الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ: " إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ وَلَمْ تُحْصَنْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ
"
3722 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ ، وَلَمْ تُحْصَنْ ، فَقَالَ:" إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ بِيعُوهَا ، وَلَوْ بِضَفِيرٍ " قَالَ مَالِكٌ: قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: لَا أَدْرِي بَعْدَ الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ ، وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ
3723 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ زَيْدٍ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ تَزْنِي قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ قَالَ:" إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، وَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، وَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا "، فَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ:" فَإِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا ، وَلَوْ بِضَفِيرٍ "
3724 -
حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ ، وَشِبْلٍ ، قَالُوا:" كُنَّا قُعُودًا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: جَارِيَتِي زَنَتْ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " اجْلِدْهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَاجْلِدْهَا ، فَإِنْ زَنَتْ فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي حَدِيثِهِ: " وَلَمْ تُحْصَنْ "
3725 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنْ صَالِحٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، أَنَّ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رضي الله عنه ، أَخْبَرَاهُ أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْأَمَةِ تَزْنِي وَلَمْ تُحْصَنْ قَالَ:" اجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " بَعْدَ الثَّالِثَةِ ، أَوِ الرَّابِعَةِ
3726 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ - يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي أُوَيْسٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي ابْنَ بِلَالٍ قَالَ: قَالَ يَحْيَى - يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ ، وَأَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، أَنَّ
⦗ص: 343⦘
عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ ، حَدَّثَهُ ، أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ، وَزَيْدَ بْنَ خَالِدٍ رضي الله عنهما ، حَدَّثَاهُ ، أَنَّهُمَا سَمِعَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يُسْأَلُ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ؟ قَالَ:" فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " ، بَعْدَ الثَّالِثَةِ ، أَوِ الرَّابِعَةِ. وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَمْرُهُ فِي الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيهِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا ذَلِكَ الْجَلْدُ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا ذُكِرَ فِي الزِّنَى مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ حُكْمَهَا فِيهِ إِذَا كَانَ مِنْهَا ، وَقَدْ أُحْصِنَتْ ، بِخِلَافِ ذَلِكَ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَا كَانَ لِذِكْرِ الْإِحْصَانِ فِيهِ مَعْنًى. وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ.
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ أَبِي عَقِيلٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " لَيْسَ عَلَى الْمَمْلُوكِينَ ، وَلَا عَلَى أَهْلِ
⦗ص: 344⦘
الْأَرْضِ قَطْعٌ " ، يُرِيدُ أَهْلَ الذِّمَّةِ " هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرٍو مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَدْ رَوَاهُ مُوسَى بْنُ دَاوُدَ ، عَنِ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ مَرْفُوعًا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
3727 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: " لَيْسَ عَلَى الْعَبْدِ الْآبِقِ إِذَا سَرَقَ قَطْعٌ ، وَلَا عَلَى الذِّمِّيِّ "
⦗ص: 345⦘
قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَكِتَابُ اللهِ عز وجل قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ، وَذَكَرَ قَوْلَ اللهِ عز وجل فِيهِ:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} [النساء: 24] ، وَهُنَّ الْمَسْبِيَّاتُ ، ثُمَّ قَالَ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، وَهَذَا الْحَرْفُ مِمَّا قَدِ اخْتَلَفَ الْقُرَّاءُ فِيهِ ، فَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِالْفَتْحِ ، وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ الْبَزَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ ، عَنْ سَعِيدٍ - وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنِ النَّخَعِيِّ ، أَنَّ مِعْقَلَ بْنَ مُقَرِّنٍ سَأَلَ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقَالَ: أَمَتِي زَنَتْ؟ فَقَالَ: " اجْلِدْهَا خَمْسِينَ "، قَالَ: إِنَّهَا لَمْ تُحْصَنْ ، فَقَالَ:" أَلَيْسَتْ مُسْلِمَةً؟ "، قَالَ: بَلَى ، قَالَ:" فَإِسْلَامُهَا إِحْصَانُهَا "
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ ، عَنْ أَبَانَ الْعَطَّارِ ، عَنْ عَاصِمٍ ، عَنْ زِرٍّ:(فَإِذَا أَحْصَنَّ) يَقُولُ: " إِذَا أَسْلَمْنَ "، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ مَسْعُودٍ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ هِشَامٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ مُقَرِّنٍ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْحَدِيثِ ، وَقَالَ فِي الرَّابِعَةِ:" بِعْهَا ". قَالَ خَلَفٌ: وَكَذَلِكَ يَقْرَؤُهُ الْأَعْمَشُ ، وَعَاصِمٌ ، وَحَمْزَةُ ، وَقَرَأَهُ بَعْضُهُمْ بِالضَّمِّ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] ، وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبَّاسٍ
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا خَلَفٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَفَّافُ ، عَنْ هَارُونَ الْأَعْوَرِ ، عَنْ أَبَانَ بْنِ تَغْلِبَ ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ} [النساء: 25] ، يَعْنِي بِالزَّوَاجِ " وَمِمَّنْ قَرَأَهُ كَذَلِكَ نَافِعٌ ، وَأَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ.
