الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّوَافِ الْوَاجِبِ عَلَى الْقَارِنِ لِلْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ ، هَلْ هُوَ طَوَافٌ وَاحِدٌ ، أَوْ طَوَافَانِ
؟
3838 -
حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهَا:" إِذَا رَجَعْتِ إِلَى مَكَّةَ ، فَإِنَّ طَوَافَكِ لِحَجِّكِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكِ وَعُمْرَتِكِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: هَكَذَا وَجَدْنَا هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَقَدْ وَجَدْنَاهُ مِنْ رِوَايَةِ غَيْرِهِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ بِخِلَافِ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ ، وَهُمْ: عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ ،
⦗ص: 454⦘
وَحَجَّاجُ بْنُ أَرْطَأَةَ ، وَحَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ وَهُوَ حَبِيبُ بْنُ أَبِي بَقِيَّةَ.
3839 -
كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ الْأَنْصَارِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، وَأَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّهَا قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَكُلُّ أَهْلِكَ يَرْجِعُ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي؟ قَالَ:" انْفِرِي ، فَإِنَّهُ يَكْفِيكِ " قَالَ حَجَّاجٌ فِي حَدِيثِهِ ، عَنْ عَطَاءٍ:" فَأَلَظَّتْ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَخْرُجَ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَتُهِلَّ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ ، وَبَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَأَهَلَّتْ مِنْهُ بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ قَدِمَتْ فَطَافَتْ ، وَسَعَتْ ، وَقَصَّرَتْ ، وَذَبَحَ عَنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ". قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ عَطَاءٍ: ذَبَحَ عَنْهَا بَقَرَةً
3840 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيُّ ، عَنْ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما: "
⦗ص: 455⦘
أَنَّ عَائِشَةَ حَاضَتْ ، فَنَسَكَتِ الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا غَيْرَ أَنَّهَا لَمْ تَطُفْ بِالْبَيْتِ ، فَلَمَّا طَهُرَتْ وَأَفَاضَتْ قَالَتْ:" يَا رَسُولَ اللهِ ، أَتَنْطَلِقُونَ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، وَأَنْطَلِقُ بِالْحَجِّ؟ " ، فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَاعْتَمَرَتْ بَعْدَ الْحَجِّ فِي ذِي الْحِجَّةِ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ بَقِيَتْ فِي حُرْمَةِ الْعُمْرَةِ الَّتِي كَانَتْ قَدْ أَحْرَمَتْ بِهَا ، حَتَّى حَلَّتْ مِنْهَا وَمِنَ الْحِجَّةِ الَّتِي كَانَتْ أَحْرَمَتْ بِهَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ، وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي كَانَ مِنْهَا كَانَ لِلْحِجَّةِ وَلِلْعُمْرَةِ ، كَمَا يَكُونُ طَوَافُ الْقَارِنِ فِي حِجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ لَهُمَا ، غَيْرَ أَنَّ الْحَرْفَ الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ الْمُضَافِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ لَهَا:" طَوَافُكِ لِحَجَّتِكِ يَكْفِيكِ لِحَجَّتِكَ وَلِعُمْرَتِكِ " ، يَبْعُدُ فِي الْقُلُوبِ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ الْحِجَّةَ إِذَا كَانَ لَهَا طَوَافٌ غَيْرُ طَوَافِ الْعُمْرَةِ ، كَانَ لَهَا لَا لِلْعُمْرَةِ ، وَإِنْ كَانَ الطَّوَافُ لَهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَجُزْ أَنْ يُضَافَ إِلَى الْحِجَّةِ دُونَ الْعُمْرَةِ ، وَلَا
⦗ص: 456⦘
إِلَى الْعُمْرَةِ دُونَ الْحِجَّةِ ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، وَالْحَجَّاجِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:" أَكُلُّ أَهْلِكَ يَرْجِعُ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ غَيْرِي؟ " قَالَ: فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ فِي عُمْرَةٍ ، وَإِنَّمَا كَانَتْ فِي حِجَّةٍ لَا عُمْرَةَ مَعَهَا ، وَلَمْ يُنْكِرِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهَا ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ حِينَئِذٍ فِي عُمْرَةٍ ، فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الطَّوَافُ الَّذِي كَانَ مِنْهَا يُجْزِئُهَا لِعُمْرَةٍ لَمْ تَكُنْ فِيهَا بَعْدُ ، فَقَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ عَلَى عَطَاءٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَنْ عَائِشَةَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا ، فَتَكَافَأَتِ الرِّوَايَتَانِ جَمِيعًا عَنْهُ ، وَلَمْ تَكُنْ إِحْدَاهُمَا أَوْلَى مِنَ الْأُخْرَى إِلَّا بِدِلَالَةٍ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ سِوَاهُمَا. ثُمَّ هَذَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ قَدْ رَوَى عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ مَا يَدُلُّ عَلَى مَا رَوَى عَبْدُ الْمَلِكِ ، وَحَجَّاجٌ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَيُخَالِفُ مَا رَوَى ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ عَطَاءٍ لِنَقِفَ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ الْمَعْنَى إِنْ شَاءَ اللهُ.
