الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ فِي الْمَوَالِي: " لَيُقَاتِلُنَّكُمْ عَلَى هَذَا الدِّينِ عَوْدًا كَمَا قَاتَلْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ بَدْءًا
"
3530 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي الْأَعْمَشَ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: خَطَبَنَا عَلِيٌّ عليه السلام ، وَصَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ حَاضِرٌ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى كَلَّمَهُ بِشَيْءٍ ، فَانْتَهَرَهُ ، وَلَا أَدْرِي مَا قَالَ لَهُ ، ثُمَّ جَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى دَنَا مِنْهُ ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْحَمْرَاءُ عَلَى وَجْهِكَ ، يَعْنِي - الْمَوَالِيَ - ، فَضَرَبَ صَعْصَعَةُ بْنُ صُوحَانَ عَلَى ظَهْرِي ، وَقَالَ:" لَيُبْدِيَنَّ مِنْ أَمْرِ الْعَرَبِ أَمْرًا قَدْ كَانَ يَكْتُمُهُ ، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ هَذِهِ الضَّيَاطِرَةِ ، يَتَقَلَّبُ أَحَدُهُمْ عَلَى حَشَايَاهُ ، وَيُهَجِّرُ قَوْمٌ لِذِكْرِ اللهِ ، تَأْمُرُونِي أَنْ أَطْرُدَهُمْ فَأَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَيَضْرِبُنَّكُمْ عَلَى الدِّينِ عَوْدًا كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ بَدْءًا "
3531 -
حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ النَّخَعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ قَالَ: حَدَّثَنِي الْمِنْهَالُ ، عَنْ عَبَّادٍ الْأَسَدِيِّ ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ قَالَ: بَيْنَا عَلِيٌّ عليه السلام يَخْطُبُنَا يَوْمَ جُمُعَةٍ عَلَى مِنْبَرٍ مِنْ آجُرٍّ ، وَزَيْدُ بْنُ صُوحَانَ خَلْفِي ، إِذْ رَأَى رَجُلًا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ ، حَتَّى دَنَا فَتَكَلَّمَ بِشَيْءٍ ، فَغَضِبَ عَلِيٌّ عليه السلام غَضَبًا شَدِيدًا ، حَتَّى رُئِيَ فِي وَجْهِهِ ، ثُمَّ جَاءَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ حَتَّى دَنَا ، فَقَالَ:" غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْحَمْرَاءُ عَلَى وَجْهِكَ ، فَغَضِبَ عَلِيٌّ وَاشْتَدَّ غَضَبُهُ ، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ هَذِهِ الضَّيَاطِرَةِ ، يَتَضَجَّعُونَ عَلَى فُرُشِهِمْ ، وَيَرُوحُ أَقْوَامٌ إِلَى ذِكْرِ اللهِ عز وجل ، فَيَأْمُرُونِي أَنْ أَطْرُدَهُمْ فَأَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ، وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ، لَقَدْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:" لَيَضْرِبُنَّكُمْ عَلَى الدِّينِ عَوْدًا كَمَا ضَرَبْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ بَدْءًا " فَضَرَبَ زَيْدٌ عَلَى
⦗ص: 158⦘
مَنْكِبِيَّ ، ثُمَّ قَالَ: لَيُظْهِرَنَّ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْعَرَبِ الْيَوْمَ أَمْرًا كَانَ يَكْتُمُهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِمَا فِيهِ إِنْ شَاءَ اللهُ ، فَكَانَ مَا فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْحَمْرَاءِ يُرَادُ بِهَا الْمَوَالِي ، وَمِنْهُ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
3532 -
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنِي الْمُزَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ أَحَدٌ قَبْلِي: جُعِلَتْ لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا ، وَنُصِرْتُ بِالرُّعْبِ ، وَأُحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ ، وَأُرْسِلْتُ إِلَى الْأَحْمَرِ وَالْأَبْيَضِ ، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ " قَالَ لَنَا الْمُزَنِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: ثُمَّ جَلَسْتُ إِلَى سُفْيَانَ ، فَذَكَرَ هَذَا الْحَدِيثَ ، فَقَالَ الزُّهْرِيُّ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ أَوْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَهُ.
