الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْوَادِي الَّذِي مَرُّوا بِهِ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ أَنَّهُ وَادٍ مَلْعُونٌ
3746 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الصَّائِغُ ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: قَالَ لِيَ الْحَسَنُ: سَلْ عَبْدَ اللهِ بْنَ قُدَامَةَ بْنِ صَخْرٍ الْعُقَيْلِيَّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ. قَالَ: فَلَقِيتُهُ عِنْدَ بَابِ الْإِمَارَةِ ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ:" زَعَمَ أَبُو ذَرٍّ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ ، فَأَتَوْا عَلَى وَادٍ ، فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " يَا أَيُّهَا النَّاسُ ، إِنَّكُمْ بِوَادٍ مَلْعُونٌ " ، فَرَكِبَ فَرَسَهُ فَدَفَعَ ، وَدَفَعَ النَّاسُ ، ثُمَّ قَالَ: " مَنْ كَانَ قَدِ اعْتَجَنَ عَجِينَةً فَلْيُظْفِرْهَا بَعِيرَهُ ، وَمَنْ كَانَ طَبَخَ قِدْرًا فَلْيَكْفَأْهَا "
⦗ص: 367⦘
3747 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ مُحَمَّدٍ وَفَهْدٍ ، عَنْ مُسْلِمٍ ، عَنْ حَمَّادٍ ، بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ
3748 -
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ قُدَامَةَ السَّعْدِيُّ قَالَ: - وَكَانَ السَّعْدِيُّ امْرَأَ صِدْقٍ - ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى عَلَى مَسَاكِنِ ثَمُودَ فَقَالَ:" اخْرُجُوا اخْرُجُوا ، فَإِنَّهُ وَادٍ مَلْعُونٌ؛ خَشْيَةَ أَنْ لَا تَخْرُجُوا حَتَّى يُصِيبَكُمْ كَذَا وَكَذَا "
3749 -
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَبْرَةَ الْجُهَنِيِّ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ النَّاسَ
⦗ص: 368⦘
فِيمَا كَانُوا عَجَنُوا مِنْ مَاءِ ذَلِكَ الْوَادِي ، مِثْلُ الَّذِي رُوِيَ عَنْهُ فِي حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الَّذِي رُوِّينَا.
3750 -
كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:" لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحِجْرَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " مَنْ عَمِلَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ طَعَامًا فَلْيُلْقِهِ " ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَجَنَ عَجِينًا ، وَمِنْهُمْ مِنْ حَاسَ الْحَيْسَ وَأَلْقَوْهُ "
3751 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ ، وَفَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ الْجُهَنِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ نَزَلَ الْحِجْرَ قَالَ لِمَنْ كَانَ مَعَهُ:" مَنْ كَانَ مِنْكُمْ عَجَنَ عَجِينًا ، أَوْ حَاسَ حَيْسًا مِنْ هَذَا الْمَاءِ ، فَلْيُلْقِهِ "
3752 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَعْبَدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ بْنِ مَعْبَدٍ الْجُهَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَبْرَةَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَمِّي حَرْمَلَةُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ سَبْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ:" لَمَّا نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْحِجْرَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: " مَنْ عَمِلَ مِنْ هَذَا الْمَاءِ طَعَامًا فَلْيُلْقِهِ " ، فَمِنْهُمْ مَنْ عَجَنَ الْعَجِينَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَاسَ الْحَيْسَ ، فَأَلْقَوْهُ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ اللهُ عز وجل لَمَّا غَضِبَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي كَانَ مِنْ عُقُوبَتِهِ إِيَّاهُمْ أَنْ جَعَلَ مَاءَهُمْ مَا يَضُرُّهُمْ ، وَيُضَرُّ أَمْثَالَهُمْ مِنَ الْمُتَعَبِّدِينَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى الْأَشْيَاءِ الَّتِي غُضِبَ عَلَى أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي مِنْ أَجْلِهَا ، وَخَوْفًا عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لَهُمْ عَلَى ذُنُوبِهِمُ الَّتِي قَدْ سَلَفَتْ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا ذَوُو ذُنُوبٍ ، وَإِنْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمْ مُخْتَلِفَةً ، وَالْعُقُوبَاتُ عَلَيْهَا مُخْتَلِفَةً ، فَأَمَرَهُمْ صلى الله عليه وسلم فِيمَا عَجَنُوهُ بِذَلِكَ الْمَاءِ أَنْ لَا يَأْكُلُوهُ ، وَأَبَاحَهُمْ أَنْ يُطْعِمُوهُ إِبِلَهُمُ الَّتِي لَا تَعَبُّدَ عَلَيْهَا ، وَلَا ذُنُوبَ لَهَا ،
⦗ص: 370⦘
ثُمَّ تَأَمَّلْنَا سُرْعَتَهُ فِي ذَلِكَ الْوَادِي حَتَّى جَاوَزَهُ ، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - لِيَقْتَدُوا بِهِ فَيُسْرِعُوا لِسُرْعَتِهِ حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْ ذَلِكَ الْوَادِي خَوْفًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يُؤْاخَذُوا بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ ، كَمَا أُخِذَ مَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْوَادِي بِذُنُوبِهِمْ هُنَاكَ. ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا فِي الْحَدِيثِ مِنْ وَصْفِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الْوَادِيَ بِاللَّعْنِ ، فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - عَلَى إِرَادَتِهِ بِذَلِكَ أَهْلَ الْوَادِي الَّذِينَ كَانَ مِنْهُمْ مَا غَضِبَ عز وجل عَلَيْهِمْ مِنْ أَجْلِهِ ، فَلَعَنَهُمْ لِذَلِكَ. وَذُكِرَ الْوَادِي بِتِلْكَ اللَّعْنَةِ ، وَالْمُرَادُ أَهْلَهُ دُونَهُ ، كَمَا قَالَ عز وجل:{وَضَرَبَ اللهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل: 112] لِأَنَّ الْقَرْيَةَ مَا كَانَتْ تَصْنَعُ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا أَهْلُهَا هُمُ الَّذِينَ كَانُوا يَصْنَعُونَ مَا أُهْلِكُوا بِهِ ، ثُمَّ أَعْقَبَ ذَلِكَ عز وجل بِمَا دَلَّ عَلَى مُرَادِهِ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ لَا قَرْيَتَهُمْ بِقَوْلِهِ عز وجل:{وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ} [النحل: 113] ، يَعْنِي بِذَلِكَ رَسُولَهُ إِلَيْهِمْ صلى الله عليه وسلم ، وَكَمَا قَالَ عز وجل حِكَايَةً عَنْ قَائِلِيهِ:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا} [يوسف: 82] ، يُرِيدُ أَهْلَ الْقَرْيَةِ وَأَهْلَ الْعِيرِ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم لِذَلِكَ الْوَادِي:" هَذَا وَادٍ مَلْعُونٌ " ، هُوَ عَلَى أَهْلِهِ ، لَا عَلَى الْوَادِي نَفْسِهِ. وَاللهُ أَعْلَمُ ، وَإِيَّاهُ نَسْأَلَهُ التَّوْفِيقَ.