الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ نَهْيِهِ رُسُلَهُ إِلَى الْكُفَّارِ فِي قِتَالِهِمْ أَنْ يُنْزِلُوا أَهْلَ حِصْنٍ مِنَ الْحُصُونِ الَّتِي يُحَاصِرُونَهَا عَلَى حُكْمِ اللهِ عز وجل
3567 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ:" أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِيمَا يَأْمُرُ الرَّجُلَ إِذَا وَلَّاهُ عَلَى السَّرِيَّةِ: " إِنْ أَنْتَ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ ، فَأَرَادُوا أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ عز وجل فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللهِ عز وجل "
3568 -
وَحَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ
⦗ص: 200⦘
3569 -
وَحَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ نَهْيُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُسُلَهُ أَنْ يُنْزِلُوا الْكُفَّارَ عَلَى حُكْمِ اللهِ ، وَإِعْلَامُهُ إِيَّاهُمْ بِالسَّبَبِ الَّذِي مَنَعَهُمْ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَجَلِهِ ، وَهُوَ أَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ أَيُصِيبُونَ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ أَمْ لَا يُصِيبُونَهُ ، وَلَمْ نَجِدْ فِي حَدِيثِ جَرِيرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةً عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ ، وَقَدْ وَجَدْنَا فِي أَحَادِيثِ غَيْرِهِ ، عَنْ شُعْبَةَ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ.
3570 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَحْمَدُ بْنُ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنْ شُعْبَةَ بْنِ الْحَجَّاجِ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَزَادَ:" وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ "
3571 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، ثُمَّ
⦗ص: 201⦘
ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، وَوَافَقَ إِبْرَاهِيمُ عَلَى الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا عَلَى جَرِيرٍ فِي حَدِيثِهِ ثُمَّ طَلَبْنَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ شُعْبَةَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فَوَجَدْنَا غَيْرَ وَاحِدٍ رَوَاهُ عَنْ عَلْقَمَةَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ.
3572 -
كَمَا حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْوَلِيدِ الْأَسْلَمِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يُوسُفَ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو حَنِيفَةَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، وَفِيهِ الزِّيَادَةُ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى جَرِيرٍ
⦗ص: 202⦘
وَمِنْهُمْ سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ الثَّوْرِيُّ.
3573 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ يَحْيَى الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ هَاشِمُ بْنُ الْقَاسِمِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَشْجَعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ الْحَضْرَمِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، وَفِيهِ ذِكْرُ تِلْكَ الزِّيَادَةِ.
3574 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، وَفِيهِ تِلْكَ الزِّيَادَةُ. قَالَ عَلْقَمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، عَنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
⦗ص: 203⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَلَمْ نَجِدْ هَذِهِ الزِّيَادَةَ فِي حَدِيثِ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ غَيْرِ الْفِرْيَابِيِّ ، وَغَيْرِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ الْأَزْرَقِ.
3575 -
أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ الْأَزْرَقُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، وَفِيهِ:" وَإِنْ أَنْتَ حَاصَرْتَ أَهْلَ حِصْنٍ ، فَسَأَلُوكَ أَنْ تُنْزِلَهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ عز وجل ، فَلَا تُنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِ اللهِ ، وَلَكِنْ أَنْزِلْهُمْ عَلَى حُكْمِكَ ، فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي أَتُصِيبُ فِيهِمْ حُكْمَ اللهِ أَوْ لَا " وَفِيهِ قَالَ عَلْقَمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهَذَا الْحَدِيثِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ فَقَالَ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ هَيْصَمٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ.
⦗ص: 204⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَصَارَتْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، عَنِ الْفِرْيَابِيِّ ، وَعَنِ إِسْحَاقَ بْنِ يُوسُفَ جَمِيعًا ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، وَمِنْهُمْ إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ.