⦗ص: 348⦘
قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّ الْأَمَةَ إِذَا زَنَتْ ، أَوْ كَانَ مِنْهَا مَا يُوجِبُ حَدًّا عَلَى مَنْ سِوَاهَا مِنْ سَرَقَةٍ ، وَمِمَّا سِوَاهَا قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا الْإِحْصَانُ الَّذِي فِي هَذِهِ الْآيَةِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا إِقَامَةُ عُقُوبَةٍ مَا أَتَتْ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَى ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ فِيَ الْحَدِيثِ الَّذِي رُوِّينَاهُ فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَيْدٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ وَلَمْ تُحْصَنْ ، فَأَمَرَ بِجَلْدِهَا ، وَفِي أَمْرِهِ بِجَلْدِهَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْعُقُوبَةِ فِي الزِّنَى عَلَيْهَا ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَأْمُرْ بِجَلْدِهَا. قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: أَمَّا أَمْرُهُ بِجَلْدِهَا ، فَكَمَا قَدْ ذَكَرْتَ ، وَذَلِكَ عَلَى الْأَدَبِ لَا عَلَى الْحَدِّ ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ حَدًّا ،
⦗ص: 349⦘
وَإِنَّمَا ذَكَرَ فِيهِ جَلْدًا قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ أَيْضًا عَنْ غَيْرِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَعَنْ غَيْرِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ بِمِثْلِ ذَلِكَ بِغَيْرِ ذِكْرِ حَدٍّ فِيهِ.
3728 -
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ شِبْلَ بْنَ حَامِدٍ الْمُزَنِيَّ ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَالِكٍ الْأُوَيْسِيَّ أَخْبَرَهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِلْوَلِيدَةِ: " إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَاجْلِدُوهَا ، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ ، فِي الثَّالِثَةِ ، أَوِ الرَّابِعَةِ. وَأَخْبَرَهُ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ صَاحِبُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَ ذَلِكَ. هَكَذَا قَالَ لَنَا يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْحَدِيثِ: شِبْلُ بْنُ حَامِدٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ خُلَيْدٍ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَالِكٍ الْأُوَيْسِيَّ ، وَإِنَّمَا هُوَ الْأَوْسِيُّ
3729 -
وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ
⦗ص: 350⦘
الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ ، عَنِ الزُّبَيْدِيِّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ، أَنَّ شِبْلَ بْنَ خُلَيْدٍ الْمُزَنِيَّ ، أَخْبَرَهُ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَالِكٍ الْأَوْسِيَّ أَخْبَرَهُ ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً
3730 -
وَكَذَلِكَ حَدَّثَنَاهُ ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ سَوَاءً قَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَإِنَّمَا الَّذِي فِي هَذِهِ الْآثَارِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ جَلْدِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ ، إِنَّمَا هُوَ أَدَبٌ لَا حَدٌّ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ تَوْقِيتٌ مِنَ الْجَلْدِ ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي الْحَدِّ؛ لِأَنَّ الْآدَابَ إِنَّمَا تَكُونُ عَلَى مَقَادِيرِ الْأَجْرَامِ ، وَالْأَجْرَامُ قَدْ تَخْتَلِفُ ، فَتَتَفَاضَلُ الْآدَابُ فِيهَا ، فَالْقَصْدُ إِلَى مِقْدَارٍ مِنَ الْجَلْدِ دَلِيلٌ أَنَّهُ أُرِيدُ بِهِ الْحَدَّ لَا الْأَدَبَ ، وَالَّذِي رُوِيَ مِمَّا فِيهِ ذِكْرُ الْمِقْدَارِ فِي الْجَلْدِ.