3841 -
فَوَجَدْنَا يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ
3842 -
وَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ بْنَ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، ح وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي ، وَشُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَا: أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا ، فَقَالُوا: عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ،
⦗ص: 457⦘
عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عَائِشَةَ فَوَجَدَهَا تَبْكِي ، فَقَالَ: " مَا شَأْنُكِ؟ " قَالَتْ: شَأْنِي أَنِّي حِضْتُ ، وَقَدْ حَلَّ النَّاسُ ، وَلَمْ أَحِلَّ ، وَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ ، وَالنَّاسُ يَذْهَبُونَ إِلَى الْحَجِّ الْآنَ ، قَالَ: " فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ كَتَبَهُ اللهُ عز وجل عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَاغْتَسِلِي ثُمَّ أَهِلِّي بِالْحَجِّ " ، فَفَعَلَتْ ، وَوَقَفَتِ الْمَوَاقِفَ ، حَتَّى إِذَا طَهُرَتْ طَافَتْ بِالْكَعْبَةِ ، وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ قَالَ: " قَدْ حَلَلْتِ مِنْ حَجِّكِ وَعُمْرَتِكِ جَمِيعًا " ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنِّي أَجِدُ فِي نَفْسِي أَنِّي لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ حَتَّى حَجَجْتُ؟ قَالَ: " فَاذْهَبْ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ " ، وَذَلِكَ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ "
3843 -
وَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ خُزَيْمَةَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْجَهْمِ الْعَبْدِيُّ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
⦗ص: 458⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْأَثَرِ ، أَنَّ خُرُوجَ عَائِشَةَ كَانَ مِنْ عُمْرَتِهَا وَمَنْ حِجَّتِهَا مَعًا ، وَذَلِكَ يَشُدُّ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْهَا فِي قِصَّتِهَا هَذِهِ ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ حَبِيبٍ الْمُعَلِّمِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ جَابِرٍ فِي قِصَّتِهَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ خِطَابِهَا لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا لَمْ يُنْكِرْهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" أَتَنْطَلِقُونَ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، وَأَنْطَلِقُ بِالْحَجِّ؟ " ، فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ فِي حَجٍّ لَا عُمْرَةَ مَعَهُ ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي عُمْرَةٍ وَحَجٍّ لَكَانَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا فِي ذَلِكَ سَوَاءً ، وَلَمَا كَانُوا يَفْضُلُونَهَا فِي ذَلِكَ بِشَيْءٍ ، وَلَا احْتَاجَتْ إِلَى عُمْرَةٍ بَعْدَ الْحَجِّ ، وَبَعْدَ الْعُمْرَةِ اللَّذَيْنِ كَانَا مِنْهَا. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ هَذِهِ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ جَابِرٍ كَيْفَ كَانَتْ؟ فَوَجَدْنَا الْأَسْوَدَ بْنَ يَزِيدَ قَدْ رَوَى عَنْهَا فِيهَا.
