الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي السِّتَّةِ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ ، وَأَدْخَلَ فِيهِمُ الْمُتَسَلِّطَ بِالْجَبَرُوتِ
3460 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الْمَوَالِي ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ يَوْمَئِذٍ: أَنِ اكْتُبْ إِلَيَّ مِنْ حَدِيثِ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَكَانَتْ فِي حِجْرِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، قَالَ ابْنُ مَوْهَبٍ فَأَرْسَلَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ حَزْمٍ إِلَى عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَكَانَ فِيمَا أَمْلَتْ عَلَيَّ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " سِتَّةٌ أَلْعَنُهُمْ ، لَعَنَهُمُ اللهُ وَكُلُّ نَبِيٍّ مُجَابٍ: الزَّائِدُ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل ، وَالْمُكَذِّبُ بِقَدَرِ اللهِ عز وجل ، وَالْمُتَسَلِّطُ بِالْجَبَرُوتِ يُذِلُّ بِهِ مَنْ أَعَزَّ اللهُ عز وجل وَيُعِزُّ بِهِ مَنْ أَذَلَّ اللهُ عز وجل ، وَالتَّارِكُ لِسُنَّتِي ، وَالْمُسْتَحِلُّ لِحُرُمِ اللهِ عز وجل ، وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ عز وجل "
⦗ص: 85⦘
3461 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الْمَوَالِ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
⦗ص: 86⦘
قَالَ: أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ ابْنِ وَهْبٍ سَمَاعُ ابْنِ مَوْهَبٍ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ عَمْرَةَ ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ أَبَى دَاوُدَ عَنِ الْفَرْوِيِّ سَمَاعُهُ إِيَّاهُ مِنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَمْرَةَ ، وَكَانَ حَدِيثُ يُونُسَ أَوْلَاهُمَا عِنْدَنَا ; لِأَنَّ فِيهِ ذِكْرَ إِمْلَاءِ عَمْرَةَ إِيَّاهُ عَلَيْهِ فِي مَجِيئِهِ إِلَيْهَا بِرِسَالَةِ أَبِي بَكْرٍ إِيَّاهُ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ.
3462 -
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْفِرْيَابِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " سِتَّةٌ لَعَنْتُهُمْ " ثُمَّ ذَكَرَ السِّتَّةَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ
⦗ص: 87⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَخْذُ ابْنِ مَوْهَبٍ إِيَّاهُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، لَا عَنْ عَمْرَةَ ، وَلَا عَنْ غَيْرِهَا ، وَكَانَ الثَّوْرِيُّ هُوَ الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ ، وَالْأَوْلَى أَنْ تُقْبَلَ رِوَايَتُهُ فِيهِ عَنِ ابْنِ مَوْهَبٍ لِسِنِّهِ وَضَبْطِهِ وَحِفْظِهِ ، غَيْرَ أَنَّ ابْنَ أَبِي الْمَوَالِ ذَكَرَ الْقِصَّةَ الَّتِي ذَكَرَهَا فِيهِ مِنْ بَعْثِهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ إِيَّاهُ إِلَى عَمْرَةَ فِي ذَلِكَ ، وَإِمْلَاءِ عَمْرَةَ إِيَّاهُ عَلَيْهِ عَنْ عَائِشَةَ ، فَقَوِيَ فِي الْقُلُوبِ لِذَلِكَ ، وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ مَوْهَبٍ أَخَذَهُ عَنْ عَمْرَةَ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهَا ، وَأَخَذَهُ مَعَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ عَلَى مَا حَدَّثَ بِهِ عَنْهُ مِمَّا قَدْ ذَكَرَهُ عَنْهُ الثَّوْرِيُّ ، وَاللهُ عز وجل أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَتْنَ هَذَا الْحَدِيثِ ، فَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْجَبَرُوتِ اشْتِقَاقَ ذَلِكَ مِنَ الْجَبْرِيَّةِ كَمَا اشْتَقُّوا الْمَلَكُوتَ مِنَ الْمُلْكِ ، وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنَ اسْتِحْلَالِ حُرَمِ اللهِ عز وجل هُوَ أَنْ يُجْعَلَ كَمَا سِوَاهُ مِمَّا لَمْ يُحَرِّمْهُ مِنْ بِلَادِهِ ، إِذْ كَانَ قَدْ أَبَانَهُ بِتَحْرِيمِهِ إِيَّاهُ مِنْ سَائِرِ بِلَادِهِ سِوَاهُ ، مِنْ مَنْعِ عِبَادِهِ مِنْ دُخُولِهِ إِلَّا مُحْرِمِينَ إِمَّا بِالْحَجِّ ، وَإِمَّا بِالْعُمْرَةِ ، وَمِنْ تَحْرِيمِ صَيْدِهِ ، وَمِنْ أَمَانِهِ مَنْ دَخَلَهُ ، بِقَوْلِ اللهِ عز وجل:{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: 97] ، وَبِتَحْرِيمِهِ عِضَاهَهُ الْحُرْمَةَ الَّتِي لَمْ يَجْعَلْهَا كَعِضَاهِ غَيْرِهِ ، وَمِنْ مَنْعِهِ الْقِتَالَ فِيهِ مَنْ لَا يَجِبُ قِتَالُهُ ; لِأَنَّهُ قَدْ أَعْلَمَنَا عز وجل عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ أَنَّ مَكَّةَ لَا تُغْزَى بَعْدَ الْعَامِ الَّذِي غَزَاهُ ،
⦗ص: 88⦘
وَأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ قُرَشِيُّ بَعْدَ عَامِهِ ذَلِكَ صَبْرًا ، أَيْ لَا يَكْفُرُ أَهْلُهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ فَيُغْزَوْنَ كَمَا غُزُوا فِي ذَلِكَ الْعَامِ ، وَلَا يَكْفُرُ قُرَشِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْعَامِ الْكُفْرَ الَّذِي أَبَاحَ دِمَاءَ أَهْلِهَا الْقُرَشِيِّينَ فِي ذَلِكَ الْعَامِ ، فَمَنْ أَنْزَلَ الْحَرَمَ بِخِلَافِ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ كَانَ بِهِ مَلْعُونًا ، وَكَانَ قَوْلُهُ:" وَالْمُسْتَحِلُّ مِنْ عِتْرَتِي مَا حَرَّمَ اللهُ عز وجل " ، وَعِتْرَتُهُ هُمْ أَهْلُ بَيْتِهِ الَّذِينَ عَلَى دِينِهِ ، وَعَلَى التَّمَسُّكِ بِأَمْرِهِ ، كَمِثْلِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا مِمَّا كَانَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم بِغَدِيرِ خُمٍّ مِنْ قَوْلِهِ لِلنَّاسِ:" إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللهِ عز وجل وَعِتْرَتِي " ، وَمِمَّا رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَكُنْ ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ.