3731 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّاغَانِيُّ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الْجَوَّابِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ:" أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَجُلٌ قَالَ: جَارِيَتِي زَنَتْ ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا ، قَالَ: " اجْلِدْهَا خَمْسِينَ " ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: عَادَتْ ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا قَالَ: " اجْلِدْهَا خَمْسِينَ " ، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: عَادَتْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا قَالَ: " بِعْهَا وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعْرٍ "
3732 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ يَعْنِي ابْنَ وَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى وَهُوَ ابْنُ أَعْيَنَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاشِدٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، أَنَّهُ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: إِنَّ وَلِيدَتِي زَنَتْ قَالَ: " اجْلِدْهَا خَمْسِينَ "، قَالَ: فَإِنْ عَادَتْ؟ قَالَ: " فَعُدْ " قَالَ: فَإِنْ عَادَتْ؟ قَالَ: " فَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " فِي الثَّالِثَةِ ، أَوِ
⦗ص: 352⦘
الرَّابِعَةِ. وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَالتَّوْقِيتُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْجَلْدُ حَدٌّ ، لَا مَا سِوَاهُ ، وَقَدْ وَجَدْنَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ مَا هُوَ أَكْشَفُ مِنْ هَذَا.
3733 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ ، قَالُوا: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ ، هَكَذَا قَالَ رَبِيعٌ ، وَأَمَّا مُحَمَّدٌ فَقَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ ، وَأَمَّا بَحْرٌ فَقَالَ: قُرِئَ عَلَى شُعَيْبٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالُوا: عَنِ اللَّيْثِ ، أَخْبَرَهُ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا " قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ". ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: " ثُمَّ لِيَبِعْهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ "
⦗ص: 353⦘
3734 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَبَا سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيَّ
3735 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ
3736 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يَزِيدَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، عَنْ سَعِيدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا ، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ وَلَا يُثَرِّبْ " ثَلَاثًا ، زَادَ قُتَيْبَةُ:" وَإِنْ زَنَتْ فَبِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ " وَاللَّفْظُ لِمُحَمَّدٍ.
⦗ص: 354⦘
3737 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، فَذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ سُفْيَانُ: يَعْنِي بِقَوْلِهِ: يُثَرِّبْ: يُعَيِّرْ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَقَامَتِ الْحُجَّةُ لَنَا عَلَى مُخَالِفِنَا هَذَا فِي الْجَلْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذِهِ الْآثَارِ ، أَنَّهُ الْحَدُّ لَا الْأَدَبُ ، وَفِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدَّ عَلَى الْأَمَةِ فِي زِنَاهَا ، وَإِنْ لَمْ تُحْصَنِ الْإِحْصَانَ الْمُرَادَ الَّذِي فِي الْآيَةِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِيهَا ، وَقَدْ شَدَّ هَذَا الْمَعْنَى.
