الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْغَيْلِ مِنْ كَرَاهَةٍ لَهُ ، وَمِنْ هَمٍّ بِنَهْيٍ عَنْهُ ، وَمِنْ نَهْيٍ عَنْهُ ، وَمِمَّا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِيهِ
3658 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا ، فَإِنَّ الْغَيْلَ يُدْرِكُ الْفَارِسَ عَلَى ظَهْرِ فَرَسِهِ "
3659 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي غَنِيَّةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُهَاجِرٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ يَزِيدَ الْأَنْصَارِيَّةِ قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 285⦘
يَقُولُ: " لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا ، فَإِنَّ قَتْلَ الْغَيْلِ يُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ عَنْ ظَهْرِ فَرَسِهِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَتَأَمَّلْنَا هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، فَوَجَدْنَا فِيهِمَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ:" لَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا " ، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِيهِمَا ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْهُ إِيَّاهُمْ ذَلِكَ ، وَإِعْلَامِهِ إِيَّاهُمْ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مِنْهُ دَعْثَرَةُ الْفَارِسِ عَنْ فَرَسِهِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم ، وَاللهُ أَعْلَمُ ، عَلَى مَا كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُهُ فِيهِ ، فَحَذَّرَ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ لَمْ
⦗ص: 286⦘
يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ اللهِ عز وجل تَصْدِيقٌ لَهَا ، وَلَا تَكْذِيبٌ لَهَا فِيمَا كَانَتْ تَقُولُهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الْإِشْفَاقِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ، لَا عَلَى مَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيمٍ مِنْهُ عَلَيْهِمْ مَا يَكُونُ سَبَبًا لِذَلِكَ الْغَيْلِ الْمَخُوفِ عَلَى أَوْلَادِهِمْ.
3660 -
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، وَكَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ ، قَالُوا: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الرُّكَيْنُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ حَسَّانَ ، عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَكْرَهُ عَشْرًا: الصُّفْرَةَ ، وَتَغْيِيرَ الشَّيْبِ ، وَالتَّخَتُّمَ بِالذَّهَبِ ، وَجَرَّ الْإِزَارِ ، وَالتَّبَرُّجَ بِالزِّينَةِ لِغَيْرِ مَحَلِّهَا ، وَالضَّرْبَ بِالْكِعَابِ ، وَعَزْلَ الْمَاءِ عَنْ مَحَلِّهِ ، وَفَسَادَ الصَّبِيِّ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ ، وَعَقْدَ التَّمَائِمِ ، وَالرُّقَى إِلَّا بِالْمُعَوِّذَاتِ "
⦗ص: 287⦘
3661 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، عَنِ الرُّكَيْنِ بْنِ الرَّبِيعِ بْنِ عَمِيلَةَ الْفَزَارِيِّ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
3662 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: سَمِعْتُ الرُّكَيْنَ ،
⦗ص: 288⦘
يُحَدِّثُ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ كَرَاهَةُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِفَسَادِ الصَّبِيِّ وَهُوَ بِالْغَيْلِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ غَيْرَ مُحَرِّمِهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ كَرَاهِيَّتَهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ ، كَانَ كَرَاهِيَةً لَا تَحْرِيمَ مَعَهَا. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَهْيُهُ عَنْهُ.
3663 -
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُكَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الِاغْتِيَالِ ، ثُمَّ قَالَ:" لَوْ ضَرَّ أَحَدًا لَضَرَّ فَارِسَ وَالرُّومَ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل: أَنَّ النَّهْيَ قَدْ يَكُونُ لِلْكَرَاهَةِ بِلَا نَهْيٍ مَعَهَا ، كَمَا نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنِ الشَّرَابِ قَائِمًا ، لَا لِأَنَّهُ حَرَّمَ ذَلِكَ ، وَلَكِنَّهُ لَمَّا خَافَ مِنْ ضَرَرِهِ عَلَى مَنْ يَفْعَلُهُ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا رُوِيَ
⦗ص: 289⦘
فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا مِنْ كِتَابِنَا هَذَا. وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ نَهْيُهُ عَنِ الْغَيْلِ نَهْيَ تَحْرِيمٍ.