3844 -
مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " خَرَجْنَا ، وَلَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ ، فَلَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ ، طَافَ بِالْبَيْتِ وَلَمْ يَحِلَّ ، وَكَانَ مَعَهُ الْهَدْي ، فَحَاضَتْ هِيَ قَالَتْ: فَقَضَيْنَا مَنَاسِكَنَا مِنْ حَجِّنَا ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ ، لَيْلَةُ النَّفْرِ قَالَتْ:
⦗ص: 459⦘
يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيَرْجِعُ أَصْحَابُكَ كُلُّهُمْ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ ، وَأَرْجِعُ أَنَا بِحَجٍّ؟ قَالَ:" أَمَا كُنْتِ تَطَوَّفْتِ بِالْبَيْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ " قَالَ: " فَانْطَلِقِي مَعَ أَخِيكِ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَأَهِلِّي بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ مَوْعِدُكَ كَذَا وَكَذَا "
3845 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْوَلِيدِ النَّرْسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مِثْلَهُ ، وَزَادَ:" مَا كُنْتِ طُفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا "، قُلْتُ:" لَا "
3846 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ
3847 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ
⦗ص: 460⦘
قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْأَثَرِ: قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَائِشَةَ: " أَمَا كُنْتِ تَطَوَّفْتِ لَيَالِيَ قَدِمْنَا؟ " ، وَإِخْبَارُهَا إِيَّاهُ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ طَافَتْ ، فَوَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَنَا - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ طَافَتْ لَيَالِيَ قَدِمُوا لَكَانَتِ الْعُمْرَةُ قَدْ تَمَّتْ لَهَا ، وَأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ طَافَتْ حِينَئِذٍ كَانَتْ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي أَمْرِهَا بِالِاعْتِمَارِ مِنَ التَّنْعِيمِ ، لِيَكُونَ لَهَا عُمْرَةٌ مَعَ الْحِجَّةِ الَّتِي صَارَتْ لَهَا ، وَفِي أَمْرِهِ إِيَّاهَا أَنْ تَعْتَمِرَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ خَرَجَتْ مَعَ الْعُمْرَةِ الْأُولَى قَبْلَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ جَمِيعًا أَنْ تَدْخُلَ عُمْرَةٌ عَلَى عُمْرَةٍ ، وَإِنَّ فَاعِلًا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكَانَ مُسِيئًا ، ثُمَّ يَخْتَلِفُونَ فِيمَا يَجِبُ عَلَيْهِ ، فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَا يَلْزَمُهُ وَهُوَ فِي حُكْمِ مَنْ لَمْ يُحْرِمْ بِهَا ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ
⦗ص: 461⦘
عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ. وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: قَدْ لَزِمَتْهُ ، فَإِذَا عَمِلَ فِي الْأُولَى ، صَارَ رَافِضًا لِهَذِهِ الَّتِي أَحْرَمَ بِهَا ، وَكَانَ عَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ ، حَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ: لَمَّا أَحْرَمَ بِهَا لَزِمَتْهُ ، وَكَانَ حِينَئِذٍ رَافِضًا لَهَا ، وَعَلَيْهِ دَمٌ لِرَفْضِهَا ، وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا ، وَمِمَّنْ قَالَ بِذَلِكَ: أَبُو يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، وَقَدْ ذَكَرَ لَنَا مُحَمَّدٌ فِي رِوَايَتِهِ هَذِهِ عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، أَنَّهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ أَيْضًا. وَأَمَّا قَوْلُ مُحَمَّدٍ الْأَخِيرُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ هَذَا ، فَإِنَّ سُلَيْمَانَ بْنَ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيَّ حَدَّثَنَاهُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدٍ. وَلَمَّا كَانَ إِدْخَالُ الْعُمْرَةِ عَلَى الْعُمْرَةِ غَيْرَ مَحْمُودٍ عِنْدَ جَمِيعِهِمْ ، اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُ عَائِشَةَ بِمَا لَا حَمْدَ فِيهِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهَا قَدْ كَانَتْ خَرَجَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا بِتَرْكِهَا الطَّوَافَ لَهَا لَيَالِيَ قَدِمُوا ، إِمَّا بِتَوْجِيهِهَا إِلَى عَرَفَةَ مُرِيدَةً لِلْحَجِّ ، كَمَا تَقُولُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ: " إِنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ فِي حِجَّةٍ ، أَوْ كَانَ
⦗ص: 462⦘
فِي عُمْرَةٍ وَحِجَّةٍ ، فَتَوَجَّهَ إِلَى عَرَفَةَ ، وَلَمْ يَطُفْ لِعُمْرَتِهِ ، أَنَّهُ بِذَلِكَ رَافِضٌ لِعُمْرَتِهِ ، وَعَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا ". حَدَّثَنَا بِذَلِكُ مِنْ قَوْلِهِ سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. وَطَائِفَةٌ تَقُولُ: لَا يَكُونُ رَافِضًا لَهَا حَتَّى يَقِفَ بِعَرَفَةَ بَعْدَ الزَّوَالِ ، فَيَكُونَ حِينَئِذٍ رَافِضًا لَهَا ، وَيَكُونَ عَلَيْهِ لِرَفْضِهَا دَمٌ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ الَّذِي يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآخَرِ. حَدَّثَنَاهُ مِنْ قَوْلِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي يُوسُفَ ، عَنْهُ. فَكَانَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها رَافِضَةً لِعُمْرَتِهَا بِإِحْدَى أَمْرَيْنِ: إِمَّا بِتَوَجُّهِهَا إِلَى عَرَفَةَ لِحِجَّتِهَا ، أَوْ بِوُقُوفِهَا بِعَرَفَةَ لِحِجَّتِهَا ، وَاللهُ عز وجل أَعْلَمُ بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ ، فَاسْتَحَالَ بِذَلِكَ إِنْ كَانَتْ قَارِنَةً ، وَثَبَتْ أَنَّهَا كَانَتْ مُفْرِدَةً بِحِجَّةٍ ، لَا عَمْرَةَ مَعَهَا ، إِذْ كَانَتْ قَدْ خَرَجَتْ مِنْ عُمْرَتِهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِمَا خَرَجَتْ بِهِ مِنْهُ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ وَجَدْنَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ مَا يَدُلُّ أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَارِنَةً؛ لِأَنَّ فِيهِ ذَبْحُهُ عَنْهَا بَقَرَةً ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا لِذَبْحٍ عَلَيْهَا ، فِيمَا كَانَتْ فِيهِ ، وَهُوَ قِرَانُهَا الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ.