3738 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ الْعَبْدِيُّ ، وَمُوسَى بْنُ مَسْعُودٍ - يَعْنِي أَبَا حُذَيْفَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى الثَّعْلَبِيِّ ، عَنْ مَيْسَرَةَ أَبِي جَمِيلَةَ الطُّهَوِيِّ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَالَ:" زَنَتْ جَارِيَةٌ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَمَرَنِي أَنْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدَّ ، فَإِذَا هِيَ لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا ، وَلَمْ تَطْهُرْ ، فَقُلْتُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: إِنَّهَا لَمْ تَجِفَّ مِنْ دَمِهَا ، وَلَمْ تَطْهُرْ؟ قَالَ: " فَإِذَا
⦗ص: 355⦘
طَهُرَتْ ، فَأَقِمْ عَلَيْهَا الْحَدَّ " وَقَالَ:" أَقِيمُوا الْحُدُودَ عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " قَالَ: فَقَالَ الْقَائِلُ الَّذِي ذَكَرْنَا: فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ تِلْكَ الْأَمَةُ قَدْ كَانَتْ أُحْصِنَتْ قَبْلَ ذَلِكَ ، إِمَّا بِتَزْوِيجٍ ، وَإِمَّا بِإِسْلَامٍ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ ، غَيْرَ أَنَّ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " أَقِيمُوا الْحُدُودَ
⦗ص: 356⦘
عَلَى مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ " ، بِغَيْرِ ذِكْرِ إِحْصَانٍ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ وَاجِبَةٌ عَلَى مَا مَلَكَتْ إِيمَانُنَا بِلَا اشْتِرَاطِ إِحْصَانٍ ، وَلَا غَيْرِهِ فِيهِمْ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: " وَلَمْ تُحْصَنْ " ، فِيمَا رُوِّيتُمْ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي رُوِّيتُمُوهَا فِي ذَلِكَ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إِلَى أَنْ قَالَ ذَلِكَ الْقَوْلَ فِي عُقُوبَاتِ الْإِمَاءِ إِذَا زَنَيْنَ هُوَ عَلَى حُكْمِهِنَّ إِذَا لَمْ يُحْصَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ ، وَكَانَ مَعْقُولًا أَنَّ عُقُوبَةَ الْمُحْصَنِ فِي الزِّنَى أَغْلَظُ مِنْ عُقُوبَةِ غَيْرِ الْمُحْصَنِ فِيهِ؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْمُحْصَنِ مِنَ الْأَحْرَارِ يُجْلَدُ فِي ذَلِكَ ، وَالْمُحْصَنُ فِيهِ مِنْهُمْ يُرْجَمُ ، وَالرَّجْمُ أَغْلَظُ مِنَ الْجَلْدِ ، فَكَانَ الْحُكْمُ مِنَ اللهِ عز وجل الَّذِي أَعْلَمَهُ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم ، إِلَى أَنْ كَانَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْجَوَابُ الْمَذْكُورُ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْآثَارِ فِي عُقُوبَةِ الْأَمَةِ إِذَا زَنَتْ هُوَ فِي الزِّنَى الَّذِي يَكُونُ مِنْهَا قَبْلَ الْإِحْصَانِ ، ثُمَّ أَبَانَ اللهُ عز وجل أَنَّ حُكْمَهَا بَعْدَ أَنْ تُحْصَنَ كَحُكْمِهَا قَبْلَ أَنْ تُحْصَنَ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا مِنْهُ وَرَحْمَةً ، فَقَالَ: {فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] يَعْنِي الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْحَرَائِرِ ، وَكَانَ ذَلِكَ الِاشْتِرَاطُ مِنْهُ عز وجل قَبْلَ ذَلِكَ كَاشْتِرَاطِهِ فِي قَوْلِهِ: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [النساء: 101] ، فَكَانَ ذَلِكَ عَلَى رَفْعِ الْجَنَاحِ ، وَإِبَاحَةِ الْقَصْرِ إِذَا خِيفَ فِتْنَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، ثُمَّ تَصَدَّقَ اللهُ عز وجل عَلَى عِبَادِهِ بِمَا قَدْ ذَكَرَهُ فِي جَوَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعُمَرَ رضي الله عنه ، حِينَ سَأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ لَهُ: " صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ بِهَا عَلَيْكُمْ ، فَاقْبَلُوا صَدَقَتَهُ "
3739 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ،
⦗ص: 357⦘
ح ، وَكَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهْ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: قُلْتُ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه: إِنَّمَا قَالَ اللهُ عز وجل: {أَنْ تَقْصُرُوا} [النساء: 101] مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ قَالَ: عَجِبْتُ مِمَّا عَجِبْتَ مِنْهُ ، فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:" صَدَقَةٌ تَصَدَّقَ اللهُ عَلَيْكُمْ بِهَا ، فَاقْبَلُوهَا " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَيْ: أَنَّهُ عز وجل أَمْضَى لَكُمْ مَا كَانَ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْكُمْ إِذَا خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَصْرِ الصَّلَاةِ ، وَإِنْ أَمِنْتُمْ أَنْ يَفْتِنُوكُمْ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ مَا كَانَ عز وجل أَعْلَمَهُ رَسُولَهُ فِي حَدِّ الْإِمَاءِ فِي الزِّنَى قَبْلَ أَنْ يُحْصَنَّ مِمَّا أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، فَكَانَ الْمُنْتَظَرُ فِي حَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يُحْصِنَّ مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْ ذَلِكَ ، فَتَصَدَّقَ عز وجل عَلَيْهِنَّ ، وَرَحِمَهُنَّ ، فَجَعَلَهُ بَعْدَ أَنْ يُحْصَنَّ كَهُوَ قَبْلَ أَنْ يُحْصَنَّ بِلَا زِيَادَةٍ عَلَيْهِنَّ فِي ذَلِكَ ، وَلَا تَغْلِيظٍ عَلَيْهِنَّ فِيهِ.
