الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي حُكْمِ مَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، وَبَيْنَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ: هَلْ هُوَ مَوْضِعُ كَلَامٍ ، أَوْ مَوْضِعُ سُكُوتٍ
؟
3828 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الْحَارِثِ الْبَاغَنْدِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ زِيَادِ بْنِ كُلَيْبٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ ، عَنْ قَرْثَعٍ ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " تَدْرُونَ مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ " قَالَ: قُلْتُ: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، ثُمَّ قَالَ:" تَدْرُونَ مَا يَوْمُ الْجُمُعَةِ؟ "، قُلْتُ: اللهُ عز وجل وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: قُلْتُ فِي الثَّالِثَةِ أَوِ الرَّابِعَةِ: هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي جُمِعَ فِيهِ أَبُوكَ أَوْ أَبُوكُمْ قَالَ: " لَكِنِّي أُخْبِرُكَ بِخَبَرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ، مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَتَطَهَّرُ ثُمَّ يَمْشِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، ثُمَّ يُنْصِتُ حَتَّى يَقْضِيَ الْإِمَامُ صَلَاتَهُ إِلَّا كَانَتْ كَفَّارَةَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ يَوْمِ الْجُمُعَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، مَا اجْتَنَبَتِ الْمَقْتَلَةَ "
⦗ص: 433⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ الْحَضُّ عَلَى الْإِنْصَاتِ بَيْنَ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ ، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ قَوْمٌ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ ، وَقَدْ خَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ أَبُو يُوسُفَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ، فَلَمْ يَرَوْا بِالْكَلَامِ بَيْنَ الْخُطْبَةِ ، وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ بَأْسًا ، فَتَأَمَّلْنَا مَا رُوِيَ فِي هَذَا الْبَابِ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ.
3829 -
فَوَجَدْنَا إِبْرَاهِيمَ بْنَ مُنْقِذٍ الْعُصْفُرِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، ح وَوَجَدْنَا هَارُونَ بْنَ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلَانِيَّ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخَ الْأُبُلِّيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ ، ثُمَّ اجْتَمَعَا ، فَقَالَا: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:" كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم رُبَّمَا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ ، وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَيَعْرَضُ لَهُ الرَّجُلُ فَيُحَدِّثُهُ طَوِيلًا ، ثُمَّ يَتَقَدَّمُ إِلَى الصَّلَاةِ " فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ وَبَيْنَ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ ، فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ ، هَلْ يُخَالِفُ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ ، أَمْ لَا؟ ، فَوَجَدْنَاهُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ مَا فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا هُوَ أَفْضَلُ وَأَكْثَرُ ثَوَابًا ، لَيْسَ عَلَى أَنَّهُ كَالسُّكُوتِ فِي الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّ السُّكُوتَ فِي الْخُطْبَةِ لِلْجُمُعَةِ فَرْضٌ ، وَالْكَلَامُ فِيهَا لَغْوٌ ، وَأَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ فِيمَا بَيْنَ الْخُطْبَةِ وَبَيْنَ الْجُمُعَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَا لَهُ مِنَ الْوُجُوبِ مَا لِلسُّكُوتِ فِي
⦗ص: 435⦘
الْخُطْبَةِ ، وَلَكِنَّهُ مَحْضُوضٌ عَلَيْهِ ، وَمُبَاحٌ تَرْكُهُ ، وَيَكُونُ كَلَامُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ تَسْهِيلًا عَلَى النَّاسِ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُهُ أَفْضَلَ مِنْهُ ، كَمَا تَوَضَّأَ مَرَّةً ، وَالْوُضُوءُ مَرَّتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْهُ ، وَالْوُضُوءُ ثَلَاثًا أَفْضَلُ مِنْهُمَا ، فَتَرَكَ الْأَفْضَلَ وَاسْتَعْمَلَ مَا هُوَ دُونَهُ إِعْلَامًا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم لِأُمَّتِهِ أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُمْ ، غَيْرُ مَحْظُورٍ عَلَيْهِمْ ، فَثَبَتَ بِتَصْحِيحِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيمَا صَحَّحْنَاهُمَا. فَقَالَ قَائِلٌ: فَقَدْ رُوِيَ فِيمَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْمَعْنَى فِي زَمَنِ عُمَرَ رضي الله عنه.
فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي ثَعْلَبَةُ بْنُ أَبِي مَالِكٍ الْقُرَظِيُّ أَنَّ جُلُوسَ الْإِمَامِ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقْطَعُ الْكَلَامَ ، وَكَلَامُهُ يَقْطَعُ الْكَلَامَ ، وَقَالَ:" إِنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَدَّثُونَ حِينَ يَجْلِسُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه عَلَى الْمِنْبَرِ حَتَّى يَسْكُتَ الْمُؤَذِّنُ ، فَإِذَا قَامَ عُمَرُ عَلَى الْمِنْبَرِ لَمْ يَتَكَلَّمْ أَحَدٌ حَتَّى يَقْضِيَ خُطْبَتَيْهِ كِلْتَيْهِمَا ، ثُمَّ إِذَا نَزَلَ عُمَرُ عَنِ الْمِنْبَرِ وَقَضَى خُطْبَتَيْهِ تَكَلَّمُوا "
⦗ص: 436⦘
قَالَ: فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ جَمِيعًا فِي ذَلِكَ هُوَ الْكَلَامُ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عز وجل وَعَوْنِهِ: أَنَّ ذَلِكَ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَيْضًا عَلَى التَّوْسِعَةِ الَّتِي ذَكَرْنَا ، لَا عَلَى مَا سِوَاهَا لِيَقْتَدِيَ بِهِمُ النَّاسُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَهُ مِنْ ذَلِكَ أَفْضَلَ مِنْهُ ، وَأَعْظَمَ أَجْرًا ، وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.