3463 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ النَّهْدِيُّ قَالَ: ثنا إِسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ الْأَسَدِيِّ قَالَ: لَقِيتُ زَيْدَ بْنَ الْأَرْقَمِ وَهُوَ دَاخِلٌ عَلَى الْمُخْتَارِ أَوْ خَارِجٌ ، فَقُلْتُ:" مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِي عَنْكَ؟ سَمِعْتَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللهِ وَعِتْرَتِي؟ " قَالَ: " نَعَمْ "
3464 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ الْهَمْدَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلِ بْنِ غَزْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حَيَّانَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ حَيَّانَ التَّيْمِيُّ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَحُصَيْنُ بْنُ عُقْبَةَ ، إِلَى زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ فَقَالَ لَهُ حُصَيْنٌ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللهُ يَا زَيْدُ ، رَأَيْتَ خَيْرًا كَثِيرًا ، رَأَيْتَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَغَزَوْتَ مَعَهُ ، وَسَمِعْتَ مِنْهُ ، لَقَدْ أَصَبْتَ خَيْرًا كَثِيرًا يَا زَيْدُ ، فَحَدِّثْنَا بِمَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ زَيْدٌ:" قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَاءٍ يُدْعَى خُمًّا بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ ، فَحَمِدَ اللهَ عز وجل وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَذَكَرَ ، ثُمَّ قَالَ: " أَمَّا بَعْدُ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنِّي إِنَّمَا أَنْتَظِرُ أَنْ يَأْتِيَنِي رَسُولٌ مَنْ رَبِّي عز وجل فَأُجِيبَ ، وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ: كِتَابَ اللهِ عز وجل ، فِيهِ الْهُدَى وَالنُّورُ ، فَاسْتَمْسِكُوا بِكِتَابِ اللهِ عز وجل ، وَخُذُوا بِهِ " فَرَغَّبَ فِي كِتَابِ اللهِ عز وجل وَحَثَّ عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:" وَأَهْلَ بَيْتِي ، أُذَكِّرُكُمُ اللهَ عز وجل فِي أَهْلِ بَيْتِي "
⦗ص: 90⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَطَلَبْنَا مَنْ رَوَى عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ سِوَى أَبِي حَيَّانَ التَّيْمِيِّ لِيَكُونَ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ سِوَى أَبِي حَيَّانَ مَنْ هُوَ كَأَبِي حَيَّانَ فِي الْعَدْلِ فَيَكُونُ قَدْ حَدَّثَ عَنْهُ عَدْلَانِ ، فَوَجَدْنَا الْأَعْمَشَ قَدْ رَوَى عَنْهُ.
كَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَيَّانَ قَالَ: كَانَ عَنْبَسُ بْنُ عُقْبَةَ يَسْجُدُ حَتَّى إِنَّ الْعَصَافِيرَ يَقَعْنَ عَلَى ظَهْرِهِ وَيَنْزِلْنَ ، مَا يَحْسِبْنَهُ إِلَّا جِذْمَ حَائِطٍ "
⦗ص: 91⦘
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَاجْتَمَعَ فِي الرِّوَايَةِ عَنْهُ الْأَعْمَشُ وَأَبُو حَيَّانَ ، فَمَنْ أَخْرَجَ عِتْرَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِمْ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي جَعَلَهُمُ اللهُ بِهِ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ فَجَعَلَهُمْ كَسِوَاهُمْ مِمَّنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ عِتْرَتِهِ كَانَ مَلْعُونًا؛ إِذْ كَانَ قَدْ خَالَفَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا فَعَلَ مِنْ ذَلِكَ ، وَسَائِرُ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ سِوَى ذَلِكَ مَكْشُوفُ الْمَعَانِي ، يَعْلَمُ سَامِعُوهُ مَا أُرِيدَ بِهِ عِلْمًا يُغْنِينَا عَنِ التَّفْسِيرِ لَهُ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.