⦗ص: 358⦘
فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عز وجل لَمَّا رَدَّهُنَّ إِلَى نِصْفِ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ ، وَكَانَ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ فِي ذَلِكَ هُوَ الرَّجْمُ ، وَالرَّجْمُ لَا نِصْفَ لَهُ أَنْ يَكُونَ ، يَجِبُ عَلَيْهِنَّ جَمِيعُ مَا يَجِبُ عَلَى الْمُحْصَنَةِ ، كَمَا قَالَ عز وجل:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، ثُمَّ قَالَ فِي الْمَمَالِيكِ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، وَكَانَ الْقَطْعُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ نِصْفٌ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ ، وَجَبَ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعَبِيدِ ، فَمِثْلُ ذَلِكَ الرَّجْمُ ، لَمَّا كَانَ لَا نِصْفَ لَهُ مَقْدُورًا عَلَيْهِ يَجِبُ بِكُلِّيَّتِهِ عَلَى الْعَبِيدِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ قَدْ مَنَعَ مِنْ هَذَا؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْأَمَةِ الْمُتَزَوِّجَةِ الْمُسْلِمَةِ إِذَا زَنَتْ أَنَّهُ لَا رَجْمَ عَلَيْهَا ، وَفِي إِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ اللهَ عز وجل لَمْ يُرِدْ بِالْعَبِيدِ فِي ذَلِكَ نِصْفَ الرَّجْمِ الَّذِي لَا نِصْفَ لَهُ ، وَلَكِنَّهُ أَرَادَ نِصْفَ الْجَلْدِ الَّذِي لَهُ نِصْفٌ مَعْلُومٌ عَلَى مَا فِي الْآثَارِ الَّتِي رُوِّينَاهَا فِي ذَلِكَ ، وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا مَا قَدْ وَجَبَ بِهِ اسْتِوَاءُ حُكْمِ الْمَمَالِيكِ فِي الْعُقُوبَاتِ فِي إِتْيَانِ الْفَوَاحِشِ قَبْلَ أَنْ يُحْصَنُوا ، وَبَعْدَ أَنْ يُحْصَنُوا ، وَفِيمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فِي السَّرِقَةِ لِتَأْوِيلِهِ قَوْلَ اللهِ عز وجل فِي الْإِمَاءِ:{فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] ، عَلَى أَنَّ الْحُدُودَ إِنَّمَا تَجِبُ عَلَى مَنْ قَدْ أُحْصِنَ لَا عَلَى مَنْ سِوَاهُ ، وَقَدْ دَفَعَ ذَلِكَ حَدِيثُ عَلِيٍّ رضي الله عنه الَّذِي قَدْ رُوِّينَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَجْمِهِ الْيَهُودِيَّيْنِ لَمَّا زَنَيَا مِمَّا سَنَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعُهُ مِمَّا بَعْدُ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا إِنْ شَاءَ اللهُ عز وجل ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.