⦗ص: 161⦘
وَكَانَ فِيهِ مِنَ الضَّيَاطِرَةِ الْمَذْكُورِينَ فِيهِ أَنَّهُ يُرَادُ بِهِمُ الَّذِينَ يَحْضُرُونَ الْأَسْوَاقَ بِلَا مَالٍ مَعَهُمْ ، يُحْضَرُ بِهِ الْأَسْوَاقُ ، وَيُنْتَفَعُ بِهِ فِي حُضُورِهَا ، وَكَانَ مَنْ يَحْضُرُهَا كَذَلِكَ كَمَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا ، فَمِثْلُهُ مَنْ يَحْضُرُ غَيْرَهَا بِلَا مَنْفَعَةٍ فِي حُضُورِهِ لِمَا يُحْضِرُهُ ، وَالْوَاحِدُ مِنَ الضَّيَاطِرَةِ ضَيْطَارٌ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْهُ ، فَكَانَ الْعَرَبُ بَدْءًا هُمُ الَّذِينَ قَاتَلُوا الْعَجَمَ حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ ، كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ
3533 -
مِمَّا قَدْ حَدَّثَنَا الْكَيْسَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ بْنُ نَاصِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَبِي الْأَعْيَنِ قَالَ:
⦗ص: 162⦘
حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَغْرَبَ ، فَقَالَ:" أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ " قَالُوا: مِمَّ ضَحِكْتَ ، يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ:" عَجِبْتُ مِنْ قَوْمٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ فِي السَّلَاسِلِ ، وَهُمْ يَتَقَاعَسُونَ عَنْهَا ، فَمَا يُكَرِّهُهَا إِلَيْهِمْ "، قَالُوا: وَكَيْفَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " قَوْمٌ مِنَ الْعَجَمِ يَسْبِيهِمُ الْمُهَاجِرُونَ لِيُدْخِلُوهُمْ فِي الْإِسْلَامِ وَهُمْ كَارِهُونَ "
⦗ص: 163⦘
3534 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ الْمِنْقَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ أَعْيَنَ أَبِي مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي
⦗ص: 164⦘
أَبُو الطُّفَيْلِ ، بِمَكَّةَ سَنَةَ سَبْعٍ وَمِائَةٍ قَالَ: ضَحِكَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم حَتَّى اسْتَغْرَبَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
3535 -
وَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي كَثِيرٌ أَبُو مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو الطُّفَيْلِ قَالَ: ضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، ثُمَّ قَالَ:" أَلَا تَسْأَلُونِي مِمَّ ضَحِكْتُ؟ " ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ فَكَانَ الْعَرَبُ الَّذِينَ أَدْخَلُوا الْعَجَمَ فِي الْإِسْلَامِ حَتَّى صَارُوا مِنْ أَهْلِهِ ، وَحَتَّى صَارَ فِيهِمْ مَنْ عَلِمَ وَعَقَلَ عَنِ اللهِ عز وجل ، وَعَنْ رَسُولِهِ شَرَائِعَ دِينِهِ ، حَتَّى صَارَتْ إِلَيْهِ مُطَالَبَةُ مَنْ خَرَجَ عَمَّا عَلَيْهِ مِنْهُ إِلَى ضِدِّهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى مَا خَرَجَ مِنْهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ قِتَالَهُمْ عَلَى مَا قَاتَلُوهُمْ بَدْءًا ، حَتَّى أَدْخَلُوهُمْ بِذَلِكَ فِيمَا أَدْخَلُوهُمْ فِيهِ ، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ مِنَ الْعَجَمِ مَنْ قَدْ وَصَفَهُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ ، حَتَّى قَالَ فِيهِ:" لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالثُّرَيَّا ، أَوْ: لَوْ كَانَ الْعِلْمُ بِالثُّرَيَّا ، لَنَالَهُ رِجَالٌ مِنْ أَبْنَاءِ فَارِسَ ".
⦗ص: 165⦘
فَنَظَرْنَا هَلْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟
3536 -
فَوَجَدْنَا إِسْحَاقَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ قَزَعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْأَسْلَمِيُّ ، عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: كُنْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الْخَنْدَقِ ، فَأَخَذَ الْكَرْزَنَ فَحَفَرَ بِهِ ، فَصَادَفَ حَجَرًا فَضَحِكَ ، فَسُئِلَ: مَا أَضْحَكَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " مِنْ نَاسٍ يُؤْتَى بِهِمْ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ بِالْكُبُولِ يُسَاقُونَ إِلَى الْجَنَّةِ وَهُمْ كَارِهُونَ " فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَرَادَ مِنَ الْعَجَمِ ، بِمَا قَالَهُ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا ، الْعَجَمَ الَّذِينَ كَانُوا بِنَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ ، وَهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ الَّذِينَ دَخَلُوا فِي الصِّفَةِ الَّتِي وَصَفَهَا فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ ، وَدَخَلُوا فِي قَوْلِ اللهِ عز وجل:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ} [الجمعة: 3] ؛ أَيْ: يَلْحَقُونَ بِالْمَذْكُورِينَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ ، وَهُوَ قَوْلُهُ عز وجل:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ} [الجمعة: 2] ، وَبِاللهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.