3664 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ جُذَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ حَتَّى ذَكَرْتُ أَنَّ فَارِسَ ، وَالرُّومَ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ ، فَلَا يَضُرُّ أَوْلَادَهُمْ "
3665 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكٌ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ جُذَامَةَ ، وَأَوْقَفَهُ عَلَى عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم
3666 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ ح
⦗ص: 290⦘
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ جُذَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
3667 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ جُذَامَةَ ابْنَةِ وَهْبٍ الْأَسَدِيَّةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
3668 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا عُرْوَةُ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ جُذَامَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
3669 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْأَزْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا حَيْوَةُ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ ، يُحَدِّثُ عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ جُذَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
⦗ص: 291⦘
3670 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ الْبَصِيرُ قَالَا: حَدَّثَنَا الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: حَدَّثَتْنِي جُذَامَةُ ، ثُمَّ ذَكَرَا مِثْلَهُ فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إِطْلَاقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ مَا كَانَ حَذَّرَهُمْ إِيَّاهُمْ لَمَّا وَقَفَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَضُرُّ فَارِسَ ، وَالرُّومَ فِي أَوْلَادِهِمْ ، وَقَدْ كَانَتْ بَقِيَتْ مِنْهُ فِي صُدُورِ الْعَرَبِ ، حَتَّى رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ.
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" مَاتَ ذُو قَرَابَةٍ لِي ، وَتَرَكَ ابْنًا لَهُ ، فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَتِي ، فَحَلَفْتُ أَنْ لَا أَقْرَبَهَا حَتَّى تَفْطِمَ الصَّبِيَّ ، فَلَمَّا مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، قِيلَ لِي: قَدْ بَانَتْ مِنْكَ امْرَأَتُكَ ، فَسَأَلْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه فَقَالَ: " إِنْ كُنْتَ حَلَفْتَ عَلَى بَصِيرَةٍ ، فَقَدْ بَانَتِ مِنْكَ امْرَأَتُكَ ، وَإِلَّا فَهِيَ امْرَأَتُكَ "
⦗ص: 292⦘
وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى ، فَسُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَرَكَ امْرَأَتَهُ ، وَهِيَ تُرْضِعُ حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا ، فَأَبَتْ ذَلِكَ عَلَيْهِ ، وَطَلَبَتْ مِنْهُ وَطْأَهُ إِيَّاهَا فَقَالَ:" لَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ حُجَّةً ، وَلَا يُكْرَهُ عَلَى ذَلِكَ ، كَانَتْ فِيهِ يَمِينٌ ، أَوْ لَمْ تَكُنْ ، وَأَرَى قَوْلَ عَلِيٍّ فِي ذَلِكَ يُعْجِبُنِي ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنِ الْغِيلَةِ ". فَقَالَ مَالِكٌ: " وَهُوَ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ وَهِيَ تُرْضِعُ ، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم هَمَّ بِذَلِكَ ، حَتَّى ذَكَرَ أَنَّ فَارِسَ ، وَالرُّومَ يَفْعَلُونَهُ ، فَكَفَّ عَنْهُ ، فَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يُقْضَى لَهَا بِهِ ، وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْإِضْرَارِ ، وَلَيْسَ هَذَا مُضَارًّا ، إِنَّمَا يُرِيدُ اسْتِصْلَاحَ وَلَدِهِ ، فَلَا أَرَى لَهَا فِي ذَلِكَ قَوْلًا ، وَلَا يُكْرَهُ فِي ذَلِكَ عَلَى وَطْئِهِ إِيَّاهَا ". ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ مِنْهُ. وَقَدْ خَالَفَ ذَلِكَ آخَرُونَ ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ ، فَجَعَلُوهُ فِي ذَلِكَ مُؤْلِيًا مِنْهَا ، إِنْ حَلَفَ أَلَّا يَقْرَبَهَا ، حَتَّى تَفْطِمَ وَلَدَهَا ، إِذَا كَانَ بَيْنَهُ ، وَبَيْنَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، فَصَاعِدًا ، ذَكَرَ لَنَا ابْنُ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنِ ابْنِ سَمَاعَةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بِغَيْرِ خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِيهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَصْحَابِهِ ، وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُحَرِّمِ الرَّضَاعَ فِي الْجِمَاعِ ، وَإِنَّمَا كَرِهَهُ إِشْفَاقًا ، ثُمَّ أَطْلَقَهُ ، فَكَانَ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُ لِزَوْجَتِهِ كَالْمُمْتَنِعِ مِنْ مِثْلِهِ فِي غَيْرِ حَالِ الرَّضَاعِ. وَقَدْ زَعَمَ زَاعِمٌ ، وَهُوَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، أَنَّ قَوْمًا يَقُولُونَ: إِنَّ الْغَيْلَ جِمَاعُ الْحَامِلِ لَا جِمَاعُ الْمُرْضِعِ ، ذَكَرَ ذَلِكَ زَيْدُ بْنُ بِشْرٍ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ ، عَنْهُ ، فَأَمَّا مَالِكٌ ، فَكَانَ مَذْهَبُهُ فِيهِ: أَنَّهُ جِمَاعُ الْمُرْضِعِ
⦗ص: 293⦘
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ. وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ الْمَكِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَعْنَبِيُّ ، عَنْ مَالِكٍ. وَكَانَ مَا قَالَ مَالِكٌ فِي هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا قَالَهُ اللَّيْثُ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْعَرَبِ مِمَّا قَدْ ذَكَرَتْهُ فِي أَشْعَارِهَا ، وَمِمَّا قَدْ فَخَرَتْ بِهِ نِسَاؤُهَا. فَأَجَازَ لَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ ، وَالْيَزِيدِيُّ ، وَالْأَصْمَعِيُّ ، وَغَيْرُهُمْ: الْغَيْلُ: أَنْ يُجَامِعَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ مُرْضِعٍ. قَالَ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلرَّجُلِ تَمْدَحُهُ: مَا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وُضْعًا ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ تُضْعًا ، وَلَا أَرْضَعَتْهُ غَيْلًا ، وَلَا وَضَعَتْهُ يَتْنًا ، وَلَا أَبَاتَتْهُ مِئْقًا ، فَقَوْلُهُمْ: مَا حَمَلَتْهُ وُضْعًا ، يُرِيدُ: مَا حَمَلَتْهُ عَلَى حَيْضٍ ، وَقَوْلُهُمْ: وَلَا أَرْضَعَتْهُ غَيْلًا يَعْنُونَ: أَنْ تُوطَأَ وَهِيَ مُرْضِعٌ ، وَلَا وَضَعَتْهُ يَتْنًا يَعْنُونَ: أَنْ يَخْرُجَ رِجْلَاهُ قَبْلَ يَدَيْهِ فِي الْوِلَادَةِ ، يُقَالُ مِنْهُ: مُوتِنٌ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي وَلَدَتْهُ كَذَلِكَ ، وَلِلْوَلَدِ مُوتَنٌ ، وَقَوْلُهُمْ: وَلَا أَبَاتَتْهُ مِئْقًا ، وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: وَلَا أَبَاتَتْهُ عَلَى مَأَقَةٍ ، فَإِنَّهُ شِدَّةُ الْبُكَاءِ. فَدَلَّ ذَلِكَ فِي الْغَيْلِ عَلَى مَا قَالَهُ مَالِكٌ فِيهِ. وَقَدْ رُوِيَ فِيمَا كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي إِبَاحَتِهِ وَطْءَ الْمُرْضِعِ.
3671 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو النَّضْرِ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ،
⦗ص: 294⦘
أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَ وَالِدَهُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: إِنِّي أَعْزِلُ عَنِ امْرَأَتِي؟ قَالَ " لِمَ؟ " قَالَ: أُشْفِقُ عَلَى الْوَلَدِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إِنْ كَانَ لِذَلِكَ فَلَا ، مَا كَانَ ضَارًّا فَارِسَ وَالرُّومَ " قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ فِيمَا أَجَازَهُ لَنَا عَلِيٌّ: فَأَمَّا قَوْلُهُ - يَعْنِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّهُ لَيُدْرِكُ الْفَارِسَ فَيُدَعْثِرُهُ " يَقُولُ: يَهْزِمُهُ وَيُطَحْطِحُهُ بَعْدَمَا صَارَ رَجُلًا قَدْ رَكِبَ الْخَيْلَ. وَاللهَ عز وجل نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.