3848 -
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ،
⦗ص: 463⦘
أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ يَقُولُ: " نَحَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ عَائِشَةَ بَقَرَةً فِي حَجِّهِ " فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَبَحَ عَنْهَا مَا ذَبَحَ لِرَفْضِهَا لِلْعُمْرَةٍ وَخُرُوجِهَا مِنْهَا قَبْلَ تَمَامِهَا ، كَمَا يَقُولُ مَنْ قَدْ ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الْعُمْرَةِ إِذَا رُفِضَتْ قَبْلَ تَمَامِهَا: عَلَى رَافِضِهَا دَمٌ ، وَإِذَا احْتَمَلَ الْحَدِيثُ مَا ذَكَرْنَاهُ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دَلِيلٌ لَكَ عَلَى مَا ذَكَرْتَ ، ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قِصَّةِ عَائِشَةَ عَنْهَا هَذِهِ مِنْ غَيْرِ رِوَايَةِ الْأَسْوَدِ عَنْهَا ، فَوَجَدْنَا عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ قَدْ رَوَاهَا عَنْهَا بِمَا يُوجِبُ أَيْضًا خُرُوجَهَا مِنْ عُمْرَتِهَا تِلْكَ قَبْلَ تَوَجُّهِهَا إِلَى عَرَفَةَ ، وَقَبْلَ إِحْرَامِهَا بِالْحَجِّ.
3849 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: " خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُوَافِينَ هِلَالَ ذِي
⦗ص: 464⦘
الْحِجَّةِ ، فَأَرْدَفَنِي فِي يَوْمِ عَرَفَةَ ، وَأَنَا حَائِضٌ ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" دَعِي عُمْرَتَكِ ، وَانْقُضِي شَعْرَكِ ، وَامْتَشِطِي ، وَلَبِّي بِالْحَجِّ " ، فَلَمَّا كَانَتْ لَيْلَةُ الْبَطْحَاءِ طَهُرَتْ ، فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ ، فَذَهَبَ بِهَا إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَلَبَّتْ بِالْعُمْرَةِ قَضَاءً لِعُمْرَتِهَا "
3850 -
كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ الْمُؤَذِّنُ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:" كُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ - تَعْنِي مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فِي حِجَّتِهِ - فَحِضْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَنْقُضَ رَأْسِي ، وَأَمْتَشِطَ ، وَأَدَعَ عُمْرَتِي "
3851 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ ،
⦗ص: 465⦘
عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" قَدِمْنَا مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ ، فَلَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ ، وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: " انْقُضِي شَعْرَكِ ، وَامْتَشِطِي ، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ ، وَدَعِي الْعُمْرَةَ " ، فَفَعَلْتُ ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ فَاعْتَمَرْتُ ، فَقَالَ: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ "
⦗ص: 466⦘
3852 -
كَمَا حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، وَمَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ ، غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ: فَقَالَ: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ " فَفِيمَا رُوِّينَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ خُرُوجِهَا كَانَتْ مِنَ الْعُمْرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِيهَا قَبْلَ دُخُولِهَا فِي الْحِجَّةِ الَّتِي أَحْرَمَتْ بِهَا ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهَا فِي وَقْتِ طَوَافِهَا كَانَتْ فِي حِجَّةٍ لَا عَمْرَةَ مَعَهَا. ثُمَّ نَظَرْنَا فِي قِصَّتِهَا أَيْضًا مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ الْأَسْوَدِ وَعُرْوَةَ ، كَيْفَ كَانَتْ؟ فَوَجَدْنَا الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ قَدْ رَوَى فِيهَا أَيْضًا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ ، غَيْرَ أَنَّهُ خَالَفَهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ حَدِيثِهِ إِذَا وُقِفَ عَلَيْهِ ، تَبَيَّنَ مَا هُوَ ، ثُمَّ وَافَقَهُمَا فِي بَقِيَّتِهِ الَّتِي احْتَجْنَا إِلَى أَنْ نَأْتِيَ بِهِ مِنْ أَجْلِهَا.
