الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ رَبِّهِ عز وجل فِي عَبْدِهِ الَّذِي عَمِلَ ذَنْبًا فَاعْتَرَفَ بِهِ وَسَأَلَهُ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ
3721 -
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هَمَّامُ بْنُ يَحْيَى ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي عَمْرَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَنَّ رَجُلًا أَذْنَبَ ذَنْبًا فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْبًا - أَوْ عَمِلْتُ ذَنْبًا - فَاغْفِرْهُ ، فَقَالَ تبارك وتعالى: عَبْدِي أَذْنَبَ ذَنْبًا ، فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ ، أَوْ قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ ، فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا ، فَاغْفِرْهُ لِي ، فَقَالَ تبارك وتعالى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ ، أَوْ أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا ، فَاغْفِرْهُ لِي ، فَقَالَ تبارك وتعالى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي. ثُمَّ عَمِلَ ذَنْبًا آخَرَ ، أَوْ قَالَ: أَذْنَبَ ذَنْبًا آخَرَ وَقَالَ: رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْبًا ، فَاغْفِرْهُ ، فَقَالَ: عَلِمَ عَبْدِي ، أَنَّ لَهُ رَبًّا يَغْفِرُ الذَّنْبَ ، وَيَأْخُذُ بِهِ ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي ، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ "
⦗ص: 338⦘
فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ ، فَكَانَ أَحْسَنَ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِمَّا احْتَمَلَهُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ الْعَبْدَ بِمَا يَكُونُ مِنْهُ الذُّنُوبُ أَنَّهُ ذَنْبٌ ، وَأَنَّ اللهَ عز وجل قَدْ عَلِمَهُ مِنْهُ ، وَأَنَّهُ يَأْخُذُهُ بِالْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ ، وَيَعْفُو لَهُ إِنْ شَاءَ إِيمَانًا مِنْهُ بِهِ ، وَمَعْقُولٌ أَنَّهُ إِذَا كَانَ خَائِفًا مِنْ عُقُوبَتِهِ جَلَّ وَعَزَّ لِذَلِكَ الذَّنْبِ ، وَرَاجِيًا لِمَغْفِرَتِهِ لَهُ عَلَيْهِ ، أَنَّهُ مِمَّنْ قَدْ سَرَّتْهُ حَسَنَتُهُ ، وَسَاءَتْهُ سَيِّئَتُهُ ، فَدَخَلَ بِذَلِكَ فِي الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ ، وَاسْتَحَقَّ بِهِ الْإِيمَانَ ، وَكَانَ يَعْلَمُهُ أَنَّ اللهَ عز وجل قَدْ عَلِمَ مَا كَانَ مِنْهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّ اللهَ عز وجل يَخْفَى عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْهُ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ بِذَلِكَ الْكُفْرَ ، وَهُوَ مِمَّنْ قَدْ ذَكَرَهُ اللهُ عز وجل فِي كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ:{وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: 22]، ثُمَّ أَتْبَعَ ذَلِكَ عز وجل بِقَوْلِهِ:{وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: 23] ، فَكَانَ الرَّجُلُ الَّذِي
⦗ص: 339⦘
ذَكَرْنَاهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ ضِدًّا لِمَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ ، فَكَانَ مَنْ دَخَلَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ كَافِرًا ، فَاسْتَحَقَّ النَّارَ ، وَمَنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ مُؤْمِنًا ، فَاسْتَحَقَّ مِنْ رَبِّهِ عز وجل بِفَضْلِهِ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرَ بِفَضْلِهِ بِهِ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْحَدِيثِ ، وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.