3576 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرَّهَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِدْرِيسُ الْأَوْدِيُّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ ، وَفِيهِ ذِكْرُ الزِّيَادَةِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى جَرِيرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ عَلْقَمَةَ إِيَّاهُ لِمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، إِلَى آخِرِ الْحَدِيثِ. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الَّتِي زَادَهَا الْفِرْيَابِيُّ ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ: هَلْ نَجِدُهَا فِي حَدِيثِ غَيْرِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، أَمْ لَا؟
⦗ص: 205⦘
3577 -
فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيَّ الصَّائِغَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْعَلَّافُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنْ حَمْزَةَ الزَّيَّاتِ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ الْعَبْدِيِّ ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ الْمُزَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ ، وَفِيهِ ذِكْرُ الزِّيَادَةِ الَّتِي زِيدَتْ عَلَى جَرِيرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ. غَيْرَ أَنَّ حَمْزَةَ وَالثَّوْرِيَّ اخْتَلَفَا فِي الَّذِي يُحَدِّثُ بِهَذَا الْحَدِيثِ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ ، فَقَالَ حَمْزَةُ فِي حَدِيثِهِ: عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ ، فَصَارَ الْمُحَدِّثُ بِهِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ هُوَ سُلَيْمَانُ بْنُ بُرَيْدَةَ. وَقَالَ الثَّوْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ: قَالَ عَلْقَمَةُ: فَحَدَّثْتُ بِهِ مُقَاتِلَ بْنَ حَيَّانَ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ ، فَصَارَ الْحَدِيثُ عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ مُقَاتِلٍ ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْصَمٍ ، عَنِ النُّعْمَانِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ فِي ذَلِكَ مَا هُوَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ ، فَوَقَفْنَا عَلَى نَهْيِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُسُلَهُ أَنْ يُنْزِلُوا أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْحُصُونِ عَلَى حُكْمِ اللهِ فِيهِمْ إِنْ سَأَلُوهُمْ ذَلِكَ ، وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّ نَهْيَهُ إِيَّاهُمْ عَنْ ذَلِكَ؛ إِنَّمَا هُوَ لِأَنَّهُمْ لَا يَدْرُونَ مَا حُكْمُ اللهِ عز وجل فِيهِمْ ، وَوَجَدْنَا فِيَ أَكْثَرِهَا إِطْلَاقَهُ لَهُمْ أَنْ يُنْزِلُوهُمْ عَلَى حُكْمِهِمْ ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَحْكَامَ اللهِ عز وجل فِي الْأَشْيَاءِ الَّتِي
⦗ص: 206⦘
لَمْ نَعْلَمْهَا بِأَنَّهَا مَسْطُورَةٌ أَنْزَلَهَا فِي كِتَابِهِ ، أَوْ سُنَّةٌ مَأْثُورَةٌ أَجْرَاهَا عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم ، أَوْ بِإِجْمَاعٍ مِنَ الْأُمَّةِ عَلَى حُكْمِ اللهِ عز وجل فِي ذَلِكَ ، إِذْ كَانُوا لَا يَجْتَمِعُونَ إِلَّا مِنْ حَيْثُ لَهُمْ أَنْ يُجْمِعُوا عَلَى مَا يُجْمِعُونَ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِذْ كَانَ اللهُ لَا يَجْمَعُهُمْ عَلَى ضَلَالَةٍ إِذًا عَدِمْنَاهَا ، إِذْ كُنَّا لَمْ نُكَلَّفْهَا ، وَلَمْ نَتَعَبَّدْ بِهَا؛ لِأَنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يُكَلِّفْنَا مَا لَا نُطِيقُ ، وَلَمْ يَتَعَبَّدْنَا بِمَا نَحْنُ عَنْهُ عَاجِزُونَ ، أَنْ نَرْجِعَ فِي الْحَوَادِثِ الَّتِي تَحْدُثُ إِلَى اجْتِهَادِنَا فِيهَا ، وَإِلَى طَلَبِ مَا يُؤَدَّينَا إِلَيْهِ اجْتِهَادُنَا فِيهَا بَعْدَ أَنْ نَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْآلَاتِ الَّتِي لِأَهْلِهَا الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ مِثْلِ هَذَا ، فَإِذَا أَدَّانَا ذَلِكَ إِلَى مَعْنًى ، وَنَحْنُ كَذَلِكَ ، وَسِعَنَا الْعَمَلُ بِهِ ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَدْرِي هَلْ هُوَ عِنْدَ اللهِ عز وجل عَلَى مَا أَدَّانَا إِلَيْهِ اجْتِهَادُنَا فِيهِ ، أَمْ لَا؟ وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمَفْرُوضَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ هُوَ الِاجْتِهَادُ الَّذِي قَدْ يُدْرَكُ بِهِ الصَّوَابُ فِيهِ ، وَقَدْ يُقْصَرُ عَنْهُ ، لَا إِصَابَةُ الصَّوَابِ فِيهِ بِعَيْنِهِ ، وَمَثَلُ ذَلِكَ مَا قَدْ كَانَ فِي أَمْرِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، لَمَّا نَزَلَتْ قُرَيْظَةُ عَلَى حُكْمِهِ ، فَأَطْلَقَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحُكْمَ فِيهِمْ.
