَا رَأَيْتُنِي قَدْ فَرَغْتُ مِنْ خِدْمَتِهِ ، قُلْتُ: يَقِيلُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ فَإِذَا غِلْمَةٌ يَلْعَبُونَ ، فَقُمْتُ أَنْظُرُ إِلَى لَعِبِهِمْ ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْغِلْمَةِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ ثُمَّ دَعَانِي فَبَعَثَنِي إِلَى حَاجَتِهِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَأَنَّهُ - يَعْنِي - يَنْتَظِرُنِي حَتَّى آتِيَهُ ، فَأَبْطَأْتُ عَلَى أُمِّيَ الْحِينَ الَّذِي كُنْتُ آتِيهَا ، فَقَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَنِي إِلَى حَاجَةٍ. قَالَتْ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنَّهُ سِرُّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَتْ أُمِّي: احْفَظْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ. فَمَا حَدَّثْتُ بِتِلْكَ الْحَاجَةِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ ، لَوْ كُنْتُ مُحَدِّثًا بِهَا أَحَدًا كُنْتُ مُحَدِّثُكَ بِهَا
3382 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَا حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بَكْرٍ السَّهْمِيُّ ، قَالَ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: " كُنْتُ فِي غِلْمَانٍ فَأَتَى عَلَيْنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْنَا ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي فَبَعَثَنِي فِي حَاجَةٍ لَهُ وَقَعَدَ فِي الْجِدَارِ أَوْ فِي ظِلِّ الْجِدَارِ حَتَّى رَجَعْتُ إِلَيْهِ ، فَلَمَّا أَتَيْتُ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: مَا حَبَسَكَ؟ قُلْتُ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرِسَالَةٍ ، قَالَتْ: مَا هِيَ؟ قُلْتُ: إِنَّهَا سِرٌّ ، قَالَتْ: فَاحْفَظْ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. فَمَا أَخْبَرْتُ بِهَا أَحَدًا بَعْدُ
3383 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى ، قَالَ حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
⦗ص: 10⦘
عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سَعْدٍ مَوْلَى الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ ، قَالَ:" أَرْدَفَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ خَلْفَهُ ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيَّ حَدِيثًا لَا أُحَدِّثُ بِهِ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ "
3384 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ حَدَّثَنَا نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ " أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ مِنْ زَوْجِهَا ، وَكَانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا وَتُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ. قَالَ عُمَرُ: " فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضي الله عنه فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقَالَ: سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ ، فَلَبِثَ لَيَالِيَ ثُمَّ لَقِيَنِي فَقَالَ: قَدْ بَدَا لِي أَنْ لَا
⦗ص: 11⦘
أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا ، فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ رضي الله عنه فَعَرَضْتهَا عَلَيْهِ فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيَّ شَيْئًا فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّي عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ فَخَطَبَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَيَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَيَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ شَيْئًا؟ قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ: إِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَّا أَنِّي عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ ذَكَرَهَا ، فَلَمْ أَكُنْ لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَوْ تَرَكَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَبِلْتُهَا "
3385 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ ابْنَةُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَدْ شَهِدَ بَدْرًا قَالَ عُمَرُ:" لَقِيتُ عُثْمَانَ "
⦗ص: 12⦘
ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: وَإِذَا كَانَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ كَتَمَا سِرَّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَأَخْبَرَا أَنَّهُمَا لَا يُحَدِّثَانِ بِهِ أَحَدًا أَبَدًا فَمِنْ أَيْنَ جَازَ لِغَيْرِهِمَا مِمَّنْ ذَكَرْتُمُوهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ إِفْشَاءُ سِرِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَقَدْ رُوِّيتُمْ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يُوجِبُ ذَلِكَ.
3386 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَطَاءٍ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ حَدِيثًا فَالْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ "
⦗ص: 13⦘
3387 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ.
3388 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، قَالَ أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَطَاءٍ ابْنِ ابْنَةِ أَبِي لَبِيبَةَ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ جَابِرِ بْنِ عَتِيكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا
⦗ص: 14⦘
حَدَّثَ الْإِنْسَانُ حَدِيثًا فَرَأَى الْمُحَدَّثُ الْمُحَدِّثَ يَلْتَفِتُ حَوْلَهُ فَهِيَ أَمَانَةٌ " قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ أَخْبَرَ بِالْمَنْعِ مِنْ إِفْشَاءِ السِّرِّ فِي حَيَاةِ صَاحِبِهِ وَبَعْدَ وَفَاتِهِ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ فَاطِمَةَ مِمَّا أَسَرَّتْهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَيَاتِهِ وَحَدَّثَتْ بِهِ بَعْدَ
⦗ص: 15⦘
وَفَاتِهِ كَانَ ذَلِكَ مِنْهَا لَمَّا ظَهَرَ مَا كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَسَرَّهُ إِلَيْهَا فَجَازَ لَهَا بِذَلِكَ لَمَّا خَرَجَ عَنِ السِّرِّ إِلَى ضِدِّهِ أَنْ تُحَدِّثَ بِهِ عَنْهُ ، وَإِنَّ الَّذِي كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه فِيمَا كَانَ مِمَّا اعْتَذَرَ بِهِ إِلَى عُمَرَ كَانَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ ظَهَرَ فَصَارَ غَيْرَ سِرٍّ فَانْطَلَقَ لَهُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وَأَمَّا مَا رُوِّينَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ وَعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي شَيْءٍ لَمْ يَظْهَرْ فَفَعَلَا مَا هُوَ مَفْرُوضٌ عَلَيْهِمَا مِنْ كِتْمَانِهِ وَكَانَ أَوْلَى مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ مَا رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ:" إِذَا حَدَّثَ الرَّجُلُ حَدِيثًا فَالْتَفَتَ فَهِيَ أَمَانَةٌ " أَيْ: إِنَّهَا أَمَانَةٌ ائْتُمِنَ عَلَيْهَا الْمُحَدَّثُ ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَخْفِرَ أَمَانَتَهُ وَيُفْشِيَ سِرَّهُ ; لِأَنَّهُ عَسَى أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ ذَهَابُ دَمِهِ أَوْ مَا سِوَاهُ مِمَّا يُفْسِدُ أَحْوَالَهُ عَلَيْهِ ، فَخَرَجَ بِحَمْدِ اللهِ مَا رُوِّينَا عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِقًا لِمَا رُوِّينَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.