3853 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَلَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ ، فَلَمَّا جِئْنَا سَرِفَ طَمِثْتُ ، فَدَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، وَأَنَا أَبْكِي فَقَالَ: " مَا يُبْكِيكِ "؟ فَقُلْتُ: لَوَدِدْتُ أَنِّي لَمْ أَحُجَّ الْعَامَ ،
⦗ص: 467⦘
قَالَ: " لَعَلَّكِ نَفِسْتِ؟ " قُلْتُ: نَعَمْ ، قَالَ:" فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ قَدْ كَتَبَهُ اللهُ عَلَى بَنَاتِ آدَمَ ، فَافْعَلِي مَا يَفْعَلُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ "، فَلَمَّا جِئْنَا مَكَّةَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ:" اجْعَلُوهَا عُمْرَةً " ، فَجَعَلَ النَّاسُ إِلَّا مَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ ، فَكَانَ الْهَدْيُ مَعَهُ ، وَمَعَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما ، وَذِي الْيَسَارَةِ ، ثُمَّ أَهَلُّوا بِالْحَجِّ ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ طَهُرْتُ ، فَأَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَأَفَضْتُ ، حَتَّى إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ ، أَيَرْجِعُ النَّاسُ بِحِجَّةٍ وَعُمْرَةٍ ، وَأَرْجِعُ بِحِجَّةٍ؟ فَأَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، فَأَرْدَفَنِي خَلْفَهُ حَتَّى جِئْنَا التَّنْعِيمَ، فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ جَزَاءَ عُمْرَةِ النَّاسِ الَّتِي اعْتَمَرُوهَا "
⦗ص: 468⦘
فَفِي هَذَا الْأَثَرِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى خُرُوجِهَا ، كَانَتْ مِنَ الْعُمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ فِي حِجَّتِهِمُ الَّتِي كَانُوا فِيهَا ، وَعَائِشَةُ كَانَتْ مِنْهُمْ ، أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً. فَفِي ذَلِكَ أَيْضًا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ فِي وَقْتِ طَوَافِهَا فِي عُمْرَةٍ مَعَ الْحَجِّ. ثُمَّ نَظَرْنَا: هَلْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا غَيْرُهُمْ؟ فَوَجَدْنَا ابْنَ أَبِي مُلَيْكَةَ قَدْ وَافَقَهُمْ عَلَى ذَلِكَ.
3854 -
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ ، عَنْ نَافِعِ بْنِ عُمَرَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ بَكَّارٍ ، وَابْنِ خُزَيْمَةَ ، عَنْ عُثْمَانَ الْمُؤَذِّنِ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها ، الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ. وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا يَدْفَعُ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قِصَّتِهَا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَأْمُرُهَا أَنْ تَنْقُضَ بِهِ شَعْرَهَا ، وَهِيَ فِي حُرْمَةِ
⦗ص: 469⦘
عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَا يُسْقِطُ شَعْرَهَا ، وَلَا يَأْمُرُهَا أَنْ تَمْتَشِطَ ، لَا سِيَّمَا وَالْأَغْلَبُ فِي الِامْتِشَاطِ أَنَّهُ يَكُونُ بِالطِّيبِ ، أَوْ بِمَا يَمْنَعُ مِنَ الْإِحْرَامِ سِوَاهُ ، وَفِيهِ مَا هُوَ أَدَلُّ مِنْ هَذَا ، وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:" هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ " ، أَوْ " هَذِهِ قَضَاءٌ مِنْ عُمْرَتِكِ " ، وَلَا يَكُونُ الشَّيْءُ مَكَانَ الشَّيْءِ ، وَلَا قَضَاءً مِنْهُ ، إِلَّا وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَعْقُودًا قَبْلَهُ. ثُمَّ رَجَعْنَا إِلَى طَلَبِ الْحُكْمِ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَمِنْ غَيْرِ قِصَّتِهَا الَّتِي ذَكَرْنَا.