3578 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو - يَعْنِي ابْنَ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ اللَّيْثِيَّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: " حَصَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ قَالُوا: نَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "
⦗ص: 207⦘
نَعَمْ " ، فَأَرْسَلَ إِلَى سَعْدٍ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ: فَلَمَّا طَلَعَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ ، أَوْ إِلَى خَيْرِكُمْ " قَالَ:" احْكُمْ فِيهِمْ " قَالَ: أَحْكُمُ أَنْ تُقْتَلَ قَتَلَتُهُمْ ، وَأَنْ تُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ ، وَأَنْ تُقْسَمَ أَمْوَالُهُمْ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَقَدْ حَكَمْتَ بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ اللهِ ، وَبِحُكْمِ رَسُولِهِ "
3579 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، قَالَ الرَّبِيعُ: حَدَّثَنَا شُعَيْبٌ ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبٌ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا فَقَالَا: عَنِ اللَّيْثِ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ:" رُمِيَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ ، فَقَطَعُوا أَبْجَلَهُ ، فَحَسَمَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالنَّارِ ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ ، فَتَرَكَهُ ، فَنَزَفَهُ الدَّمُ ، فَحَسَمَهُ أُخْرَى ، فَانْتَفَخَتْ يَدُهُ ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَالَ: " اللهُمَّ لَا تُخْرِجْ نَفْسِي ، حَتَّى تُقِرَّ عَيْنِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَاسْتَمْسَكَ عِرْقُهُ ، فَمَا قَطَرَ قَطْرَةً حَتَّى نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ ، فَحَكَمَ أَنْ تُقْتَلَ
⦗ص: 208⦘
رِجَالُهُمْ ، وَتُسْتَحْيَى نِسَاؤُهُمْ وَذَرَارِيُّهُمْ ، لِيَسْتَعِينَ بِهَا الْمُسْلِمُونَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَصَبْتَ حُكْمَ اللهِ فِيهِمْ " ، وَكَانُوا أَرْبَعَ مِائَةٍ ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِهِمُ انْفَتَقَ عِرْقُهُ ، فَمَاتَ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَفَلَا تَرَى أَنَّ سَعْدًا قَدْ حَكَمَ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بِمَا حَكَمَ بِهِ فِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ مَا حُكْمُ اللهِ فِيهِمْ ، فَحَمِدَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مِنْهُ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كَذَلِكَ الْأَحْكَامُ فِي الْحَوَادِثِ ، يَسْتَعْمِلُ فِيهَا مَنْ إِلَيْهِ الْحُكْمُ فِيهَا رَأْيَهُ بِاجْتِهَادِهِ فِيهَا طَلَبَ الْمَفْرُوضِ عَلَيْهِ فِيهَا ، وَأَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِصَابَةُ حَقَائِقِهَا ، إِنَّمَا عَلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقْصُرُ عَنْهُ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ وَاسِعًا فِي الدِّمَاءِ ، وَفِي الْفُرُوجِ ، كَانَ فِي الْأَمْوَالِ أَوْسَعَ ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.