3855 -
فَوَجَدْنَا الرَّبِيعَ الْمُرَادِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ اللَّيْثِ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ:" أَرَادَ الْحَجَّ عَامَ نَزَلَ الْحَجَّاجُ بِابْنِ الزُّبَيْرِ ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ النَّاسَ كَائِنٌ بَيْنَهُمْ قِتَالٌ ، وَإِنَّا نَخَافُ أَنْ يَصُدُّوكَ ، فَقَالَ: " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ، إِذًا أَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ عُمْرَةً " ، ثُمَّ خَرَجَ ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِظَهْرِ الْبَيْدَاءِ قَالَ: " مَا شَأْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ إِلَّا وَاحِدٌ ، إِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ حَجًّا مَعَ عُمْرَتِي " ، وَأَهْدَى هَدْيًا اشْتَرَاهُ بِقُدَيدٍ ، فَانْطَلَقَ يُهِلُّ بِهِمَا جَمِيعًا ، حَتَّى قَدِمَ مَكَّةَ ، فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى ذَلِكَ ، وَلَمْ يَنْحَرْ ، وَلَمْ يَحْلِقْ ، وَلَمْ يُقَصِّرْ ، وَلَمْ يَحِلَّ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَيْهِ ، حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَنَحَرَ وَحَلَقَ ، وَرَأَى أَنْ قَدْ قَضَى طَوَافَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ بِطَوَافِهِ الْأَوَّلِ ، وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم. "
⦗ص: 470⦘
هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ الرَّبِيعُ ، عَنْ شُعَيْبٍ ، عَنِ اللَّيْثِ.
3856 -
وَأَمَّا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ فَحَدَّثْنَاهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي نَافِعٌ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ ، وَقَالَ:" كَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " وَهَذَانِ مُخْتَلِفَانِ؛ لِأَنَّ مَا فِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ مِنْ قَوْلِهِ: " وَكَذَلِكَ فِعْلُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم " يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ نَافِعٍ ، فَيَعُودُ إِلَى الِانْقِطَاعِ ، وَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي صَالِحٍ يُخْبِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عُمَرَ ، فَيُعِيدُهُ إِلَى الْإِيصَالِ. فَقَالَ قَائِلٌ: فَفِي هَذَا مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا طَافَ لِعُمْرَتِهِ وَلِحِجَّتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ سَالِمًا قَدْ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَا يُخْبِرُ بِهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ فِي حِجَّتِهِ تِلْكَ مُتَمَتِّعًا لَا قَارِنًا.
3857 -
كَمَا حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا
⦗ص: 471⦘
عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمٌ ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ:" تَمَتَّعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، وَأَهْدَى وَسَاقَ الْهَدْيَ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَبَدَأَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَهَلَّ بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ أَهَلَّ بِالْحَجِّ ، وَتَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا يُخْبِرُ أَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ قَدْ كَانَ قَبْلَ طَوَافِ الْحِجَّةِ؛ لِأَنَّ التَّمَتُّعَ هَكَذَا يُفْعَلُ ، وَلَأَنَّ إِحْرَامَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْحِجَّةِ إِنَّمَا كَانَ بَعْدَ مَا طَافَ لِلْحِجَّةِ الَّتِي تَحَوَّلَتْ عُمْرَةً.
3858 -
كَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَسَدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ:" دَخَلْنَا عَلَى جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ حِجَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَكَثَ تِسْعَ سِنِينَ لَمْ يَحُجَّ ، ثُمَّ أُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالْعَاشِرَةِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَاجٌّ ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ بَشَرٌ كَثِيرٌ يَلْتَمِسُ أَنْ يَأْتَمَّ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَخَرَجْنَا حَتَّى إِذَا أَتَيْنَا ذَا الْحُلَيْفَةِ ، أَهَلَّ بِالتَّوْحِيدِ ،
⦗ص: 472⦘
وَأَهَلَّ النَّاسُ بِهَذَا الَّذِي يُهِلُّونَ بِهِ ، وَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِمْ شَيْئًا ، وَلَزِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِرٌ: لَسْنَا نَنْوِي إِلَّا الْحَجَّ ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ ، حَتَّى إِذَا كُنَّا آخِرَ الطَّوَافِ عَلَى الْمَرْوَةِ قَالَ:" إِنِّي لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا سُقْتُ الْهَدْيَ ، وَجَعَلْتُهَا عُمْرَةً ، فَمَنْ كَانَ لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَحِلَّ ، وَلْيَجْعَلْهَا عُمْرَةً " ، فَحَلَّ النَّاسُ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ الْهَدْيُ " فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ طَافَ الطَّوَافَ الَّذِي عَادَ إِلَى الْعُمْرَةِ قَبْلَ ذَلِكَ ، فَكَانَتْ عُمْرَتُهُ صلى الله عليه وسلم قَدْ طَافَ لَهَا حِينَئِذٍ ، وَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الطَّوَافَ الَّذِي طَافَهُ بَعْدَ أَنْ رَجَعَ إِلَى مِنًى كَانَ طَوَافًا لِحِجَّتِهِ لَا لِعُمْرَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يَطُوفُ قَبْلَ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى مِنًى لِعُمْرَتِهِ ، أَوْ لِعُمْرَتِهِ وَحِجَّتِهِ عَلَى مَا يَخَتَلِفُ فِي ذَلِكَ ، لَا طَوَافَ لِعُمْرَتِهِ غَيْرَ ذَلِكَ الطَّوَافِ ، ثُمَّ يَكُونُ الطَّوَافُ الَّذِي يَطُوفُهُ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مِنًى ، إِنَّمَا هُوَ لِحِجَّتِهِ لَا لِعُمْرَتِهِ ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ ابْنُ عُمَرَ يُرِيدُ بِقَوْلِهِ: " وَكَذَلِكَ فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم "؛ أَيْ: كَانَ طَافَ طَوَافًا وَاحِدًا لِعُمْرَتِهِ وَحِجَّتِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الطَّوَافَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ إِنَّمَا كَانَ مِنْهُ لِحِجَّتِهِ ، لِأَنَّ عُمْرَتَهُ قَدْ طَافَ
⦗ص: 473⦘
لَهَا مَرَّةً ، وَإِنَّمَا لِلْعُمْرَةِ طَوَافٌ وَاحِدٌ ، وَالْحَجُّ لَهُ طَوَافَانِ ، طَوَافٌ عِنْدَ الْقُدُومِ إِلَى مَكَّةَ ، وَطَوَافٌ بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى. فَقَالَ هَذَا الْقَائِلُ: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَارِنَ يَطُوفُ لِحِجَّتِهِ وَعُمْرَتِهِ طَوَافًا وَاحِدًا لَا طَوَافَيْنِ ، وَأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَذَلِكَ طَافُوا.
3859 -
وَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، حَدَّثَهُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ:" خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ ، فَأَهْلَلْنَا بِعُمْرَةٍ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ، ثُمَّ لَا يَحِلَّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا " ، فَقَدِمْتُ مَكَّةَ وَأَنَا حَائِضٌ ، لَمْ أَطُفْ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، فَشَكَوْتُ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقَالَ: " انْقُضِي رَأْسَكِ ، وَامْتَشِطِي ، وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ وَدَعِي الْعُمْرَةَ " ، فَلَمَّا قَضَيْنَا الْحَجَّ أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ ، فَاعْتَمَرْتُ فَقَالَ: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتِكِ ". قَالَتْ: " فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالْعُمْرَةِ بِالْبَيْتِ ، وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ ، ثُمَّ حَلُّوا ، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ ، وَأَمَّا الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَإِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا " قَالَ: فَهَذِهِ عَائِشَةُ تُخْبِرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الَّذِينَ جَمَعُوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ ، إِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا.
⦗ص: 474⦘
فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ تَمَتَّعَ فِي حِجَّتِهِ تِلْكَ.
3860 -
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ أَنَّ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَخْبَرَتْهُ عَنْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَتُّعِهِ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ ، وَتَمَتُّعِ النَّاسِ بِهِ بِمِثْلِ الَّذِي أَخْبَرَنِي بِهِ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، يَعْنِي حَدِيثَهُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْبَابِ. وَإِذَا كَانَ فِيهَا مُتَمَتِّعًا كَانَ طَوَافُهُ لِعُمْرَتِهِ إِنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ قُدُومِهِ ، وَطَوَافُهُ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مِنًى إِنَّمَا يَكُونُ لِحِجَّتِهِ دُونَ عُمْرَتِهِ ، فَاحْتُمِلَ بِذَلِكَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ عَائِشَةَ:" فَإِنَّمَا طَافُوا لَهُمَا طَوَافًا وَاحِدًا "، أَيْ: طَوَافًا وَاحِدًا لِلْإِحْرَامِ الَّذِي كَانُوا فِيهِ ، كَانَ ذَلِكَ الطَّوَافُ لِلْحِجَّةِ لَا لِلْعُمْرَةِ ، وَمِمَّا قَدْ حَقَّقَ أَنَّ الطَّوَافَ لِلْقَارِنِ طَوَافَانِ ، أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه قَدْ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حِجَّتِهِ تِلْكَ ، وَمَذْهَبُهُ فِي طَوَافِ الْقَارِنِ أَنَّهُ طَوَافَانِ.
كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، أَوْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ قَالَ: أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ، فَأَدْرَكْتُ عَلِيًّا ، فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي
⦗ص: 475⦘
أَهْلَلْتُ بِالْحَجِّ ، فَأَسْتَطِيعُ أَنْ أُضِيفَ إِلَيْهِ عُمْرَةً؟ ، قَالَ:" لَا ، لَوْ كُنْتَ أَهْلَلْتَ بِالْعُمْرَةِ ، ثُمَّ أَرَدْتَ أَنْ تَضُمَّ إِلَيْهَا الْحَجَّ ضَمَمْتَهُ "، قَالَ: قُلْتُ لَهُ: كَيْفَ أَصْنَعُ إِذَا أَرَدْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: " تَصُبُّ عَلَيْكَ إِدَاوَةً مِنْ مَاءٍ ، ثُمَّ تُحْرِمُ بِهِمَا جَمِيعًا ، وَتَطُوفُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا طَوَافًا " وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارُ بْنُ قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَنْصُورٌ ، عَنْ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ السُّلَمِيِّ ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو دَاوُدَ: قَالَ قَيْسٌ: قَالَ مَنْصُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ
⦗ص: 476⦘
فَقَالَ: " مَا كُنْتُ أُفْتِي النَّاسَ إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ ، فَأَمَّا الْآنَ فَلَا " وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ - يَعْنِي الْأَعْمَشَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ أَبِي نَصْرٍ مِثْلَهُ. قَالَ مَنْصُورٌ: فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِمُجَاهِدٍ فَقَالَ: " مَا كُنْتُ لُأُفْتِي النَّاسَ إِلَّا بِطَوَافٍ وَاحِدٍ ، فَأَمَّا الْآنَ فَلَا " وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَجَّاجِ الْحَضْرَمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْخَصِيبُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَطَاءٍ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، وَمَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُذَيْنَةَ قَالَ: " سَأَلْتُ عَلِيًّا رضي الله عنه ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ
⦗ص: 477⦘
قَالَ: فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَبَا نَصْرٍ هَذَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أُذَيْنَةَ ، فَاسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ عَلِيٌّ يَأْمُرُ بِخِلَافِ مَا فَعَلُوهُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَقَدْ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حِجَّتِهِ.
كَمَا حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ زَاذَانَ ، عَنِ الْحَكَمِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنْ عَلِيٍّ ، وَعَبْدِ اللهِ قَالَا:" الْقَارِنُ يَطُوفُ طَوَافَيْنِ ، وَيَسْعَى سَعْيَيْنِ "
⦗ص: 478⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِذَا كَانَ لَا طَوَافَ لِلْعُمْرَةِ إِلَّا طَوَافُ الْقُدُومِ ، وَطَوَافُ الْحِجَّةِ لِلْقُدُومِ لَيْسَ بِالطَّوَافِ لَهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ لَهَا بَعْدَ الرُّجُوعِ مِنْ مِنًى هُوَ الْفَرْضُ ، وَالطَّوَافُ لِلْعُمْرَةِ الَّذِي هُوَ الْفَرْضُ فِيهَا هُوَ الطَّوَافُ عِنْدَ الْقُدُومِ ، فَكَانَ مَوْضِعُهُمَا مُخْتَلِفًا ، عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ مَنَ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ قَدْ جَمَعَ إِحْرَامَيْنِ ، الطَّوَافُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي وَقْتٍ غَيْرِ الْوَقْتِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ الطَّوَافُ الْآخَرُ مِنْهُمَا ، فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهُمَا طَوَافَانِ لَا طَوَافٌ وَاحِدٌ ، وَبِاللهِ عز وجل التَّوْفِيقُ.